في السنوات الأخيرة، أدى تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي في البلدان العربية إلى تدني المستوى المعيشي ونقص متطلبات الحياة بشكل عام، مما أثر على الفئة الشبابية بشكل خاص، تعليميًا واقتصاديًا، الأمر الذي دفع الشباب إلى الهجرة عن أوطانهم طلبًا لمستقبل أفضل على جميع الأصعدة التي تهم هذه الفئة العمرية، فكانت تركيا محطةً مركزية لكثير من الشباب العرب الذين يريدون إكمال دراستهم وتعليمهم.
في آخر سنتين ازداد عدد الطلاب الأجانب القادمين إلى تركيا، خاصةً أنها تسعى لتوفير مناخ جيد للطلاب القادمين، فيكسبون دراستهم وتستفيد منهم في نشر ثقافتها ولغتها وتسوق لتعليمها العالي الذي ظل راكدًا لسنوات ما قبل عام الـ2002، لتأتي موجة الهجرة الكبيرة من العالم العربي وتساهم في أن يحط الطالب العربي رحاله لدى الجامعات التركية العديدة.
يقدر عدد الجامعات التركية في آخر إحصائية رسمية بـ202 جامعة موزعة في كل الولايات التركية، وكان عددها عام 2002، 76 جامعة فقط، وذكر تقرير لوكالة الأناضول أن عدد الطلاب الأجانب في البلاد كان قبل سبع سنوات ما يقرب من 25 ألفًا، ليزداد في العام الماضي 2018 إلى 125 ألف طالب، مشيرًا إلى أن نصفهم يدرسون في جامعات خاصة.
فرص ومنح دراسية
تتيح تركيا للطلاب الأجانب في موعد التقديم للجامعات الحكومية عدد مقاعد معين موزع على الكليات، وفي حديثه لـ”نون بوست” يقول سعيد السقا الاستشاري في الخدمات الطلابية وطالب في جامعة إسطنبول: “لايوجد إلى الآن إحصائية واضحة بعدد المقاعد المقدمة من الحكومة، إلا أنه وفي هذا العام يوجد وعود كثيرة من الجامعات بزيادة نسبة قبول الطلاب الأجانب”، وأشار السقا إلى أن الرسوم الجامعية للأجانب في الجامعة الحكومية منخفضة مقارنةً بالبلدان الأخرى، حيث تتراوح الأقساط بين الـ200 دولار إلى الـ1000 دولار في الفصل.
وتقدم وزارة التعليم العالي التركية منحة كل عام للطلاب الأجانب، وتوفر لهم مميزات تؤهلهم للعيش بشكل جيد حال تم قبولهم في المنحة. وتعتبر المنح التركية من أشهر برامج المنح حول العالم، كونها تغطي البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ويستفيد من هذه المنحة سنويًا ما يقارب 4000 طالب من مختلف البلدان، وتشمل السكن ومرتبًا شهريًا إضافة للتأمين الصحي لتلقي العلاج.
الطلاب من البلدان “سورية ومصر واليمن”، يستطيعون في حال انقطاعهم عن جامعاتهم في بلدانهم إكمال الدراسة في تركيا، فقط بإحضار أوراقهم من الجامعة التي كانوا يدرسون بها
وللطالب الأجنبي في تركيا ميزات الطالب التركي ذاتها، فيحق له إخراج إقامة طلابية لسهولة تنقله في حال السفر، وتخفيضات كبيرة على المواصلات وتخفيضات كبيرة لأماكن الطعام المخصصة في الجامعات، ويمكنه استصدار بطاقة لزيارة المتاحف بشكل مجاني، ويقول السقا: “الطالب يستطيع دخول الجامعة بواسطة شهادة الثانوية بشكل مباشر لما يقرب من ربع الجامعات، ويتطلب للباقي امتحانات تحضير القبول كاليوس والسات”.
أما بالنسبة للطالب الذي يأتي دون شهادة ثانوية من بلده، فخياره متاح وسهل، فيستطيع التقدم للثانوية التركية الحرة “التعليم المفتوح”، وهي عبارة عن نظام ساعات محددة حسب المستوى الدراسي الذي وصل إليه في بلده، من جهته يقول السقا: “يكون التقدم لهذه المرحلة عبر تقديم دورات امتحانية مدة كل دورة 4 شهور، وعندما يتم امتحاناته تخوله هذه الشهادة الدخول إلى بعض الجامعات الحكومية، وعند تحصيله امتحان قبول الأجانب تزيد فرص الطالب بجامعات أكثر”.
والطلاب من البلدان “سوريا ومصر واليمن”، يستطيعون في حال انقطاعهم عن جامعاتهم في بلدانهم إكمال الدراسة في تركيا، فقط بإحضار أوراقهم من الجامعة التي كانوا يدرسون بها، ويذكر السقا أن الطلاب السوريين معفيون من الرسوم الجامعية بشكل كامل عكس باقي الطلاب الأجانب، مضيفًا أن الطلاب العرب يحتلون نسبة 60% من عدد الطلاب الأجانب في هذا البلد.
الاستكمال في تركيا
تميز وإبداع
يستمر الطلاب العرب والأجانب بالتميز والتفوق على أقرانهم الأتراك، ففي السنوات الماضية حصدوا العديد من المراكز الأولى في بعض الجامعات، ويأتي الطلاب السوريون بمراحل متقدمة ويثبتون حضورهم في هذه الجامعات، فقد استطاع الكثير منهم أن يقدّموا نموذجًا جيدًا، على مختلف مستويات التعليم ابتداءً من المرحلة الابتدائية وصولًا للجامعة والدراسات العليا، نموذج باتت تحتاجه الجالية السورية في تركيا كثيرًا وسط هجوم أطياف من المعارضة التركية على وجودهم هناك، وإثارة العديد من الإشكاليات والتعميم، بسبب أخطاء يرتكبها بعض السوريين.
يقول السقا: “الطلاب السوريون يثبتون أنفسهم رغم كل المعوقات التي تحيط بهم، وهذا ما يعتبر نقلة نوعية بالنسبة لصورة السوريين بشكل عام في البلاد”، مؤكدًا أن العديد من الطلاب العرب في هذه السنة والسنوات الماضية حصلوا على مرتبة الشرف العالية تخرجوا بأعلى النتائج والمعدلات.
إبراهيم روتو حاز على المرتبة الأولى في فرع الهندسة الجيولوجية بكلية الهندسة بجامعة فان التركية
هيئات طلابية
رغم كل الفرص والمنح المتاحة للطالب العربي في تركيا، لم يكن هناك جسم جامع لهم، فيرغب الكثير ممن يدرسون في تركيا أن يكون لهم ملتقى يناقشون به ما يواجهونه من صعوبات أو حتى بعض الرعاية في أمور عدّة، وعلى الرغم من ندرة هذه الملتقيات، يوجد اتحاد تحت مسمى “اتحاد الطلاب اليمنيين”، ويضم جميع الطلبة اليمنيين، وينبثق عنه أفرع في 26 ولاية تركية.
من فعاليات الاتحاد الطلابي اليمني في تركيا
ويمثل هذا الملتقى الطلابي العربي نموذجًا فريدًا بما يفعله من نشاطات ولقاءات، من جهته يقول محمد السيد مقرر الرقابة في الاتحاد لـ”نون بوست”: “يمثّل اتحاد إسطنبول الهيئة التنفيذية الكبرى للاتحاد، حيث يضم أكثر من 700 طالب وطالبة من مختلف المراحل التعليمية (بكالوريوس وماجستير ودكتوراه)”، مضيفًا “تتفرع عن هذا الاتحاد لجان متعددة مثل اللجنة الاجتماعية والإعلامية ولجنة العلاقات واللجنة المالية، حيث تتم فيه كل سنتين انتخابات طلابية، يختار فيها الطلاب من يمثلهم”.