أحرز فريق الترجي الرياضي التونسي، مساء أمس الجمعة، كأس دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم، وذلك إثر فوزه في المباراة النهائية على ضيفه نادي الوداد البيضاوي المغربي، بعد لقاء توقف نحو ساعة ونصف الساعة لاحتجاجات محورها تقنية المساعدة بالفيديو في التحكيم “في إيه آر”.
تتويج رافقه تحقيق الترجي للعديد من الأرقام القياسية، فضلًا عن كونه الرابع في تاريخ الفريق التونسي والثاني على التوالي، ما يجعل الترجي الملقّب بشيخ الأندية التونسية يتربع على عرش الكرة الإفريقية عن استحقاق.
رغم مشاكل التحكيم الترجي بطل
دخل الترجي التونسي، مباراة الإياب بقوة كما حصل في مباراة الذهاب التي أقيمت قبل أسبوع بملعب مولاي عبد الله في الرباط وانتهت بتعادل الفريقين بهدف لمثله، حيث فرض ضغطًا كبيرًا على ضيفه المغربي، ما جعل الأخير ينكفئ في منطقته معظم مراحل الشوط الأول.
وفي الدقيقة الـ23، صوب سعد بقير لاعب الترجي، كرة لمست يد أحد لاعبي الوداد، ومرت فوق مرمى التكناوتي، ليحتج لاعبو الفريق التونسي، مطالبين الحكم باللجوء إلى الفيديو واحتساب ركلة جزاء، لكن جاساما رفض وأمر بمواصلة اللعب.
سبق أن أرسلت إدارة الترجي، رسالة إلى الاتحاد الإفريقي تبدي من خلالها تحفظها على اختيار الحكم الغامبي باكاري غاساما لمباراة الإياب
في الدقيقة الـ41 من زمن الشوط الأول، ترجم الجزائري يوسف البلايلي تفوق الترجي الميداني بهدف في مرمى المنافس، هدف كان كافيًا ليتغلب فريقه الترجي التونسي على ضيفه الوداد البيضاوي المغربي في لقاء الإياب من الدور النهائي لدوري أبطال إفريقيا على ملعب رادس بضواحي العاصمة التونسية.
الشوط الثاني، حمل معه حادثة هي الأولى في تاريخ الكأس الإفريقية، حيث أوقف الحكم الغامبي بكاري غاساما المباراة بعد ساعة على انطلاقها، وبعد ما يزيد على تسعين دقيقة من التوقف ورفض فريق الوداد العودة إلى اللعب تم إعلان انتهاء المباراة بهذه النتيجة.
تم توقيف المباراة، بعد رفض حكم اللقاء احتساب هدف للوداد المغربي تم تسجيله في الدقيقة 58، لسبب غير واضح، ما انجرّ عنه رفض فريق الوداد العودة إلى اللعب إلا في حال اللجوء لتقنية الفيديو رغم علمهم بتعطل هذه التقنية عن العمل.
قال قائد الترجي خليل شمام في تصريحات لقناة “بي إن سبورت” القطرية إن الحكم استدعاه قبل المباراة مع قائد الوداد عبد اللطيف نصير “وأبلغنا بوجود خلل في تقنية الفيديو، وما إذا كنا مستعدين لخوض المباراة في ظل ذلك”، مشيرًا إلى أن القائدين وافقا على هذا الأمر.
وأشار شمام إلى أن لاعبي الوداد عادوا وطالبوا باللجوء للتقنية خلال المباراة، معتبرًا أنهم لم يكونوا على اطلاع أنها لا تعمل، وأن قائدهم نصير لم يفهم بسبب عائق اللغة، ما أبلغه به الحكم قبل اللقاء.
سبق أن أرسلت إدارة الترجي، رسالة إلى الاتحاد الإفريقي تبدي من خلالها تحفظها على اختيار الحكم الغامبي باكاري غاساما لمباراة الإياب، على خلفية “انحيازه” للفريق المغربي في إياب الدور النهائي لنسخة 2017 أمام الأهلي المصري (1- صفر في الدار البيضاء)، وإلى أن الحكم حرم فريق “باب سويقة” من ركلة جزاء في ذهاب نصف نهائي النسخة الحاليّة ضد مازيمبي الكونغولي الديموقراطي في تونس.
واحتجت إدارة الترجي أيضًا على تعيين الزامبي جاني سيكازوي مسؤولًا عن تقنية الفيديو، معللة ذلك بكون الأخير أوقف العام الماضي عقب المباراة التي قادها للفريق “الأصفر والأحمر” ضد بريميرو دي أغوستو الأنغولي في نصف نهائي المسابقة على خلفية “انحيازه لفريقنا”.
لقب دون هزيمة
هذا التتويج، جاء بعد سلسلة وردية، حيث لم يتلق الترجي أي هزيمة على امتداد 12 مباراة، في النسخة الاستثنائية من مسابقة المستوى الأول في القارة عقب تغيير موعدها لتتماشى من موسم دول شمال إفريقيا وأوروبا بدلاً من إقامتها على مدار العام الميلادي، وهو إنجاز غير مسبوق لفريق باب سويقة الذي دخل هذه النسخة وهدفه الحفاظ على لقبه، وهو ما كان له.
استهل الترجي الذي أعفي من خوض الدورين التمهيدي والأول للكأس الإفريقي، مشواره في هذا الدوري بالتعادل خارج أرضه (1-1) أمام حوريا كوناكري الغيني، ثم فاز في الجولة الثانية على بلاتينيوم ستارز الزيمبابوي (2-0)، في إطار دور المجموعات.
توج الترجي بلقبه الأول سنة 1994، عقب فوزه على نادي الزمالك المصري بثلاثة أهداف مقابل واحد
في الجولة الثالثة تعادل سلبيًا في جنوب إفريقيا مع أورلاندو بايرتس قبل أن يفوز عليه في لقاء الإياب بالجولة الرابعة (2-0)، وبنفس النتيجة انتصر الترجي على حوريا في الجولة الخامسة، قبل أن ينهي دور المجموعات بانتصار خارج أرضه على بلاتينيون ستارز (2-1).
وسجّل الترجي في دور المجموعات الذي أنهاه في الصدارة بـ14 نقطة، 9 أهداف ولم يستقبل سوى هدفين فقط، أما في مباراة الربع النهائي فقد فاز الترجي على شباب قسنطينة ذهابًا في الجزائر (3-2)، كما فاز عليه إيابًا في تونس (3-1).
وفي نصف النهائي فاز الفريق التونسي على تي بي مازيمبي ذهابًا في رادس (1- 0)، وتعادل معه سلبيًا خارج ملعبه، وفي ذهاب النهائي تعادل أمام الوداد هدف لهدف، ليفوز بهذا الكأس دون أي هزيمة، وهي المرة الأولى في تاريخ النادي.
الثاني في 6 أشهر
للمرة الأولى في تاريخ هذه المسابقة القارية، يفوز فريق بلقبين في 6 أشهر، حيث توج فريق باب سويقة بهذا اللقب بعد 6 أشهر من إحرازه نفس اللقب على منافسه الأهلي المصري إثر فوزه في المباراة النهائية التي جمعت الفريقين في ملعب رادس الأولمبي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
إلى جانب ذلك، يعتبر هذا التتويج الرابع في تاريخ الفريق التونسي، ليفك الشراكة مع الرجاء البيضاوي المغربي، محتلاً المركز الثالث في قائمة المتوجين بالكأس الإفريقية الأغلى، بعد الأهلي المصري (8 ألقاب) والزمالك المصري ومازيمبي الكونغولي (5 ألقاب).
توج الترجي بلقبه الأول سنة 1994 عقب فوزه على نادي الزمالك المصري بثلاث أهداف مقابل واحد، وبعد 15 سنة عاد الترجي للفوز ثانية بهذا الكأس على إثر تغلبه على منافسه الوداد البيضاوي المغربي بهدف لصفر، وفي سنة 2018، أحرز الترجي البطولة الثالثة في تاريخه بتغلبه على الأهلي المصري بثلاث أهداف لواحد.
وبلغ الترجي النهائي في 4 مناسبات أخرى، وتحديدًا سنوات 1999 أمام الرجاء المغربي و2000 أمام هارتس الغاني و2010 أمام مازمبي الكونغولي و2012 أمام الأهلي المصري، فيما بلغ كذلك الدور نصف النهائي في 4 مناسبات (سنوات 2001 و2003 و2004 و2013)، مقابل بلوغ الدور ربع النهائي في 3 مناسبات (1986 و1991 و1995).
واستأثر أبناء باب سويقة بلقب هداف دوري أبطال إفريقيا في ثلاث مواسم، وذلك في سنوات 2010 (مايكل اينيرامو) و2014 (هيثم الجويني) و2018 (طه ياسين الخنيسي)، وفي نهائيات دوري أبطال إفريقيا، كانت أعرض نتيجة لفائدة الترجي هي ثلاثة أهداف لهدف وحيد في إياب نهائي 1994 ضد الزمالك المصري.
إدارة قوية
هذا التتويج اعتبره الصحفي الرياضي التونسي زياد عطية “مستحقًا بالنظر إلى ما أظهره الفريق من إمكانات كبيرة، ففنيًا الترجي كان الأفضل بكل المقاييس، منذ دخوله دور المجموعات وصولاً إلى النهائي ومرورًا بباقي أدوار البطولة”.
ويرجع زياد الفضل في هذا التتويج في جزء منه إلى إدارة الفريق بقيادة حمدي المدّب، “فالمدب ساهم منذ قدومه إلى الترجي في استقرار الفريق، وإرساء سياسة جديدة فيه عبر الانتدابات القيمة وما مثله ذلك من إضافة فنية لفريق باب سويقة”.
وأوضح عطية “هذه السياسة كانت ناجحة خاصة سنوات 2009 و2010 و2011، التي عاد إليها من جديد بداية من 2016 إلى الآن، لنجد فريقًا متكاملاً، فالإدارة وفرت المال للقيام بهذه الانتدابات القيمة والمهمة، التي قدّمت إضافة كبرى للفريق الذي تغلّب فنيًا وتكتيكيًا على جميع المنافسين”.
في هذه النسخة من المسابقة الإفريقية، أثبت الترجي التونسي امتلاكه لرصيد بشري ثري جدًا، وفقًا للعديد من المحللين
“إدارة الترجي تتعامل باحترافية وتعمل بشكل سليم ومميز جدًا” يقول زياد عطية، ويضيف “هذه الإدارة تعمل وتفكر في المستقبل خاصة على مستوى الانتدابات وعقود اللاعبين وكيفية مسايرة الوضع والواقع داخل المجموعة ومحيطها، فكلما يستحق الفريق أبناؤه، يستدعي المدب حكماء الترجي”.
ويرى محدّثنا أن قدوم رجل الأعمال حمدي المدب إلى الترجي في أغسطس/آب 2007، خلفًا لعزيز زهير، غيّر وجه الفريق التونسي، حيث تمكن الفريق تحت رئاسته من رفع كأس تونس مرات عديدة ونفس الشيء للبطولة المحلية، وأحرز دوري أبطال العرب في مناسبتين ورابطة أبطال إفريقيا في ثلاث مناسبات وشارك في كأس العالم للأندية في مناسبتين والثالثة بعد أشهر قليلة.
رصيد بشري ثري جدًا
في هذه النسخة من المسابقة الإفريقية، أثبت الترجي التونسي امتلاكه لرصيد بشري ثري جدًا، وفقًا للعديد من المحللين، ويقول الصحفي الرياضي إلياس بن صالح في هذا الشأن “الترجي فريق قوي من حيث الرصيد البشري، ففي كل مركز هناك أقل شيء لاعبين في نفس المستوى”.
هذا التحليل لبن صالح، ذهب إليه الصحفي الرياضي زياد عطية أيضًا، حيث قال عطية لنون بوست: “الترجي رقم واحد في إفريقيا نتيجة الرصيد البشري الذي يمتلكه، حيث يمتلك أفضل وسط ميدان وأفضل خط هجوم في إفريقيا”.
رئيس الترجي حمدي المدب
هذا الأمر، يقول بن صالح، إنه ساعد الفريق التونسي على الوصول إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا مرتين على التوالي في هذا الوقت الوجيز، والظفر باللقب في كلا المناسبتين، ويؤكّد زياد بن عطية أن مدرب الفريق معين الشعباني (37 سنة) أحسن استثمار هذا الرصيد المهم لديه.
ويرى إلياس بن صالح أن “الترجي وإن واجه أحيانًا مشاكل دفاعية إلا أنه يمتلك أفضل اللاعبين في القارة الإفريقية على مستوى وسط الميدان (كوم كولي بالي) وفي الهجوم (بلايلي بدري و الهوني) وغيرهم”.
ويستدل إلياس بالمباراة النهائية، فرغم خوض معين الشعباني المباراة في غياب ثلاث ركائز أساسية بسبب الإيقاف في مقدمتها حارس مرماه معز بن شريفية الذي يدين له بالفضل في بلوغ النهائي دون خسارة، والمدافعان شمس الدين الذوادي وغيلان الشعلالي، فإن الفريق فاز.