ترجمة وتحرير نون بوست
قبيل المؤتمر الذي من المقرر أن ينعقد في البحرين هذا الأسبوع، كشف البيت الأبيض عن مقترح “السلام من أجل الرخاء” لفلسطين كجزء من “صفقة القرن” التي وضعها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. وفي الواقع، إن الخطة التي يقودها جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه، هي خارطة طريق اقتصادية مثقلة حول كيفية توزيع أكثر من 50 مليار دولار. ولكن النية من عرض هذا المقترح واضحة؛ وهي بعث أمل للفلسطينيين بأنهم سيُحولون فلسطين إلى دبي أو سنغافورة.
اطلع موقع “ميدل إيست آي” على الخطة التي رفضتها القيادة الفلسطينية بالإجماع بالفعل لفك نهجها الاقتصادي الثقيل. وكما هو الحال مع كل رؤى المستقبل، فهي تجذب الأنظار لما تركته لا لما تضمنته.
1. لم يذكر الاحتلال …
رجال شرطة إسرائيليون يعتقلون فتاة فلسطينية في خان الأحمر بالضفة الغربية في الرابع من تموز/ يوليو 2018.
في الحقيقة، تتألف الخطة وكتيب “البرامج والمشروعات” المصاحب لها من 136 صفحة وتتضمن تفاصيل مطولة عن حاجة الاقتصاد الفلسطيني إلى دفعة. لكن البيت الأبيض فشل في ذكر قضية واحدة التي من دونها، وفقًا للأمم المتحدة، سيكون الاقتصاد الفلسطيني أكثر من ضعف حجمه الحالي؛ ألا وهو الاحتلال الإسرائيلي.
كما أشار العديد من المراقبين إلى أنه لم يتم ذكر احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية لعقود من الزمن ولو مرة واحدة في الخطة، بل إن أقرب ما تم الإشارة إليه هو “المهن ذات الأجور المرتفعة والنمو المرتفع”، أي الوظائف التي تعد أبعد ما يكون عن المفهوم الذي يعيه معظم الناس فيما يتعلق بالمصطلح الذي يتماشى مع سياق فلسطين.
ينطبق الأمر ذاته على بعض المصطلحات الأخرى على غرار “الحصار” و”الحصار البحري” و”المستوطنات”، وأيضا الاعتراف بكيفية قيام المناطق (أ) و(ب) و(ج). وبالتالي، الأجزاء المختلفة من الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة إسرائيل أو السلطة الفلسطينية منذ سنة 1995 التي سوف تتأثر.
بناء على ذلك، يتعين على المرء أن يقرأ بين السطور ليجد أي إشارة إلى السياسات الإسرائيلية التي تؤثر سلبًا على الفلسطينيين، مثل “الأزمة الطويلة”، و”التحديات اللوجستية”، و”معوقات النمو”، و”القيود المفروضة على الموارد” و”العوائق التنظيمية أمام حركة السلع والفلسطينيين”.
2. … ولا اللاجئين أيضا
يشارك الفلسطينيون في مظاهرة تطالب بتحسين الظروف المعيشية خارج مكتب الأونروا في رفح، غزة في كانون الثاني/ يناير 2018.
يغيب عن هذه الخطة أيضا كلمة “لاجئ”، بينما يعيش أكثر من مليوني لاجئ في غزة والضفة الغربية. ومن الواضح أن خطة كوشنر فشلت في معالجة كيف أن اللاجئين تأثروا بسبب التخفيضات الحادة في المساعدات الأمريكية المقدمة لوكالة الأونروا. صحيح أن الخطة تكرس 13.7 مليار دولار كتمويل محتمل للبنان والأردن، التي تضم الآن ما يقدر بنحو 2.5 مليون لاجئ فلسطيني، بيد أنه لا يوجد ما يشير إلى ما إذا كان أي من هذه الأموال سيخصص للفلسطينيين بالفعل.
3. القدس ليست ضمن طاولة النقاش
تقيد إسرائيل دائما وصول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى في القدس الشرقية.
في كانون الثاني/ يناير 2018، وعد ترامب بإخراج القدس من طاولة المفاوضات. إن وثيقة “السلام من أجل الرخاء” تؤكد ذلك إذ لم تذكر المدينة المقدسة، وهذا يتماشى مع قرار الولايات المتحدة بنقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس في أيار/ مايو 2018. وبذلك اعترفت الولايات المتحدة بأن القدس عاصمة إسرائيل على الرغم من المطالبات الفلسطينية طويلة الأمد باعتبار القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقبلية.
فضلا عن ذلك، لا يزال من غير الواضح ما الذي يعتقد البيت الأبيض، إن وجد، أنه ينبغي القيام به مع ما يقدر بنحو 300 ألف فلسطيني يعيشون حاليا في القدس الشرقية، التي ضمتها إسرائيل إلى أراضيها مخالفة بذلك القانون الدولي لسنة 1967.
4. إسرائيل بعيدة عن أنظار العالم
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يلقي خطابًا في الكنيست في تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
تقلل الوثيقة بشدة من دور إسرائيل في التوترات الإقليمية، فعندما يتم ذكرها، فإنها عادة ما تكون مرتبطة بقائمة من “الجيران” و”الشركاء التجاريين الرئيسيين” مثل “مصر وإسرائيل والأردن” بدلاً من ذكرها هي تحديدا. وقد تم إعداد بعض الاقتراحات الاقتصادية لصالح إسرائيل من الناحية المالية، بما في ذلك بيع المياه لغزة والضفة الغربية والأردن وتوفير الغاز والكهرباء لغزة والتشجيع على زيادة التجارة مع مصر والأراضي الفلسطينية المحتلة واستخدام تقنية التجسس من قبل الأردن.
5. الولايات المتحدة لا تزال تعطي الأولوية لإسرائيل
نشر جنود إسرائيليين لأسلحة أمريكية الصنع خلال حرب غزة سنة 2014.
تقول خطة كوشنر لفلسطين إن لديها “القدرة على تسهيل ضخ أكثر من 50 مليار دولار من الاستثمارات الجديدة على مدى عشر سنوات”. لكن 27.8 مليار دولار فقط من هذا المبلغ ستذهب مباشرة إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، بينما يذهب الباقي إلى الدول المجاورة. وفي الواقع، إن 27.8 مليار دولار تقل بنسبة 27 في المئة عن صفقة المساعدات العسكرية التي تمتد على مدى عشر سنوات والتي تبلغ 38 مليار دولار بين الولايات المتحدة وإسرائيل التي أبرمت سنة 2016.
6. الولايات المتحدة تقول لفلسطين: إنه خطأك
مظاهرة في رام الله ضد قانون الضمان الاجتماعي الذي اقترحته السلطة الفلسطينية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2018.
مع عدم ذكر دور إسرائيل في الصراع، يؤكد البيت الأبيض على أن الفلسطينيين مسؤولون عن مأزقهم الحالي وأنه إذا فشلت “صفقة القرن”، فسيكون ذلك صنيع أعمالهم. “في نهاية المطاف، إن سلطة فتح [من خلال هذه الرؤية] بين أيدي الشعب الفلسطيني”. وفي حين أن خطة كوشنر تعد بـ “إطلاق العنان” لإمكانات فلسطين، فإنها لا تقترب أبدا من الكشف عن من أو ما الذي قيّد هذه الإمكانية في المقام الأول.
ينص جزء آخر من الخطة على أن “اتفاق سلام دائم سيضمن خلق فرص اقتصادية لجميع الفلسطينيين”. والسؤال الذي يطرح الآن؛ سلام دائم مع من؟ لكن السؤال ترك دون إجابة. كما تنطوي الخطة أيضًا على إدراك أن “السلام من أجل الرخاء” هو ممارسة عقيمة، حيث تبدأ العديد من البيانات الشاملة ببنود مشروط مثل: “إذا تم تنفيذها” أو “إذا حققت الحكومة إمكاناتها”.
7. الأسئلة المتعلقة بالتعليم بقيت دون إجابة
طلاب فلسطينيون في فصل دراسي مهدم في مدينة غزة في أيلول/ سبتمبر 2014.
إن إشراف إدارة ترامب على ما يحول دون نهضة فلسطين لا يمكن أن يظهر في أي ميدان إلا التعليم. وتعترف الخطة بأنه “للفلسطينيين أعلى معدلات التخرج في المنطقة”، لكنها لا تعود على أسباب تجاوز العديد من المدارس الفلسطينية قدرة استيعابها.
في الحقيقة، تشدد الخطة على الحاجة إلى “التركيز على دعم المدارس الموجودة في المجتمعات المحرومة”، لكنه لا يذكر المدارس العديدة التي يمولها الاتحاد الأوروبي في المنطقة “ج” بالضفة الغربية والتي تم هدمها من قبل القوات الإسرائيلية لفشلها في تأمين تصاريح البناء، الأمر الذي يكاد يكون شبه مستحيل. ولم يرد ذكر أن 500 ألف طالب فلسطيني تأثروا بقرار الولايات المتحدة سنة 2018 بتخفيض التمويل الموجه للأونروا.
لقد عدت الخطة بمبلغ 300 مليون دولار على شكل منح للطلاب الفلسطينيين للدراسة في الخارج، لكنها فشلت في إيجاد حل لكفاح الفلسطينيين المعنيين حاليًا بهذه المخططات للحصول على تأشيرات لمغادرة الضفة الغربية وغزة. والأمر سيان بالنسبة لقطاع الرياضة والرعاية الصحية والزراعة والسياحة، حيث يتم تقيّيمهم دون أي سياق. كما يتم إيجاد حلول للمشاكل التي تشهدها هذه القطاعات دون أي فهم للوقائع.
8. “جاريد، هل نعطي حقوق الملكية للفلسطينيين؟”
تقوم الحفارات الهيدروليكية الإسرائيلية بهدم مبنى فلسطيني شمال مدينة الخليل بالضفة الغربية في شباط/ فبراير 2018.
تركز خطة كوشنر بشكل كبير على “حقوق الملكية” للفلسطينيين، حيث استخدمت العبارة 13 مرة في كامل الوثيقة. وخير مثال على ذلك ما ذكر في الصفحة 32: “تسجيل الأراضي هو خطوة حاسمة في تحول الاقتصاد الفلسطيني”. وجاء لاحقًا: “حقوق الملكية ضرورية لتحقيق هذا المستقبل”.
مع ذلك، لا تذكر الخطة المصادرة المنهجية للأراضي الفلسطينية من قبل إسرائيل منذ سنة 1948 وحتى يومنا هذا. ولا يزال العديد من اللاجئين يحتفظون بعقود ومفاتيح المنازل التي تركوها وراءهم في فلسطين، كما يفعل الفلسطينيون الذين استولى على أراضيهم ومنازلهم في الضفة الغربية المحتلة المستوطنون الإسرائيليون. لكن، لسائل أن يسأل؛ هل هذا ما يدور في ذهن كوشنر وترامب، الذي تم تسمية مستوطنة إسرائيلية في مرتفعات الجولان باسمه هذا الشهر؟ في الواقع، إن التفاصيل غير واضحة.
9. الفلسطينيون زبائن وليسوا مواطنين
يصطف موظفو السلطة الفلسطينية للحصول على رواتبهم من ماكينة الصراف الآلي في خان يونس في غزة في نيسان/ أبريل 2012.
من الواضح أن خطة “السلام من أجل الرخاء” كتبها مؤلفون ذوو خلفية تجارية (روّج ترامب لفترة طويلة لتجربته كرجل أعمال أما كوشنر فهو مستثمر ومروج عقاري). علاوة على ذلك، تزخر الوثيقة بلغة إدارية تتطلب اتباع نهج “صديق للأعمال” يقوم على “جذب الإمكانيات البشرية” من خلال “النمو الذي تقوده الاستثمارات” وتعزيز “النظام البيئي” و”ثقافة محلية قوية لبدء التشغيل”.
ربما يكون أكثر ما يقال في هذه الحالة إن “الحوكمة الرشيدة للفلسطينيين تتطلب الالتزام التام مع زبائنها: الشعب الفلسطيني”. وفي ظل غياب الدولة المناسبة، تشير الخطة إلى أن الفلسطينيين ليسوا مواطنين، لكن مستهلكين يمكن أن تُلَبي تطلعاتهم السياسية من خلال السلع والخدمات.
10. دعوا الفلسطينيين يأكلون الكعك ويتمتعون بخدمة الجيل الخامس
أطفال فلسطينيون في المنزل يقرأون الكتب على ضوء الشموع بسبب نقص الكهرباء في مدينة غزة في حزيران/ يونيو 2017.
تتضمن الخطة الشبيهة بالصفقة العديد من الأهداف الطموحة، مثل تحويل غزة إلى “مدينة حضرية حديثة”، ونظام مركزي للحوكمة الإلكترونية، وتطوير الوصول إلى شبكة الجيل الخامس عبر الأراضي الفلسطينية. تبدو مثل هذه المقترحات غير واضحة مقارنة بالضروريات الأساسية التي لا يزال العديد من الفلسطينيين محرومين منها. فعلى سبيل المثال، يعيش 53 في المائة من سكان غزة في فقر اليوم. أما فيما يتعلق بالجانب التكنولوجي، رفعت إسرائيل الحظر المفروض على مشغلي الاتصالات الفلسطينيين من الوصول إلى شبكات الجيل الثالث قبل سنة.
11. رفع سقف التوقعات
عمال فلسطينيون ينتظرون فتح البوابة الرابطة بين مستوطنة موديعين عيليت غير القانونية وقرية حربتا بالضفة الغربية بعد يوم عمل في إسرائيل.
تتمثل إحدى أحداث صفقة القرن في ضمان تسجيل كل من غزة والضفة الغربية على 0.70 درجة على مؤشر رأس المال البشري، الذي يقيس مستوى الإنتاجية المتوقع أن يحققه الجيل القادم من الأيدي العاملة. وإذا سجلت فلسطين حقا هذه الدرجة، فمن المؤكد أنها ستضعها في مقدمة بعض الاقتصادات المذكورة في في الصفقة على غرار الصين (0.67) والإمارات (0.66) والبحرين (0.67) ولبنان (0.5).
يتمثل الهدف الثاني المقترح في ضمان حصول فلسطين على 60 درجة أو أكثر على مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، وهي درجة أعلى بكثير من الدرجة التي سجلتها البحرين (36 درجة) التي استضافت المؤتمر هذا الأسبوع، وأكثر من ضعف الدرجة الذي حققها لبنان (28 درجة). فحتى إسرائيل، القائمة منذ أكثر من 70 سنة، قد حصلت على 61 درجة فقط.
12. هل ستصبح غزة ريو الجديدة؟
رجل فلسطيني يتجول بالقرب في مياه الصرف الصحي المتدفقة في البحر بالقرب من مدينة غزة.
تسعى خطة السلام أيضًا إلى جعل فلسطين وجهة سياحية راقية. في مرحلة ما، تشير الصفقة إلى أنه يمكن تحويل 40 كيلومترا من المناطق المطلة على البحر الأبيض المتوسط في غزة إلى مدينة حضرية حديثة تطل على البحر، تماما مثل مدينة بيروت وهونغ كونغ ولشبونة وريو دي جانيرو وسنغافورة وتل أبيب.
لم يقع ذكر الحالة الكارثية للسواحل الملوثة لأن البنية التحتية الهشة في غزة لا تسمح بمعالجة النفايات التي ينتهي بها الأمر في البحر. كما لم يذكر في الصفقة أن سلاح البحرية الإسرائيلي يمنع الفلسطينيين من تجاوز منطقة الأميال التي يفرضها على ساحل قطاع غزة.
ذكر في هذه الخطة أيضًا أنه من أسباب عدم ازدهار قطاع السياحة الفلسطيني هو أن الفلسطينيين (الذين يعرفون بحسن ضيافتهم) لا يولون اهتماما بحسن الضيافة لذا يجب عليهم أن يتعلموا ذلك في المدارس الدولية الرائدة لإدارة الضيافة مثل أكاديمية الإمارات العربية المتحدة لإدارة الضيافة.
13. هل ستصبح غزة سنغافورة الجديدة؟
الجسر المعلق في حدائق الخليج في سنغافورة في آذار/ مارس 2019: هل هو أفضل نموذج لفلسطين في المستقبل؟
لنضع الأهداف الطموحة جانبا، إن بعض الدول التي تطمح الخطة في أن يسير اقتصاد فلسطين في المستقبل على خطاها لا تعرف بتسامحها كما أنها لا تمنح شعبها الحق في التعبير عن رأيه. ومن بين هذه الدول الإمارات العربية المتحدة وسنغافورة، وهي في الواقع دول سبق أن اتهمتها العديد من المنظمات مثل منظمة “هيومن رايتس ووتش” بالمتاجرة بالحقوق السياسية من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وهو الاتهام ذاته الذي وجهه الفلسطينيون ضد إدارة ترامب بشأن خطة “السلام والازدهار” التي وضعتها.
جرت مقارنة فلسطين ببيروت بكونها مدينة ساحلية، لكن يبدو أنه تم إجراء هذه المقارنة بشكل غير مدروس، فالصراعات لا تزال مستمرة في لبنان لاسيما وأنها تعاني من خصخصة الفضاءات العمومية وغياب التخطيط الحضري.
14. الخطوات الخاطئة التي تم اتخاذها فيما يتعلق بالثقافة
لوحة “هذا البحر ملكي” للفنان الفلسطيني سليمان منصور (سليمان منصور)
يشيد التقرير بتحويل كل من الضفة الغربية وقطاع غزة إلى مراكز ثقافية تجمع بين العصور القديمة والعصر الحديث. كما اعترف التقرير بالأعمال التي قدمها أشهر الفنانين والشعراء الفلسطينيين لكنه فشل في ذكر أي منها. وردا على البيت الأبيض، لا بد أن نذكر أسماء عدد من الفنانين الفلسطينيين البارزين على غرار محمود درويش وغسان كنفاني وسليمان منصور وآن ماري جاسر، كما يجب الاعتراف بمدى أهمية السياسة والتطلعات القومية للثقافة الفلسطينية خلال نصف القرن الماضي.
من المفارقات أن التقرير قد تحدث عن مهرجان النبي موسى كما أشار إلى ضرورة الإبقاء على هذا التراث الثقافي العظيم ودعمه. ومن بين التقاليد الأساسية لهذا الحدث الديني هو الحج السنوي من القدس إلى أريحا، وقد يستحيل على الفلسطينيين قطع هذه الطريق إذا اقتنع أحدهم بوجهة نظر إدارة ترامب المتمثلة في الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
15. تخصيص مبالغ نقدية للتمتع بالموارد من الغاز والطاقة والتكنولوجيا التي تزخر بها الدول المجاورة
وزير الاقتصاد الفرنسي آنذاك، إيمانويل ماكرون، في مؤتمر للتكنولوجيا في تل أبيب في أيلول/ سبتمبر 2015.
تُوصف العديد من مشاريع البنية التحتية في بلدان أخرى على أنها مفيدة للفلسطينيين على غرار خطوط الكهرباء المصرية التي تصل إلى غزة أو المعابر الحدودية الأردنية المُحسّنة. من جهة أخرى، تعتبر المقترحات الأخرى مُحيّرة ولا تعود بأية فائدة مباشرة وواضحة على الفلسطينيين.
تشير الخطة، على سبيل المثال، إلى أنه سيكون للسياحة في البلدان المجاورة تأثير غير مباشر على السياحة الفلسطينية، وهو ما يتغاضى عن حقيقة أن معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر مغلق بشكل منتظم أو أن لبنان يرفض رسميا دخول الأفراد الذين يحملون ختما إسرائيليا على جوازات سفرهم.
تُخصص الخطة 1.5 مليار دولار لإنشاء مركز للغاز الطبيعي قبالة الساحل المصري بهدف “المساعدة في تنسيق تطوير الطاقة في شرق البحر المتوسط” و500 مليون دولار لتزويد الأردن ببنية تحتية وطنية للأمن السيبراني وبناء القدرات من أجل “إتاحة الفرص لمزيد من التعاون السيبراني الدولي”. وفي حين أن فوائد هذه المشاريع لا تزال غير واضحة بالنسبة للفلسطينيين، تمتلك إسرائيل مصالح طويلة المدى فيما يتعلق باحتياطيات الغاز في البحر المتوسط والأمن السيبراني وتكنولوجيا التجسس.
16. لبنان يغرد خارج السرب
لقاء ترامب مع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في واشنطن في تموز/ يوليو 2017.
لقد قامت الخطة بتخصيص ميزانية خاصة بلبنان قدرها 6.33 مليار دولار، بما في ذلك 200 مليون دولار “لدعم التكامل التجاري الإقليمي بهدف تحفيز المصدرين على الانخراط في سلاسل القيمة الإقليمية للحد بشكل كبير من تكلفة ممارسة الأعمال التجارية في المنطقة”.
في الحقيقة، قد يشكّل ذلك مفاجأة بالنسبة لبعض المراقبين لثلاثة أسباب رئيسية. أولاً، لا يتقاسم لبنان الحدود مع غزة أو الضفة الغربية. ثانيا، لم يقم البلد بإرسال أي ممثّل إلى مؤتمر البحرين. ثالثًا، خلافا لمصر والأردن، يرفض لبنان إقامة أية علاقات دبلوماسية أو اقتصادية مع إسرائيل المجاورة.
في هذه الحالة، يجدر التساؤل حول مدى رغبة إدارة ترامب في إغراء بيروت ودفعها لإقامة علاقات أفضل مع إسرائيل. ويؤمن بعض الأعضاء في البرلمان اللبناني بذلك. وفي 23 حزيران/ يونيو، أفاد رئيس البرلمان نبيه بري بأن “أولئك الذين يعتقدون أن التلويح بمليارات الدولارات من شأنه أن ينجح في إغراء لبنان وإقناعه بالخضوع أو المقايضة بمبادئه هم مخطئون”.
17… وهذا ليس “ملك الفراولة”
صورة لمزارع في حقول الفراولة يدعى أسامة أبو الرب، الذي يرفض استخدام صورته في مطويات ورشة “السلام من أجل الرخاء”.
تم تصوير وثيقة الخطة من خلال عرض صور لأشخاص يبتسمون بينما يشربون المياه من صنبور (ذكرى بعيدة في قطاع غزة)، أو يمشون لمسافات طويلة عبر المناطق الريفية (استولى المستوطنون الإسرائيليون على جزء كبير منها). ومن بين أبرز هذه الصور صور لمزارع في حقول الفراولة يدعى أسامة أبو الرب، التي يبدو أن مطويات الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أعادت توظيفها لأغراض أخرى، حيث وصفته بأنه “ملك الفراولة”.
على الرغم من أن أسامة القاطن في قباطية جنوب جنين، سبق أن ظهر في شريط فيديو للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سنة 2017 بعد تلقيه المساعدة، إلا أنه عبّر خلال هذا الأسبوع عن عدم امتنانه للظهور في وثائقي “السلام من أجل الرخاء”.
في تصريح له، قال أسامة: “إنني منزعج للغاية بسبب نشر صور عائلتي والتلاعب الأمريكي من أجل الترويج “لصفقة القرن”. نحن نخجل من هذا المشروع الذي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية. بالتالي، من المستحيل أن نتقبّلها أو نكون من الأدوات المستخدمة للترويج لها”.
المصدر: ميدل إيست آي