مع نهاية العام 2024، أصدرت مؤسسات الأسرى الفلسطينية تقريرًا وصَف العام المنصرم بأنه الأكثر دموية في تاريخ الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، حيث وثق التقرير آلاف حالات الاعتقال التي جرت في ظروف إنسانية قاهرة، صُممت لتشكّل بيئة إعدام بطيء، معزولة تمامًا عن أشكال التواصل مع العالم الخارجي، بما في ذلك التغطية الإعلامية والتوثيق الحقوقي.
شهدت سجون الاحتلال تصعيدًا خطيرًا في الإجراءات القمعية ضد المعتقلين الفلسطينيين، وبدأ هذا التصعيد قبل اندلاع “طوفان الأقصى” وازداد ازديادًا لافتًا منذ تسلُّم المتطرف الصهيوني، إيتمار بن غفير، حقيبة الأمن القومي في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية. شكّل هذا الواقع أحد الأسباب الرئيسية لموجة التصعيد الحالية، بعدما حذرت قوى المقاومة مرارًا من خطورة الانتهاكات المستمرة بحق الأسرى.
وعلى الرغم من شدة الهجمة الصهيونية، تواجه الحركة الأسيرة هذه التحديات بثبات وتماسك، مستندةً إلى إرث نضالي طويل وروح مقاومة لا تنكسر، وأمل كبير يحذو الأسرى وذويهم بنجاح الجهود الحالية في الوصول إلى صفقة تبادل عادلة، تكون بوابة لتحرير الآلاف من المغيَّبين خلف قضبان الاحتلال وإنهاء معاناتهم الممتدة عبر العقود.
أرقام وحقائق 2024
أصدرت مؤسسات الأسرى الفلسطينية، المتمثلة بكل من هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، تقريرًا شاملًا يوثِّق الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في حملات الاعتقال بالضفة الغربية، والتي تصاعدت حدتها منذ اندلاع حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من 450 يومًا.
وفقًا للتقرير، بلغت حصيلة الاعتقالات في عام 2024 أكثر من 8800 حالة اعتقال، في حين وصلت منذ بدء حرب الإبادة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى نحو 14300 حالة، شملت الضفة الغربية بما فيها القدس، دون احتساب حالات الاعتقال في غزة.
ورصد التقرير الانتهاكات بحق النساء والأطفال، إذ بلغ عدد النساء المعتقلات خلال العام الماضي نحو 266 معتقلة، بينما ارتفع العدد الإجمالي منذ بداية حرب الإبادة إلى أكثر من 450 معتقلة، أما الأطفال فسُجل ما لا يقل عن 700 اعتقال العام الماضي، فيما ارتفع العدد الإجمالي لحالات اعتقال الأطفال إلى 1055 حالة منذ طوفان الأقصى.
وامتدت جرائم الاحتلال لتطال الكوادر الطبية، فبلغ عدد المعتقلين من هذه الفئة نحو 230 معتقلًا، غالبيتهم في غزة بالإضافة إلى الضفة، فيما تعرض 145 صحفيًا للاعتقال أو الاحتجاز، في إطار سياسات الاحتلال الهادفة إلى قمع الأصوات الناقلة للجرائم وإخفاء الحقائق عن العالم.
وجدير بالذكر أن عدد الأسرى قبل انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول للعام 2023 بلغ نحو 5200 أسير، بينهم 59 أسيرة، و160 قاصرًا، من ضمنهم 3 أسيرات قاصرات. كما ضمت قائمة الأسرى حينها 915 معتقلًا إداريًا و34 أسيرًا يعانون من مرض السرطان، ما يكشف عن الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها الأسرى في ظل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة.
سياسة التغييب دون حُكم
تُعد سياسة الاعتقال الإداري واحدة من أكثر أدوات الاحتلال الإسرائيلي قمعًا وإثارةً للجدل، فقد كشف تقرير المؤسسات الحقوقية الفلسطينية عن إصدار أكثر من 10 آلاف أمر اعتقال إداري منذ بداية حرب الإبادة المستمرة.
شملت هذه الأوامر حالات جديدة وأخرى مجددة، واستهدفت شرائح واسعة من المجتمع الفلسطيني، بما في ذلك النساء والأطفال، ما يعكس حجم الانتهاكات الممنهجة التي تُمارَس بحق الفلسطينيين.
الاعتقال الإداري، كما تعرِّفه المؤسسات الحقوقية، اعتقال دون توجيه تهمة أو إجراء محاكمة، مستند إلى “ملف سري” وأدلة لا تُتاح للمعتقل أو محامِيه الاطلاع عليها. بموجب الأوامر العسكرية الإسرائيلية، يمكن تجديد الاعتقال الإداري مرات غير محدودة، إذ يُصدر أمر الاعتقال لفترة تصل إلى 6 أشهر قابلة للتجديد المستمر. يهدف هذا الإجراء في الأساس إلى تغييب النشطاء والمؤثرين في الشارع الفلسطيني.
على مدى العقود الماضية، لجأت سلطات الاحتلال إلى استخدام الاعتقال الإداري كأداة قمع جماعي للفلسطينيين خصوصًا في الهبات والانتفاضات، إذ أصدرت منذ العام 1967 أكثر من 50 ألف أمر اعتقال إداري، بينهم 24 ألف أمر صدر بين العامين 2000 و2014.
وخلال انتفاضة الحجارة في 1989، بلغ عدد المعتقلين إداريًا أكثر من 1700 معتقل، بينما وصل العدد في انتفاضة الأقصى في العام 2003 إلى 1140 معتقلًا إداريًا. وفي الفترة الممتدة من الهبة الشعبية في العام 2015 وحتى نهاية العام 2018، أصدرت سلطات الاحتلال ما يقرب من 5068 أمر اعتقال إداري.
لا تتوقف سلطات الاحتلال عند اعتقال المدنيين الفلسطينيين إداريًا دون تهمة أو محاكمة، بل تلجأ إلى تجديد اعتقالهم باستمرار، ما يجعل المعتقَل يعيش حالة من الترقب النفسي المرهق، إذ يُجدَّد أمر الاعتقال الإداري قبل أيام قليلة من موعد الإفراج المحدد، أو حتى في يوم الإفراج نفسه.
في بعض الحالات، يُفرَج عن المعتقل إداريًا ويُعاد اعتقاله على بوابة السجن بأمر جديد، كما وثقت مؤسسة الضمير مؤخرًا حالات أُصدرت فيها أوامر اعتقال إداري بحق أسرى أنهوا فترة اعتقالهم بناءً على لائحة اتهام، أو حُولوا إلى محاكمة جديدة بعد انتهاء فترة الاعتقال الإداري.
تؤكد المؤسسات الحقوقية أن الاعتقال الإداري كما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي يشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، فهو لا يقتصر على كونه أداة عقابية جماعية، بل يصل إلى مستوى التعذيب النفسي، وإلى جريمة ضد الإنسانية بموجب ميثاق روما.
كما يُعد حرمان المعتقل من حقه في محاكمة عادلة وعلنية انتهاكًا للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي كفل هذا الحق لكل شخص تحت أي ظرف، وهو نهج يعكس مدى استخفاف الاحتلال بالمعايير الدولية، وعمق المأساة التي يعانيها الأسرى الفلسطينيون تحت نير الاحتلال.
شهداء على قائمة الانتظار
أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدورة فارس، أن استمرار السياسات الإجرامية في سجون الاحتلال ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، إذ قال: “حذرنا من أننا سنتلقى أنباء استشهاد المعتقلين جماعات بعد أن ارتقى عدد منهم فرادى خلال الأشهر القليلة الماضية؛ وصلنا إلى المحظور، وما سيأتي سيكون أخطر بسبب استمرار جرائم التعذيب والتنكيل والتجويع، إلى جانب عوامل أخرى مثل البرد القارس، التوتر العصبي، الاكتظاظ، والإهمال الطبي. هذه الظروف، التي استمرت لأكثر من 15 شهرًا، تؤدي حتمًا إلى نتيجة مأساوية واحدة: الاستشهاد”.
ووفقًا للتقارير، بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ بداية طوفان الأقصى 54 شهيدًا، بينهم 5 شهداء ارتقوا خلال الساعات الـ24 الأخيرة من العام 2024، فيما أشار فارس إلى وجود قناعة لدى مؤسسات الأسرى بأن دولة الاحتلال تخفي مصير بعض الشهداء لتجنب أي مسؤوليات قانونية، إذ تتبع طريقة إبلاغ غير منظمة ومقصودة.
وأظهرت نتائج التحقيقات في جرائم قتل معظم معتقلي الضفة الغربية الذين شُرّحت جثامينهم بعد الاستشهاد، أن “الوفاة” كانت بسبب واحد أو مزيج من التعذيب والإهمال الطبي المتعمد، مع تأكيد أن معتقلي غزة يتعرضون لظروف أكثر وحشية، إذ يمارس الاحتلال ضدهم أشكالًا غير مسبوقة من التنكيل والعنف.
شهدت المرحلة الحالية، التي تزامنت مع حالة الحرب المستمرة، تصعيدًا خطيرًا في الجرائم ضد الأسرى، فقد استغل الاحتلال هذه الظروف لتنفيذ أقسى السياسات الوحشية، إذ تشير الإحصائيات إلى أن 35 من شهداء الأسرى البالغ عددهم 54 أسيرًا منذ بدء حرب الإبادة كانوا من معتقلي غزة، وأن عدد الشهداء الأسرى والمعتقلين خلال العام 2024 الذين وُثقت هوياتهم يعد الأعلى منذ العام 1967.
إلى جانب ذلك، وُثقت العديد من الشهادات تنفيذ قوات الاحتلال العديد من الإعدامات الميدانية بحق الأسرى والمعتقلين، بينما تواصل احتجاز جثامين 63 شهيدًا، منهم 52 شهيدًا احتُجزت جثامينهم بعد بدء الحرب.
وأوضح رئيس نادي الأسير، عبد الله الزغاري، أن الاحتلال يمارس عمليات تصفية ممنهجة بحق الأسرى والمعتقلين، بمن فيهم الأطباء الذين اعتقلوا في ظروف قاسية داخل معسكرات أنشئت داخل قطاع غزة، أبرزها معسكر “سديه تيمان”، الذي يعد أحد أبرز مراكز التعذيب الممنهج. وأشار الزغاري إلى أن المعتقلين في هذه المعسكرات يتعرضون لانتهاكات مروعة، تشمل التحرش الجنسي، والاعتداء الجسدي، وترك الكلاب البوليسية تنهش أجسادهم.
من جهتها، لم تستبعد مؤسسات الأسرى احتمال وجود شهداء آخرين قتلهم الاحتلال في سجونه السرية دون إعلانه عن مصيرهم، في استمرار لسياسة الاحتلال القائمة على طمس الحقائق وتهربه من المسؤولية القانونية والأخلاقية تجاه الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين.
أسرى قطاع غزة والمصير المجهول
منذ بدء طوفان الأقصى تصاعدت حملات الاعتقال غير المسبوقة، فاعتقلت قوات الاحتلال آلاف المدنيين من مختلف أنحاء القطاع خلال الاجتياح البري، منهم نساء، وأطفال، وطواقم طبية، وجاءت هذه الاعتقالات في سياق استهداف شامل طال كل مناطق قطاع غزة، وشكَّلت جزءًا واضحًا ضمن سياسات حرب الإبادة.
يستمر الاحتلال في تنفيذ جريمة الإخفاء القسري بحق هؤلاء المعتقلين، إذ يرفض الإفصاح الكامل عن هوياتهم أو أماكن احتجازهم، كما يمنع حتى الآن اللجنة الدولية للصليب الأحمر من زيارتهم. بالإضافة إلى ذلك، رصدت المؤسسات الحقوقية حالات حرمان أسرى غزة الذين انتهت محكومياتهم من الإفراج عنهم، ما يعكس تعمُد الاحتلال تكريس سياسة التنكيل والحرمان لكل ما يرتبط بقطاع غزة وأهله.
أظهرت شهادات وروايات المعتقلين الموثقة مستوى غير مسبوق من التوحش الذي تمارسه منظومة الاحتلال، بدءًا من التعذيب وعمليات التنكيل، مرورًا بالتجويع الممنهج والجرائم الطبية، وصولًا إلى الإعدامات الميدانية، وأدت هذه الممارسات إلى استشهاد العشرات من الأسرى والمعتقلين، بينهم 35 شهيدًا من معتقلي غزة، الذين وثقت مؤسسات الأسرى هوياتهم ضمن قائمة الـ54 شهيدًا من الأسرى منذ بداية حرب الإبادة. ومع ذلك، يواصل الاحتلال إخفاء هويات معتقلين آخرين يُعتقد أنهم استشهدوا في معسكرات وسجون إسرائيلية.
تعيش آلاف العائلات الفلسطينية حالة من القلق والترقب بسبب جهلها بمصير أبنائها المعتقلين، إذ سعى الاحتلال منذ بداية الحرب إلى تعديل القوانين واستخدام تشريعات خاصة، مثل “قانون المقاتل غير الشرعي”، لتبرير هذه الجرائم، ما أدى إلى اعتقال سكان من قطاع غزة جماعيًا دون اتباع أي إجراءات. ومنذ أشهر، تعمل المؤسسات الحقوقية الفلسطينية ومؤسسات أخرى في داخل أراضي الـ48 على كشف مصير هؤلاء المعتقلين ومكان احتجازهم، لكنها تواجه قيودًا مشددة وصعوبات هائلة تعيق تقدم هذه الجهود.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية، فإن مصير العديد من الفلسطينيين من قطاع غزة الذين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي منذ بداية الحرب ما زال مجهولًا. وعلى الرغم من نفي جيش الاحتلال معرفته بمكان هؤلاء المعتقلين، فإن التحقيقات كشفت في عدة حالات أن المعتقلين الذين ادعى الجيش أنه لا معلومات عنهم كانوا محتجزين في مرافق إسرائيلية، أو أنهم استشهدوا خلال الاحتجاز. وقدَّمت منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية 27 التماسًا لمعرفة مصير هؤلاء المفقودين، لكن معظمها قوبل بالرفض.
وفي تقرير سابق لها، أكدت الصحيفة ذاتها أن عشرات المعتقلين من غزة استشهدوا منذ بداية الحرب في مراكز الاعتقال التابعة للجيش ومصلحة السجون الإسرائيلية، في ظل غياب الشفافية وتجاهل عام من المجتمع الإسرائيلي.
وأشارت “هآرتس” إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية غالبًا ما تتعامل مع هذا الملف كأداة لتبرير هذه الانتهاكات، فقد رفضت التماسات منظمات حقوق الإنسان مرارًا.
استنادًا إلى تقارير من منظمة العفو الدولية “أمنستي” ومنظمة الدفاع عن حقوق الفرد “هموكيد”، اعتقل الاحتلال ما لا يقل عن 1402 فلسطيني بموجب “قانون المقاتلين غير الشرعيين” حتى يوليو/تموز 2024، ولا يشمل هذا العدد المحتجزين خلال الفترات غير الرسمية التي قد تصل إلى 45 يومًا.
كما وثقت المنظمات اعتقال آلاف العمال الفلسطينيين الذين كانوا يحملون تصريحات دخول للأراضي الفلسطينية المحتلة، إذ احتُجِزوا لفترات تصل إلى ثلاثة أسابيع على الأقل في داخل قواعد عسكرية في الأراضي المحتلة والضفة الغربية. وعلى الرغم من إطلاق سراح العديد منهم، ما زال ثمة غموض حول عدد المعتقلين الذين بقوا قيد الاحتجاز.
لم تتوان قوات الاحتلال عن تنفيذ عمليات اعتقال واسعة من مراكز إيواء النازحين، والمدارس، والمنازل، والمستشفيات، ونقاط التفتيش في أنحاء مختلفة من القطاع، قبل أن تنقل المعتقلين إلى الداخل لفترات احتجاز تجاوزت أحيانًا 140 يومًا. وأكدت منظمة العفو الدولية أن الاحتلال يستغل “قانون المقاتلين غير الشرعيين” لتنفيذ احتجازات تعسفية شملت مدنيين، بينهم نساء وأطفال، دون تمكينهم من الوصول إلى محامٍ أو التواصل مع عائلاتهم، في إجراءات تصل إلى حد الإخفاء القسري. تؤكد هذه الممارسات الطبيعة المنهجية لجرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين، وتعكس انتهاكًا صارخًا لكل القوانين والأعراف الدولية.
ترقُّب وأمل
يظل ملف الأسرى الفلسطينيين جرحًا نازفًا للشعب الفلسطيني وأحد أبرز عناوين الإجماع الوطني، إذ تجتمع مختلف الأطياف الفلسطينية على ضرورة العمل لإنهاء معاناة الآلاف من الأسرى القابعين خلف قضبان الاحتلال.
في المقابل، يمثل هذا الملف بالنسبة للاحتلال أحد أهم أدوات القمع والإرهاب التي تهدف إلى تحطيم معنويات المناضلين الفلسطينيين، وترسيخ رسالة مفادها أن مصيرهم سيكون إما الموت السريع عبر النار والقذائف، وإما الموت البطيء في زنازين الاحتلال المظلمة.
في ظل هذه المأساة المستمرة، تخوض المقاومة الفلسطينية معركتها بكل إصرار، واضعةً نصب أعينها إنهاء مسلسل المعاناة الذي يعانيه الأسرى، لا سيما المئات من أسرى المؤبدات الذين يسعى الاحتلال إلى تغييبهم حتى الموت، بل وحتى بعده من خلال احتجاز جثامينهم.
يشكّل هؤلاء الأسرى اليوم أحد المحاور الرئيسية في المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة، إذ ترفض “إسرائيل” الإفراج عن ذوي “الوزن الثقيل” من الأسرى، الذين تصفهم بأنهم أصحاب “الأيدي الملطخة بالدماء”، في محاولة لإطالة أمد معاناتهم والانتقام منهم.
يدرك الاحتلال حساسية ملف الأسرى لدى الشعب الفلسطيني، وأنه أحد الأسباب المباشرة لانطلاق معركة “طوفان الأقصى”، ما دفعه في الأشهر الأخيرة إلى تصعيد وتوسيع حملات الاعتقال بدرجة غير مسبوقة، في سياسات تأتي كمحاولة لعكس نتائج “طوفان الأقصى” الحتمية، والتي تهدف إلى تقليص عدد أسرى المؤبدات، أو إنهاء هذا الملف الذي يمثِّل أحد أهم ملفات الأرق لقيادة المقاومة الفلسطينية.
في الوقت نفسه، تترقب آلاف العائلات الفلسطينية، سواء من أهالي الأسرى المعروف مصيرهم أو المجهولين من معتقلي قطاع غزة، أخبار الصفقة المرتقبة بفارغ الصبر. إذ تملأ قلوبهم آمالٌ بإنهاء سنوات طويلة من الألم والانتظار، وإنهاء فصول القتل البطيء في سجون الاحتلال.
ستكون هذه الصفقة، إن تحققت، خطوةً نحو تحرير الآلاف من الأسرى وتقليص فصل من الظلم الإسرائيلي والقهر المستمر للشعب الفلسطيني، فيما تبقى قضيتهم عنوانًا للصمود الفلسطيني ودافعًا دائمًا لمواصلة النضال في سبيل الحرية والكرامة.