ترجمة وتحرير نون بوست
لأكثر من عقد من الزمن، لعبت قطر دور المزود الرائد في العالم للغاز الطبيعي المسال. وتسعى البلاد إلى تعزيز حصتها في السوق وزيادة الإنتاج بنسبة 43 بالمئة بحلول سنة 2024، أي الانتقال من 77 مليون إلى 110 ملايين طن سنويا. وفي حين أن معظم فترات النمو في قطر خلال العقود التي تلت الاستقلال في سنة 1971 كانت بفضل النفط الخام، نجح الغاز الطبيعي في اكتساب أهمية بالغة خلال فترة التسعينيات. أما في سنة 2018، أعلنت قطر عن عزمها الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، التي كانت من أوائل الدول الأعضاء المنضمين إليها في سنة 1961، من أجل التركيز على الغاز.
تشير طموحات قطر إلى أنها ستكون في موضع قوة لتحرز تقدما ملحوظا لاسيما في ظل زيادة الطلب العالمي على الغاز الطبيعي. وتفيد التوقعات لسنة 2040 في “توقعات الطاقة 2018” من بريتيش بتروليوم (بي بي) بأنه من المتوقع أن يحقق الطلب العالمي على الغاز نموا بوتيرة أسرع من النفط أو الفحم الحجري مع زيادة الطلب على الطاقة الأولية بمقدار الثلث على مدى السنوات 25 المقبلة. وستتيح القدرة المضافة الفرصة لقطر للاستفادة بشكل متزايد من حصتها السوقية الإجمالية وتوسيعها.
تتخذ قطر مجموعة من الخطوات بهدف تطوير مجال توليد الطاقة الشمسية بصورة استباقية. وحيال هذا الشأن، قال المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، مارك فيرميرش، إن: “الطاقة الشمسية تعد اليوم مصدر الطاقة المتاحة الأقل ثمنا في قطر، حتى مع إضافة تكاليف الصيانة. وفي هذا السياق، تخطط البلاد لافتتاح أول مركز لإصدار شهادات الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة، ما سيضمن استمرارية وفعالية الألواح الضوئية الجهدية على المدى الطويل”.
اكتُشف حقل غاز الشمال للغاز الطبيعي في قطر سنة 1971 وبدأت عملية الإنتاج في سنة 1988، حيث اتجهت أولى صادرات الغاز الطبيعي المسال نحو إسبانيا في سنة1997
التاريخ
حُفر أول بئر للنفط في قطر في حقل النفط “دخان 1” في سنة 1940، إلا أن بداية الحرب العالمية الثانية تسببت في تأخير تطوير موارد البلاد من الهيدروكربونات. تمتّعت قطر بامتيازات التنقيب والإنتاج البحري في سنة 1949، كما صُدّرت أول شحنة من النفط الخام من الحقل بتاريخ 31 كانون الأول/ ديسمبر من تلك السنة. وقد بدأ إنتاج النفط الخام والغاز في الخارج خلال سنة 1965 وفي حقلي ميدان محزم وبو الحنين في سنة 1972. وفي سنة 1977، قامت قطر بتأميم عمليات النفط والغاز البرية والبحرية بالكامل.
في الوقت الحالي، يغطي حقل دخان الذي يقع على بعد 80 كيلومترا غرب الدوحة مساحة 80 كيلومترا على امتداد 8 كيلومترات، وتبلغ طاقته الإنتاجية 335 ألف برميل يوميًا. وينقسم الحقل الذي أصبح يضم 598 بئرا بداية من سنة 2016 إلى ثلاثة قطاعات وهي الخطية، والفحيحيل، وجليحة/ دياب، كما يحتوي أيضًا على أربع محطات حيث يتم فصل النفط والغاز والتي تتمثل في محطة خطيّة الشماليّة، ومحطّة خطيّة الرئيسيّة، ومحطة فحاحيل الرئيسيّة، ومحطّة جليحة.
اكتُشف حقل غاز الشمال للغاز الطبيعي في قطر سنة 1971 وبدأت عملية الإنتاج في سنة 1988، حيث اتجهت أولى صادرات الغاز الطبيعي المسال نحو إسبانيا في سنة1997. ويغطي الحقل مساحة قدرها ستة آلاف كيلومتر مربع، أي حوالي نصف مساحة قطر. ونظرًا لأن إجمالي الغاز القابل للاسترداد يتجاوز 900 تريليون قدم مكعب قياسي، يعتبر هذا الحقل أكبر حقل للغاز غير المصاحب في العالم. وقد انطلقت مرحلة الإنتاج التجاري الأولى في أواخر سنة 1991. وبحلول سنة 2008، بلغ متوسط الإنتاج 750 مليون قدم مكعب من الغاز و24 ألف برميل يوميًا من المتكثف المستقر، مع استخدام الغاز بشكل أساسي في السوق المحلية ومتكثف الغاز للتكرير والتصدير.
إن الدول الوحيدة التي تتمتع بثروات أكبر من قطر من الغاز الطبيعي هي روسيا بنسبة 18.1 بالمئة وإيران بنسبة 17.2 بالمئة من الاحتياطات العالمية
الحجم والأداء
وفقًا للمراجعة الإحصائية التي قامت بها بريتيش بتروليوم حول الطاقة العالمية، تتمتع قطر باحتياطيات مؤكدة تقدّر بنحو 25.2 مليار برميل من النفط، ما يجعلها تحتل المرتبة الرابعة عشرة بين الدول المنتجة للنفط من حيث الاحتياطي. ويشير تحليل بريتيش بتروليوم لنسبة الاحتياطيات المؤكدة إلى الإنتاج في البلاد إلى أن حقول النفط في قطر قادرة على الاستمرار في الإنتاج بالمستويات الحالية لمدة 36.1 سنة أخرى.
أفاد التقرير بأنه في سنة 2017، بلغ إنتاج قطر اليومي من سوائل النفط والغاز الطبيعي 1.9 مليون برميل، مع تسجيل انخفاض بنسبة 2.7 بالمئة في الإنتاج مقارنة بسنة 2016. على هذا النحو، أصبحت قطر خامس أكبر منتج للنفط في العالم. وحسب إحصائيات أوبك التي لا تشمل الغاز الطبيعي المسال، أنتجت قطر 609 ألف برميل يوميًا من النفط الخام خلال الربع الثالث من سنة 2018. وتوصّلت بريتيش بتروليوم إلى أن احتياطيات قطر المؤكدة من الغاز الطبيعي تبلغ 879.9 تريليون قدم مكعب، أي ما يعادل 12.9 بالمئة من إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم.
إن الدول الوحيدة التي تتمتع بثروات أكبر من قطر من الغاز الطبيعي هي روسيا بنسبة 18.1 بالمئة وإيران بنسبة 17.2 بالمئة من الاحتياطات العالمية. وحسب مستويات الإنتاج في سنة 2017، يمكن أن تواصل حقول الغاز الطبيعي في قطر عملية الإنتاج إلى حدود سنة 2159. كما أوردت تقديرات شركة النفط الدولية أن قطر قد أنتجت 4.8 بالمئة من إجمالي الإنتاج العالمي للغاز الطبيعي أي 175.7 مليار متر مكعب، مع انخفاض قدره 0.5 بالمئة مقارنة بإنتاج سنة 2016. ومع ذلك، أشار التقرير إلى ارتفاع إنتاج قطر من الغاز الطبيعي بنسبة 12.9 بالمئة في الفترة الزمنية الممتدة من سنة 2006 إلى 2016.
في سنة 2017، احتلت قطر المرتبة الخامسة على قائمة كبار منتجي الغاز الطبيعي في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا وإيران وكندا بإنتاج قدره 231 مليون طن من الهيدروكربونات و151.1 مليون طن مكافئ برميل النفط من الغاز الطبيعي، وكمية نفط تقدر بحوالي 79.9 مليون طن. وقد مثّل الغاز 65 بالمئة من إنتاج البلاد من الهيدروكربونات في تلك السنة.
تستأثر دولة قطر بدور القيادة عندما يتعلق الأمر بصادرات الغاز الطبيعي. وخلال سنة 2017، صدّرت البلاد 18.4 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى الإمارات وعمان عبر خط أنابيب الدولفين و103.4 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال عبر الشحن الخارجي. وتشكل هذه الكميات 26.3 بالمئة من الإجمالي العالمي البالغ 393.9 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال الذي تصدّره جميع الدول المنتجة للغاز لتلك السنة.
لقد كان خط الأنابيب البالغ عرضه 48 بوصة أول مشروع لنقل الغاز المكرر عبر الحدود في مجلس التعاون الخليجي، وهو أطول خط أنابيب للغاز في الشرق الأوسط
الهيكل والإشراف
يتولى وزير الدولة لشؤون الطاقة، سعد بن شريدة الكعبي رئاسة الهيئة الحكومية الرئيسية المشرفة على قطاع الطاقة. وقد منحت الوزارة الأولوية لتأمين احتياجات قطر من الطاقة، بطريقة تضمن الاستغلال الأمثل لموارد الطاقة الطبيعية والفعالية في استخدام الإيرادات من أجل تعزيز عملية تطوير الاقتصاد. وتعد شركة قطر للبترول المملوكة للدولة الطرف الفاعل الرئيسي في البلاد في مجال الطاقة. وقد تأسست الشركة سنة 1953 وتحولت إلى شركة نفط وطنية في سنة 1972 إذ تمارس أنشطة المنبع والمصب في مجالي النفط والغاز الطبيعي.
تشمل اختصاصات الشركة التنقيب والإنتاج والتكرير إلى جانب بيع وتسويق مجموعة من المنتجات بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي المسال والبتروكيماويات والأسمدة والألمنيوم والمعادن. وقد وقّعت شركة قطر للبترول عددًا من اتفاقيات المشاركة في الإنتاج مع شركات التنقيب والإنتاج الدولية والوطنية.
تعمل الشركة على حقلي ميدان محزم وبو الحنين بالإضافة إلى حقل دخان النفطي الساحلي، كما تتولى تطوير حقل غاز الشمال. وبالنسبة لإنتاج المصب، تقع أقدم المرافق التابعة لشركة مصفاة قطر للبترول المملوكة لقطر للبترول بنسبة 100 بالمئة في مسيعيد، في حين يتخذ مصنعًا جديدًا مدينة راس لفان مقرا له ويعمل بالشراكة مع توتال قطر. ومن المقرر أن يصبح هذا المصنع واحدا من أكبر القائمين على عمليات تكسير الإيثان في العالم، مع طاقة سنوية قدرها 1.6 مليون طن من الإيثيلين.
تدير قطر للبترول عددًا من الفروع المسؤولة عن التنقيب والإنتاج والمبيعات المحلية والدولية. وقد اندمجت كل من قطر غاز وراس غاز اللتان تمثلان أكبر منتجين للغاز الطبيعي في العالم في قطر للبترول في كانون الثاني/ يناير 2018، وهو ما وفر للشركة 550 مليون دولار من تكاليف التشغيل السنوية. وتشارك الشركة الجديدة تحت اسم قطر غاز في اتفاقيات لدعم الإنتاج مع إكسون موبيل وتوتال وكونوكو فيليبس وشال، كما تتولى مسؤولية الإشراف على جميع صادرات الغاز الطبيعي في قطر. وتجدر الإشارة إلى أن البلاد تقوم بتصدير الغاز الطبيعي إلى جيرانها الإقليميين على غرار الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان من خلال خط أنابيب الدولفين الذي تم بناؤه سنة 2007.
لقد كان خط الأنابيب البالغ عرضه 48 بوصة أول مشروع لنقل الغاز المكرر عبر الحدود في مجلس التعاون الخليجي، وهو أطول خط أنابيب للغاز في الشرق الأوسط. يربط هذا الخط بين محطة راس لفان لمعالجة الغاز وضغطه في قطر ومرفق الطويلة للاستقبال في أبو ظبي، ليُوزّع الغاز بعد ذلك على العملاء في كل من الإمارات وعمان. ويعد مشروع الدولفين مصدرًا حيويًا للطاقة بالنسبة للصناعات ومحطات الطاقة في أسواق الوجهة، وعلى الرغم من التوترات السياسية بين قطر والإمارات العربية المتحدة، إلا أن تدفق الغاز لم يتوقف.
تتمثل إحدى الأولويات الرئيسية لشركة قطر للبترول في تحسين احتياطي كل من النفط والغاز في قطر. ولتحقيق هذه الغاية، قامت الشركة باستثمارات كبيرة في مجال تكرير ومعالجة النفط الخام والمكثفات والغاز الطبيعي
سياسة الطاقة
تركز سياسة الطاقة في قطر بشكل متزايد على الغاز الذي ساهم اكتشافه في استئثار البلاد بالمرتبة الأولى بين منتجي الهيدروكربونات في العالم، وجعل منها البلد الأكثر ثراءً عالميا من حيث الناتج القومي للفرد. وتتطلع قطر إلى مزيد الاستفادة من احتياطياتها من الغاز الطبيعي. وفي أيلول/ سبتمبر 2018، أعلن وزير الدولة لشؤون الطاقة والرئيس والمدير التنفيذي لشركة قطر للبترول عن سعي البلاد إلى توسيع إنتاج الغاز الطبيعي بنسبة 43 بالمئة، أي من 77 مليون طن سنويًا إلى 110 مليون طن بحلول سنة 2024.
لقد سبق أن أعلنت شركة قطر للبترول في البداية عن عزمها زيادة طاقتها الإنتاجية إلى 100 مليون طن سنويًا في سنة 2017 لاسيما عندما رُفع الوقف الاختياري لنسق استغلال حقل غاز الشمال. في ذلك الحين، أعربت شركة قطر للبترول عن وضعها خططا لبناء ثلاثة قطارات جديدة من الغاز الطبيعي المسال.
وقد جاء الإعلان الجديد مصحوبا بالكشف عن نوايا الشركة لتشغيل قطار رابع، وهو ما يساهم في ارتفاع الطاقة الإنتاجية من 4.8 مليون برميل من المكافئ النفطي يوميًا إلى 6.2 مليون برميل نفط مكافئ يوميا. وفي تصريح أدلى به للصحافة المحلية، قال وزير الطاقة سعد الكعبي إن “هذه القدرة الجديدة من شأنها أن تعزز مكانتنا الرائدة كأكبر منتج ومصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، كما أنها ستخدم خطة النمو الاستراتيجية لشركة قطر للبترول”.
سلاسل قيمة النفط والغاز
تتمثل إحدى الأولويات الرئيسية لشركة قطر للبترول في تحسين احتياطي كل من النفط والغاز في قطر. ولتحقيق هذه الغاية، قامت الشركة باستثمارات كبيرة في مجال تكرير ومعالجة النفط الخام والمكثفات والغاز الطبيعي من أجل استخراج منتجات فرعية أعلى قيمة. ووفقًا لنشرة منظمة أوبك الإحصائية السنوية 2018، بلغت صادرات قطر 639.400 برميل يوميًا من المنتجات البترولية في سنة 2017 من إجمالي إنتاج قُدّر بنحو 699.000 برميل يوميًا.
تعمل قطر على الزيادة في إنتاجها من منتجات تحويل الغاز إلى سوائل بما في ذلك النفثا، إذ تهدف الحكومة إلى الترفيع في الصادرات بمقدار ثلاثة ملايين طن سنويًا، بزيادة تقلّ عن 500.000 طن في سنة 2016. وتسير البلاد بخطى ثابتة نحو تحقيق هذا الهدف بفضل مصنع اللؤلؤة لتحويل الغاز إلى سوائل الذي تديره شركة شل وهي الأكبر في العالم بطاقة إنتاجية يومية قدرها 140 ألف برميل من منتجات الغاز السائل بما في ذلك الديزل والكيروسين والنفثا والبرافين والزيوت الأساسية للمشحمات.
تعتبر قطر أيضًا موطنا لشركة أوريكس جي تي إل، وهي مشروع مشترك بين قطر للبترول بنسبة 51 بالمئة وشركة ساسول الجنوب إفريقية بنسبة 43 بالمئة، حيث استهلت الشركة عملية الإنتاج في سنة 2006. ويحوّل مصنع أوريكس جي تي إل الغاز الطبيعي المعالج في مدينة راس لفان الصناعية إلى منخفض ديزل الكبريت والنفثا وغاز البترول المسال، وتبلغ طاقة مصنع أوريكس 32.441 برميلًا يوميًا. في شهر أيلول/ سبتمبر 2018، نفّذت أوريكس جي تي إل أول تسليم مباشر إلى ألمانيا إذ قامت الشركة الألمانية إتش جي إم للطاقة بشراء 8.2 مليون لتر.
تأمل قطر أن تجعل القواعد الجديدة من البلاد وجهة أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، وتساهم في تسريع وتيرة النمو وتنويع الاقتصاد
أسعار النفط العالمية
على الرغم من أن السلع المُصدّرة الأساسية في قطر ليست مواد خامًا، غير أن الناتج المحلي الإجمالي وموازين المدفوعات في البلاد تأثرت بالتقلبات التي شهدتها أسواق النفط العالمية منذ انهيار الأسعار في منتصف سنة 2014، أي خلال الفترة التي انخفضت فيها الأسعار من 115 دولارًا للبرميل في حزيران/ يونيو 2014 إلى أقل من 35 دولارًا في أواخر شهر شباط/ فبراير 2016. ووفقًا للبنك الدولي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر 206.2 مليار دولار في سنة 2014، وانخفض إلى 161.7 مليار دولار في سنة 2015 و151.7 مليار دولار في سنة 2016.
تعكس البيانات الصادرة عن جهاز التخطيط التنموي والإحصاء في قطر هذا التراجع، لاسيما في قطاع التعدين واستغلال المحاجر الذي يشمل إنتاج الهيدروكربونات، الذي انخفض من 403 مليار ريال قطري أي ما يعادل 110.7 مليار دولار في سنة 2013 إلى 196 مليار ريال قطري أي 53.8 مليار دولار في سنة 2017.
في كانون الأول/ ديسمبر 2016، وافقت كل من قطر و12 عضوًا آخر من منظمة أوبك إلى جانب 11 دولة من خارج المنظمة على خفض إنتاج النفط الخام بهدف التخفيض في المخزون العالمي وتحقيق استقرار الأسعار. وقد أدى اتفاق أوبك إلى تخفيض قطر في إنتاجها من النفط الخام بمقدار 30 ألف برميل يوميًا إلى 618 ألف برميل يوميًا. وفي سنة 2017، عرفت أسعار النفط ارتفاعا من جديد، ما انجر عنه تحسّن في الأداء الاقتصادي القطري.
الاستثمار الأجنبي المباشر
إثر الحصول على موافقة وزارة الاقتصاد والتجارة، يُسمح للأطراف الأجنبية بامتلاك ما يصل إلى 100 بالمئة من أي استثمار في قطاعي الطاقة والتعدين. وبالنسبة للعديد من القطاعات الأخرى، تقتصر الملكية الأجنبية على 49 بالمئة فقط، بيد أن دولة قطر بصدد الموافقة على إصلاحات تسمح بملكية أجنبية بنسبة 100 بالمئة في جميع قطاعات المجال الاقتصادي.
تأمل قطر أن تجعل القواعد الجديدة من البلاد وجهة أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، وتساهم في تسريع وتيرة النمو وتنويع الاقتصاد. ووفقًا لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، شهدت قطر زيادة بنسبة 27 بالمئة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في سنة 2017، حيث ارتفعت إلى 986 مليون دولار مقارنة بحوالي 774 مليون دولار في سنة 2016.
في سنة 2018، قامت شركة قطر للبترول بإجراء عدد من الاستثمارات في التنقيب في الخارج، ما ساهم في توسعها خارج نطاق حدود قطر
التنقيب والإنتاج
عملت قطر على تطوير قطاع الطاقة من خلال العمل مع شركات النفط الدولية من أجل الترويج لنقل المعارف والتكنولوجيا، حيث تُدار العديد من هذه الشراكات في إطار اتفاقيات المشاركة في الإنتاج. وفي حزيران/ يونيو 2017، استحوذت شركة قطر للبترول على إدارة حقل الريان عقب انتهاء اتفاقيات المشاركة في الإنتاج مع الدول الغربية.
في الشهر ذاته، انتهت مدة صلاحية اتفاقيات المشاركة في الإنتاج لشركة ميرسك أويل قطر المتعلقة بحقل الشاهين، وفازت توتال بالمناقصة التي سمحت لها بالاستحواذ على الحقل على امتداد 25 سنة كجزء من مشروع مشترك جديد المتمثل في شركة نفط الشمال، حيث تمتعت قطر للبترول بحصة قدرها 70 بالمئة بينما استأثرت توتال بنسبة 30 بالمئة. وتشير التقديرات إلى أن حقل الشاهين يحتوي على حوالي 43 مليار برميل من النفط، استُخرج منهم 1.7 مليار برميل فقط إلى حد الآن. كما يُنتج هذا الحقل حوالي 300 ألف برميل يوميًا عبر منصاته التسعة.
تعتزم شركة قطر للبترول الإشراف على عمليات تشغيل حقل القبة الشمالية التابع لحقل غاز الشمال والواقع على بعد 85 كيلومترا قبالة ساحل الدوحة خلال سنة 2019 أي بعد انتهاء صلاحية اتفاقيات المشاركة في الإنتاج مع أوكسيدنتال بتروليوم قطر. وقد علّق الكعبي في حواره مع الصحافة المحلية بالقول: “إن إدارة وتشغيل حقل النفط هذا الذي يكتسي أهمية كبرى يعكس القدرات التقنية المميزة لشركة قطر للبترول في تشغيل وإدارة حقول النفط والغاز، وهو ما يعزز من قيمة الدولة ومن جهودنا الرامية لتنفيذ خطتنا الطموحة بهدف وضع شركة قطر للبترول على الطريق الصحيح الذي يجعلها أفضل شركة وطنية للنفط والغاز في العالم”.
التحديثات التكنولوجية
من خلال شراكاتها مع شركات النفط العالمية في جميع مجالات أعمالها، باتت قطر للبترول قادرة على الاستثمار في أحدث التقنيات في مجال النفط والغاز وتبنيها. وفي سنة 2014، أعلنت شركة قطر للبترول عن خطط لاستثمار 40 مليار ريال قطري أي ما يعادل 11 مليار دولار في عملية إعادة تطوير حقل بو الحنين النفطي من أجل مواجهة تراجع الإنتاج ومضاعفة معدل إنتاج النفط على مرحلتين بين سنتي 2020 و2023. وتُوظُف تقنية محاكاة الخزانات الجوفية في حقل ميدان محزم لإجراء مسح جديد لخزاناته، وتُستخدم نتائج تكنولوجيا المسح الزلزالي رباعي الأبعاد لتحسين الإنتاج في حقل الخليج.
في حزيران/ يونيو، أعلنت قطر للبترول عن امتلاكها لنسبة 30 بالمئة في شركتين تابعتين لشركة إيكسون موبيل في الأرجنتين مع الحصول على تراخيص بالنسبة للهيدروكربونات في سبع مناطق.
الاستثمارات والاستراتيجيات والفرص
في سنة 2018، قامت شركة قطر للبترول بإجراء عدد من الاستثمارات في التنقيب في الخارج، ما ساهم في توسعها خارج نطاق حدود قطر. وخلال شهر شباط/ فبراير من السنة ذاتها، أعلنت الشركة عن استحواذها على حصة بنسبة 25 بالمئة في مجموعة بلوك 11 بي/ 12 بي في جنوب إفريقيا، مع استئثار توتال القابضة بنسبة 45 بالمئة، ونسبة 20 بالمئة لشركة الموارد الطبيعية الكندية لإنتاج النفط، و10 بالمئة لشركة ماين ستريت.
خلال الشهر نفسه، تحصّلت شركة قطر للبترول على حصص في خمس مناطق تنقيب على النفط في المكسيك وأربعة آخرين في شراكة مع شركة شل وحصة أخرى بفضل شراكة مع إني الإيطالية. وبحلول آذار/ مارس 2018، أعلنت قطر للبترول عن حصولها على حقوق التنقيب في أربعة مواقع في البرازيل كجزء من اتحادين منفصلين، أحدهما مع إكسون موبيل والآخر مع إكسون موبيل وبتروبراز، حيث بلغت حصة الشركة 36 بالمئة في الاتحاد الأول و30 بالمئة في الثاني.
أما في حزيران/ يونيو، أعلنت قطر للبترول عن امتلاكها لنسبة 30 بالمئة في شركتين تابعتين لشركة إيكسون موبيل في الأرجنتين مع الحصول على تراخيص بالنسبة للهيدروكربونات في سبع مناطق. وفي أيلول/ سبتمبر 2018، كشفت الشركة عن نيلها حقوق التنقيب ضمن منطقة أخرى في البرازيل، مما منح إيكسون موبيل 64 بالمئة من الأسهم و36 بالمئة إلى قطر للبترول.
في الآونة الأخيرة، وبالتحديد في كانون الأول/ ديسمبر 2018، أعلنت قطر عن خطط لاستثمار أكثر من 20 مليار دولار على مدى خمس سنوات في قطاع الطاقة الأمريكي من خلال مشاريع متعددة بما في ذلك محطة غولدن باس للغاز الطبيعي المسال في تكساس. وتتمتع قطر للبترول بنسبة 70 بالمئة من المشروع، مع تقسيم الأسهم المتبقية على كل من إيكسون موبيل وكونوكو فيليبس.
تبقى قطر واثقة من أن العرض الإضافي سيتزامن مع نمو الطلب العالمي على الطاقة المتجددة. ومن المحتمل أن تسمح الاستثمارات في التقنيات والمنتجات ذات القيمة المضافة على غرار الغازات السائلة
إنتاج البتروكيماويات
تخطط شركة قطر للبترول للاستفادة من التوسع في حقلها الشمالي من خلال بناء واحدة من أكبر وحدات تكسير الإيثان في الشرق الأوسط. وتبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية لمجمع البتروكيماويات المقرر إنشاؤه في مدينة لفان الصناعية، الذي سيشمل أيضًا مصانع لإنتاج المشتقات، 1.6 مليون طن من الإيثيلين. وفي آذار/ مارس 2018، دعت شركة قطر للبترول الشركات العالمية إلى تقديم مقترحات للمنشأة التي من المقرر أن تفتتح في سنة 2025.
حيال هذا الشأن، أفاد الكعبي للصحافة المحلية بأن “البتروكيماويات تمثّل ركيزة أساسية لاستراتيجية النمو الخاصة بقطر. وسيساهم هذا المشروع في استكمال جهودنا لتنفيذ هذه الاستراتيجية كما أنه سيسمح لقطر للبترول بتوسيع نطاق وجودها في سوق البتروكيماويات العالمي”.
الآفاق المحتملة
مع تحقيق التوسع الهائل المراد في إنتاج حقول الغاز الطبيعي على مدى السنوات الخمس المقبلة، تبقى قطر واثقة من أن العرض الإضافي سيتزامن مع نمو الطلب العالمي على الطاقة المتجددة. ومن المحتمل أن تسمح الاستثمارات في التقنيات والمنتجات ذات القيمة المضافة على غرار الغازات السائلة والبتروكيماويات، لقطر بمزيد من التطوير في أسواق الطاقة والمنتجات النفطية المتنوعة في الوقت الذي تعمل فيه شركة النفط الوطنية على توسيع نطاق عملياتها على المستوى الدولي ونيل حقوق التنقيب في العديد من البلدان.
المصدر: أويل برايس