صيت زائف.. هكذا تخدعنا “الأطعمة الخارقة” بقيمتها الغذائية

superfoods-pic-1

في السنوات الأخيرة، اكتسبت العديد من الأطعمة شعبية واسعة، ومعظمها أغذية نباتية تتنوع ما بين الأفوكادو وحبوب الشيا والكينوا والكالي وغيرها من الأطعمة التي توصف بـ”الخارقة”، أو كما يطلق عليها بالإنجليزية “Superfoods”، وذلك لإنها تحتوي على مجموعة كبيرة ومتنوعة من المواد الغذائية، مثل مضادات الأكسدة والتي يعتقد أنها تطرد الخلايا السرطانية، إضافة إلى الألياف والدهون الصحية التي تمنع الإصابة بأمراض القلب.

 ومع ذلك، هناك انتقاد عام حول وصف هذه الأطعمة بـ”الخارقة”، إذ يدعي خبراء التغذية أن تسميتها بهذا الشكل ما هو إلا مصطلح تسويقي للأطعمة، على الرغم من أن هذه الأغذية نفسها قد تكون صحية بالفعل، لكنها ليست بالشكل الذي يتم الترويج له. فما قصة هذه الأطعمة؟ وما سبب شهرتها وانتشارها بهذا الشكل في الوقت الحالي؟

هل تعتبر هذه الأطعمة “خارقة” بالفعل؟

يدعي العلماء أن استخدام مصطلح “خارقة” هو إلى حد كبير أداة دعائية، دون وجود أي جذر في البحثوت الأكاديمية. ومع ذلك، يعتمد المصنّعون اعتمادًا كبيرًا على حيل التسويق وجماعات الضغط لتشكيل تصور معين لمنتجاتهم لدى المستهلك في محاولة للتأثير على الرأي العام. على سبيل المثال، قامت شركة “رويال هوايان”، أكبر مزود لجوز مقدونيا أو مكاداميا، بالضغط على إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لتقديم بحث يربط بين استهلاك هذا النوع من المكسرات وانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية.

إن التوت يحتل الصدارة من ناحية الأطعمة الأكثر فائدةً لأنه تم التركيز عليه بشكل مكثف في الأبحاث والدراسات الأكاديمية”، ما ساعده على إحداث ضجة في عالم الغذاء والصحة بشكل مبالغ فيه.

وبالفعل، أصدرت الإدارة بيانًا يشير إلى أن تناول 1.5 أوقية من مكسرات المكاداميا يوميًا قد “يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية” على اعتبار أنه يساهم في تخفيض نسبة الدهون والكوليسترول في الدم، ودون أن تذكر أنها تحتوي على نسب عالية من السعرات الحرارية. بمعنى آخر، قد تحتوي بالفعل هذه الأطعمة على قيم غذائية مفيدة وضرورية، إلا أن ضغط الشركات التجارية على الجهات العلمية لإصدار أبحاث ودراسات علمية تساند دعاياتهم، يساهم بشكل كبير في تضخيم فوائدها الغذائية، طمعًا بكسب المزيد من الأرباح.

يضاف إلى ذلك، التوت البري، فلقد وجدت دراسة نشرت في عام 2013 بمجلة”Circulation” أن تناول كميات كبيرة من المواد الكيميائية النباتية المعروفة باسم الفلافونويد – والتي توجد في التوت البري وأنواع التوت الأخرى – قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض قلبية معينة لدى النساء. لكن العالمة النفسية، باربرا شوكيت-هيل، تقول:”إن التوت يحتل الصدارة من ناحية الأطعمة الأكثر فائدةً لأنه تم التركيز عليه بشكل مكثف في الأبحاث والدراسات الأكاديمية”، ما ساعده على إحداث ضجة في عالم الغذاء والصحة بشكل مبالغ فيه.

إن تشجيع الأشخاص على التنويع والاعتدال في وجباتهم الغذائية أمر في غاية الأهمية ولا يمكن أن نحصرهم في نوع واحد لمجرد أنه يحتوي على قيم غذائية “مثالية”، فهناك الكثير من الأطعمة الصحية الموجودة ولكن لم يصفها أحد بعد بـ”الخارقة”.

وبالمثل، ما ينطبق على دقيق أو رقائق الشوفان التي تعد خيارًا صحيًا مقارنةً مع الخبز والفطائر، ولكن بالرغم من الصيت الهائل الذي اكتسبه كوجبة صحية وآمنة لوجبة الفطور، أجريت دراسة على 24 نوعًا وعلامة تجارية من الشوفان ووجدت أن الشركات تضيف بعض المواد المعالجة والنكهات الصناعية وكميات متفاوتة من السكر لكي يكون طعمه أكثر قبولًا للجميع، ولكنه يصبح أقل فائدةً وصحةً، وبذلك يصبح تأثير الشوفان مثل الخبز الأبيض تمامًا ولا تعود تسميته بالطعام “الخارق” أمرًا صحيحًا.

وبصفة عامة، يرى الخبراء أن هذا المصطلح ليس علميًا، وإنما يضلل المستهلكين ويدفعهم إلى تناول نوع محدد من الطعام على حساب نوع آخر، وذلك لا يمت للعلم بصلة، فوفقًا لواحدة من الأخصائيات الغذائية، تقول إن تشجيع الأشخاص على التنويع والاعتدال في وجباتهم الغذائية أمر في غاية الأهمية ولا يمكن أن نحصرهم في نوع واحد لمجرد أنه يحتوي على قيم غذائية “مثالية”، فهناك الكثير من الأطعمة الصحية الموجودة ولكن لم يصفها أحد بعد بـ”الخارقة”. ولا شك أن موضوع التغذية أمرًا معقدًا ويختلف تأثيره وتفاعله من شخص لآخر، لكنك إذا تناولت نظامًا غذائيًا متوازنًا ومتكاملًا، مع ممارسة العادات الصحية مثل الرياضة، فلن يكون هناك حاجة للاعتماد بشكل مفرط على الأطعمة الخارقة.