ترجمة وتحرير: نون بوست
خلال السنوات العشر الماضية، شهد العالم ارتفاعًا غير مسبوق في النشر الرقمي والطباعة حسب الطلب وحركة التأليف المستقل، فضلا عن نمو البرامج المسموعة واستخدام أدوات التسويق عبر الإنترنت مثل موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وخدمة إعلانات أمازون لبيع الكتب.
لماذا أكتب عن الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن؟
قبل أكثر من 10 سنوات، بدأت العمل ككاتب ورائد أعمال، مما انبثق عنه تحقيق أموال طائلة، ولطالما كنتُ مفعما بالنشاط ويقودني شعور بالتفاؤل إزاء هذا الأمر. ولقد تعلمتُ كل ما أحتاج إلى معرفته حول الكتابة والنشر والتسويق وكسب العيش من كتاباتي التي أعمل على نشرها على قارئ كيندل الإلكتروني بمجرد توفره. وفي سنة 2009، بدأت بنشر أعمالي على موقع التويتر واتجهت لنشر البودكاست قبل صدور هذه التسمية أصلًا.
صورة لي رفقة كتبي
مع مرور الوقت، اعتمدت على أدوات جديدة مثل “سكرايفنر” للكتابة و”فيلوم” للنشر، كما عملتُ مع شركاء جدد مثل “إنغرام سبارك” لطباعة المحتوى و”فايند أواي فويسس” لتسجيل الصوت، بالإضافة إلى شركات كبرى على غرار آبل وأمازون وكوبو. وعلى الرغم من هذه المعاملات، لم أشهد تغييرا كبيرا في نموذج عملي على مدى السنوات العشر الماضية. وفي سنة 2016، بدأت ألتهم الكتب الورقية والصوتية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي وأعمد إلى مشاركة آرائي حول هذه التكنولوجيا الثورية والمستقبلية كل أسبوع.
وفي خضم الأشهر الستة الماضية، تغيرت نظرتي إلى الذكاء الاصطناعي من كونه تكنولوجيا قادمة من المستقبل إلى تكنولوجيا تأثث حاضرنا، كما يبدو لي الحديث عنها مثيرا للحماسة كما لو كنا في سنة 2009. وتبدو الأدوات الجديدة للذكاء الاصطناعي مرعبة بالنسبة لأولئك الذين لا يتبنون التغيير. وقبل البدأ في تصور أمور مظلمة حول مستقبلنا، يجدر بي القول إنني أشعر بالحماس إزاء عالم قوامه أدوات الذكاء الاصطناعي، وأنا مصممة على أن أكون جزء منه.
البشر مبدعون بطبعهم، ويمكن لهم خلق عالم يتجاوز أحلامهم بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي
في هذا المقال، سأسلط الضوء على الطرق التي يمكن للذكاء الاصطناعي من خلالها التأثير على نموذج عمل المؤلفين وصناعة النشر على مدار السنوات العشر القادمة، وكيف يمكننا الاستفادة من موجة التغيير عوضا عن الغرق في الطوفان القادم. وبموجب ذلك، عملت على وضع خطة مبنية على هذه الاحتمالات تفيد أنني أريد أن أقبل الذكاء الاصطناعي بدلاً من مقاومته.
1ـ الذكاء الاصطناعي سيكتب الكتب غير الخيالية والمدونات والتقارير الجديدة
وفقًا لتقرير نشرته مجلة فوربس، تُستَخدم النصوص المنشأة بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي في مجال الصحافة، كما تعتمدها شركات مثل “أوتوماتد إنسايتس” و”بيرتي” و”ناراتيف ساينس”. وفي شهر نيسان/أبريل المنصرم، نُشِر أول كتاب من تأليف تقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي يرى الباحث هينينغ شوينينبرغ أنه سيمثل شارة انطلاق عصر جديد في النشر العلمي.
نتيجة لهذا التطور، ستندثر أسطورة الكتابة والنشر بشكل سريع انطلاقا من واقع أن الإنسان لن يكون قادرا على التغلب على الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بالسرعة. وفي نهاية المطاف، لن تعاني خوارزميات الذكاء الاصطناعي من التعب وسيكون بإمكانها قراءة ملايين الأبحاث أو الكتب الأكاديمية بشكل أسرع بكثير مما يمكنك قراءته، كما أن الناشرين يحبذون هذا النوع من الموظفين المبدعين الذين لا يستحقون تلقي أي نوع من العناية.
بطبيعة الحال، سيلعب المحرر البشري دورًا مهما في اختيار المواضيع واعتماد التوجهات المتعلقة بالإنتاج، فضلا عن تحرير المنتج النهائي، لكننا نتوقع المزيد من إنشاء المحتوى من قبل تقنيات الذكاء الاصطناعي مع مرور الوقت. وفي حال كنتَ كاتبا تعمل لحسابك الخاص وتقوم بأعمال لا تحمل لمستك الشخصية، ربما عليك الاطلاع على الأفكار المدرجة أدناه.
2ـ قانون حقوق التأليف والنشر سيواجه عدة تحديات لأن كتب المؤلفين السابقين والحاليين ستستخدم لتدريب تقنيات الذكاء الاصطناعي
تطورت تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل غير مسبوق في السنوات الأخيرة بسبب الطفرة التي حدثت على مستوى تقنيات التعلم العميق والبيانات الكبيرة. ففي سنة 2016، واجه بطل العالم 18 مرة في لعبة “غو” اللوحية، لي سيدول، برنامج ألفا غو” الذي طوره قسم “ديب مايند” التابع لشركة غوغل، ليفوز البرنامج الحاسوبي عن طريق استنباط حركات جديدة تتجاوز فهم كبار المحترفين أنفسهم.
بعد تحسين البيانات، تنشأ لنا مشكلة كبرى، وهي مجموعة البيانات التي تدربت عليها الخوارزمية نفسها
وتجدر الإشارة إلى أن ألفا غو لم يُبرمج وفق تعليمات البشر، لكنه تعلم من تلقاء نفسه عن طريق لعب اللعبة وإعادة الحركات السابقة وتكرارها لتجاوز حركات البشر والتغلب عليها. وكان لهذا الأمر إحداث نقلة نوعية في عالم الذكاء الاصطناعي منذ سنة 2016، حيث لم تعد الخوارزميات مجبرة على انتظار تعليمات البشر، بل يكفي إعطاء خوارزمية التعلم العميق قدرا من البيانات والسماح لها بتدريب نفسها.
بعد تحسين البيانات، تنشأ لنا مشكلة كبرى، وهي مجموعة البيانات التي تدربت عليها الخوارزمية نفسها. ومثال هذه المعضلة، توجه روبوتات المحادثات الإلكترونية نحو التحدث بطرق عنصرية وإلقاء خطابات كراهية استنادا إلى استمدادها للبيانات من المحادثات البشرية التي تُجرى على مواقع التواصل الاجتماعي.
يبرز لنا التساؤل جليا حول ما يمكن لهذه الخوارزميات كتابته إذا ما طلبنا منها كتابة قصص رعب ومنحناها مجموعة روايات الكاتب ستيفن كينغ كقاعدة بيانات. وللقيام بهذ الأمر، يمكننا عمل نسخة أولية من هذه الرواية بواسطة أداة “آي دبليو آس أمازون كومبريهاند” التي تجد مواطن الشبه في الجمل وتحدد ملامح الأسلوب المستخدَم، ثم نستخدم أداة “توليد اللغات الطبيعية” الخاصة لخلق نص واضح. ولنا في أداة “جي بي تي2” المستندة إلى تقنيات التعلم الآلي، والتي مُنِعت بسبب خطورتها، خير مثال على جدوى وقدرة هذه التقنيات.
علاوة على ذلك، تمكنت خوارزميات التعلم العميق من كتابة سيناريو فيلم في غضون بضعة دقائق. ولا يقتصر الأمر على المحتوى المكتوب فقط، بل امتدت سطوة هذه الخوارزميات لإنشاء مقطوعات موسيقية وكتابة الشعر، ناهيك عن رسم لوحات فنية منقطعة النظير، حيث بيعت أولى هذه اللوحات بمبلغ قدره 432 ألف و500 دولار.
مما لا شك فيه، سيكون لهذه الخوارزميات دور كبير في صناعة الموسيقى والأفلام، ولن يحفل الناشرون والمنتجون كثيرا لمصدر هذه المنتجات في حال كانت بجودة مقبولة، كما سيتحقق هذا الأمر قريبا. وفور حدوث ذلك، يجب علينا الاستعداد لتداعيات انتشار تكنولوجيا قادرة على إنشاء المحتوى في وقت قياسي، ومن ذلك الإنتاج الضخم والوفير الذي سيغير شيئًا فشيئا من معاييرنا.
أنا أشعر بالحماس تجاه هذه الاحتمالات نظرا لكوني مؤلفة، فأنا أريد الاطلاع على النموذج الذي ستنشأه أداة توليد النصوص انطلاقا من الكتب التي ألفتها في السابق
بالإضافة إلى ذلك، كيف يمكن لكاتب ما تقديم شكوى بالتعدي على حقوق النشر عند اعتماد المطورين لكتاباته كقاعدة بيانات لكتاب ألفته خوارزميات الذكاء الاصطناعي؟ يمكن تصنيف هذا الفعل على أنه احتيال نظرا لأن المطورين استخدموا العمل الذي تطلب جهدا كبيرا من المؤلف. في المقابل، يكمن المشكل في عدم وجود تشابه في الجمل المستخدمة، بل في الأسلوب، وهو ما يخلق معضلة قانونية وأخلاقية.
في الواقع، أنا أشعر بالحماس تجاه هذه الاحتمالات نظرا لكوني مؤلفة، فأنا أريد الاطلاع على النموذج الذي ستنشأه أداة توليد النصوص انطلاقا من الكتب التي ألفتها في السابق. ويمكن لي استخدام مثل هذه الأدوات لإنشاء المسودة الأولى عن طريق إضافة أفكار جديدة، كما أنني قد أرغب في ترخيص استخدام هذا المنتوج والتحصل على نسبة مئوية من الربح.
قد لا يقتصر الأمر على هذه التغييرات وحسب، ليمتد ويشمل تأليف كتب تمزج بين أساليب مختلفة للعديد من الكتاب والتوصل إلى كتابة مؤلفات بصوت وروح جديدتين. ففي حال كنتُ ستيفن كينغ مثلا، سأسعى لمنح ترخيص لمنشئ النصوص الإلكترونية وحجز هذا المجال قبل أن يفعل شخص آخر ذلك.
3. تكنولوجيا إنتاج الأصوات ستحل محل صوت الراوي البشري
يمكنك بالفعل استخدام برنامج أمازون بولي لتحويل النص المكتوب إلى صوت. في الوقت الحالي، لا يمكنك نشر التسجيلات على منصات بيع الكتب المسموعة لأنها أصوات ليست حقيقية، ولكن مع الوقت سيتعذر علينا تمييز الأصوات التي تنتجها تقنية الذكاء الاصطناعي عن أصوات الرواة البشريين.
عندما يصبح من الصعب التمييز بين الأصوات غير الحقيقة وأصوات الرواة البشر، سيبيع الرواة المعروفون أصواتهم لنماذج الذكاء الاصطناعي كنوع من العلامات التجارية
يعد موقع ديب زان بتقديم حلول لتقليل الحاجة إلى استخدام الاستوديوهات وجلسات التسجيل المطولة من خلال خلق أصوات شبيهة بأصوات الإنسان. كما تدعي الشركة أنه هذه التكنولوجيا يمكن أن تقلل من الوقت والتكلفة لإنتاج الكتب المسموعة بنسبة تصل إلى 90 بالمئة. وفي الوقت الراهن، أنا أستمع إلى بعض الرواة البشر وأتساءل عما إذا كانوا روبوتات.
بالطبع، سيظل هناك مجال لإنتاج كتب مسموعة بأصوات رواة حقيقين على الرغم من أن إنتاجها وشرائها سيكون مكلفا. وإذا استمرت المنصات الرئيسية في رفض الكتب التي تم سردها من قبل أصوات أنتجتها تقنية الذكاء الاصطناعي، فمن المؤكد أنه ستظهر منصة جديدة تحتوي فقط على الكتب المسموعة التي ينتجها الذكاء الاصطناعي بحيث ستكون أرخص بكثير من الإصدارات الأخرى.
عندما يصبح من الصعب التمييز بين الأصوات غير الحقيقة وأصوات الرواة البشر، سيبيع الرواة المعروفون أصواتهم لنماذج الذكاء الاصطناعي كنوع من العلامات التجارية.
4. محرك البحث الصوتي سيتغلب على محركات البحث المستندة على النصوص
تعتبر الكتب المسموعة من أسرع وأكثر الكتب مبيعا، وسيستمر هذا النمو عندما يقلل الأشخاص من وقت استخدامهم للهاتف والتفاعل أكثر مع المساعدين الصوتيين والاستماع أكثر للكتب الصوتية. ونظرا لأهمية الصوت في عمليات البحث، أعلنت شركة جوجل في مؤتمر المطورين آي/ أو لسنة 2019 أنها ستقوم بتضمين تسجيلات صوتيات في نتائج البحث.
في غضون العشر سنوات القادمة، سيكون هناك أربعة مليارات شخص مستخدم للإنترنت، كما ستتضمن العديد من الهواتف المحمولة خدمة مساعد جوجل. وفي حال طلبت من مساعد جوجل أو سيري أو أليكسا البحث عن كتاب معين باستخدام الصوت، فإنه سيمدك به.
5. الذكاء الاصطناعي سيكون قادرا على ترجمة الكتب والمحتويات الأخرى
في معرض بكين للكتاب الذي أقيم في شهر آب/ أغسطس سنة 2018، قام تطبيق يوداو للترجمة الذي يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي بترجمة كتاب يحتوي على 100 ألف كلمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة المندرينية في 30 ثانية، في حين استغرق مترجم بشري ستة أشهر لترجمته.
لقد ساهم التعلم العميق في تطوير تطبيقات الترجمة التي تعمل بواسطة الذكاء الاصطناعي مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل للترجمة وظهور العديد من الشركات مثل شركة “ليلت” التي تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي للترجمة وتستعين بالبشر لتعديل النص المترجم وتحسينه.
إذا تم إنتاج أو صنع المحتوى بواسطة الذكاء الاصطناعي بشكل أسرع في جميع الأوساط، فإننا سنشهد طفرة في المحتوى الرقمي
في غضون ثلاث سنوات، ستتمكن منصات الترجمة الآلية التي تستخدم شبكة عصبية اصطناعية من ترجمة أكثر من 50 بالمئة من أعمال السوق التي تبلغ قيمتها 40 مليار دولار. في الواقع، يعد هذا الأمر مثيرا للإعجاب لاسيما إذا قام المؤلفون الصينيون بترجمة كتبهم إلى اللغة الإنجليزية باستخدام هذه التطبيقات، بحيث ستحصل على الكتاب كما لو أنه كتب بلغتك الأم.
6. طفرة في المحتوى الرقمي
إذا تم إنتاج أو صنع المحتوى بواسطة الذكاء الاصطناعي بشكل أسرع في جميع الأوساط، فإننا سنشهد طفرة في المحتوى الرقمي. والجدير بالذكر أن المؤلفين والناشرين يدفعون رسوما مقابل عرض إعلاناتهم في متاجر أمازون. في المقابل، سيتم كسر هذا النموذج قريبًا نظرا لأن الإعلانات أصبحت مكلفة للغاية.
لقد قلت لسنوات أنه لا بد أن يكون للكتاب بيانات تعريف خاصة به. لقد بدأت شركة “ديستريبيوتر بابليش درايف” في استخدام أداة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، والتي يطلق عليها “سافانت”، وذلك من أجل تحديد فئات الكتب كما أنها ستستخدم المزيد من أدوات الذكاء الاصطناعي لتصنيف المؤلفين في موقع البوابة. وفي الواقع، يمكنني توقع أن تقنية الذكاء الاصطناعي ستحقق توافقا بين القراء والكتب وبين الناشرين والكتب، وبين صناع الأفلام والبرامج التلفزيونية والمحتوى الذي يمكنهم ترخيصه.
7. سيتطور الإبداع الناجم عن الذكاء الاصطناعي المُعزّز وسيُقبل المزيد من الأشخاص على الكتابة
خلال مؤتمر وايرد الذي حضرته مؤخرا، تطرّق ريبس1، وهو فنان بيت بوكس دأب على خلق مشاهد بصرية بصوته على المسرح، إلى العلاقات المعززة، حيث أشار إلى أن الذكاء الإصطناعي سيساهم في نقل إبداعنا إلى عوالم جديدة من الاحتمالات.
الفن الصوتي لفنان البيت بوكس، ريبس1، في مؤتمر وايرد للذكاء الاصطناعي في لندن، حزيران/ يونيو سنة 2018
سيكون هناك دائمًا أصوليون متشددون، أولئك الذين يصرون على كبح جماح إبداع البشر، على الرغم من استفادتهم من الخدمات التي تقدمها الإنترنت. وآمل أن نحتضن المشاع الإبداعي وأن نمزج بين الإنسان والذكاء الاصطناعى لخلق شكل جديد من الإبداع.
بالنسبة لي، أنا متحمسة للغاية للإمكانيات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في هذا المجال. فعلى سبيل المثال، سيكون بإمكانك تدوين أفكارك باستخدام مساعد صوت تفاعلي، أو تأليف كتاب مسموع أو كتابة تجربة غامرة حول واقع معزّز. وستصبح إمكانيات “الترانسميديا”، التي تعتبر شكلا من أشكال السرد متعدد الوسائط، أكثر إثارة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، لا سيما وأنها تعدّ أداة ابداعية مستقلة.
عند النظر إلى التأثير واسع النطاق الذي تنطوي عليه تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، يتحدث الكثيرون عن احتمال خسارة وظائفهم، وضرورة الحصول على إعادة تدريب، والحاجة للبحث عن سبل أخرى للحصول على دخل حتى يتمكن الأشخاص من تحمل تكاليف المعيشة، والقيام بالكثير من المهام الأساسية التي اضطلع بها الذكاء الاصطناعي والتي ستتيح للناس التمتع بالمزيد من الوقت لممارسة هواياتهم المفضلة، على غرار الكتابة. في الحقيقة، يُعتبر الدافع للخلق والإبداع سمة فطرية في البشر، فالبعض يميل إلى التعبير عما يجول في أذهانهم من خلال الكتابة.
تعمل الطباعة حسب الطلب بمساعدة الذكاء الاصطناعي في المواقع الصغيرة على تمكين المكتبات من التوطين وكذلك الاستجابة للتغيرات السريعة في الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي
8. ستتحول عملية النشر إلى نموذج يحافظ على البيئة بشكل أكبر ومستدامًا باستخدام الطباعة المصغرة عند الطلب بمساعدة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تعد نماذج النشر المعتمدة حاليا إهدارا للموارد، لا سيما عندما يتعلق الأمر بإعادة أعداد كبيرة من النسخ المطبوعة، وبعض الكتب التي ينتهي بها المطاف في مكب النفايات. بالإضافة إلى ذلك، تنطوي هذه العملية على مشاكل شحن والعديد من المشاكل الأخرى المرتبطة بها. ومع تغيّر سعر الورق والتحول إلى الاقتصاد الأخضر والدعوة إلى استهلاك المنتجات المحلية، خاصة في ظل تغير المناخ، لا أعتقد أن النموذج الحالي للنشر سيتستمر لفترة طويلة.
تعتبر الطباعة عند الطلب الخيار الأكثر استدامة لعملية النشر. وعندما يطلب الحريف نسخة مطبوعة من كتاب ما، يقع طباعة نسخة واحدة وإرسالها إليه. وبذلك، نتجنّب النفايات وإهدار لب الورق وعمليات الإرجاع. بطبيعة الحال، في الوقت الراهن، تحدث الطباعة عند الطلب في مراكز محددة، وتعتبر أكثر تكلفة من عمليات الطباعة بالجملة ولكن قد يتغير هذا الأمر في حال تغير النموذج.
عموما، تعمل الطباعة حسب الطلب بمساعدة الذكاء الاصطناعي في المواقع الصغيرة على تمكين المكتبات من التوطين وكذلك الاستجابة للتغيرات السريعة في الأخبار ومواقع التواصل الاجتماعي. وتطبع المكتبات نسخة وتضعها في المتجر وفي حال رغب الحرفاء في الحصول على نسخة من الكتاب، فستعمد إلى طباعة المزيد منها على الموقع.
أعلنت شركة فيسبوك عن نيتها إطلاق عملة مشفرة خاصة بها، أطلقت عليها اسم “ليبرا”، ما من شأنها أن تمكّن العديد من المنصات الاجتماعية من اتباع نفس التوجه في البلدان الغربية
لقد كتبت منذ عدة سنوات عن كيف يمكن للواقع الافتراضي والواقع المعزز تغيير المكتبات. وما زلت أؤمن أنه يمكن أن تعزز تجربة التسوق من خلال إضفاء الطابع الشخصي على التوصيات وتمكين المتاجر من التواجد على شبكة الإنترنت بشكل أفضل، وكذلك تقديم المزيد من الكتب في المتجر مع توفير شاشات الواقع المعزز.
9. توسيع نطاق المطالعة على الهواتف المحمولة+ عمليات الدفع المصغّرة التي تتيحها تكنولوجيا الجيل الخامس والبلوكتشين= التوجه نحو المطالعة
يعدّ هذا النموذج موجودا بالفعل في الصين، لاسيما وأن العديد من الأشخاص يتوجهون لاقتناء وقراءة الكتب من خلال استخدام النظام البيئي الذي يعتمد عليه برنامج “وي شات” الذي يقوم بالدفع باستخدام الدفعات المصغّرة.
مؤخرا، أعلنت شركة فيسبوك عن نيتها إطلاق عملة مشفرة خاصة بها، أطلقت عليها اسم “ليبرا”، ما من شأنها أن تمكّن العديد من المنصات الاجتماعية من اتباع نفس التوجه في البلدان الغربية. لقد قمت بالفعل ببيع كتبي الإلكترونية مباشرة من خلال موقع “باي هيب” بالإضافة إلى الكثير من المتاجر الأخرى على الإنترنت، بالتالي سأكون سعيدة للغاية ببيع كتبي على موقع فيسبوك مباشرة.
بحلول سنة 2025، من المتوقع أن يستخدم أربعة مليار شخص آخرين شبكة الإنترنت، وهو ما جعل منصة “ستريت ليب” تعتمد على بوابة للنشر في كل بلد، وباستخدام كل اللغات. والجدير بالذكر أن عمليات الدفع المصغّرة مقابل الصفحات التي يقع قراءتها من خلال المنصات المحمولة ستناسب الجيل القادم من القراء. وفي حال تمكّن المبدعون من استخدام تكنولوجيا البلوكتشين لتحديد الملكية الفكرية من خلال سلسلة التوريد، ستكون عائدات هذه النماذج الجديدة مرتفعة.
إذا كان هذا الأمر ممكنًا خلال السنوات العشر القادمة، فما الذي يجب علينا فعله لمواكبة هذا التغيير والاستفادة من الإمكانات الإبداعية؟
أ. أقبل على هذه الأدوات، لا تقاومها.
نحن لا نتوقع أن تصل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي إلى مرحلة يتمكن فيها من خلق قصص وكتب. ولكن يمكنك توقع ظهور أدوات محددة من العالم الجديد للتعلم العميق، إلى جانب البيانات الضخمة، تمامًا مثل هاتفك الذي يحتوي على العديد من التطبيقات التي تستخدمها كل يوم. ولطالما استخدم المؤلفون أدوات للكتابة. فالقلم والورقة يحفّزان عقلك الإبداعي.
أحب الكتابة في المقاهي. ومازال القلم والورق يعتبران من الأدوات
خلال السنوات العشر الأخيرة، بدأنا في استخدام أدوات الكتابة، على غرار برنامج “سكريفنر”، وأدوات التهيئة على غرار تطبيق “فاليوم”، ومنصات النشر مثل أمازون كي بي دي، بالإضافة إلى الأنظمة الأساسية المطبوعة حسب الطلب مثل “انغرام سبارك”.
ب- رهان مضاعف على أن تكون إنسانا
تُعتبر شركات النشر أعمالا تجارية، حيث ستستخدم كل الأدوات التي يمكنها خفض تكاليف أعمالها. في المقابل، لن يكون المؤلفون سوى منشئو محتوى فحسب، وفي نهاية الأمر القرار الأخير للمحاسبين. ولا يمكنك أن تنافس سرعة الذكاء الاصطناعي في الوقت القياسي الذي يستغرقه كتابة سيناريو، أو إنشاء كتاب مدرسي، أو ترجمة كتاب. ولكن هناك شيء واحد لا يمكن للذكاء الاصطناعى القيام به، يتمثل في إضفاء طابع شخصي على الكتابة. واستخدم تجربتك وصوتك لربط الصلة بالكلمة المكتوبة.
في الختام، أعتقد أن السنوات العشر القادمة ستشهد تحولا أكبر، حيث يواجه المؤلفون والناشرون تحديا كبيرا، ألا وهو الاعتماد الكلي على التكنولوجيا التي تدعم الذكاء الاصطناعي.
المصدر: ذي كرياتف بن