منذ ساعات قليلة أنطلق ماراثون أفلام عيد الفطر المبارك في دور العرض المصرية، وسط حالة من الترقب التي تسود الوسط السينمائي في ظل الظروف المحيطة بهذا الموسم الذي يعتبره خبراء الفن والإنتاج موسما استثنائيًا في كل شيئ، الأمر الذي من المتوقع أن ينعكس على حجم الإيرادات.
يعد هذا الموسم الأقصر وقتا مقارنة بالأعياد السابقة، والأكثر عرضة للهزات التسويقية، إذ يتزامن عرضه مع امتحانات الثانوية العامة وكأس الأمم الإفريقية المقرر انطلاقها يوم 21 يونيو الجارى واللتين من المقرر استمرارهما لمدة شهر تقريبا، وهو ما ذهب إلى صعوبة تحطيم الأرقام القياسية المسجلة في المواسم السابقة بشأن نسب ومعدلات الإقبال والمشاهدة.
وعلى نفس منوال دراما رمضان التي شهدت تراجعا واضحا في عدد الأعمال الفنية هذا العام (25 مسلسلا) مقارنة بالمواسم السابقة (40 في المتوسط) فإن العدوى ذاتها انتقلت إلى السينما، إذ يتنافس 6 أفلام على أقصى تقدير وإن كان بعضها ذو انتاج ضخم، إلا أنها تمحورت في العزف على وتري الأكشن والكوميديا في ظل غياب الأفلام ذات البعد السياسي.
صراع على الأكشن
يسيطر الأكشن على نوعية الأفلام المعروضة هذا العام، حيث يتنافس 3 أعمال في الإطار ذاته، البداية مع العمل الأضخم انتاجا وهو “الممر” من إخراج شريف عرفة، وبطولة أحمد عز وإياد نصار وهند صبري ومحمد فراج ومحمد جمعة وأحمد رزق وأسماء أبو اليزيد وأحمد صلاح حسني وعدد كبير من النجوم.
أحداث الفيلم تدور حول إحدى بطولات سلاح الصاعقة بالجيش المصري خلال حرب الاستنزاف التي خاضها المصريون ضد الكيان الصهيوني إبان فترة الاحتلال، مستعرضا الدور الذي قام به أحد الضباط ” الرائد نور” فيما يتعلق بإلحاق الخسائر بجيش العدو خلال المرحلة الزمنية التالية لنكسة 1967.
شريف عرفة، مخرج العمل، قال إنه “أصرّ على كتابة الفيلم بنفسه من شدة تعلقه وشغفه بالقصة، على الرغم من أنه ليس سيناريست أو يفضل الكتابة، لكن القصة استفزت مشاعره بشدة”، مضيفًا أن “اختيار أبطال الفيلم كان دقيقا للغاية، ورغم ترشيحات نجوم كبار في أدوار ربما ليست كبيرة لكن الجميع رحّب بشدة وكانت المفاجأة أنهم تنازلوا عن جزء كبير من أجورهم حتى يخرج الفيلم للنور”، مشيرا إلى أنه “استخدم أدوات حربية ضخمة تسببت في ارتفاع تكلفة الفيلم لدرجة أنه تكلف ميزانية 3 أفلام من ذوي الميزانية العالية”.
ورغم عدم وجود أرقام رسمية بشأن ميزانية انتاج هذه الأعمال إلا أنه وبحسب التصريحات الصادرة عن مخرج الفيلم وبطله الأول فإن ميزانيته تعادل 3 أفلام أخرى، مقتربة وفق البعض من 80 مليون جنيه (4.8 مليون دولار) لتعد الأعلى فى السينما المصرية وبين الأفلام المشاركة فى الموسم.
ثم يأتي فيلم “كازابلانكا” على قائمة المنافسين لـ “الممر” فبعد نجاح “حرب كرموز” الموسم الماضي، يدخل الفنان أمير كرارة، موسمه الحالي بهذا العمل الذي يشاركه فيه البطولة النجم التركي الشهير خالد أرغنش في أحد الأدوار الرئيسة بالعمل، وهي المشاركة التي يتوقع البعض أن يكون لها نتائج إيجابية في بورصة الإيرادات.
العمل من إخراج بيتر ميمي، وهو نفسه مخرج مسلسل “كلبش” بأجزائه الثلاثة، الذي قدم كرارة للجمهور بشكل مختلف، ما دفعه لتكرار نفس العمل سينمائيًا، وكما شارك في بطولته كل من لبلبة وغادة عادل وإياد نصار وعمرو عبد الجليل، بجانب كوكبة أخرى من الوجوه الصاعدة.
الإيرادات من الصعب أن تتجاوز أرقام الأعوام الماضية، ليس بسبب ضيق الموسم الحالي بسبب الانشغال بامتحانات الثانوية العامة وانطلاق بطولة أمم إفريقيا في مصر وفقط، بل لعزوف الكثير من الناس عن الذهاب لدور السينما لأسباب معظمها اقتصادية
الفيلم تدور أحداثه حول ثلاثة أصدقاء يُطلق عليهم “هجامين البحر”، يحترفوا السطو على السفن ويشكّلون عصابة خاصة، ويتم تكليف الأصدقاء الثلاثة بمهمة ضد رجال المافيا بعد السطو على شحنة ألماس كبيرة، وتبدأ الصراعات عندما يقرّر أمير كرارة (أحد أفراد العصابة) الانقلاب على صديقيه وتنفيذ العملية لحسابه الخاص ويهرب إلى المغرب، فتبدأ المغامرات.
يلحق بسباق الأكشن كذلك فيلم “حملة فرعون”، الذي يشارك فيه الملاكم العالمي مايك تايسون للمرة الأولى في مصر، بجانب الفنان عمرو سعد، روبي، محمود عبد المغني، سوزان نجم الدين والنجمة اللبنانية قمر، وتدور أحداثه حول “يحيى” الشهير بـ”فرعون”، الذي يتورط في أعمال إجرامية وغير مشروعة، ويدير شبكة اغتيالات منظمة في مصر، ويتزوج من امرأة سوريّة تهرب منه بصحبة ابنهما الوحيد، ويتم اختطافهما في مستعمرة لتجارة البشر يديرها مايك تايسون، فيضطر “فرعون” إلى التوجه لسوريا لتحرير حبيبته وابنه ويصطحب معه أقرب أصدقائه لمساعدته في تنفيذ مهمته
انتقادات حدة وجهت للفيلم مع العرض الأول له أمس الأربعاء، على رأسها أنه مقتبس من فيلم “شمس الزناتي” للفنان عادل إمام، ربما نفس الأفيش والإفيهات وفق ماذهب البعض، إلا أن آخرين أشاروا أن الفيلمين، “حملة فرعون” و”شمس الزناتي” كلاهما مأخوذ عن قصة “العظماء السبعة” الشهيرة.
ميزانية فيلم “الممر” الأعلى هذا الموسم
كوميديا على استحياء
أما جرعة الكوميديا هذا الموسم فلم تكن على المستوى المتوقع مقارنة بالأعوام السابقة، حيث اكتفى السباق بعملين فقط، “محمد حسين” للفنان محمد سعد، و”سبع البرمبة” لرامز جلال، كلاهما يعود للسينما بعد وقت ليس بالقصير، إذ غاب الأول عن البطولة لعدة مواسم فيما اكتفى الثاني ببرنامج الشهير في رمضان.
“محمد حسين” فيلم من إنتاج أحمد السبكي، ويشارك في البطولة مي سليم ودينا محسن وسمير صبري وعدد كبير من نجوم الكوميديا، وتدور أحداثه حول سائق يعمل في أحد الفنادق الكبيرة، يُتهم عن طريق الصدفة بقتل رسّام كبير، لديه العديد من المعارض الفنية خارج مصر بخاصة في باريس، ويُقبض عليه ثم يحاول البحث عن القاتل الحقيقي في إطار كوميدي.
تصدر فيلم «كازابلانكا» السباق بعد أن حقق ٦ ملايين و٧٢١ ألفا و308 جنيات منفردا بالمركز الأول عن جدارة
اما “سبع البرمبة” فتشارك في بطولته الفنانة جميلة عوض، والتي تجسد دور زوجة رامز جلال التي تنتابها حالة نفسية مرضية تتسبب في حلمها بشكل مضطرب بنجوم مشاهير في الفن والدراما، مثل أمير كرارة بشخصية سليم الأنصاري في مسلسل “كلبش”، وياسر جلال بشخصية “رحيم” في مسلسل “رحيم”، فينصح الأطباء النفسيون الزوج بعلاجها وتقمص تلك الشخصيات حتى يخرجها من الأحلام إلى الواقع تدريجيّاً، في سياق من الكوميديا.
رامز جلال يعود للسينما عبر فيلم “سبع البرمبة”
الأكشن الأكثر إيرادات
تذهب المؤشرات العامة إلى تفوق واضح لأفلام الأكشن على حساب الكوميديا بعد يوم واحد فقط من انطلاق ماراثون العرض، وهو ما تكشفه الإيرادات حتى الآن، حيث نجحت الأفلام الخمس في تحقيق مجموع إيرادات وصل لـ15 مليون و676 ألف جنيه، مع توقعات بزيادة هذا الرقم خلال أيام العيد المبتقية.
وعلى عكس المتوقع تراجع فيلم «الممر» ذو الانتاج الضخم في المركز الثاني بإجمالي إيرادات بلغت ٢ مليون و٩٢٠ الف و٨٨٨ جنيه، فيما تصدر فيلم «كازابلانكا» السباق بعد أن حقق ٦ ملايين و٧٢١ ألفا و308 جنيات منفردا بالمركز الأول عن جدارة، بينما جاء في المركز الثالث «سبع البرومبة» محققا ٢ مليون و٨٩٠ الف و٥٧٠ جنيه، متفوقا على “حملة فرعون” الذي حل رابعا بـ ٢ مليون و٥٩٥ الف و٣٣٤ جنيه، بينما تذيل «محمد حسين» السباق بـ ٥٤٨ ألف و١٤١ جنيه.
وعلى الأرجح وحسبما يرى النقاد والمتابعون فإن الإيرادات من الصعب أن تتجاوز أرقام الأعوام الماضية، ليس بسبب ضيق الموسم الحالي جرًاء الانشغال بامتحانات الثانوية العامة وانطلاق بطولة أمم إفريقيا في مصر وفقط، بل لعزوف الكثير من الناس عن الذهاب لدور السينما لأسباب معظمها اقتصادية في ظل ارتفاع تذاكر الدخول.