نظرة إلى الوراء، لنتخيل كيف تأقلمت الشعوب في القرن الثامن عشر على ظروف المعيشة في ظل ضعف الإمكانات وعدم انتشار التقنيات والآلات الحديثة التي باتت موجودة في الكثير من المنازل. في عصر ما قبل انتشار التكنولوجيا والتطور السريع الذي نواكبه، وفي ظل عدم توافر أفران أو أدوات مطبخية حديثة للطهي، عاشت شعوب القرن الثامن عشر ليحترفوا فنون الطهي بارتجال في كثير من الأحيان، حيث كان يتمتع الكثير من الأشخاص بمعرفة ومهارة قوية في فنون وأساليب الطهي المتنوعة.
وعلى متن آلة الزمن نصحبكم في جولة سريعة إلى القرن الثامن عشر للتعرف على أغرب وأروع طرق وحيل الطهي التي لجأت إليها شعوب هذا القرن في سبيل الحفاظ على الطعام وطهيه بطريقة آمنة.
أسرار عجيبة
أكياس القماش! نعم ما تقرأه صحيحًا، ففي القرن الثامن عشر كانت أشهر طرق طهي الحلوى في أكياس القماش، وكان الأمر شائعًا جدًا بشكل لا يصدق، حيث كانت الحلوى تُطهى في كيس سميك من القماش ويتم غليها أولًا وتعقيمها قبل الاستخدام، ثم يتم دهنها أو تبطينها بمادة دهنية ووضع جميع مكونات الحلوى بالكيس ولفه جيدًا ويتم غليه لمدة ساعات حتى تنضج الحلوى في غضون سبع ساعات أو أكثر نظرًا لبساطة فكرة الطهي.
التخزين
في القرن الثامن عشر بالتأكيد لم يكن هناك مجمدات أو ثلاجات لحفظ الأطعمة، ولذلك كانت عملية حفظ وتخزين الطعام من الأمور المرهقة آنذاك، فالأغنياء فقط من يمكنهم شحن الجليد بحسب رغبتهم في حفظ نوع ما من الطعام، لكن حتى بين الأثرياء كان الأمر مكلفًا للغاية، ولذلك لجأت شعوب القرن الثامن للتفكير خارج الصندوق بطرق مجدية لحفظ الطعام لوقت أطول، حتى توصلوا إلى فكرة “التجفيف والتخليل” وغيرها من الطرق المثيرة للاهتمام للحفاظ على الطعام لأطول فترة ممكنة دون الحاجة إلى مبردات، مع العلم أن مدة الحفظ لا تتجاوز بضعة أسابيع أو بضعة أشهر على الأكثر.
البهارات
لم يكن إعداد الطعام في القرن الثامن عشر يقتصر على إشعال النيران للطهي، ولكن كانت هناك بهارات أساسية يعتبرها الطاهي مفتاحًا لسر نجاح وصفته، وأشهر تلك التوابل المستخدمة كانت القرفة وجوزة الطيب والملح والفلفل، حيث كانت تطحن تلك الحبوب بواسطة مدقات أو “الهاون”.
الدهون
الشحوم والدهون البيضاء المستخلصة من كلى بعض الحيوانات ذات القوام الصلب كانت المكون الرئيسي للطهي آنذاك، ونظرًا لصلابتها كانت تستخدم بكثرة لإعداد الحلوى لتظهر بشكل متماسك بعد طهيها، ولذلك عند تعرضه للحرارة لفترة طويلة حتى تمام النضج يظل متماسكًا وغير متفتت ومحتفظًا بقوامه، كما أن تلك الدهون تساعد الحلوى على أن تصبح هشة وطرية بدلًا من أن تكون صلبة ليس بها نكهة لمجرد تكونها من الدقيق والماء.
الحلويات
الزبيب وغيرها من الفواكه المجففة والمكسرات كانت أشهر إضافات الحلوى الفاخرة في القرن الثامن عشر، ربما نجد اليوم الكثير من الأطفال والكبار الذين لا يفضلون تناول الحلوى الممزوجة بالفواكه المجففة والمكسرات، ولكن في القرن الثامن عشر، كان الجميع كبار وصغار متيم بمثل هذه الإضافات الرائعة، وكانت تعتبر أحد أشهر وسائل الترفيه في العطلات بتناول الحلوى المغطاه بالمكسرات والفواكه المجففة اللذيذة.
“البيض”
لا يزال البيض أحد أكثر أشكال الطعام شيوعًا، ولكنه موضوع نقاش ساخن، حيث يواصل الباحثون دراساتهم عما إذا كانت فكرة تناول البيض جيدة بالنسبة لنا أم لا، وكم يجب أن نأخذ في اليوم، ومع ذلك، في القرن الثامن عشر، كانت واحدة من أهم المواد الغذائية الأساسية التي يمكن تخيلها، وكان الجميع باستطاعتهم الحصول على البيض، فيدخل في العديد من الطرق التي نتمتع بها اليوم، ومكونًا حاسمًا في جميع أنواع الأطباق اللذيذة والسلع المخبوزة.
ففي القرن الثامن عشر كان البيض ببساطة العمود الفقري للخبز والطهي لفترة طويلة بسبب قدراتهم الرائعة على الطهي، فالمحتوى العالي من البروتين والدهون في مثل هذه البيضة الصغيرة يجعله دائمًا عنصرًا أساسيًا لأي شخص يتطلع إلى البقاء على قيد الحياة، وعلى الرغم من أن الدجاجات قد لا تضع الكثير من البيض في فصل الشتاء، فإنها لا تتوقف عن الإنتاج تمامًا، الأمر الذي أعطى بعض الأسر الفقيرة مصدرًا ثابتًا للغذاء.
أشهر الطهاة
نظرًا لنبوغ وتفوق الشعوب في القرن الثامن عشر في ابتكار وإعداد الطعام بكل احترافية بحسب الإمكانات المتوافرة، ذاع صيت الكثير من أكبر الطهاة في العالم بإصدار البعض منهم لكتب تحوي أسرار الطهي في هذا العصر، ومنهم: كتاب The Art of Cookery Made Plain and Easy، للكاتبة Hanna Glasse، كتاب “فن الطهي” L`art du Cuisinier: لأنطوان بوفيليرز الذي افتتح أول مطعم بارز في باريس، و”نيقولا أبيرت” من أبرز الشخصيات الفرنسية الملهمة في المطبخ، الذي تمكن من اكتشاف وابتكار طرق جديدة لحفظ الطعام وتخزينه.