ترجمة وتحرير: نون بوست
ما هي أفضل الطرق المجربة لتحسين الكفاءة في العمل؟ طُرح هذا السؤال في الأصل على موقع كورا: الذي يعد الفضاء المناسب لاكتساب وتبادل المعرفة، وتمكين الناس من التعلم من الآخرين وفهم العالم بشكل أفضل. وتعود الإجابة على هذا السؤال إلى دنيس زدونوف، وهو رئيس قسم الاستوديو في “غلو موبايل”:
هناك الكثير من الأبحاث حول موضوع الإنتاجية، ولكن حسب تجربتي، إن معظمها زائف. وبالنسبة لمؤسسي الشركات الناشئة على وجه الخصوص، فإن الإنتاجية تتلخص في أمرين أساسيين:
1- ترتيب الأولويات
2- إيجاد التدفّق الذهني المناسب
إن كل مهارة من هذه المهارات مميزة، لكنها تؤثر حتما على بعضها البعض لأن تركيز قدرتك على تحديد الأولويات يحسّن قدرتك على إيجاد التدفّق الذهني المناسب واتباعه. ولتزيد من كفاءتك في العمل، التي تعدّ ضرورية بالنسبة لمؤسسي الشركات الناشئة، عليك أن تعمل بوعي لتطوير هاتين المهارتين. إليك ما تحتاجه لتحقيق ذلك.
مصفوفة أيزنهاور لإدارة المهام من أجل تحسين قدرتك على تحديد الأولويات.
إن العنصر الأكثر أهمية هنا هو تحديد الإجراءات التي يجب أن تنجزها بنفسك، وتلك التي يمكنك تفويضها لشخص آخر
تساعدك هذه الطريقة في تحديد المهام حسب الأولويّة من حيث الضرورة الملحة ومدى أهميتها. وحسب خبرتي كمؤسس مشارك لشركة “داري فري غايمز”، وجدت أن هذه الطريقة ذات قيمة هائلة؛ فقد كان الأمر شبيها بوجود عدد هائل من الحرائق المشتعلة، لكن استخدام هذه الوسيلة ساعدني في اختيار الحرائق التي يجدر بي إخمادها بنفسي، ومتى يجب فعل ذلك. وإليك كيفية عمل الجدول:
1- عاجلة وهامة: هي المهام التي يتعين عليك إنجازها حالا، أو المحادثات والقرارات التي يجب عليك الرد عليها على وجه السرعة.
2- ليست عاجلة ولكنّها هامة: هي المشاريع التي تتطلب تخطيطا واستراتيجية، ولكن بالإمكان تأجيلها قليلًا. ستظل بحاجة إلى تحديد أجل نهائي لهذه المواعيد وتخصيص الوقت في جدول الأوقات الخاص بك للعمل عليها، ولكنك لا تحتاج حقا إلى إنجازها اليوم.
3- عاجلة وغير هامة: هي المهام التي يجب إنجازها من خلال تفويضها لشخص آخر. فعلى سبيل المثال، فكّر في الملفات أو المستندات أو العمليات التي تحتاج إلى تحديث، فهي تحتاج إلى إنجازها بسرعة، لكن ذلك لا يتطلب تدخّلك أو تدخّل أفضل مهندس لديك.
4- غير هامّة وغير عاجلة: هي المهام التي يجدر بك حذفها بشكل نهائي من قائمة المهام الخاصة بك، أو بالإمكان تصنيفها ضمن المهام التي يجب تأجيلها إلى حين إنجاز جميع الأعمال المهمة الأخرى. قد تكون هذه من أفضل المهام التي قد تحظى بها، فهي ليست ملحة أو بالغة الأهميّة.
إن التدفق الذهني أمر هام ويجب عليك تطويره بوعي ولوحدك
إن العنصر الأكثر أهمية هنا هو تحديد الإجراءات التي يجب أن تنجزها بنفسك، وتلك التي يمكنك تفويضها لشخص آخر. ومن وجهة نظر العديد من المؤسسين الذين هم في المراحل الأولى، قد يكون هناك شعور بأن كل المهام العاجلة هي هامةّ أيضًا، وبالتالي يجب إنجاز كل ما هو هام. ومع مرور الوقت، سيجعلك استخدام مصفوفة أيزنهاور لإدارة المهام تدرك أن المهام العاجلة والمهام المهمة فئتان مختلفتان في الواقع. وبالتالي فإن القادة الأكثر فاعلية هم أولئك الذين يستطيعون التمييز بين هاتين الفئتين والتخطيط لمهامهم اليوميّة التي يجب عليهم إنجازها.
في الوقت ذاته، إن التدفق الذهني أمر هام ويجب عليك تطويره بوعي ولوحدك. فالتدفّق هو مفهوم تم تعريفه لأول مرة من طرف عالم النفس المجري الأمريكي ميهالي كسيسنتميهالي سنة 1975. وتتميّز هذه الحالة، إلى جانب أمور أخرى، بالانغماس النفسي التام في النشاط أو المشروع الذي يتمّ إنجازه.
في الواقع، هذا ما يتعطّش إليه أغلب المبدعين، سواء كانوا فنانين أو مهندسين أو كُتّابًا أو مصممين حين يجلسون لمباشرة عملهم، أو أنه على الأقل ما يبلغونه بعد تحقيقهم أمرا رائعا.
إذا كنت مبدعا من أي نوع، مثلما يكون معظم المؤسسين عادة، فمن المحتمل أنك قد جربت ذلك سواء كنت مدركا له أم لا. ويشبه الأمر بطريقة ما الطيار الآلي شديد الفعالية، حين تبدو الكلمات أو الخوارزميات وكأنها تقفز مباشرة من عقلك ومن خلال أصابعك إلى إحدى الصفحات وتكون بالكاد متحكما في العملية.
تتمثل أسهل طريقة للخروج من حالة التدفق في تكليف أحدهم بوابل من المهام غير المهمة، ويتضمن ذلك رسائل البريد الإلكتروني التي يبدو أنها تتطلب إجابات سريعة
لكن، إليك المسألة: إن إجبار نفسك على تبني حالة ذهنية تجعل من الممكن الدخول في حالة التدفق يعد تحديا. في الحقيقة، يعد ذلك أمرا تحتاج إلى تحسينه بفعالية ووعي. ولحسن الحظ، هناك خطوات يمكنك اتخاذها لزيادة احتمال دخولك في حالة التدفق. وفيما يلي، عدة طرق للقيام بذلك:
1- خصص وقتا “للتعمق”؛ يحتاج التدفق تركيزا شديدا ومسترسلا، وهو ما يتطلب في حد ذاته استثمارا من جهتك لتقليل مصادر الإلهاء، لا سيما من المهام غير المهمة ولكن التي من المحتمل أن تكون ملحة (الفئة 3 من ﻣﺼﻔﻮﻓﺔ أﻳﺰﻧﻬﺎور لإدارة المهام).
2- ضع هدفا واضحا؛ من المستحيل أن تدخل في حالة التدفق دون أن يكون لديك هدف محدد للتركيز عليه باهتمام، وإلا ستجد نفسك مشتتا. ولا يمكنك بلوغ التدفق من خلال العمل على ثلاثة أمور في آن واحد. وفي أحسن الأحوال، سيبقى تركيزك عند مستوى سطحي للأمور الثلاثة.
3- الحكم الذاتي في كيفية التعامل مع المهمة؛ تعتبر حرية الاختيار جزءا لا يتجزأ من التدفق. كما يعد هذا الأمر مهما عند تفويض المهام المهمة لزملاء العمل أيضا. وفي حال كان المشروع أمرا يحتاجه الشخص للدخول في حالة التدفق لإكماله، فإنك ستحتاج إلى التأكد من أنه يستثمر نفسه فيه ويختار بنشاط كيفية إكماله.
4- لا ينبغي أن تكون المهمة صعبة أو بسيطة أكثر من اللازم. وكما ذكرت، من الصعب الدخول في حالة التدفق حين يكون المشروع الذي تعمل عليه مملا أو مربكا. من هذا المنطلق، لا بد أن تكون المهمة صعبة بما يكفي لتكون مثيرة للاهتمام، وهو أمر مهم لتتذكره مجددا عند تفويض المهام.
هذه المهارة تتأتى من الممارسة ومن تحديد الأولويات بفعالية، مثل تخصيص وقت للعمل المركز والعميق، أو تفويض عناصر تشتت الانتباه ولكنها مهمة لأعضاء الفريق الآخرين
5- النفاذ إلى الارتجاع؛ كلما كان بإمكانك الحصول على ردود فعل بسرعة، سواء من إدارتك أو زملاء العمل أو العملاء، كان ذلك أفضل. وفي الواقع، تعتبر التغذية المرتدة الفورية السبب الذي يجعل ألعاب الفيديو غامرة ومُحفزة للتدفق. ففي لعبة ما، يكون لكل حركة تقوم بها تقريبا تغذية مرتدة إيجابية أو سلبية.
تحديد الأولويات والتدفق يتشابكان ويترابطان
تتمثل أسهل طريقة للخروج من حالة التدفق في تكليف أحدهم بوابل من المهام غير المهمة، ويتضمن ذلك رسائل البريد الإلكتروني التي يبدو أنها تتطلب إجابات سريعة، ورسائل الزملاء التي تسبب الإلهاء، والضغط الناجم عن أعمال لم تحددها بشكل صحيح على أنها “عاجلة” أو “غير عاجلة” وما إلى ذلك. في هذا السياق، يجب عليك حماية نفسك من هذه الأنواع من المخاطر من أجل بلوغ التدفق.
مع ذلك، لا بد من التذكير مرة أخرى بأن هذه المهارة تتأتى من الممارسة ومن تحديد الأولويات بفعالية، مثل تخصيص وقت للعمل المركز والعميق، أو تفويض عناصر تشتت الانتباه ولكنها مهمة لأعضاء الفريق الآخرين. ولهذا السبب، تحتاج في نهاية المطاف إلى تطوير وتنمية هاتين المهارتين جنبا إلى جنب، سواء كان ذلك لصالحك أو لصالح فريقك.
المصدر: مجلة إنك