ترجمة وتحرير نون بوست
على الرغم من التوقعات غير الواقعية التي لدينا عن أنفسنا (أو عن غيرنا)، إلا أننا جميعًا نرتكب بعض الأخطاء المتكرّرة التي قد تكون فادحة في بعض الأحيان. وإذا كنت تعيش حياة جريئة ومليئة بالإبداع تمكّنك من الاندماج مع العالم بطريقة تجعلك تحقق أقصى استفادة من تجاربك، فقد يكون من الصعب أن تتخيل حياتك دون اقتراف الأخطاء، علما بأن تلك الأخطاء لا تحدد هوّيتنا. فما هو سرّ التعامل مع أخطائك بالطريقة الصحيحة؟
عندما تؤثر أخطاؤك على الآخرين، فإن مجرد قبول حدوث هذه الأخطاء والمضي قدما لا يكفي، نظرا لأن الاعتذار الجيد من شأنه أن يساعد في عكس بعض الأضرار التي حدثت، ومنع تدهور العلاقة أيضا. وعلى الرغم من أن معظمنا قد تعلّم الاعتذار منذ الصغر، إلا أن الكثير منا يغفل عن فائدة الاعتذار الفعّال. فيما يلي، بعض النصائح الرئيسية التي يجدر بك اعتمادها.
- كن واضحًا بشأن الأخطاء التي تعتذر عنها
في حال كنت تعرف أن شريكك غاضب منك، ولكنك غير متأكد من السبب، فقد تميل إلى تقديم اعتذار شامل من أجل المضي قدمًا (“يبدو أنك غاضب حيال شيء ما؛ وأنا آسف على ما بدر مني”). ولكنك بهذه الطريقة تفوّت فرصة التعبير عن تفهمك لما فعلته وكيف آذيت الطرف المقابل مما يضيّع الهدف الكامل للاعتذار. أما قول عبارات من قبيل “أنا آسف لأنك غاضب” أو “أنا آسف إن كنت فهمت قصدي بالخطأ”، فإنه ليس اعتذارًا حقيقيًا عن سلوكك. وهذا لا يعني الابتعاد عن هذه الاعتذارات، ولكن إذا كان المطلوب في هذه الحالة هو الاعتذار الحقيقي عن بعض التصرفات المحددة، فمن المرجّح أن هذه الاعتذارات ليست البديل المناسب.
- لا تُضف الشروط التي لا حاجة لها
مع الاعتذارات التي تلي موقفا مثيرا للجدل، غالبًا ما نشعر بالحاجة إلى حماية أنفسنا من خلال الحد من اعتذارنا عبر فرض بعض المعايير المحددة أو الشروط. وقد يميل بعضنا أيضًا إلى تقديم اعتذار جزئي، وانتظار اعتذار في المقابل. وفي هذه الحال، كن حذرًا من مثل هذا التصرّف، وكن على وعي بأن إضافة العديد من الشروط إلى اعتذارك سيفقده معناه الحقيقي. فقول “أنا آسف لأنني قلت هذا الشيء، ولكن ما كنت لأغضب لو لم تكن قد فعلت ما فعلته” من شأنه أن يصعّد النقاش ويجعلك تبدو كما لو أنك غير آسف على الإطلاق.
إن شرح سبب قيامك بشيء ما يمكن أن يساعد أحيانًا الشخص الآخر على فهم ما حدث، ولكن هناك خطّ رفيع يفصل بين الشرح وتقديم الأعذار لتبرير سلوكك
- يجب أن يكون اعتذارك تلقائيا: لا تعتذر للحصول على ما تريد
قد يكون الاعتذار في هذا السياق وسيلة تواصل مفيدة لإصلاح العلاقة وفهم نفسك وفهم الآخرين بشكل أفضل. ومع ذلك، لا ينبغي أن تستغلّ هذا الاعتذار كوسيلة للحصول على شيء كنت ستخسره بسبب تصرّفك السيء. والاعتذار الذي يحتوي على الجملة التالية “دعنا نتجاوز هذا الأمر”، من شأنه أن يخاطر بإلحاق ضرر عوضا عن الفائدة. وعندما تستعد للاعتذار، اسأل نفسك: هل هذا الاعتذار مفيد لوحده؟ أم أنني أراه وسيلة للحصول على ما أريد؟ من الطبيعي أن تأمل حقا في الحصول على بعض النتائج الإيجابية بفضل هذا الاعتذار، ولكن يجب أن تتحقق هذه النتائج من تلقاء نفسها، لا أن تكون جزءًا من مقايضة.
- ضرورة التفريق بين الشرح والتبرير
إن شرح سبب قيامك بشيء ما يمكن أن يساعد أحيانًا الشخص الآخر على فهم ما حدث، ولكن هناك خطّ رفيع يفصل بين الشرح وتقديم الأعذار لتبرير سلوكك. “أنا آسف لما قلته؛ لقد كنت غاضبًا ولم أتعامل مع الوضع بشكل جيد. لقد سمحت لعواطفي بأن تسيطر علي تصرّفاتي، وهذا هو السبب في أنني وبّختك”، قد يكون هذا الاعتذار الأفضل، مقارنة مع قول: “أنا آسف لقول ذلك. لكنّ تصرّفاتك تثير غضبي في بعض الأحيان لدرجة أنني لا أستطيع التحكم في سلوكي”.
- التعبير عن الندم مع التعاطف
إن الاعتذار أكثر من مجرد كلمات، فهو يتعلق بلغة الجسد ونبرة الصوت أيضا. وفي كثير من الأحيان، قد تكون الكلمات موجودة، لكن التعاطف والندم ليسا واضحين. ويشبه هذا الأمر الاعتذار الذي تقدّمه طفلة تبلغ من العمر ثماني سنوات وهي تصرخ بينما تسير مبتعدة، أو تقديم أحد السياسيين بيانًا صحفيًا سطحيًا حول الأخطاء التي ارتكبت في السابق دون إبداء أي ندم حقيقي. إذا كنت لا تشعر بالندم الفعلي أثناء الاعتذار، اسأل نفسك عن سبب قيامك بذلك، وما إذا كان ما تعتذر عنه مجرّد مهزلة.
لا ينبغي أن يتمحور الاعتذار حولك أنت فقط، بل يجب أن يتعلّق بمشاعر الشخص الذي توجّه إليه هذا الاعتذار
- احرص على أن لا يتكرّر هذا الأمر مرة أخرى
لقد عملت مع العديد من الأشخاص الذين تدور علاقاتهم حول حلقة متواصلة من إيذاء بعضهم البعض والاعتذار، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية التي تفقد الاعتذار “الجيد” فائدته، فالكلمات لا فائدة منها تقريبا في حال لم تتوافق مع الأفعال. وكما يقول المثل، “إن أفضل اعتذار هو تغيير السلوك”. وبالتالي، عليك أن تشرح في اعتذارك ما الذي تنوي فعله بالتحديد لتجنّب ارتكاب الخطأ ذاته من جديد، حتى يستعيد الطرف الآخر ثقته فيك ويطمئن إلى أنه لن يكون مضطرا إلى تحمل هذا الوضع مرة أخرى.
- تقبّل الإصلاح وإجراء المزيد من التغييرات
قد لا تكون الكلمات، حتى الجيدة منها، كافية لإصلاح العلاقة والمضي قدمًا. وربما يكون هناك إجراء تصحيحي يجب اتباعه أو بعض الرسوم اللوجستية أو حتى المالية التي يجب دفعها. عليك أن لا تفترض أن التعبير عن الأسف لوحده كافٍ، في حين أن ما يحتاجه صديقك حقا هو بعض المساعدة للتخفيف من أضرار الموقف الذي كان لك طرف فيه.
- الاستماع
لا ينبغي أن يتمحور الاعتذار حولك أنت فقط، بل يجب أن يتعلّق بمشاعر الشخص الذي توجّه إليه هذا الاعتذار. وفي الواقع، إن اختيارك للاعتذار في المقام الأوّل يوضح حقيقة اعترافك بارتكاب خطأ في حقّ ذلك الشخص، وهو ما يعني أن مشاعره لا تقل أهمية عن مشاعرك. ونظرا لما سبق، حاول أن لا تنشغل بكلماتك الخاصة بحيث تنسى الاستماع إلى كلماتهم.
المصدر: سايكولوجي توداي