كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” في يونيو 2019 أن كل ساعتين تموت أم وستة مواليد في اليمن بسبب نقص الخدمات الصحية، فمع اقتراب العالم من الذكرى الـ30 لاتفاقية حقوق الطفل لا يزال أطفال اليمن يتحملون تفاقم الوضع الإنساني الذي يزرح تحت وطأة الحرب المستمرة بقيادة السعودية في اليمن.
قالت اليونيسف إن سنوات النزاع المسلح في اليمن أدت إلى تدهور وضع الأطفال والنساء في بلد كان بالفعل من أفقر بلدان الشرق الأوسط وأحد أفقر بلاد العالم حتى قبل تصاعد الحرب في أوائل عام 2015، وأضاف تقرير اليونيسف أن أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية والجوع والأوبئة وذلك منذ بدء الحرب الأهلية في اليمن وتدخل السعودية، حيث فرض التحالف السعودي حصارًا على الموانئ اليمنية بحجة منع الحوثيين من استيراد الأسلحة وكان لذلك تأثير شديد على اليمن الذي يستورد أكثر من 90% من طعامه.
التحول بدءاً من عاصفة الحزم
في 11 من فبراير 2011 خرج الشعب اليمني ثائرًا كغيره من شعوب بلاد الربيع العربي مطالبًا برحيل الرئيس علي عبد الله صالح، حينها وقّع صالح اتفاقًا في الرياض بموجبه نُقلت السلطة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي وذلك في نوفمبر 2011، ووسط العديد من الإشادات بسلمية الثورة اليمنية تحولت الأمور بعد توقيع الاتفاق إلى المواجهات المسلحة وذلك بسبب رفض سياسات هادي التي اعتبرها الحوثيون فاسدة، وعليه اقتحم الحوثيون في أغسطس مدينة صعدة ودرات مواجهات مسلحة مع القوات اليمنية أسفرت عن سقوط عدد من القتلى.
في مارس 2015 بدأت السعودية عاصفة الحزم وذلك عبر إنشاء تحالف عربي من أجل دعم القوات اليمنية ضد الحوثيين، وفي 26 من مارس بدأت أولى غارات التحالف العربي على معاقل الحوثيين وبدأت معها معاناة اليمنيين التي لم تنته حتى الآن
استمرت المواجهات المسلحة بين الحوثيين والقوات اليمنية الحكومية حتى تمكن الحوثيون من السيطرة على صنعاء في سبتمبر 2014، وهنا اعتبرت السعودية سيطرة الحوثيين الشيعة على صنعاء محاولة إيرانية لترسيخ نفوذها في منطقة الشرق الأوسط وهو الأمر الذي اعتبرته تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.
في مارس 2015 شنت السعودية عاصفة الحزم وذلك عبر إنشاء تحالف عربي من أجل دعم القوات اليمنية ضد الحوثيين، وفي 26 من مارس بدأت أولى غارات التحالف العربي على معاقل الحوثيين وبدأت معها معاناة اليمنيين التي لم تنته حتى الآن، فخلال عام 2017 وصف ستيفن أوبراين المسؤول عن العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة الوضع في اليمن بأنه “الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم” وهو الأمر الذي أكده مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في فبراير 2019.
الغذاء أضحى سلاح حرب في اليمن
حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة في بيانها الصادر عن السيدة هنرييتا هـ. فور المديرة التنفيذية لليونيسف من استخدام السعودية للغذاء كسلاح حرب وهو الأمر الذي يتجلى في إحكام سيطرتها على الموانئ الحربية، وقالت اليونسيف إن اليمن يعاني انهيارًا كبيرًا في خدمات المياه ومعالجة ماء الصرف الصحي بسبب ارتفاع أسعار الوقود وانهيار العملة الوطنية مما أدى إلى اضطرار الأطفال لشرب الماء الملوث وما صاحب ذلك من انتشار للأمراض وزيادة سوء التغذية.
أنهكت الحرب المستمرة في اليمن الشعب صغاره قبل كباره، إذ يخيم شبح مجاعة الأطفال بشدة على الوضع الحاليّ
وفي سياق متصل أعلنت منظمة “سيف ذي تشيلدرن” البريطانية أن أكثر من 85 ألف طفل ماتوا من الجوع في اليمن منذ 2015 وحتى الآن، وهذا بخلاف ضحايا تفشي وباء الكوليرا الذي تسبب في وفاة 2500 طفل، كما تم الإبلاغ عن الاشتباه في إصابة أكثر من مليون طفل آخر وذلك حسب تصريحات منظمة الصحة العالمية.
تحذير من وقف مساعدة أطفال اليمن
في 18 من يونيو 2019 حذر ديفيد بيزلي المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن المنظمة ستوقف مساعداتها الغذائية إلى اليمن بسبب استمرار سرقة تلك المساعدات من المحتاجين، ووجه بيزلي أصابع الاتهام بالسرقة الذي قدمه في طلب إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك إلى جماعة الحوثي والقوات اليمنية الحكومية.
وأضاف بيزلي أن أطراف الصراع في اليمن لا يحولون المساعدات الغذائية إلى مستحقيها وهو الأمر الذي أكدته إليزابيث راسموسن نائبة الرئيس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي حين قالت في مؤتمر الرياض: “اليمن يقف على حافة المجاعة، والكوليرا تعمق أزمة الغذاء، والغذاء أصبح يستخدم كسلاح حرب”.
الجريمة التي ترتكب في حق أطفال اليمن لا يتورط فيها أطراف الصراع فحسب ولكن هناك دولاً كبرى مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا تشارك في إطالة أمد الصراع وذلك من خلال صفقات الأسلحة
الحقيقة أن مسألة المساعدات لا تقتصر على عدم وصولها إلى مستحقيها، فقد ذكر مارتن غريفيثز مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن أن مخازن الحبوب التابعة لبرنامج الأغذية العالمي والموجودة في المطاحن المطلة على البحر الأحمر لا يمكن الوصول إليها منذ أكثر من خمسة أشهر ومعرضة لخطر التعفن، ولا يوجد إلا حل وحيد للوصول إلى تلك الحبوب التي يمكنها أن تكفي لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر وهذا الحل هو تنفيذ وقف إطلاق النار وسحب القوات من الحديدة لايجاد طريقة من أجل الوصول لمخازن الحبوب، وأضاف غريفيثز في بيان له أن عملية الوصول للحبوب وتسليمها إلى مستحقيها مسؤولية مشتركة لطرفي النزاع.
القضاء على جيل من الأطفال
أنهكت الحرب المستمرة في اليمن الشعب صغاره قبل كباره، إذ يخيم شبح مجاعة الأطفال بشدة على الوضع الحاليّ، فوفقًا لبرنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة فاليمن على مشارف مجاعة حتمية للأطفال بنهاية عام 2019، فوفقًا للأمم المتحدة فإن ثلاثة أرباع سكان اليمن يحتاجون مساعدة غذائية بينهم 14 مليون دخلوا بالفعل حالة المجاعة، وإذا استمرت هذه الأرقام في التصاعد وطال أمد الصراع فإن جيل الأطفال الحاليّ سيموت بالكامل.
الجريمة التي ترتكب في حق أطفال اليمن لا يتورط فيها أطراف الصراع فحسب ولكن هناك دولاً كبرى مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا تشارك في إطالة أمد الصراع وذلك من خلال صفقات الأسلحة، فمنذ بداية الحرب في عام 2015 بلغت قيمة حصة بريطانيا من تراخيص بيع السلاح نحو 5 مليارات يورو، ولا يقتصر الأمر على صفقات السلاح ولكنه يتمد ليصل إلى توفير الوقود اللازم لشن الغارات التي بلغ عددها أكثر من 19 ألف غارة في 4 سنوات وجه ثلثها إلى أهداف غير عسكرية وأدت لمقتل 50 ألف مدني.
تأتي فرنسا في المرتبة الثانية لبيع السلاح للسعودية حيث قفزت قيمة مبيعاتها خلال الفترة الزمنية 2012-2017 من 400 مليون يورو إلى 1.3 مليار يورو، يُذكر أن ألمانيا كانت تورد أيضًا سلاحًا للسعودية ولكنها قررت وقف بيع الأسلحة وذلك بعد جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ولكن شركة السلاح الألمانية “راينميتال” قررت التحايل على القرار الحكومي وذلك من خلال تصنيع سلاحها في شركات تابعة لها في إيطاليا وتوريده سرًا إلى السعودية.