ليس سهلًا تخليص ثورة السودان في تقرير واحد، منذ مراحل التمهيد لها، مرور باندلاعها نهاية بتعقيد الأزمة، والحاجة إلى معجزة لحلها، لذا فالأقرب الحديث عن مرحلة زمنية محددة، وتيار فارق في حياة السودان الآن، منذ تدشينه في 1 يناير من 2019، وهو تجمع المهنيين السودانين، الذي صاغ في أول بيان له، أسباب اقتحامه الحياة السياسية والاجتماعية في السودان، وهي لحظة فارقة أزاحت الستار عن كيان ضخم، يقود دورًا ليس سهلا على الإطلاق، وينطلق من جميع المدن والقرى، بالشمال والجنوب والشرق والغرب، يدعو المواطنيين ونقابات العمال والجماعات المجتمعية للانضمام إلى تحركاته السياسية والاجتماعية، في مارثون من الكفاح السلمي لإزالة دشم النظام الشمولي الاستبداي للرئيس المعزول عمر البشير من أمام الحياة السياسية والاجتماعية في السودان.
المؤتمر الصحفي والبيان التأسيسي لتجمع المهنيين السودانيين
بيان تدشين التجمع، استقبلته مختلف القوى السياسية العربية والعالمية بدهشة كبيرة، صاحبها نوع من عدم الاهتمام، في ظل أوضاع ثورية مقلوبة، جلبت تخبطات وأوجاع للبلدان العربية ولايريد أحد تكرارها، إلا أن الخطاب الجريء للتجمع، استحوذ على الصورة كاملة، سواء بسبب دعوته العلنية لإنهاء حكم عمر البشير ونظام حكمه بشكل فوري وغير مشروط، أو لنوعية المطالبة التقدمية التي رفعها التحالف، وتعبر عن رؤيته في سودان جديد، حداثي مدني، يسع للجميع من خلال حكومة وطنية انتقالية، تعمل على إنشاء هيكل ديمقراطي سليم في 4 سنوات.
يهدف التجمع من خلال المطالبة بهذه المدة، إلى عمل مرحلة انتقالية، تجهز البلاد لإجراء الانتخابات، واختيار قيادة سودانية جديدة، تضع حدا للجروب الأهلية ومعالجة أسبابها بشكل جذري، وتطوير نظام قضائي مستقل، وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون، وتمكين المرأة السودانية، ووضع حد لجميع أشكال التمييز والممارسات القمعية ضدها، ووقف الانتهاكات ضد المحتجين المسالمين، وإلغاء جميع القوانين التي تقيد حرية التعبير والتعبير، نهاية بتقديم مرتكبي الجرائم ضد الشعب السوداني، وإحالتهم إلى محاكمات عادلة وفقًا للقوانين الوطنية والدولية المقبولة، وناشد التجمع القوات المسلحة، وطالبها بالوقوف إلى جانب الشعب السوداني في مواجهة البشير.
وفقا لبيان إعلان التدشين يضم كيان «المهنيين» الوليد، نخبة من القوى، تبلغت 22 طيفا سياسيا ومهنيًا، على رأسها تحالف قوى الإجماع الوطني، وقوى نداء السودان، والتجمع الاتحادي المعارض
على الجانب الآخر، ورغم نبل القضايا التي يتحدث فيها التجمع، ويضع أعناقه تحت المقصة بسببها، إلا أن هناك العديد من علامات الاستفهام تحيط بممارساته ومفردات الخطاب الذي يتبعه، والجهات الممثلة فيه، وكيف جمع هذا الكيان حديث النشأة أضدادًا لم تستطع إجراء حوار ناجح من قبل في بوتقة واحدة، بسبب سوء سياسات البشير، التي عزلت قطاعات واسعة من المجتمع السوداني، ومزقت أوصاله، فكيف إذن لتجمع مهني، ضم كل هذه التحالفات المعارضة نقابات مهنية وأحزابًا سياسية، مع مجموعة واسعة من النشطاء وحركات المجتمع المدني وجماعات التمرد الإقليمية، وأضف إلى ذلك ثقة غالبية الشعب السوداني، وتوليته مسؤولية التعبير عن ثورته!
لكل الثوار في مواكب الحرية والتغيير
عُرف التجمع في المناخ العام، بداية من عام 2013، تزامنًا مع اندلاع احتجاجات سبتمبر من نفس العام، التي دعا إليها ناشطون، للاعتراض على قرار الحكومة برفع الدعم عن المحروقات، وحملات القمع المتوحشة، التي سقط خلالها قتلى وجرحى؛ اتبع الكيان الوليد تكتيكات سرية تجيد فنون المناورة، مع حكومة بوليسية محترفة في البطش، ما جعله يجرى مشاوراته بالداحل والخارج لاختيار ساعة الصفر للتحرك، وبالفعل اختار لها أغسطس من 2018، دون أن يكشف عن أعضائه وهيئاته، أو سيرورة تنظيمه الداخلي للتغلب على القمع والاعتقال المتوقع حال الإعلان عنهم خوفا من تتبعهم أمنيًا، والقضاء عليهم، وإن كانت المعلومات أكدت أنهم هناك 200 استاذ من جامعة الخرطوم يسيطرون على الاتجاهات الاستراتيجية وعملية صنع القرار في التجمع.
داحل السودان، اختير محمد ناجي الأصم، والدكتور يوسف المصطفى، الأستاذ بجامعة الخرطوم، ممثلين للتجمع، ومن الخارج، الصحفي محمد الأسباط من فرنسا، والدكتورة سارة عبد الجليل من فرنسا، وبرز هؤلاء جميعا
وفقًا لبيان إعلان التدشين يضم كيان «المهنيين» الوليد، نخبة من القوى، تبلغت 22 طيفًا سياسيًا ومهنيًا، على رأسها تحالف قوى الإجماع الوطني، وقوى نداء السودان، والتجمع الاتحادي المعارض، والحزب الجمهوري، مرورًا بالحزب الليبرالي وتيار الوسط للتغيير، ومبادرة لا لقهر النساء، وتجمع القوى المدنية، نهاية بلجان المقاومة السودانية، ومؤتمر ومجلس الصحوة الثوري، وتجمع أسر شهداء رمضان.
داخل السودان، اختير محمد ناجي الأصم، والدكتور يوسف المصطفى، الأستاذ بجامعة الخرطوم، ممثلين للتجمع، ومن الخارج، الصحفي محمد الأسباط من فرنسا، والدكتورة سارة عبد الجليل من فرنسا، وبرز هؤلاء جميعًا، وإن كان الأصم هو الذي نجح منذ اللحظة الأولى في الاستحواذ على عواطف الجماهير، بملامحه الطفولية الهادئة، التي تمثل نقاء ثورة لم تلوث بعد، لذا لم يمر وقت قليل، حتى اعتقلته قوات البشير، وظل قيد الأسر مدة 3 أشهر، حتى تم تحريره، ليستقبله الجمهور استقبال الفاتحين محمولًا على الأعناق بين المتظاهرين.
محمد ناجي الاصم يتحدث عن تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود ثورة ديسمبر ٢٠١٨
ويمكن القول أن تجمع المهنيين، استفاد من دراسته الجيدة لأسلوب الرئيس السابق طوال ثلاثة عقود، في إخماد أصوات المعارضة، وضرب رموزها، ووفر للمشهد السوداني ما كان يفتقده سياسياً واقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، إذ يضم التجمع قيادات رفيعة المستوى من جميع هذه الفئات، بحسب الدكتور محمد يوسف المصطفى، المتحدث باسم التجمع وأستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة الخرطوم، الذي يقف على أعتاب السبعين من عمره.
من هو محمد يوسف المصطفى القيادي في تجمع المهنيين السودانيين؟
أكثر ما يميز تجمع نقابات المهنيين في السودان، أنه يتحرك ككيان قادر على توجيه المشاركين فيه بوحدة واحدة كأنه فريق لكرم القدم، ومن الصعب إيجاد «رمز» يمثل المعادلة الصعبة التي ترجح كفة الكيان، وتوجه قراراته وتصنعها، بل على قدر الضخامة التي صاحبت النشأة والفعل والنتيجة التي حققها، لن تجد في المقابل قائمة بالأسماء الحقيقية التي تصنع القرارات داخله، وعبر فلسفة مبتكرة، يترك التجمع للحركات السياسية والقيادات حرية التحرك السياسي، دون أن يتعارض ذلك فكريًا وتنظيميًا مع كيان، يحصل بشكل متزايد على ثقة غالبية أبناء وطنه منذ ظهوره في الحياة العامة، ويستقطب منهم التأييد المطلوب، وهي خلطة سرية، نجحت فى اقتحام التحصينات المفروضة على الحياة السياسية منذ 30 عامًا.
القوى المؤثرة
1- قوى نداء السودان
واحدة من أبرز التنظيمات التي تثقل الميزان السياسي والفكري وحتى العسكري على الأرض، وسط تحمع المهنيين، وشكلت في ديسمبر 2014، بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، وضمت عدة أحزاب وحركات سياسية وتنظيمات مدنية معارضة، تصدر الصورة فيها حزب الأمة، بزعامة الصادق المهدي، وهدفت قوى نداء السودان، إلى إيجاد حل للأزمة وتشكيل حكومة مؤقتة لإدارة البلاد.
كان لافتًا وسط التجمع، قبول تنظيمات مسلحة مثل الجبهة الثورية، التي تشمل حركة تحرير السودان فصيل أركو مناوي، وحركة تحرير السودان فصيل عبد الواحد نور، بجانب حركة العدل والمساواة، التي يقودها جبريل إبراهيم، والحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال، وضمت أيضًا الحزب الشيوعي السوداني، والمؤتمر السوداني المعارض وحزبا البعث والناصريين، ومبادرة المجتمع المدني، وعشرات من منظمات المجتمع المدني.
مراسم التوقيع على تشكيل هيكل قوى نداء السودان والبيان الختامي
2 ـ تحالف المحامين الديمقراطيين
برزت بشدة في معركة انتخابات اتحاد المحامين السودانيين في 2017، عندما تحدت قائمة الدولة، ونجحت في اقتناص 1798 صوتًا من قائمة القوى الوطنية الموالية للنظام، التي فازت بـ4078 صوتًا، في انتخابات جرى الطعن فيها من أطراف العملية الانتخابية، ما مثل حالة من الاحتقان الشديد، بسبب تدخل نظام البشير في سير العملية، وترجيح كفتها لصالح القوى الموالية له، التي تسيطر على نقابة المحامين الأكثر تأثيرًا في الساحة السودانية، فيما يتعلق برؤى الإصلاح والحريات العامة والقوانين، منذ نحو 27 عامًا.
انضم التحالف لتجمع المهنيين، وكان من أوائل الذين شوهدوا في الاحتجاجات المنادية بالسلام والعدالة، وتطوّرت إلى رفض وجود البشير والدعوة إلى إزاحته ونظامه كاملًا عن سدة الحكم في السودان.
الشرطه تضرب البنبان على مظاهرات المحامين السوانين
3 ـ شبكة الصحفيين السودانيين
كيان موازٍ لاتحاد الصحفيين، الموالي لحكومة البشير في السودان، رفع لواء الحريات الصحفية، وساهم في عمل حراك كبير ببلاط صاحبة الجلالة بالسودان، وتبعًا لأهدافها انحازت بشكل واضح السودانيين، وأيدت مطالب الجماهير المشروعة في الحرية والكرامة والتحول الديمقراطي، ولم تكتف بذلك بل دخلت في اضراب احتجاجي ثلاثة أيام، بداية من يوم الخميس 27 ديسمبر 2018، وتحملت فاتورة ضخمة بناء على ذلك، باستهداف أعضائها، والتنكيل بهم.
مظاهرات الخرطوم-موكب مفاجيء بالسوق العربي دعت إليه شبكة الصحفيين السودانيين -موكب٢٥ مارس ٢٠١٩
4 ـ لجنة الأطباء المركزية
واحدة من أضخم الكيانات المشاركة في التجمع، وتولت تدبير الإضرابات، وعلى رأسها ماسمى بإضراب الأطباء المجيد، الذي انحاز لمطالب الشعب منذ بداية الاحتجاجات، واستطاع الكيان المشاركة في دحض مؤامرات النظام، وتعرية مواقف الرافضين للحراك الشعبي داخل المنظومة الطبية السودانية، وتغلبت على صقور الحكم داخلها، ورفضت اللجنة الانسحاب من تجمع المهنيين السودانيين، كما رفضت انتظار التغيير من داخل النظام، واستطاعت عبر الإضرابات المتتالية، شل يد النظام، والضرب على رأسه بكل قوه، من خلال تدمير منظومة تحصيل الأموال التي عرت المواطن الفقير، وساهمت في إذلاله، فارتفعت أسهمها من ناحية، ومن ناحية أخرى، أعطت ثقة كبيرة لأبناء الشعب، أن هناك من يؤمنهم حال حدوث أي ضرر لهم.
منذ اليوم الاول لتجمهر المتظاهرين في العاصمة السودانية الخرطوم، والرئيس السابق يتهمها بتلقي تمويلات بمبالغ مالية كبيرة من جهات معادية، لم يسمها ولم يحدد حجم التمويل الذي يتحدث عنه
5 ـ لجنة المعلمين السودانيين
واحدة من أبرز القوى داخل التجمع، التي نفذت بحرفية ورقة الإضرابات في مطلع العام الحالي، ومع اشتعال شرارة الثورة، وظهرت قوتها في قيادة المعلمين من حميع المراحل لتنفيذ إضراب شامل، كما انها استطاعت التأثير في أولياء الأمور، الذين رفضوا خروج أبنائهم انتصارًا للإضراب وحفاظا على سلامتهم حال غدر الأجهزة الأمنية بهم.
من أين تمول الحركات الاحتجاجية؟
منذ اليوم الأاول لتجمهر المتظاهرين في العاصمة السودانية الخرطوم، والرئيس السابق يتهمها بتلقي تمويلات بمبالغ مالية كبيرة من جهات معادية، لم يسمها ولم يحدد حجم التمويل الذي يتحدث عنه، هو أو حكومته ونظامه، والموالين له من الجماهير.
وتقتصر زوايا البحث عن تمويل الحركات التي قادت الاحتجاج حتى الآن، على الجهات الداعمة لعمر البشير وبقايا حكمه، ورغم فرض سرية كاملة على أنشطة الاتحاد تحديدًا، إلا ان بعض المقربين من البشير أكدوا أن طه عثمان الحسين، رجل المخابرات العتيد، وأحد رموز الدولة السودانية، قد يكون خلف الدعم المالي للتحالف، ولا سيما أن الرجل اختفى في ظروف غامضة عن السودان، وعودته أيضًا في ظروف أكثر غموضًا وقت اشتعال الاحتجاجات، لذا انطلقت حوله الشائعات، التي تؤكد تعاونه مع الدول الخليجية ضد بعضها البعض، استغلالًا للصراع الدائر.
تحمى المواجهة بين جميع الأطراف، والكل يتمسك بموقفه، ولكن يبقى التحليل الموضوعي للأزمة يؤكد أن جميع الحلول غير قادرة على حسم المشهد
ويرى البعض أن امتلاك التجمع شبكة خارجية من أعضاء فاعلين بعدة دول أوروبية، تعني أنه يحسم ملف التمويل جيدًا، وينظر البعض الأخر أن قطر لها باع كبير في التمويل، ولاسيما أن مسؤولي الترويج لفعاليات مدن السودان تنتفض، كانوا يديرون هذه الصفحات والهاشتاجات المؤيدة للانتفاضة من الدوحة، وهي في النهاية تكهنات، كما أسلفنا تخرج من أتباع الحكم الحاكم، دون تقديم أدلة واضحة وموثقة حتى الآن.
معركة النفس الطويل .. من يربح في النهاية ؟
تحمى المواجهة بين جميع الأطراف، والكل يتمسك بموقفه، ولكن يبقى التحليل الموضوعي للأزمة يؤكد أن جميع الحلول غير قادرة على حسم المشهد، من ناحية، لا يمكن التسليم بأن القوى السودانية ترتاح للاعتصام والمعتصمين، وخاصة أن هناك مخاوف بين النخبة ــمن غير الإسلامية أيضًاــ من سطو أيديولوجي للمجلس الانتقالي على الثورة، لذا يترقب البعض، والبعض الآخر يشكّك في نوايا المعتصمين، ويجر عليهم عشرات التهم، منها الذي يسمح العقل بقبوله، ومنها ما هو غير متاح للخيال نفسه مجرد التعرض عليه.
على أرض الواقع، الجيش السوداني، يتمتع بحب واحترام الشارع، ولا سيما أنها مؤسسة صاحبة جذور عميقة في الدولة السودانية، وحكمتها لأكثر من 50 عامًا، إذ يعتبر الجيش في الوعي الشعبي جوهر الحكم في السودان، سواء لسيطرته على البنية التحتية الكبيرة من أصول وأراض، إلى جانب تحمه في حوالي 70% من الميزانية السنوية للبلاد، ما يعني أن تسليم السلطة إلى سلطة مدنية، سيجر خسائر كبرى على المؤسسة العسكرية، وسيحد من دورها ومواردها.
يقف المجلس العسكري أيضا غير قادر على إيجاد تصور يخرج به من عقدة الأزمة إلا إطالة أمدها، بعد فشل سياسة تخويف المتظاهرين، بفك الاعتصام بالقوة
على الجانب الآخر، وبالتحليل الموضوعي أيضًا للحراك على الأرض، لا تتمتع المعارضة السودانية بما فيها تجمع المهنيين بالقوة الكافية لتحمل أي مواجهة محتملة، خاصة في ظل تفاوت القوى، وظهور نعرات أيديولوجية على السطح، وبوادر خلاف بين تحالف الحرية والتغيير، وحزب التجمع الاشتراكي، الذي بدأ بالفعل حملة تعبئة، حتى قبل الاتفاق على ملامح الفترة الانتقالية وأدواتها، وملامح تكافؤ الفرص فيها، كما لا تشير تباينات القوى على الأرض بيها وبين المجلس العكسري، على امتلاك المعارضة القوة الكافية التي تناسب استعراض القوة الحالي أمام المجلس الحاكم، وتهديده بين لحظة وآخرى، في ظل تجريفها على مدار 50 عامًا، وبالتالي هي في حاجة لوقت كافٍ لبناء مؤسسات قادرة على الحفاظ على الديمقراطية وتسهيلها.
في المقابل، يقف المجلس العسكري أيضًا غير قادر على إيجاد تصور يخرج به من عقدة الأزمة إلا إطالة أمدها، بعد فشل سياسة تخويف المتظاهرين، بفك الاعتصام بالقوة، وعودته للتفاوض رغم التصريحات الجارحة بشدة من قيادات التجمع، واتهامه بالطمع في السلطة.
حالة الجمود المسيطرة على الوضع في الشارع، هي نفسها المسيطرة على الأزمة السياسية الخانقة بين كل الأطراف، فأي آلية معروفة، لن تمكن أحد من قياس ما يحدث في السودان، فلا الناس منزعجة بما يكفي، ولا هي راغبة في التغيير بما يناسب خصوصية اللحظة، وتبقى الضربة الخاطفة القاضية، هي الحل الأقرب لحلحلة الأوضاع والسيطرة عليها.