ترجمة وتحرير نون بوست
بين شبكة من الأزقة والشوارع المرصوفة بالحصى في مدينة جدة القديمة، أغلق أكثر من 20 متجرا أبوابه الخشبيّة الكبيرة وكتب عليها عبارة “للكراء”. كما يشتكي التجار الذين يبيعون كل شيء من العبايات إلى المرتبات والساعات الصينية والعطور والتوابل من انخفاض المبيعات، والرحيل الجماعي لأكثر من مليون و700 أجنبي، وارتفاع التكاليف بسبب السياسات الحكومية.
صرّح محام سعودي من مدينة جدة، بنبرة متشائمة، بأن مكتبه شارك في غلق أكثر من 50 شركة خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية. وأفاد هذا المحامي الذي اشترط، مثل الكثير من الأشخاص الذين تحدثت إليهم الصحيفة عدم الكشف عن هويته خشية التعرض لملاحقة النظام، بأن “المشكل الأساسي هو السيولة، وليس استمرارية هذه المشاريع، بل هو نقص المداخيل. لقد تسارعت وتيرة عمليات الغلق خلال السنة المنقضية”.
في الحي الصناعي الذي تغمره الرمال في الجانب الآخر من هذه المدينة السعودية، حيث تلتقي أسواق الإبل والماشية مع المصانع الحديثة، أعرب سامي الصفران، المدير التنفيذي لشركة “ميبكو” التي تعدّ من بين أكبر الشركات في المنطقة في قطاع إنتاج الورق، عن تفاؤل لا محدود. فعلى غرار عدة شركات سعودية، تمكنت “ميبكو” من الاستمرار خلال السنوات الخمس الماضية التي اتسمت بالنمو الشاحب والإجراءات الحكومية التقشفية.
لقد اضطرّت شركة “ميبكو” وفرعها المتخصص في إعادة التدوير إلى تسريح أعداد من الموظفين من أجل “تخفيف عبء الرسوم المفروضة على تشغيل الوافدين”، والتأقلم مع البيئة الاقتصادية المتغيّرة. ويطمح الصفران إلى توسيع نشاط الشركة، وهو بصدد تقييم تأثيرات الإصلاحات التي أقرها ولي العهد محمد بن سلمان، التي تتضمن زيادة أنشطة إعادة تصنيع النفايات، التي يفترض أن تعود بالنفع على الشركة.
حيال هذا الشأن، قال سامي الصفران: “لا أرى أي وجهة أخرى في المستقبل غير المضي قدما. وبالطبع ستكون هناك صعوبات على طول هذا الطريق، ولكن هذه هي الحقيقة الجديدة، فالتغيير قادم ويجب عليك أن تكون جزءا منه، إذ أن الأمر لم يعد اختياريا”.
باتت هذه الروايات المتضاربة أمرا عاديا في هذا البلد الذي يشهد تغييرات دراماتيكية تُمرر بالقوة منذ أن أطلق محمد بن سلمان رؤية 2030 لتحديث البلاد. واليوم بعد مرور ثلاث سنوات، لا تزال البلاد تشهد تحولات سريعة، وبينما يتحدث بعض السعوديون بأمل وتفاؤل يهمس آخرون بقلق ويعبرون عن مخاوفهم التي عمّقتها عملية القتل البشعة للكاتب السعودي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
إن هذه الانطباعات المتضاربة تتمحور حول أحد أهم الاختبارات التي يواجهها ولي العهد: هل يمكن للحاكم الفعلي للمملكة النجاح في الترويج للقطاع الخاص الذي يعاني من مشاكل كبيرة للمساعدة في إعادة إنعاش الاقتصاد، وتوفير مواطن الشغل اللازمة لخفض معدلات البطالة المنتشرة بين صفوف الشباب؟
منذ البداية، ركزت مخططات ولي العهد، البالغ من العمر 33 سنة، على دور القطاع الخاص، إذ نجد من بين أهداف رؤية 2030 زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الخام من 40 بالمئة إلى 65 بالمئة. كما وضعت الحكومة هدفا لخلق 450 ألف وظيفة غير حكومية بحلول سنة 2020، وذلك بهدف خفض البطالة في السعودية من معدلها الحالي الذي يبلغ 12.5 بالمئة إلى 9 بالمئة خلال السنة المقبلة.
قد يكون أسلوب القيادة الذي يتبّعه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان صعبًا وغير متوقع.
أورد أحد المسؤولين الغربيين أنه “لن تنجح أي من هذه الخطط دون القطاع الخاص”. فقد كانت الشركات السعودية من أبرز المتضررين من قرارات محمد بن سلمان، ذلك أن التخفيضات الكبيرة في دعم الطاقة، إلى جانب إحداث ضريبة القيمة المضافة، قد أثرا بشكل مباشر على إنفاق العائلات السعودية. وبعد انخفاض أسعار النفط في سنة 2014، لم تُدفع العشرات من مليارات الدولارات المستحقة في إطار العقود الحكومية.
كما أدى الارتفاع الكبير في تعريفة جلب العمال الأجانب وعائلاتهم، الذين كانوا يشغلون 90 بالمئة من القطاع الخاص، إلى ارتفاع التكاليف وانحدار الأرباح وهو ما أحدث حالة خروج جماعي للوافدين إلى جانب تراجع الطلب الاستهلاكي، الذي أدى بدوره إلى حالة انكماش اقتصادي.
حسب مسؤول تنفيذي أجنبي فإن “هناك حوالي سبعة آلاف شركة صناعية في السعودية، الكثير منها إما يخسرون المال أو بالكاد يكسبونه”. ولا زال البعض مصدوما من حملة الأمير محمد المزعومة لمكافحة الفساد التي أدّت إلى سجن أكثر من 300 من الأمراء ورجال الأعمال والموظفين السابقين في الدولة في فندق ريتز كارلتون في الرياض في أواخر سنة 2017.
نتيجة لذلك، حاول الكثيرون في القطاع الخاص إخفاء أموالهم أو استثمارها في الخارج. وفي هذه الأثناء، شرع صندوق الاستثمارات العامة المفوض حديثا في البحث عن الصفقات والشركاء الأجانب، بينما أعلن عن انطلاق مشاريع بقيمة مئات المليارات من الدولارات في البلاد وإنشاء شركات جديدة. ويرى أشخاص مقربون من البلاط الملكي في السعودية أن ولي العهد كان يراهن على تطوير القطاع الخاص باستخدام أدوات الدولة، وخاصة صندوق الاستثمارات العامة، مع تجاهل الشركات التقليدية التي كان ينظر إليها بازدراء، لأنها حققت الثراء بفضل العقود الحكومية والعمالة الأجنبية الرخيصة.
في المقابل، بدأت هذه الحسابات بالتغير منذ اغتيال خاشقجي في إسطنبول. وأفاد بعض المسؤولين بأنه نظرا لأن الكثير من المستثمرين الأجانب الذين كان بن سلمان يحاول التقرب منهم أصبحوا يفكّرون في المخاطر السياسية للاستثمار في المملكة، فإن الحكومة أصبحت توجّه اهتمامها نحو الشركات السعودية. وأكد أحد المسؤولين الأجانب أن “هذه الشركات باتت الآن تحظى بالاحترام، بعد أن كانت تعاني في الماضي من الاحتقار”.
أنشأ البلاط الملكي مجموعة تخاطب على الواتساب تضم الأمير محمد بن سلمان والوزراء وكبار المسؤولين الآخرين وكبار القادة الصناعيين لتحسين العلاقات بين الموجودين داخل القيادة وخارجها. وقال مصرفي سعودي بارز: “كان من الطبيعي أن يتّخذ بعض الأشخاص موقف الانتظار والترقب، بالنظر إلى حالة عدم اليقين والغموض الهائلة”. لكن خلال الأشهر القليلة الماضية، شهدنا تغييرا كبيرا في المعنويات”.
جدة، العاصمة التجارية للمملكة العربية السعودية، وموطن للعديد من العائلات التجارية البارزة.
على غرار أشخاص كثيرين من أنصار الإصلاح، فإن هذا المسؤول يقر بأن “الأخطاء لا يمكن تجنبها”. وهي العبارة التي باتت تتكرر كناية عن أي حدث سلبي يقع انطلاقا من اغتيال خاشقجي مرورا بالأزمة الدبلوماسية مع كندا وصولا إلى اعتقالات فندق الريتز كارلتون. وتحاول الحكومة بشكل يائس تجاوز مقتل خاشقجي، وهي عمليّة خلصت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى أنها كانت مفوّضة من قبل الأمير محمد بن سلمان، وإعادة تركيز انتباهها على الاقتصاد.
تدعّمت هذه المحاولات من خلال مطالبة أرامكو السعوديّة بطرح سندات بقيمة 12 مليار دولار لأوّل مرّة في نيسان/ أبريل، كما يصر المسؤولون على أن كشف شركة النفط الحكومية عن هذه المستندات سيتأخر إلى حدود سنة 2021. وتواصل المملكة جذب الاستثمارات في القطاعات التقليدية، لا سيما النفط والبتروكيماويات، إذ أفادت إينيوس، وهي مجموعة بريطانية تابعة للخواص، أنها ستنفق ملياري دولار هذا الشهر لبناء ثلاثة مصانع كيماويات في البلاد.
أعرب كبار المصرفيين أيضا عن استعدادهم للمضي قدما لاسيما تحت إغراء الوعود بعقد المزيد من الصفقات بقيمة مليارات الدولارات. ويعد كل من المدير التنفيذي لشركة “بلاك روك” لاري فينك ونظيره جون فلينت من شركة “إتش إس بي سي” من بين كبار المصرفيين الغرب الذين اعتلوا المسرح مع الوزراء السعوديين في المؤتمر المالي الذي عُقد في الرياض في شهر نيسان/ أبريل الماضي، علما بأنهم سبق أن انضموا إلى الآخرين في مقاطعة مؤتمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي على خلفية مقتل خاشقجي.
مع ذلك، يتوخى المستثمرون الحذر خاصة فيما يتعلق بالقطاعات التي من شأنها أن تلعب دورا هاما في الجهود الرامية إلى تكريس استراتيجية التنويع. وحيال هذا الشأن، قال المسؤول التنفيذي في وزارة الخارجية: “يرغب العديد من الأفراد في الاستثمار، وقد كان الجميع في انتظار كيف؟ ومتى؟ وأين؟ إلى أن ظهرت قضية خاشقجي”. وأفاد الخبراء بأن هذه الأحداث دفعت الرياض إلى الاعتماد بشكل أكبر على المستثمرين المحليين بهدف حشد الدعم لخططها.
من جهته، أكّد وزير المالية السعودي محمد الجدعان أن هذا القطاع يسير على الطريق الصحيح، مشيرا إلى وجود “توافق مذهل بين الحكومة والقطاع الخاص”. لا تزال بعض الشركات تشكو من عدم سداد المدفوعات إلا أن الجدعان يزعم أن الحكومة سددت ما قيمته 160 مليار ريال سعودي أي ما يعادل 43 مليار دولار لفائدة مجموعة من الشركات على مدار السنتين الماضيتين وبقيت تدين فقط بحوالي 9 مليارات ريال سعودي، وهو أمر مشكوك فيه.
رجل يركب دراجة نارية مرورا برسومات جداريّة تشير إلى رؤية 2030 الخاصة بولي العهد.
يقبل الوزير السعودي فكرة أن الإصلاحات سببت “الألم” لرجال الأعمال، لكنه يقرّ في المقابل بأن الشركات “الدينامية” بصدد تحقيق الازدهار، مشيرا إلى أنه “حين يشهد اقتصاد بلدك إصلاحات هائلة فإنه من الطبيعي أن يكون هناك “ألم”، وهو ما أُبلغ به القطاع الخاص بوضوح تام. وهم بحاجة إلى إعادة هيكلة أعمالهم وفق الواقع الجديد”.
خلال الشهر المنقضي، أفاد صندوق النقد الدولي بأن الإصلاحات الاقتصادية “بدأت تسفر عن نتائج إيجابية”، ملقيا الضوء على النمو الذي شهدته القطاعات غير النفطية والزيادة في مشاركة القوى العاملة من النساء. لكن يتسم هذا التقدم بالهشاشة إذ يعتمد بشكل كبير على أسعار النفط والإنفاق الحكومي بقطع النظر عن رؤية 2030 القائمة على تقليص دور الدولة والحد من إدمان المملكة على البترودولارات.
نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.6 بالمئة بصفة سنوية في الربع الأخير من سنة 2018، وهي أسرع وتيرة حقّقها منذ ثلاث سنوات، لكنها كانت نتيجة لمعاملات قطاع النفط في معظمها. في المقابل، حقق الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الخاص غير النفطي نموا بنسبة 1.96 بالمئة.
عموما، سجّل اقتصاد المملكة نموا قدره 2.2 بالمئة خلال العام الماضي بعد الركود الذي عرفه في سنة 2017. ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي، من المحتمل أن يتراجع هذا النمو خلال السنة الحالية ليبلغ 1.9 بالمئة ويبلغ النمو غير النفطي 2.9 بالمئة معتمدا بشكل جزئي على الإنفاق الحكومي العالي. ومع ذلك، لم تحرز الرياض أي تقدم ملحوظ على مستوى الإصلاحات الأخرى على غرار برنامج الخصخصة الذي قطعت وعدا بتطبيقه.
صرّح أحد المصرفيين السعوديين المتقاعدين بأن “استياء بعض الشركات لا يتعلّق بالإصلاحات في حد ذاتها، وإنما بوتيرة الإصلاح المالي وتباطؤ الإصلاح الاقتصادي. ما هو عدد مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟ في الواقع، بإمكانك عدّها على أصابع اليد. وكم عدد عمليات الخصخصة التي اُنجزت بالفعل؟ إنها شبه منعدمة”.
في خضم هذه الاضطرابات، برز الفائزون والخاسرون، كما كانت مجموعة بن لادن، التي مثّلت لسنوات المقاول المفضل للحاكم، تتوسّط هذه الأحداث. وقد تضررت هذه المجموعة من نتائج انخفاض أسعار النفط، وأُعتقل رئيسها في فندق ريتز، بالإضافة إلى أن الحكومة لديها حصة في الشركة. في المقابل، أفاد السكان المحليون بأن نسما القابضة، وهي شركة عمومية أسسها صالح التركي، الذي أصبح رئيس بلدية جدة السنة الماضية، قد فازت بمجموعة من العقود من طرف الحكومة والمشاريع المملوكة من قبل الدولة.
في جدة، العاصمة التجارية التي تحتضن العديد من العائلات البارزة في قطاع التجارة، تعد التناقضات المنجرة عن حكم ولي العهد محمد بن سلمان صارخة. ويقول طرف منحدر من إحدى العائلات الثرية، الذي تعرّض اثنين من أقاربه للاعتقال في حملة الريتز، إن “العديد من التعديلات ألحقت الضرر بمجال العقارات من نواحي عديدة، كما تسبب رحيل عدد هائل من العمال الأجانب في خلق فراغ. علاوة على ذلك، يتركز جميع الأشخاص ذوي النفوذ الواسع في الرياض”.
أرامكو السعودية هي الشركة الأكثر ربحا في العالم، حيث حققت صافي دخل بلغ 111 مليار دولار سنة 2018.
لا يزال هذا المصدر يدعم الإصلاحات، معتبرا أن النموذج الاقتصادي القديم لم يكن مستداما: “لقد كنا ننعم بالدلال، وحققنا عائدات استثمار تتراوح بين 8 و12 بالمئة، وعندما استثمِر في أوروبا تراوحت نسبة العائدات بين 3 و5 بالمئة، والآن منحتني الاستثمارات في السعودية ما بين 5 و7 بالمئة. وقد أصبح هذا الأمر حقيقة سهلة للغاية”.
تطرق رجال أعمال شبان آخرين إلى الفرص المتاحة في القطاعات الجديدة مثل التكنولوجيا والترفيه، بينما أشادوا بالتغييرات التي سمحت للنساء بالقيادة والانضمام إلى المجالات التي كانت فيما مضى حكرا على الرجال. ولم تعد بعض المطاعم تمنع الرجال والنساء غير المتزوجين من الجلوس معا، بينما أصبحت العديد من المقاهي الجديدة العصريّة تشغّل الموسيقى.
في الواقع، اعترف أولئك الذين يهتمون بالتصرّفات المتهوّرة للأمير محمد بن سلمان وقيادته غير المتوقّعة، بأن المملكة كانت في أمس الحاجة إلى الإصلاح لضمان استقرارها، علما بأن 70 بالمئة من سكانها دون سن 35 عاما، بينما تبلغ نسبة بطالة الشباب أكثر من 30 بالمئة. ولكن يمثل أسلوب بن سلمان الاستبدادي مصدر الخوف الأكبر. وأضاف مسؤول أجنبي قائلا: “يعلم العقل أن بعض الشركات التقليدية تفتقر إلى الوقت الكافي، بينما يقول القلب هل يجب أن يكون مؤلمًا للغاية، هل عليهم أن يحنوا رقابنا ويهينونا؟ هل يجب أن يكون الوضع غير إنساني؟”.
تتجلّى هذه المشاعر بين أغلب رجال الأعمال في جدة، التي تقع في منطقة الحجاز الغربية، والتي تبعد سياسيا وجغرافيا عن مركز القوة الأكثر محافظة في الرياض. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الحجازيين كانوا من بين الذين ألقي القبض عليهم خلال حملة مكافحة الفساد في فندق ريتز كارلتون.
المتسوقون في مول الرياض.
في وقت لاحق، أطلق سراح معظم المعتَقلين بعد تحويل أموالهم وأصولهم إلى الدولة، كما أفاد مسؤول تنفيذي غربي بأن المشكلة الأكبر اليوم تتمثّل في انعدام الثقة. وذكر أحد رجال الأعمال في جدة أن “التجارة تعدّ حكرا على الرياض، بينما يعيش الناس في الفقر في ظلّ غياب المساءلة”، كما أنه يتّهم صندوق الاستثمارات العامة “بتبديد أموال الدولة”.
من جهة أخرى، يعدّ دور صندوق الثروات السيادية الذي تبلغ قيمته 300 مليار دولار مثيرا للجدل، إذ يرى البعض أنه ضروري لتطوير قطاعات جديدة، بينما يعتقد البعض الآخر أنه أداة شخصية يستغلّها الأمير محمد بن سلمان لمزاحمة القطاع الخاص. في المقابل، أكّد صندوق النقد الدولي على ضرورة “التعامل بعناية” مع التدخلات الحكومية مشيرا إلى “الدور المتزايد” لصندوق الاستثمارات العامّة.
كما أورد مسؤول تنفيذي في السعودية أن “ولي العهد أخطأ حين اعتقد أن رأسمالية الدولة ستعزِّز الاقتصاد كما هو الحال في الصين وكوريا الجنوبية. والمؤسسة التي تمثل هذه الرأسماليّة هي صندوق الاستثمارات العامة، لكنّ القطاع الخاص كان ضعيفا لأن ولي العهد يعتبره عنصرا طفيليا لا يمكن الوثوق به. ولا تتوقّع من هذه المؤسّسات أن تنصاع لك خلال محاولتك تطهيرها. فالأمر كله يتعلّق بالسيطرة وجلّ ما يريده ولي العهد هو التحكم في أدوات الاقتصاد”.
تكشف هذه المناقشات النقاب عن التحدي الذي لا يزال الأمير محمد بن سلمان يواجهه. وفي هذا الإطار، قال أحد المسؤولين التنفيذيين الغربيين: “نحن بحاجة إلى ما بين 12 و18 شهرًا خالٍ من أي صعوبات ذاتيّة، إلى جانب ظهور بعض المؤشرات الإيجابية، حتى يبدأ الاقتصاد في التحسّن حقًا. ولكن حين أتحدث إلى أطراف من القطاع الخاص، فإنني ما زلت أسمع الكثير من الشكوك من جهتهم”.
المصدر: فاينانشال تايمز