ترجمة حفصة جودة
تجد سلمى محمود – أم لثلاثة أطفال من المملكة المتحدة – صعوبة في حجز عطلة، فمثل الكثير من المسلمات ترغب سلمى في الحصول على عطلة تحت أشعة الشمس، لكنها تريد أيضًا مكانًا تجد فيه الخصوصية لأسباب إيمانية.
تقول سلمى: “أحب السباحة والحصول على حمام شمس، في الماضي كنت أحجز فيلا خاصة في إسبانيا أو مالطة، ورغم روعتهم كان هناك بعض العقبات، كان لا بد من الحصول على تأكيد خاص من المالك إذا كان المكان يخضع للمراقبة أم لا”.
أما المنتجعات فليست أفضل حالًا، تقول سلمى: “قبل 3 أعوام ذهبت إلى منتجع لكنني كنت أشعر بالتقيد، فلم يكن بإمكاني الحصول على حمام شمس أو السباحة إلا عند ارتداء البوركيني، كما أن أطفالي تعرضوا لرؤية الأشخاص العراة الذي يحصلون على حمامات الشمس”.
عارضات أزياء مسلمات يعرضن ملابس السباحة للمحجبات “البوركيني” في أحد متاجر سيدني
تضيف سلمى أن بعض المنتجعات الخاصة كانت بعيدة ومنعزلة مما يعني ضرورة استئجار سيارة، وكان البحث عن تلك المنتجعات مضيعة للوقت فقد كانت تضطر للبحث في مئات الصور والذهاب إلى الكثير من العقارات.
لكن عطلة العام الماضي كانت مختلفة، فقد تمكنت سلمى من حجز عطلة حلال في منتجع إسلامي، تقول سلمى: “كان الحجز شاملاً لكل شيء بالإضافة إلى وجود حمام سباحة منفصل للنساء، لقد كان مذهلًا، واستطاعت النساء عدم ارتداء الحجاب والسباحة بارتداء البيكيني في بيئة منفصلة لهن فقط”.
سلطة الإنفاق
ازداد التوجه نحو العطلات الحلال في مجال صناعة السياحة مثله مثل الموضة المحتشمة ومنافذ بيع الطعام الحلال، مما يعكس الإنفاق المتزايد بين المسلمين، هذا النوع الجديد من العطلات يستهدف المسلمين خاصة النساء اللاتي يرغبن في الحصول على مكان يمكنهن فيه خلع الحجاب والحصول على بشرة سمراء دون التخلي عن الالتزامات الدينية.
في الشرق الأوسط، أثبتت المنتجعات الحلال شعبيتها واعدة بعطلة راقية ومنعزلة ومكان لا يواجه فيه المسلمون التمييز والعنصرية، ومن المتوقع أن تلتزم تلك المنتجعات بالقيم الإسلامية مثل وجود أماكن للصلاة ومناطق لا يُقدم فيها الكحوليات.
صفحة حجز العطلة الحلال التي تقدم خيارات متنوعة للمسافرين
وفقًا لصحيفة التايمز عام 2017، كانت العطلات الحلال سوقًا مزدهرة تبلغ قيمتها أكثر من 100 مليار إسترليني (نحو 125 مليار دولار) في العام، ومن المتوقع أن تصل إلى 274 مليار دولار في 2023، يعمل يوفك سيكجن مدير التسويق في موقع “HalalBooking.com” الذي تأسس عام 2009 استجابة للفجوة في السوق، ورغم أن الموقع لديه أقل من 50 موظفًا فإن مبيعاته ارتفعت بأكثر من 90% خلال السنوات الثلاثة الماضية بالحجز لنحو 70 ألف عميل من جميع أنحاء العالم في 2018.
يرى سيكجن أن هذا الارتفاع نتيجة النمو الديموغرافي للمسلمين خاصة في الدول الغنية مثل المملكة المتحدة وألمانيا، الذين يرغبون في القيام بتجارب جديدة ومختلفة، فيقول: “جزء كبير من عملائنا يعيشون في أوروبا، وهم غالبًا من الجيل الثاني أو الثالث من المهاجرين الذين لم يعودوا يشعرون بحاجتهم إلى قضاء جميع العطلات في زيارة الأقارب أو العودة للوطن، وبدلاً من ذلك أصبحوا يفضلون تجربة نوع مختلف من العطلات”.
يقول سيكجن إن النساء المسلمات يستطعن ارتداء البوركيني (رغم أنه محظور في بعض المناطق في فرنسا) أو السفر إلى دول ذات أغلبية مسلمة، إلا أن الكثير منهن لا يرغبن في التقيد، إنهن يبحثن عن أماكن يستطعن فيها ارتداء البوركيني حسب رغبتهن أو ارتداء البيكيني في بيئة للإناث فقط.
هل ترحب جميع الأماكن بالمسلمين؟
ترى إيلينا نيكولوفا مؤسسة موقع “MuslimTravelGirl” أن زيادة العطلات الحلال يرجع إلى عامل رئيسي وهو زيادة معدل إنفاق الشابات المسلمات، حيث تقول: “تحصل الفتيات المسلمات اليوم على رواتب جيدة كما أنهن يتأخرن في الزواج، وهن يعلمن أن هناك حياة أخرى أكثر من مجرد العمل أو الزواج وتأسيس أسرة، هناك المغامرة والمرح واكتشاف الذات قبل اتخاذ تلك الخطوة الكبيرة في الحياة”.
الاحتجاج على قرار أمريكا بحظر سفر المسلمين عام 2017
تتضمن مميزات المنتجع النسائي النموذجي شواطئ مخصصة للنساء فقط وحمامات سباحة ومنتجعات صحية وستائر لضمان الخصوصية، ونقاط تفتيش أمنية دقيقة وصارمة عند المدخل، ويحظر دخول معدات التسجيل مثل الهواتف والكاميرات ويمنع دخول الذكور فوق عمر 6 سنوات.
بدأت نيكولوفا مدونتها عام 2013 حيث تقول: “في ذلك الوقت لم تكن هناك مواقع سفر إسلامية مثل اليوم، وبالنسبة لي كشخص تحول إلى الإسلام وكنت أحب الشواطئ من قبل، فقد عانيت كثيرًا ولهذا بدأت مفهوم فيلا المحجبات، تقدم الفيلا خصوصية للنساء المسلمات بحمام سباحة خاص”.
بالنسبة للآخرين مثل مدونة السفر المسلمة إسراء الحمال التي تكتب في “ArabianWanderess” فإن وجهات العطلات الصديقة للمسلمين تدور حول توفير مساحة آمنة، تقول إسراء: “عندما أبحث عن وجهة ما، أقرأ عن معاملتهم للمسلمين، فهو أمر مهم، السفر ممتع لكن ليس هناك حاجة للذهاب إلى أماكن مثيرة للجدل ولا ترحب بالمسلمين خاصة إذا كان علامة إسلامك واضحة”.
هل تكلفة السفر الحلال أكبر؟
تعد تركيا من أكثر الدول شعبية لزيارات المسلمين، والأسباب متعددة: فهناك تراثها التاريخي وشواطئها النظيفة وحياة المدينة والتقاء الشرق بالغرب، وبينما بقيت سلمى في موغلا جنوب غرب تركيا، فهناك مناطق تركية أخرى تشهد ارتفاعًا في الشواطئ الخاصة بالنساء والمنتجعات الصحية وحمامات السباحة مثل إزمير في الغرب وأنطاليا على الساحل الجنوبي.
حمام سباحة للرجال فقط في أنطاليا بتركيا
تقول نيكولوفا: “تمتلك تركيا المقومات الأساسية لتصبح وجهة العطلات الحلال، فمناخها جميل وتمتلك منتجعات جيدة وطعام حلال وفهم المسافر المسلم، تعد تركيا الخيار الأساسي للمنتجعات الحلال في الوقت الحاليّ، ويشعر الناس بالأمان هناك لأنهم يعلمون أن المكان به مسلمين آخرين مما يمنحهم شعورًا بالراحة”.
لكن هذه المنتجعات الخاصة ذات تكلفة أعلى، تقول الحمال التي تشارك تجربتها في السفر كفتاة مسلمة محجبة إن المسلمات اللاتي يبحثن عن الخصوصية، ينتهي بهن الأمر بدفع مبالغ مالية كبيرة، وتضيف: “عادة ما تكون الفيلا الخاصة أكبر تكلفة حتى داخل الدول المسلمة، وربما تكون أرخص إذا كانت لأسرة كبيرة أو مجموعة من الفتيات معًا، لكنها تظل الأعلى سعرًا لتوفير الراحة والخصوصية”.
تقول سارة أونيل من موقع “Halal Travel Escapes” (محرك بحث للمسافرين المسلمين) إن هناك زيادة في الدفع مقابل تلك العزلة، وتضيف: “للأسف هناك القليل من صفقات العطلات الحلال ولا يمكن العثور عليها وحجزها إلا من خلال وكالات سفر مملوكة للمسلمين”.
ردهة فندق جايا في تايوان الذي يقدم طعامًا حلالاً وبه أماكن مخصصة للصلاة
يسمح موقع “Halal Travel Escapes” للزائرين باختيار العطلة المناسبة لميزانيتهم، كما يمكن للناس حجز فنادق صديقة للحلال، لكنهم في تلك الحاجة سيحجزون رحلة الطيران وأي عطلة إضافية بأنفسهم، ومثال على ذلك، يكلف أسبوع واحد في منتجع صحي نسائي بالنمسا في شهر أغسطس 1675 دولارًا على موقع “HalalBooking.com”، هذا المنتجع ذو النجمات الأربعة يقدم طعامًا حلالاً ومركزًا صحيًا بضمان خصوصية بنسبة 100% مع مرافق فاخرة.
تجارب جديدة
نظرًا لأن المسافرين يبحثون عن تجارب جيدة، تلبي المزيد من شركات السفر الحلال احتياجات السوق المتزايدة خارج منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك مراكز المدن مثل لندن وبرشلونة وروما وبرلين.
ووفقًا لخبير ومستشار السفر كونر ديكنز فإن العديد من الأماكن بالفعل أصبحت مجهزة جيدًا نتيجة تدفق السياح من الشرق الأوسط خاصة دول الخليج، ويضيف: “تحاول معظم المنتجعات الآن تقديم خدمات الطعام الحلال، وحتى الأماكن الرئيسية الموجودة منذ سنوات تسعى للحفاظ على ازدهار عملها بتقديم الطعام الحلال دون تكلفة إضافية”.
يقول نبيل شريف مدير شركة سفريات “Serendipity Tailormade” إنه لم يعد من الصعب العثور على عطلة حلال لأن السوق أصبح تنافسيًا بشكل كبير، وحتى الرحلات القصيرة التي يقوم بها المسافرون لاكتشاف تجارب جديدة أثبتت شعبيتها أيضًا.
تشجع الشركة عملاءها على السفر خارج مناطق الراحة وحتى خارج المناطق ذات الأغلبية المسلمة بما في ذلك نيوزيلندا والفلبين، يقول شريف: “نرى أن الرحلات القصيرة مفضلة في حالات السفر للاستكشاف والمرور بتجربة جديدة، لقد أصبح السفر أكثر سهولة من أي وقت مضى، وتعد الفتيات المسافرات حافزًا أساسيًا لاتخاذ القرار باستكشاف مكان جديد”.
المصدر: ميدل إيست آي