ترجمة حفصة جودة
قبل بدء “ورشة العمل الاقتصادية” لإدارة ترامب في البحرين، اعترف جيسون غرينبلات مبعوث الشرق الأوسط مؤخرًا بما توقعه الكثيرون: سيتم تأجيل الكشف الكامل عن خطة السلام الأمريكية مرة أخرى بسبب الانتخابات الإسرائيلية المعلقة.
قال غرينبلات في لقاء مع جورازليم بوست: “إذا أردنا أن ننتظر تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فمن المنطق أن ننتظر حتى 6 من نوفمبر على الأقل”، هذا التأخير المتكرر يستمر في طرح التساؤلات عن محتوى الخطة، لكن اعتقد أنه من الأفضل الانتباه لكلمات الباحث خالد الجندي في معهد بروكينغز الذي قال إن الخطة لن يتم إطلاقها لكنها الآن قيد التنفيذ.
ضربة للبيت الأبيض
منذ تنصيب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة رفض البيت الأبيض دعم حل الدولتين ونقل السفارة الأمريكية للقدس ورفض نقض شرعية المستوطنات غير القانونية وأوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن دعم اللاجئين الفلسطينيين، كما تسعى الإدارة الأمريكية أيضًا لإعادة تعريف وجود هؤلاء اللاجئين، ولا تنفك عن الاحتداد مع مسؤولي السلطة الفلسطينية.
“إن اختيار شعبنا واضح وحازم وسوف نحبط أي مؤامرة”
لذا لا عجب أن السلطة الفلسطينية قررت رسميًا مقاطعة ورشة العمل الاقتصادية التي تستضيفها البحرين، وهي خطوة تدعمها الفصائل الفلسطينية بشكل واسع، كان قرار المقاطعة الذي اتخذته السلطة الفلسطينية ودعوتها الآخرين لذلك قد لعب دورًا مهمًا في تحول الورشة إلى كيان تافه أكثر مما كانت عليه منذ البداية.
قالت رويترز: “عندما تم الإعلان عن مؤتمر البحرين الشهر الماضي، اقترح المسؤولون الأمريكيون بشكل سري حضور الحكومة الإسرائيلية للمؤتمر، حيث إنه سيكون فرصة لبعض دول الخليج و”إسرائيل” للظهور في العلن بعد الاتصالات السرية التي نمت في السنوات الأخيرة، خاصة في الشؤون الأمنية بخصوص عدوهم المشترك إيران”.
والآن بدأ الحدث مع غياب المسؤولين الإسرائيلين وكذلك الفلسطينيين، مما يشكل ضربة قوية للبيت الأبيض، فقبل أيام من الحدث أكد فقط وزراء المالية في السعودية والإمارات حضورهم بالإضافة إلى المسؤولين الأمريكيين والمضيفيين البحرينيين.
اختيار شعبنا واضح
عبّر نبيل أبو ردينة المتحدث الرسمي للرئيس الفلسطيني محمود عباس عن رضاه بتأثير تلك المقاطعة وقال إن مصير اجتماع البحرين يثبت أن واشنطن لا تستطيع ولن تنجح بمفردها في تحقيق أي شيء، وأضاف أبو ردينة أن السلطة الفلسطينية سوف تحبط أي مؤامرة أو ورشة عمل أو اجتماع وقال: “اختيار شعبنا واضح وحازم وسوف نحبط أي مؤامرة”.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس يتحدث في رام الله
رغم أنه مجرد قتال بالكلام، فإن ورشة البحرين لم تؤت ثمارها، ومع عدم حضورها قوضت السلطة الفلسطينية من مصداقية الحدث، لكن رفض المشاركة يختلف كثيرًا عن اتخاذ إستراتيجية استباقية مضادة، هذا الاختلاف هو الأكثر أهمية في ضوء الحقيقة التي تقول إن ترامب ينفذ خطته بشكل عملي مع أو من دون الإطلاق الرسمي.
ومع ذلك، فليس واضحًا كيف ترى القيادة الفلسطينية مستقبلها، فهناك رغبة واضحة في عقد مؤتمر دولي ما ورغبة في إجراء محادثات مباشرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ظل ظروف مناسبة.
يقول الصحفي الفلسطيني داود كتاب إن بعض القادة الفلسطينيين يأملون في مرور الوقت حيث يبدأ موسم الانتخابات الأمريكية لعام 2020 بعد عدة أشهر قليلة من توجه الإسرائيليين لصناديق الاقتراع في منتصف سبتمبر، وتشير بعض التقارير إلى رغبة السلطة الفلسطينية في تعزيز تعاون سياسي يهودي عربي في “إسرائيل” بما في ذلك دعم حزب ميريتس.
قرار صعب
لا شيء مما سبق يمنحنا الثقة، على الأقل بسبب تلك الإستراتيجيات المتكررة التي أثبتت فشلها، خاصة انتظار ترامب الذي أصبح نصيحة سيئة، وفشل في منع الخطوات التي اتخذتها “إسرائيل” والولايات المتحدة بالفعل.
ليس كافيًا أن ترفض السلطة الفلسطينية نهج الإدارة الأمريكية، يجب عليها أن تبدأ في اتخاذ خطوات استباقية
يبدو أن القيادة الفلسطينية تواجه خيارًا صعبًا: إما الموافقة على الخطة المصممة لإنهاء مشروعها القومي، أو رفض المشاركة في هذا المخطط مما يمنح “إسرائيل” مبررًا للإسراع في اتخاذ إجراءات أحادية الجانب مثل الاستيلاء على أجزاء من الضفة الغربية.
في الواقع قام غرينبلات نفسه بالتوقف عن توبيخ الفلسطينيين ليخبر الإعلام الإسرائيلي – في محاولة لمعالجة قضية ضم المستوطنات – أنه لا يجب على أي طرف اتخاذ خطوات أحادية الجانب على الأقل حتى نعلن الخطة.
نظرًا للوضع الراهن والاعتراف بالصعوبات الشديدة، فليس كافيًا أن ترفض السلطة الفلسطينية نهج الإدارة الأمريكية، يجب عليها أن تبدأ في اتخاذ خطوات استباقية، وهو أمر مروع بعض الشيء، لكن مع ذلك يتطلب البديل اتخاذ خطوات مهمة مثل إنهاء الانقسام الوطني وإصلاح وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية والابتعاد عن الحلول السطحية للأزمات (مثل الأزمة المالية الحاليّة).
والسؤال الآن هل ستظهر مثل هذه الطرق الجديدة الشجاعة قريبًا أم لا؟ لكن الخيار الذي يتم اتخاذه الآن سيكون له عواقب خطيرة لبعض الوقت.
المصدر: ميدل إيست آي