أنهت مجموعة العشرين فعاليات قمتها التي عقدت في مدينة اوساكا باليابان خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين، 28و29 يونيو/حزيران الجاري، إذ ناقش قادة مجموعة الدول الصناعية والصاعدة العديد من قضايا الاقتصاد العالمي وسط تفاقم التوتر السياسي وتراجع النمو الاقتصادي.
تعد القمة الحالية واحدة من أكثر القمم التي شهدت انقسامات حادة بين قوى المجتمع الدولي، إذ تأتي وسط تفاقم الأزمة بين طهران وواشنطن، من جانب، وتصاعد الحرب التجارية بين بكين وواشنطن، من ناحية أخرى، في الوقت الذي يسعى فيه قادة الدول الصناعية الكبرى لحلحلة الملفات الشاركة التي تؤثر على خارطة الاقتصاد الدولي.
ورغم الحضور العربي الباهت في هذه القمة والممثل في ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلا أن العديد من الملفات العربية كانت حاضرة على ألسنة بعض القادة وعلى موائد الاجتماعات الثنائية بين الزعماء.
4 ملفات عربية
ما كان للقمة أن تمر دون أن تتطرق للملفات العربية الأكثر جدلا خلال الأونة الأخيرة، تلك الملفات التي أثارها على وجه الخصوص الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر صحفي عقده على هامش القمة، شدد فيه على ضرورة تعزيز مبادئ حقوق الإنسان في المنطقة.
أردوغان وخلال المؤتمر طالب بضرورة التحقيق في الوفاة المشبوهة للرئيس المصري الراحل محمد مرسي، مؤكدًا “لا بد من التحقيق في كل جوانب وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي، الذي فارق الحياة أثناء مثوله أمام محكمة بالقاهرة في 17 يونيو/حزيران الجاري”
“نريد أن نحقق العدل في جميع أنحاء العالم وهذا ما أظهرناه في جريمة قتل خاشقجي، ولن نسمح أن تغطى هذه الجريمة ويتم التستر عليها، ونحن دائما نضع الحقائق أمام العالم”.. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
وقال في السياق ذاته إن بلاده لن تقبل أن يتم التستر على جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل في قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من أكتوير/تشرين الأول الماضي، داعيًا محاسبة كل الضالعين في الجريمة “من أسفل الهرم إلى أعلاه”، وحث الأمم المتحدة على القيام بدورها في هذا الصدد
و طالب ولي العهد السعودي بالكشف عن قتلة خاشقجي، وأضاف “لا جدوى من البحث عن الجناة في مكان آخر”، فيما جدد تأكيده على ضرورة محاكمة المتورطين في قتل خاشقجي بإسطنبول، لأن الجريمة وقعت فيها، وقال “نريد أن نحقق العدل في جميع أنحاء العالم وهذا ما أظهرناه في جريمة قتل خاشقجي، ولن نسمح أن تغطى هذه الجريمة ويتم التستر عليها، ونحن دائما نضع الحقائق أمام العالم”.
كما لفت الرئيس التركي إلى التقرير الذي أعدته المحققة الأممية أنييس كالامار بقوله “يشمل توصيات نرجو وننتظر أن يتم تحقيقها، ويجب أن تحاسب كل الجهات التي شاركت في جريمة القتل من أسفل الهرم إلى أعلاه”، مطالبا قادة الدول الكبرى بتحمل مسئولياتهم حيال تفعيل تلك المحاكمات.
الملف السوري بدوره كان حاضرًا وإن لم يكن على المستوى المأمول خاصة في ظل مشاركة العديد من قادة الدول الضالعة في الأزمة، حيث انحصر بشكل متكرر وباهت في كلمات ولقاءات الرؤساء الثنائية، التي اكتفت ببيانات عامة عن الأوضاع في سوريا دون التطرق إلى التفاصيل أو طرق العلاج، في حين لم يلحظ البيان الختامي الموضوع السوري.
حضر الملف بشكل واضح خلال مباحثات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث طلب الأول تخفيف التوتر والحملة العسكرية على إدلب، لكن في الوقت نفسه اعتبر أن “هناك نحو 30 ألف إرهابي في إدلب”، مردفاً أنه “من المهم تجنيب المدنيين القتال”.
تطرقت القمة إلى مناقشة العديد من القضايا المالية والاقتصادية والاجتماعية، من بينها الطاقة والبيئة والمناخ والاقتصاد والتجارة والرعاية الصحية والتعليم والعمل
فيما أشار بوتين أنه أبلغ نظيره الأميركي، بالإجراءات التي اتخذتها بلاده في سوريا مضيفا أن البلدين على اتصال جيد في ما يتعلق بسوريا. وكانت الرئاسة الروسية، قد أعلنت أن الرئيسين بحثا الأوضاع في محافظة إدلب خلال لقائهما على هامش قمة العشرين. ووصف المتحدث باسم الكرملين المباحثات بين الرئيسين بـ”الإيجابية”
كما تناول الرئيس المصري مع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، آخر المستجدات على صعيد الملف الليبي، حيث قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بسام راضي، إن السيسي جدد التأكيد خلال اللقاء على هامش قمة مجموعة العشرين بأوساكا، على ثوابت سياسة مصر الخارجية، التي تستند على أهمية الحفاظ على وحدة وسلامة ليبيا، وصون مقدرات شعبها، ودعم مؤسساتها الوطنية بما يمكنها من الاضطلاع بمهامها في الحفاظ على الأمن، ومكافحة الإرهاب.
المتحدث باسم الرئاسة المصرية أفاد بأن الطرفين اتفقا على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور المكثف خلال الفترة القادمة بين مصر والأمم المتحدة إزاء الملف الليبي، فيما أكد السيسي دعم بلاده لمؤسسات ليببا الوطنية في إشارة إلى خليفة حفتر، دون التطرق إلى تفاصيل أخرى في هذا الشأن.
حضور باهت للملف السوري خلال مباحثات الرئيسين الأمريكي والروسي
الاقتصاد والتجارة
تطرقت القمة إلى مناقشة العديد من القضايا المالية والاقتصادية والاجتماعية، من بينها الطاقة والبيئة والمناخ والاقتصاد والتجارة والرعاية الصحية والتعليم والعمل، حيث تضمن جدول أعمال القمة لبعض الملفات المحورية على رأسها: الاقتصاد العالمي، ومدى تأثير العوامل الهيكلية عليه، مثل الاختلالات العالمية والشيخوخة، بالإضافة إلى طرح المخاطر الرئيسية التي تهدده.
كذك ملف التجارة والاستثمار، إذ دارت المناقشات حول تشجيع الاستثمار في البنية التحتية، فضلا عن التدابير التي تهدف لزيادة تعزيز أساس التنمية المستدامة والمرونة المالية ضد الكوارث الطبيعية مثل تمويل مخاطر الكوارث، هذا بجانب قضية الابتكار ودراسة كيفية الدفع في هذا المضمار، بما في ذلك الرقمنة، لتحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز الإنتاجية.
رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي في كلمته الافتتاحية حث زعماء دول مجموعة العشرين على توجيه رسالة قوية لدعم التجارة “الحرة والنزيهة وغير المقيدة” في الوقت الذي عبر فيه عن “قلق عميق” إزاء الوضع الحالي للتجارة العالمية، قائلا اليابان كحامل لواء للتجارة الحرة ستعزز على نحو كبير التحسن في منظومة تجارية متعددة الأطراف والمفاوضات بشأن اتفاقات للتعاون الاقتصادي.
آبي حذر في كلمته كذلك من مخاطر يمكن أن تؤدي إلى هبوط الاقتصاد العالمي، مضيفًا “لقد تكثفت التوترات التجارية والجيوسياسية”، موضحًا أن بلاده تريد أيضا أن تضيف قمة العشرين زخما إلى إصلاحات منظمة التجارة العالمية، وهو ما حرص عليه خلال الجلسات الثانئية التي عقدت على هامش القمة.