ترجمة وتحرير: نون بوست
إن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن تدريب أجهزة الكمبيوتر على تعلم لغة البشر أعلى بخمسة أضعاف من انبعاثات سيارة متوسطة في دورة حياتها الكاملة.
هذا هو الاستنتاج الرئيسي الذي توصل إليه باحثون من جامعة ماساتشوستس في أمهرست، بعد القيام للمرة الأولى بتقييم التأثير البيئي لتدريب نظام الذكاء الاصطناعي.
حللت الدراسات بدقةٍ الطاقة التي يستهلكها نموذج معالجة اللغة الطبيعية. وهذه الطاقة ناتجة عن الكم الهائل من البيانات التي يتم استخراجها من الإنترنت ومعالجتها من خلال أنظمة الكمبيوتر. وقد حققت أنظمة التعلم الآلي تطورات ملحوظة في السنوات الأخيرة، حيث تم تطبيقها بشكل متزايد على الأدوات الشائعة مثل المترجمين الآليين، وروبوتات الدردشة، والمساعدين الشخصيين في بعض الهواتف الذكية وأنظمة وصف الصور الطبيعية.
عرض تقديمي لمنتجات أمازون على أساس التعلم العميق
كشف التقرير أن عملية تطوير تقنيات “التعلم العميق” في تخصصات مثل “التعلم الآلي”، الذي يعد من فروع الذكاء الاصطناعي الذي “يدرب” أجهزة الكمبيوتر على التعرف على الكلام البشري وتعلمه، ينتج 284 طنا من ثاني أكسيد الكربون المكافئ. وهذا المستوى مشابه لانبعاث الغازات الصادرة عن حوالي 47 مواطنا إسبانيا خلال سنة، وذلك إذا أخذت آخر البيانات المتاحة عن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد كمرجع.
حلل الباحثون أربعة نماذج من معالجات اللغة الطبيعية الأكثر تقدما، بما في ذلك المحولات، والتصحيح التلقائي للنصوص، ونموذج اللغة جي بي تي-2
يعترف جوردي توريس، وهو أستاذ وباحث في اتحاد الوطنيين الكونغوليين في مركز برشلونة للحوسبة الفائقة، بأن هذه النماذج تستهلك الكثير من الطاقة خلال مرحلة التدريب، لكنه يؤكد أنه “بمجرد التدريب، تكون هذه النماذج ذات كفاءة عالية في استخدام الطاقة، وبمجرد أن تصبح جاهزة ستكون فعالة للغاية. ويمكن استخدامها علنا (في حالة المترجمين الآليين) ويمكن أيضا إعادة استخدامها لتحسين المنتجات الناتجة”. ونوه الخبير بأن هذا الأمر أشبه “باستغراق سنوات في تدريب مهندس، الذي بمجرد تخرجه سيعمل على تطبيق ما تعلمه سريعًا وهو ما سيولد قيمة”.
سيمي، روبوت ذكاء اصطناعي يساعد المسافرين في مترو برلين
في هذا التقرير، قام الباحثون بتقييم النفقات التي ينطوي عليها تطوير هذه الشبكات العصبية، بما في ذلك تكلفة عتاد الحاسوب، واستهلاك الطاقة المطلوب، والصيانة (أنظمة تكييف الهواء التي تحتاجها هذه الآلات) إلى جانب تكلفة تخزين البيانات في أنظمة الحوسبة السحابية. وبناء على هذه النتائج، يوصي الخبراء بعدة تدابير تهدف إلى تقليل التكاليف المالية والبيئية لصناعة الذكاء الاصطناعي.
في هذا الصدد، حلل الباحثون أربعة نماذج من معالجات اللغة الطبيعية الأكثر تقدما، بما في ذلك المحولات، والتصحيح التلقائي للنصوص، ونموذج اللغة جي بي تي-2. وفي أحد الأمثلة المقدمة في التقرير احتاج أحد المعالجات مدة “تدريب” تصل لـ 274 ألف ساعة لتقديم نتائج دقيقة. وخلال هذه العملية، أصدر المعالج كمية من ثاني أكسيد الكربون تعادل تلك المنتجة خلال 300 رحلة ذهاب وإياب بين مدريد ونيويورك.
يتم حساب الكميات المنبعثة من ثاني أكسيد الكربون بناء على أعباء العمل المنجزة عن مراكز البيانات “الأرضية”، وليس في “السحابة”. ووفقا للتقرير، تعد الحوسبة السحابية صديقة أكثر للبيئة، نظرا لأن مراكز بيانات السحابة تحصل على قدر كبير من الطاقة من المصادر المتجددة.
أنظمة التعرف على الوجه التي أصبحت أكثر شيوعا في الصين
من جانبه، يعتقد جوردي توريس، أحد أعضاء الفريق الذي يعمل مع حاسوب ماري نوستروم العملاق في برشلونة، أن تقديرات باحثي أمهرست قد تكون صحيحة، ولكنها تتطلب أن تكون الخوارزميات التي تستند إليها الدراسة لتقييم استهلاك الطاقة من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تم تحليلها “بعيدة المنال نوعا ما”، مما يزيد من الحاجة إلى الطاقة (وبالتالي التأثير البيئي).
حسب توريس فإن “النماذج التي تعتمد عليها هذه الدراسة تعمل من خلال ما نسميه القوة الغاشمة: أي اختبار جميع الخيارات “الأولية”، التي تجعل الآلة تولد جهدا أكبر وبالتالي تستهلك طاقة أكثر”. وأوضح توريس أن “العنصر المعتاد هو العمل بطريقة أكثر دقة، والتفكير أكثر في خيارات الإعدادات القابلة للتطبيق قبل التنفيذ وبذلك يتم توفير الطاقة غير الضرورية”.
في الختام، خلص توريس إلى أنه “يجب أن نأخذ بعين الاعتبار التطورات التي ينطوي عليها الذكاء الاصطناعي، على غرار تحسين عملية تشخيص الأمراض المحتملة عبر الأشعة السينية. ولكن لا يمكن مقارنتها بالتكلفة البيئية للأنشطة البشرية، التي لم تكن مهمة في السابق وأصبحت منتشرة على نطاق واسع الآن مع أنها لا تحقق أي فائدة تذكر للبشرية، مثل ركوب طائرة للذهاب في إجازة”.
المصدر: لافانغوارديا