صوّت مجلس الشيوخ الأمريكي بالموافقة على تعيين ديفيد شينكر كمساعد للوزير مايك (بومبيو ) لشؤون الشرق الأوسط، وبذلك يصبح شينكر أول مسؤول – منذ التسعينيات – من خارج جسم وزارة الخارجية، يشغل هذا المنصب، الذي كان يحتفظ به دبلوماسيون محترفون، منضمًا إلى فريق إدارة الرئيس ترامب.
ويأتي تعيينه في الوقت الذي يسعى فيه دونالد ترامب إلى حشد الدعم لقمة البحرين القادمة، حيث من المتوقع أن يكشف كبار المسؤولين الأمريكيين عن الجزء الاقتصادي من “صفقة القرن” التي وضعتها الإدارة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
فيما يعدّ شينكر ثاني مسؤول غير دبلوماسي يعينه ترمب في وزارة الخارجية منذ دخوله إلى البيت الأبيض، وشخصية مقرّبة من “إسرائيل” ومهتم بسياستها كما أن له آراء مختلفة معادية للفلسطينيين والقضية الفلسطينية.
دراسته الأكاديمية وعمله
تخرّج شينكر من جامعة فيرمونت في أمريكا وأكمل دراسة الماجستير من جامعة ميشيغان، كما تخرّج من معهد الجامعة الأمريكية في القاهرة بعد إتقانه اللغة العربية.
وقد أمضى شينكر أربع سنوات في المنطقة العربية في أوائل التسعينيات، لدى الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومقاول مشاريع في مصر والأردن. كما كتب كزميل من عام 2002 إلى عام 2006 في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو مركز أبحاث موالٍ لـ “إسرائيل” في العاصمة الأمريكية، واشنطن. ليتولى لاحقًا منصب مدير برنامج السياسة العربية فيه، حسب رسالة قدمها إلى مجلس الشيوخ خلال مناقشة تعيينه عام 2018.
وعمل المبعوث الجديد في مكتب وزير الدفاع (دونالد رامسفيلد) إبان عهد الرئيس بوش (الابن)، كمدير لشؤون دول الشرق الاوسط، ومساعدًا أعلى في سياسة البنتاغون الخاصة بدول المشرق العربي، كما كان شخصية رئيسية تقدم المشورة حول الشؤون السياسية والعسكرية لسوريا ولبنان والأردن ومناطق السلطة الفلسطينية.
آراؤه وتصريحاته
يعتبر شينكر طالباً نجيبًا لدولة الاحتلال الإسرائيلي وعدوًا لإيران وخططها في الحصول على الأسلحة النووية ومناهضًا لزيادة النفوذ الروسي، إذ قال في جلسة التصديق على تعيينه في مجلس الشيوخ بأنه “سيصرف نظر دول مثل السعودية وقطر ومصر، عن إبرام صفقات أسلحة مع روسيا”، خاصة منظومة «إس- 400» الدفاعية. وسيعمل مع حلفاء أمريكا لصرف نظرهم، أو تشجيعهم على تجنب عمليات شراء أسلحة قد تكون مشمولة بالعقوبات الأمريكية عليهم.
وفي جوابه على سؤال السناتور عما إذا كان مطلعًا على قرار تجميد 200 مليون دولار لـفريق “الخوذ البيضاء” وجماعات إنسانية أخرى في سوريا، ردّ قائلًا: “الإدارة تقوم بمراجعة المساعدات لتحديد ما هو مناسب لها وما هو غير مناسب”. إلا أنه يرى أن فريق “الخوذ البيضاء” يقوم بعمل رائع في سوريا، إضافة إلى مجالس محليّة تسعى لتوفير الظروف المناسبة لمنع عودة “داعش” والجماعات المتطرفة الأخرى.
وأضاف مركّزًا على سياسة أمريكا ضمن خطط إعادة إعمار سوريا محددًا ثلاثة أهداف للتدخل الأمريكي: “إن لدينا قوات في سوريا يعملون مع حلفائنا للقضاء على الجيوب الباقية لـ “داعش” في شرق البلاد. كذلك تعمل قواتنا على تدريب أفراد الأمن المحلي وتدريبهم لنزع الألغام وتوفير الظروف لضمان عدم عودة القاعدة وداعش”. كما ألقى الضوء على أهمية الوجود الأمريكي في سوريا في تقوية يد أمريكا للمواجهة مع روسيا بهدف ترتيب مستقبل سوريا.
أما في الملف النووي الإيراني، فقد قال شينكر إن أولويته ستكون التوصل إلى اتفاق جديد يمنع الانتشار النووي والتطور الصاروخي و “يتعامل مع السلوك الايراني المزعزع للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.
وقد عبّر سابقًا عن رأيه في القضية الفلسطينية كونها جزء من اهتمامه بدولة “إسرائيل”، إذ انتقد فقدان ما يسمى بـ “المعتدلين الفلسطينيين”، قائلًا في مجلة السياسة الخارجية أنه كان هناك “تغير أوسع في السياسة الفلسطينية”. كما كتب عن تشكّل السياسة الديمقراطية بين الفلسطينيين زاعمًا عكسها “آراء متطرفة تتزايد من قبل السكان” وأضاف بأنه لا يزال يؤمن بحلّ الدولتين.
وفي مقابلة له مع موقع The Algemeiner في سبتمبر 2017 ناقش شنكر التهديد المتصوَّر من أنفاق “حزب الله” تحت الحدود الإسرائيلية اللبنانية، مدعياً أن الحرب في لبنان كانت “حتمية”. قائلًا إن الحرب الكاملة مع الجماعة اللبنانية “ليست مسألة كيف ومتى”، ولكن التهديد الذي تشكّله أنفاق “حزب الله” تحت الحدود الإسرائيلية اللبنانية هو ما يفترض أن يكون مصدر خوف لـ “إسرائيل”.
أبرز كتبه ومقالاته
لا يتطلب الأمر بحثاً كبيراً حول إنجازات شينكر، إذ لطالما عُرف بمقالاته وأطروحاته عن سياسة الشرق الأوسط وتاريخها ومتابعته لثورات الربيع العربي وإدلائه آراءً حول أوضاع البلدان العربية اقتصاديًا وسياسيًا قبل وبعد زوال رؤسائها. وقد نشر في هذا السياق عدة كتب أبرزها كتابه حول مصر في عهد حسني مبارك بعنوان: التحديات المستمرة أمام مصر تجسيد البيئة في المرحلة ما بعد مبارك” عام 2011، كما شارك في دراسة خاصة بعنوان:”ما بعد الإسلاميين والمستبدين: آفاق الإصلاح السياسي ما بعد الربيع العربي” مع ثلّة من الباحثين الأجنبيين. وتم نشرها لصالح موقع معهد واشنطن عام 2017. وقد نال كتابه “الرقص مع صدام: التانغو الاستراتيجي للأردن” اهتمامًا كبيرًا من المحللين الأمريكيين.
ينشر شينكر كذلك تحليلات بشكل مستمر عن أبرز الأحداث في الوطن العربي من خلال موقع معهد واشنطن وعدة صحف أخرى مثل “جيروساليم بوست” – المقرّبة من اليمين السياسي الإسرائيلي- متناولًا القضية الفلسطينية ودور أمريكا في لبنان، والمصالح الأمريكية مع الحدود الأردنية السوريّة. فهو كاتب ومحلل نشط منذ عام 2002 وناقد في شؤون دول الخليج.
كما كان له تعليقات عام 2014 بحق عقد كأس العالم 2022 في قطر. مدعيًا أن علاقة الدولة الخليجية بحركة المقاومة الإسلامية “حماس” ستساهم جميعها بالتأكيد في مقتل العشرات من الإسرائيليين الأبرياء”. مضيفًا في مدونة نشرتها صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن ربط كأس العالم حتى بشكل ملموس بقتل الإسرائيليين يضر حتى بفيفا “المشوّهة أخلاقيًا”.
تسبب تعيين تشينكر في هذا المنصب الذي يفترض أن يكون محجوزًا لشخص يقف على مسافة واحدة من الأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط، الكثير من الجدل، إضافة لاستنكار الكثيرين لموقفه المؤيد بشدة لـ “إسرائيل”.