ترجمة وتحرير نون بوست
في تقرير مهم لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية نشر اليوم، نقلت الصحيفة عن تمارا كوفمان ويتس، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية والباحثة في معهد بروكينغز، أن الأمريكيين صنعوا من محمد بن زايد وحش فرانكشتايني صغير، ووحش فرانكشتاين هو مخلوق هائل الحجم غاية في القبح، خُلق في مختبر جامعي، ثم قام المخلوق المسخ بالانتقام من صاحبه وأصدقائه وقتلهم! ونستعرض لكم في نون بوست ملخص ما جاء في التقرير.
يوجد في الإمارات العربية المتحدة عدد مواطنين أقل من ولاية رود آيلاند الأمريكية، ولكن الحاكم الفعلي لهذا البلد، وهو ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ينظر إليه على نطاق واسع على أنه أحد أكثر الحكام العرب نفوذا في واشنطن وفي الشرق الأوسط.
وربما يكون هذا الرجل هو الأثرى في العالم، حيث أنه يسيطر على ثروات سيادية قيمتها 1.3 تريليون دولار، وهو مبلغ يفوق ما تمتلكه أي دولة أخرى. كما أن جيشه هو الأقوى من بين الدول العربية، ونفوذه في الولايات المتحدة يعد أسطوريا، وهو ما بات محسوسا أكثر من أي وقت مضى في عهد الرئيس ترامب.
ويعد الأمير محمد البالغ من العمر 58 سنة مهووسا بعدوين اثنين، هما إيران والإخوان المسلمين، وهما اللذان سعى دونالد ترامب للتحرك ضدهما بكل قوة. وفي الواقع، فإن الرئيس تبنى في عدة مناسبات المواقف التي يريدها ولي عهد أبوظبي، رغم التحفظات التي كان يبديها أعضاء الحكومة ومسؤولي الأمن القومي، حول مواضيع مثل إيران وقطر وليبيا والسعودية والإخوان المسلمين.
والآن جذب ولي العهد محمد بن زايد اهتمام الادعاء العام الأمريكي أيضا. إذ أن المستشار الخاص الذي يحقق في التدخل الروسي في انتخابات 2016، كشف عن أدلة تتعلق يمحاولة ولي عهد أبوظبي مساعدة الروس على فتح قنوات خلفية، للتواصل مع دائرة المقربين من ترامب.
ساهم بن زايد في صعود مرشحه المفضل إلى السلطة في المملكة السعودية، وهو الأمير محمد بن سلمان، الذي يبلغ من العمر 33 عاما، والذي حاز على اهتمام الغرب
1. محمد بن زايد يمتلك نفوذا في أغلب أنحاء الشرق الأوسط
تنشط القوات الخاصة الإماراتية في اليمن وليبيا والصومال وفي شمال سيناء في مصر. وقد تمكن ولي العهد من السيطرة على سلسلة من الموانئ والقواعد حول القرن الإفريقي. كما أنه عمل على إجهاض عمليات الانتقال الديمقراطي، وساعد على تنصيب حاكم دكتاتوري في مصر، وقاد أيضا الجهود لعزل قطر التي يعتبرها خصمه الإقليمي.
كما ساهم بن زايد في صعود مرشحه المفضل إلى السلطة في المملكة السعودية، وهو الأمير محمد بن سلمان، الذي يبلغ من العمر 33 عاما، والذي حاز على اهتمام الغرب، خاصة منذ أن خلصت أجهزة المخابرات الأمريكية إلى أنه هو من أمر بقتل المعارض جمال خاشقجي.
إلا أن صعود الأمير السعودي إلى السلطة تم أيضا بمساعدة حقيقية قادمة من واشنطن، يقف خلفها محمد بن زايد. كما أن ولي العهد الإماراتي كان هو أول من عمل على إقناع واشنطن ببعض أكثر الخطوات عدائية، التي قام بها الطرفان السعودي والإماراتي معا، من بينها التدخل العسكري في اليمن، ومحاولتهما لعزل قطر، في إطار حملة بدأت بعملية تخريب على شبكة الانترنت تقف خلفها الإمارات، وذلك بحسب المحققين الأمريكيين.
كما أن مقاربة السلام الفلسطيني الإسرائيلي التي دافع عنها جاريد كوشنر، مستشار ترامب وصهره، تشبه في بعض جوانبها المقاربة الخليجية التي كان محمد بن زايد يدافع عنها منذ نهاية إدارة أوباما.
بدأ محمد بن زايد ببناء صناعة عسكرية إماراتية محلية، تقوم الآن بتصدير مركبات مدرعة إماراتية الصنع إلى زبائن في ليبيا ومصر.
2 . محمد بن زايد يدين بجزء كبير من سلطته لشراكته مع واشنطن
في 1991، بعد الغزو العراقي للكويت، جاء الأمير محمد بن زايد إلى واشنطن لشراء الأسلحة، وقد تكفل حينها ريتشارد كلارك، المسؤول البارز في وزارة الخارجية، بطمأنة المشرعين القلقين، وأكد أن الإمارات العربية المتحدة تمثل قوة سلام وأنها لن تتحول أبدا إلى قوة معتدية. (بعد مغادرته الحكومة في 2003، أسس كلارك شركة استشارات عملت بشكل مكثف لفائدة الإمارات، وهو أيضا رئيس مجلس إدارة مركز دراسات حصل على تمويلات إماراتية هامة).
وفي النهاية تمكن الإماراتيون من شراء أكثر من 80 من مقاتلات أف 16، و30 طائرة هليكوبتر قتالية من نوع أباتشي. وقام محمد بن زايد بتوظيف مسؤولين أمريكيين سابقين لمساعدته على إدارة جيشه، وجواسيس أمريكيين سابقين لإنشاء جهاز مخابرات خاص به. وبفضل المشورة التي يقدمها هؤلاء الجنرالات الأمريكيون، بدأ محمد بن زايد ببناء صناعة عسكرية إماراتية محلية، تقوم الآن بتصدير مركبات مدرعة إماراتية الصنع إلى زبائن في ليبيا ومصر. وعلى خلاف أي دولة عربية أخرى، فإن الإمارات العربية المتحدة قامت بنشر قواتها لتقاتل إلى جانب القوات الأمريكية في ستة نزاعات مسلحة: في العراق، وكوسوفو، والصومال، وأفغانستان، وليبيا، وضد تنظيم الدولة. وفي خضم هذه المساعي، حاز محمد بن زايد على خبرات نادرة في تنفيذ عملياته العسكرية خارج حدوده، وهو أمر هو الآن بصدد الاستفادة منه.
3. بن زايد عارض بشكل متزايد السياسة الأمريكية في المنطقة
عمل الأمير محمد بن زايد ضد الانتقال الديمقراطي في مصر، وتحدى الحظر الأممي على بيع الأسلحة إلى حفتر، وتجاهل الالتماسات الأمريكية بإنهاء خصومته مع قطر، التي تستضيف قاعدة جوية أمريكية.
الأمير محمد بن زايد يوم الجمعة أثناء القمة العربية في السعودية.
كما أن الكثير من تدخلاته الخارجية خلقت نتائج متضاربة. إذ أن مصر الآن تعاني، وقطر لم تنحن، وهو أطلق شرارة عدد من الصراعات بين الخصوم في منطقة القرن الأفريقي. واليمن أيضا تحول إلى مستنقع عسكري وكارثة انسانية. وقد اعتبرت تمارا كوفمان ويتس، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأمريكية والباحثة في معهد بروكينغز، أن الأمريكيين من خلال تسليحهم للإمارات العربية المتحدة بتكنولوجيا مراقبة متطورة، وقوات كومندوز وأسلحة، تسببوا بخلق وحش فرانكنشتاين صغير.
4. المحققون لاحظوا أن ولي عهد أبوظبي لديه حلفاء في الولايات المتحدة
يخصص الأمير محمد بن زايد عشرات ملايين الدولارات سنويا، للانتفاع بخدمات مسؤولين أمريكيين سابقين، ودفع الأموال للوبيات، والتبرع للمؤسسات الخيرية التي لديها تأثير في واشنطن، والمساهمة في معاهد البحث في العاصمة.
وقبل تسلم ترامب السلطة، تمكن بن زايد من تأمين لقاء سري مع صهر الرئيس المنتخب، جاريد كوشنر. كما أنه حاول التوسط لعقد محادثات بين إدارة ترامب وروسيا، من خلال الاستعانة بصديق وممول جاريد كوشنر، وهو ريتشارد جيرسون.
فقد قام أحد الإخوة الصغار لولي العهد، بتقديم جيرسون لرجل أعمال روسي يلعب دور حلقة الوصل بين الرئيس فلاديمير بوتين وحكام الدول الخليجية، وذلك بحسب تقرير المستشار الخاص. رجل الأعمال هذا، يدعى كيريل ديمترييف، وهو التقى بجيرسون للحديث حول “خطة مصالحة للولايات المتحدة وروسيا”، وقدم جيرسون لكوشنر ملخصا حول هذا الموضوع.
وقد استدعى الأمير محمد بن زايد لاحقا رجل الأعمال ديمترييف إلى دولة السيشال، لالتقاء إيريك برينس، وهو مؤسس شركة خدمات أمنية خاصة، وكان ينظر إليه الإماراتيون على أنه يمثل فريق ترامب. وحاليا يواصل المحققون الأمريكيون فحص الأنشطة الخاصة بما لا يقل عن خمسة مبعوثين أو وكلاء يعملون لصالح ولي عهد أبوظبي، والذين حاولوا التقرب من ترامب. كما أن هنالك تحقيقا آخر ينظر في فرضية أن تكون الإمارات قد استخدمت تقنيات التجسس السيبراني التي يمتلكها عملاء أمريكيون سابقين، وذلك من أجل التجسس على مواطنين أمريكيين.
ورغم أنه كان يزور الولايات المتحدة بشكل دوري على مدى عقود، فإن ولي العهد محمد بن زايد توقف عن الزيارة منذ سنتين، وهذا يعزى في جزء منه إلى مخاوفه من أن المحققين قد يتحركون لمساءلته هو أو مساعديه، وذلك بحسب شخصين مطلعين على طريقة تفكيره (لكن شقيقه، وزير الخارجية، زار الولايات المتحدة).
أمام المسؤولين الأمريكيين، يؤكد بن زايد على الليبرالية النسبية التي تعتمدها دولة الإمارات في المسائل الاجتماعية، إذ أن حوالي ثلث أعضاء حكومتها هم من النساء
5. أسلوبه الشخصي هو جزء من تأثيره
يصف المسؤولون الأمريكيون دائما ولي عهد أبوظبي بأنه شخص دقيق وفضولي ومتواضع، وهو يقوم بصب قهوته بنفسه. ومن أجل تبيين حبه لأمريكا، هو يقول أنه قام باصطحاب أحفاده إلى مدينة الملاهي ديزني للملاهي كزائر عادي دون أن يكشف عن هويته. كما أنه يخبر زواره الأمريكيين بأن كراهيته للإخوان المسلمين تنبع من تجارب عاشها بنفسه، عندما حاول أحد المدرسين أدلجته. كما يعتبر أن العالم العربي ليس جاهزا للديمقراطية، لأنه سينتخب الإسلاميين.
وأمام المسؤولين الأمريكيين، يؤكد بن زايد على الليبرالية النسبية التي تعتمدها دولة الإمارات في المسائل الاجتماعية، إذ أن حوالي ثلث أعضاء حكومتها هم من النساء، على عكس الدول المجاورة. كما أن المسيحيين والهندوس والسيخ يسمح لهم ببناء بيوت للعبادة. ورغم أن الناقدين ينبهون إلى أن السلطات الإماراتية لا تتسامح أبدا مع المعارضة السياسية، فإن ولي العهد أنشأ وزارة للتسامح وأعلن رسميا العام 2019 “عام التسامح”.
ومؤخرا ألقى وزير الدفاع السابق جيميس ماتيس محاضرة في أبوظبي، برعاية ولي العهد محمد بن زايد. وعند التحاقه بإدارة ترامب، صرح ماتيس بأنه تلقى مبلغ 242 ألف دولار في شكل أتعاب سنوية إلى جانب خيارات شراء أسهم، كعضو في مجلس إدارة شركة جنرال داينامكس للصناعات العسكرية، التي لديها عقود هامة مع أبوظبي. كما أعلن أنه عمل كمستشار للأمير محمد بن زايد ولكن بدون مقابل.
وتساءل ماتيس في محاضرته: “إنه عام التسامح. كم دولة في العالم تحتفل في الوقت الحالي بعام للتسامح؟ لا أعرف أي دولة أخرى تقوم بهذا، أنتم فعلا مثال يحتذى به.”
المصدر نيويورك تايمز