بعد قرابة العام من عزل الرئيس المصري (محمد مرسي)، أظهرت نتائج استطلاع الرأي الأخير الذي قام به مركز بيو لاستطلاعات الرأي العالمية (Pew Research Center) أن أغلبية المصريين غير راضيين بالاتجاه الذي تسير فيه بلدهم (بنسبة 72%) وذلك قبل أيام من إجراء انتخابات رئاسية مثيرة للجدل.
فحسبما يذهب الاستطلاع، حظيت عملية عزل مرسي العسكرية، في الثالث من يوليو الماضي، بانقسام متساو تقريباً في آراء المصريين. إذ لم تؤيدها سوى أغلبية طفيفة (54% من المصريين) بينما عارضتها جموع أخرى بنسبة (43%).
وبالرغم من أن الرئيس القادم بشكل شبه مؤكد ومحسوم، حسبما يذهب الاستطلاع، هو الجنرال السابق (عبد الفتاح السيسي)، وهو الشخص الأكثر نفوذاً في مصر منذ الإطاحة ب (مرسي). إلا أن الاستطلاع الأخير للمفارقة يوضح أن شعبيته محدودة. إذ يحظى (السيسي) بتأييد (54%) فقط من المصريين، بينما يعارضه (45%) من الشعب، وهو التقييم الذي يختلف جذرياً عن الكثير من التقارير الإعلامية في مصر طيلة العام الماضي.
أما عن المعزول (محمد مرسي) فإن الاستطلاع يوضح انخفاض شعبيته من (53%) بالعام الماضي، إلى (42%) حالياً. وبالرغم من ذلك فإن (مركز بيو) القائم على الاستطلاع يؤكد على حقيقة أن 4 من أصل كل 10 مصريين لا يزالوا يحتفظون بشعور إيجابي تجاه الرئيس القابع في السجن حالياً، وهو الأمر الذي يعتبره قد يشكل مفأجاة ودهشة كبيرة للكثيرين، خصوصاً مع الحملة الأمنية القوية التي تشنها الحكومة الحالية على جماعة (الإخوان المسلمين).
ويظهر الاستطلاع انخفاضاً حاداً في ثقة وشعبية أغلب الفواعل السياسية ومؤسسات الدولة المصرية، فالجيش أو المؤسسة العسكرية في مصر، والتي لطالما كانت المؤسسة الأقوى والأكثر شعبية، أوضح مركز بيو، أنه في استطلاعاته المختلفة للرأي العام المصري، أنه حظي في عام 2011 عام اندلاع الثورة، وعقب أيام من الإطاحة بالرئيس المخوع (حسني مبارك) على 88% من رضا المصريين في مقابل 11% غير راضين عنه. وهو ما انخفض العام الماضي ليصل إلى 73% راضين عن دوره، مقابل 24% ينظرون بسلبية إلى هذا الدور. وقد تعاظمت تلك النظرة السلبية خلال الشهور الأخيرة لتصل إلى 45%، مقابل 56% فقط نسبة رضاء الشعب المصري عنه، في سقوط مريع خلال 3 سنوات فقط (أكثر من 34% زيادة في النظرة السلبية لدور الجيش المصري).
وقد انخفض أيضاً الرضا عن دور (القضاء المصري) ليصل إلى 41% من الشعب يشعر بالرضا نحوه في مقابل أغلبية (58%) تقيّم دوره بالسلب، وغير راضية عنه. وهي النتيجة العكسية تماماً لاستطلاعات المركز للعام الماضي، إذ كان (58%) من المصريين يشعرون بالرضا تجاه القضاء، بينما 41% فقط لا يشعرون بالرضا عنه. ويرجع المركز تفسير ذلك إلى الأحكام القاسية والمثيرة للجدل التي أصدرها القضاء المصري طيلة العام الماضي.
ولم تكن القوى والرموز المدنية والشبابية استثناءاً من حالة انخفاض نسبة الرضاء العام في مصر، فعلى سبيل المثال، انخفضت نسبة الرضاء عن الدكتور (محمد البرادعي) الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي دعم خلع وعزل كل من (مبارك) و(مرسي)، من (57%) في 2011 إلى 27% الآن!
كما انخفضت نسبة الرضاء عن حركة (6 أبريل) الشبابية التي كانت من ضمن أبرز المتصدرين في ميدان (التحرير) للإطاحة ب(مبارك) وبفاعليات مختلفة قبل اندلاع الثورة. انخفضت من (70%) في 2011 إلى (48%) الآن.
أما عن (حمدين صباحي) القيادي الناصري واليساري المعارض، والمرشح الرئاسي الوحيد في مواجهة وزير الدفاع السابق (عبد الفتاح السيسي). فقد انخفضت شعبيته ونسبة الرضا عنه إلى 35% فقط من المصريين، بعد أن كانت 48% في العام الماضي 2013.
وفي المجمل العام، أظهر الاستطلاع تزايد السخط وعدم الرضا العام لدى المصريين، إذ أن الأغلبية العظمى منهم بنسبة (72%) غير راضية عن الاتجاه الذي تسير بلدهم إليه، في مقابل (24%) فقط راضين، وبهامش خطأ إحصائي من 3 – 1. ويؤكد المركز على أن عدم الرضاء العام، كان أصلاً مرتفعاً في العام الماضي (62%) من المصريين، ويضيف حقيقة مدهشة، أن نسبة عدم رضاء أغلبية الشعب المصري حالياً، كانت هي نفسها، في عهد (مبارك) وقبل اندلاع الثورة المصرية بقليل!
جاءت هذه النتائج وفقاً للتقرير الذي أصدره مركز بيو لاستطلاعات الرأي العالمية (Pew Research Center) بالأمس، والذي قام فيه بعرض نتائج الاستطلاع الأخير لرأي المصريين، والذي أجراه منذ العاشر من أبريل/ نيسان الماضي إلى التاسع والعشرين من نفس الشهر 2014. وقد تم من خلال استطلاع عينة عشوائية تبلغ ألفاً من المبحوثين في مختلف أرجاء مصر، وتمت المقابلة معهم وجهاً لوجه.
ويعتبر مركز بيو لاستطلاعات الرأي العالمية (Pew Research Center)، مركزاً مستقلاً تأسس في عام 2001 ب (واشنطن) عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية. وتخصص منذ انطلاقه في القيام باستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، وفي العديد من البلدان الأخرى، لتقديم الدعم للباحثين والصحفيين وصناع القرار. ومن حينها وحتى الآن، قام المركز بأكثر من 330 ألف مقابلة خلال 60 دولة لتسليط الضوء على الرأي العام الدولي في العديد من القضايا الهامة، من ديموقراطية، وعولمة وإرهاب، والسياسة الخارجية الأمريكية وتأثيراتها على وجه الخصوص.