ترجمة وتحرير: نون بوست
قبل حوالي مئة سنة تقريبًا، كان رئيس الولايات المتحدة يسعى لتحقيق “صفقة القرن” في الشرق الأوسط. وفي الواقع، لم يكن الأكاديمي المسيحي هنري كينغ من كلية أوبرلين، ولا الصناعي تشارلز كراين الذي اكتسبت أسرته ثروتها من بيع المراحيض في شيكاغو، شبيهين بجاريد كوشنر، ولم يكونا صهري الرئيس الأمريكي. لكن وودرو ويلسون أرسلهم في جولة طموحة سنة 1919 عبر أنقاض الإمبراطورية العثمانية لمعرفة ما الذي يمكن تقديمه للعرب المسلمين والمسيحيين واليهود في الشرق الأوسط، إلى جانب الأتراك والأرمن واليونانيين.
منذ مئة سنة، مدّ كل من كينغ وكراين واشنطن بسلسلة من التوصيات التي من شأنها أن تلقي بظلالها المظلمة علينا، حتى في وقتنا هذا. وعلى عكس كوشنر والسفير الأمريكي الصهيوني الحالي لـ”إسرائيل” ديفيد فريدمان، لم يتجول كينغ وكراين في المنطقة للتحدث إلى أغنى العرب الذين كان بإمكانهما العثور عليهم، كما أنهما نجحا في مقابلة اليهود والعرب في فلسطين. وقد كانا يهدفان لمعرفة ما إذا كان من الممكن تطبيق مبدأ الرئيس ويلسون المتمثّل في حق تقرير المصير على الأرض المقدسة.
لا تحظى وزارة الخارجية الأمريكية اليوم بأي وجود معتبر، نظرا لأن ترامب قد قضى على هذا الكيان منذ فترة طويلة
تجوّل كينغ وكرين فوق الجبال وعلى طول أنهار الشرق الأوسط خلال منتصف صيف سنة 1919، وسافرا عبر مسارات السكك الحديدية القديمة ومسارات الخيول، وأبحرا على ساحل البحر المتوسط. وقد زارا 36 مدينة وبلدة، بما في ذلك القدس ويافا ودمشق وبيروت وطرابلس وحمص وحماة وحلب، واستمعا مباشرة إلى وفود من 1520 قرية، وتلقيا 1863 عريضة.
فضلا عن ذلك، سقطا من على ظهر الخيل، وأصابهما دوار البحر، وأكلا على طاولة الحكّام البريطانيين والملك فيصل. وفي قصر هذا الملك، ارتديا الملابس العربية وانغمسا في وجبة مكونة من خمسة أطباق في وعاء بخار عملاق. وفي النهاية، قدّما تقريرًا عن الوضع، لكن ويلسون كان مريضًا جدًا فلم يكن بإمكانه قراءته، وقامت وزارة الخارجية الضعيفة بإخفائه.
دبابة سورية عثر عليها في نهر جبل الشيخ في محمية بانياس الطبيعية على الطرف الغربي من مرتفعات الجولان التي تحتلها “إسرائيل”. واستولت” إسرائيل” على المنطقة، التي كانت منزوعة السلاح سابقًا، في حرب الأيام الستة سنة 1967.
لا تحظى وزارة الخارجية الأمريكية اليوم بأي وجود معتبر، نظرا لأن ترامب قد قضى على هذا الكيان منذ فترة طويلة، وحتى وزير الخارجية السابق كان عليه أن يعترف بأن كوشنر أبقاه في الظلام. لكن ويلسون كان يثق في كينغ وكراين ومساعديهما، علما بأنهما كانا كل ما تبقى من اللجنة الدولية التي كان من المفترض أن تضم دبلوماسيين من بريطانيا وفرنسا. للأسف، قضى بلفور واتفاقيّة سايكس بيكو بالفعل على لجنة كينغ-كراين قبل أن تنطلق بالقطار من باريس عبر البلقان ثم إلى القسطنطينية.
في عصرنا الحالي، يسعى كل من كوشنر وترامب إلى تحقيق “صفقة القرن” البائسة الخاصة بهم لتدمير أي إمكانيّة لوجود دولة فلسطينيّة مستقبليّة وسط تمويلات دول الخليج العربي. ولم يتذكّر أي أميركي أو أوروبي أو عربي أو مسلم أو إسرائيلي أن هذه هي الذكرى المئوية لأكبر استطلاع غربي تم إجراؤه على الإطلاق حول ما يريده سكان الشرق الأوسط من أجل مستقبلهم. ألا يستحق هذا الحدث أن يحظى بذكرى صغيرة في هذه السنة الحافلة بالخيانة والخطر في الشرق الأوسط؟
يجدر بنا أن نشير إلى أن محافظة سوريا في عهد العثمانيين كانت تتضمّن ما أصبح الآن لبنان و”إسرائيل”/ فلسطين والأردن
من بين الاستنتاجات التي توصلت إليها لجنة كينغ-كراين أن معظم سكان منطقة الشرق الأوسط أرادوا العيش تحت ولاية أمريكية. بعبارة أخرى، إن معظمهم يثقون في الولايات المتحدة قبل كل القوى الغربية الأخرى (فقد كرهوا الفرنسيين ولكنهم لا يثقون في البريطانيين) لحماية دولتهم في مسيرتها نحو الاستقلال. لم يسبق أن عبّر العرب عن إيمانهم بالولايات المتحدة بهذا القدر، ولم يسبق أن تمّ استثمار الكثير في مطالب الولايات المتحدة بحق تقرير المصير، قبل أو منذ سنة 1919. يا لها من ذكرى سنوية ولكن لا عجب أننا نسيناها!
يجدر بنا أن نشير إلى أن محافظة سوريا في عهد العثمانيين كانت تتضمّن ما أصبح الآن لبنان و”إسرائيل”/ فلسطين والأردن. وقد وردت في التقرير الأمريكي الخلاصة التالية: “نحن نوصي… بأن تبقى سوريا بما في ذلك فلسطين ولبنان متحدة وفقًا لرغبات الأغلبية العظمى… وتكون سوريا تحت ولاية واحدة… ويكون الأمير فيصل (ملك العراق سابقا) ملك الدولة السورية الجديدة … وأن يتمّ تعديل البرنامج الصهيوني المتطرف في فلسطين بجدية… وفي حال لم تتولى الولايات المتحدة هذه المهمّة لأي سبب من الأسباب، فستفوّض المهمة إلى بريطانيا العظمى”.
في سنة 1919 انحنى الأمريكيون أمام القوى الإمبريالية القديمة التي فازت، بمساعدتهم، في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا والنمسا المجر والإمبراطورية العثمانية التركية
أوضحت اللجنة أن البريطانيين يجب أن يكونوا القوة الإلزامية الرئيسية إذا لم يكن الأمريكيون يرغبون في تولي هذه المهمة. كان من المتوقع أن تحتل الولايات المتحدة دولة أرمينيا الجديدة وتحميها من الجيوش التركية التي قتلت لتوها مليون ونصف أرمني في الإبادة الجماعية سنة 1915؛ لقد كان التزاما أخلاقيا انسحبت منه واشنطن دون تردد. وفي النهاية، قوّض إعلان بلفور الذي عبّرت من خلاله بريطانيا عن دعمها لإنشاء “وطن قومي للشعب اليهودي” في فلسطين، واتفاقية سايكس بيكو التي مكّنت بريطانيا وفرنسا من اقتسام بلاد الشام بينهما، كل تطلعات كينغ وكراين.
لكن في سنة 1919 انحنى الأمريكيون أمام القوى الإمبريالية القديمة التي فازت، بمساعدتهم، في الحرب العالمية الأولى ضد ألمانيا والنمسا المجر والإمبراطورية العثمانية التركية. وعندما أثبتت هاتان القوتان مدى فشلهما خلال حرب السويس سنة 1956، عادت الولايات المتحدة إلى السلطة في الشرق الأوسط، بينما تخلت بريطانيا بالفعل عن فلسطين قبل عقد من الزمن تقريبًا.
خريطة الشرق الأوسط الخاصة بهاينريش كيبرت منذ سنة 1916 (مكتبة الكونغرس)
حتى نكون منصفين، كانت تركيا في سنة 1919 لا تزال تعيش حالة حرب أهلية في بدايتها، ووصل اليونانيون إلى سميرنا بدعم من الحلفاء وخمس سفن حربية أمريكية توفر لها الحماية، وقاتلوا متجهين شرقًا نحو أنقرة، وارتكبوا العديد من الفظائع في الطريق. وتعرض الجيش الفرنسي لنيران جيش المقاومة المتنامي بقيادة مصطفى كمال أتاتورك في سيليسيا.
ربما كان وقت اللجنة الأمريكية مخصّصا أكثر لتركيا والأراضي المحيطة بها مقارنة بما نعرفه اليوم بشكل أضيق على أنه الشرق الأوسط. وبما أن مبادئ وودرو ويلسون بشأن حق تقرير المصير قد مُحيت بسبب مرضه والعزلة المتزايدة للولايات المتحدة، هل كان من المفاجئ أن تقوم واشنطن بإخفاء تقرير لجنة كينغ-كراين ومن ثمّ تنشره بعد ثلاث سنوات بشكل سريّ في الولايات المتحدة؟
عندما انطلق الأمريكيون في رحلتهم، حملوا معهم مجموعات من الوثائق لقراءتها خلال الجزء الأول من رحلتهم، وتنوّعت هذه الوثائق من المقتطفات الصهيونية إلى الكتيبات الإرشادية
منذ البداية، حامت شكوك جدية حول إمكانيّة سفر اللجنة الأمريكية إلى الشرق الأوسط. ووفقًا للدراسة التاريخية الهامة التي أجراها الدبلوماسي الأمريكي هاري هوارد، بعد حوالي 40 عاما، ظنّ الفرنسيون أن الأمريكيين “صادقون جدًا في رغبتهم في التعامل مع الشرقيين”. وفي هذا الصدد، بذل الفرنسيون قصارى جهدهم لتدمير اللجنة، كما أقنعوا لويد جورج بالانسحاب منها. ومع ذلك، كتب الملك فيصل في رسالة إلى ويلسون أنه ما إن يزور مندوبوه سوريا، فإنهم “سيجدون دولة متحدة في حبها وامتنانها للولايات المتّحدة”.
عندما انطلق الأمريكيون في رحلتهم، حملوا معهم مجموعات من الوثائق لقراءتها خلال الجزء الأول من رحلتهم، وتنوّعت هذه الوثائق من المقتطفات الصهيونية إلى الكتيبات الإرشادية، بالإضافة إلى أحد مجلدات غيرترود بيل الأولى وحتى مجلد تشارلز دوتي لسنة 1888 بعنوان “الترحال في صحاري العرب”.
في المقابل، وردت ملاحظة مثيرة للاهتمام والقلق في الآن ذاته في مذكرة قدمها أحد الموظفين التقنيين التابعين للجنة كينغ-كراين، قال فيها: “من الضروري الإشارة إلى أهميّة حفاظ الولايات المتّحدة على مكانتها القوية في تجارة البترول… وفي ظلّ استنفاد الموارد البترولية المحلية للولايات المتحدة… وانخفاض الإمدادات الخاصة بنا… فإن منح الصناعة الأمريكية الحق في أن يكون لها جزء من مصادر البترول الموجودة في الشرق الأوسط، أمر في غاية الأهميّة”.
انتقد جاريد كوشنر القيادة الفلسطينية لعدم حضور أي عضو تابع لها في المؤتمر الذي عُقد في المنامة
قبل مئة سنة، لعب النفط دورا هاما في الحد من تأثير كل الخطابات الأمريكية اللطيفة المتعلقة بتقرير المصير الوطني للمنطقة. كان سماع اللجنة وهي تبشّر بأنه ينبغي على البريطانيين في فلسطين “أن يحرسوا الأماكن المقدسة والأرض بأكملها لصالح جميع الأشخاص المهتمين، وليس اليهود فحسب”، أمرا يبعث على الاشمئزاز، خاصة عندما وافق معظم أعضاء اللجنة على شروط إعلان بلفور.
قال قائد يهودي يدعى فيليكس فرانكفورتر، في رسالة إلى ويلسون: “بصفتي أميركيًا شغوفًا، أنا بالطبع أكثر شغفًا بأن اليهود يجب أن يكوّنوا قوة بناءة وليست تخريبية في النظام العالمي الجديد”. من جهتهم، قدّم المحافظون والضباط العسكريون البريطانيون الشاي والعشاء للزوار الأمريكيين الذين قدموا إلى فلسطين. وأعار الجنرال إدموند ألنبي، محرّر القدس ودمشق، الأمريكيين يخته الخاص “الاشبين” للسفر إلى ساحل بلاد الشام.
خلص تشارلز كراين إلى أن عددا هاما من المسلمين والموارنة (وهم طائفة دينية مسيحية) والدروز والطوائف المسيحية الأخرى التي هاجرت عائلاتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية “كانوا شديدي الولاء” للولايات المتحدة
يشتبه كينغ وكراين في أن بعض العرب الذين وقع اختيارهم قدموا العديد من العرائض المحلية، حيث آثرت لجنة مسيحية مسلمة الوحدة السورية مع فلسطين في ظل الانتداب البريطاني (مما سمح للبريطانيين بإدارة الأراضي المختارة في سوريا/ لبنان بموجب اتفاقية سايكس بيكو). ومن ثمّ طلب وفد صهيوني إقامة وطن قومي يهودي يتماشى مع وعد بلفور. كما ادعى الكثير من المسلمين ونسبة كبيرة من المسيحيين وربما بعض اليهود أن سوريا، وهي الأرض التي أصبحت اليوم سوريا ولبنان وفلسطين/”إسرائيل” والأردن، “كانت قادرة تقريبًا أو كليًا على تحقيق حكم ذاتي كامل، على الرغم من الحاجة لبعض الوقت… والمشورة والمساعدة المالية”.
خلص تشارلز كراين إلى أن عددا هاما من المسلمين والموارنة (وهم طائفة دينية مسيحية) والدروز والطوائف المسيحية الأخرى التي هاجرت عائلاتهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية “كانوا شديدي الولاء” للولايات المتحدة. وهو الأمر الذي ساهم في “جعل الشعبين السوري والفلسطيني يثقان في الولايات المتحدة”. إن وجود ما يعرف الآن بالجامعة الأمريكية في بيروت يضيف رونقا للولايات المتحدة. لقد كان اليهود الصهاينة فحسب، الذين كانوا يمثلون حوالي عُشر السكان، يرغبون في إقامة الوطن القومي اليهودي. في المقابل، قال العرب إنهم “يملكون … الأرض … وموجودين هناك قبل اليهود … [فاليهود] … طُردوا من قبل الرومان وأقاموا بشكل دائم في مكان آخر قبل 1300 سنة”.
عندما وصل كينغ وكراين إلى دمشق، تلقيا مطالب من “أهل الساحل” بشأن “الحصول على الاستقلال التام لسوريا والحفاظ على حدودها الطبيعية، بما في ذلك جبال طوروس في الشمال [أي الحدود التركية الجنوبية]، ونهري خابور والفرات في الشرق، وهو الخط الفاصل بين العقبة ورافا في الجنوب، والبحر الأبيض المتوسط في الغرب. وهي المواقع بين الحدود المصرية ووسط العراق والبحر. وقد استمرت المطالب الرافضة “لهجرة الصهاينة إلى بلادنا وجعل فلسطين… موطنًا لليهود” على الرغم من أن رفض الوصاية الفرنسية على الدولة السورية كان يبدو أكثر أهمية بالنسبة لـ ” أهل الساحل” مقارنة بخوفهم من الاستيطان اليهودي.
أرسل الفرنسيون، الذين كانوا يعتبرون أشد قسوة من البريطانيين، وفودا إلى الأمريكيين، عندما زاروا مدينة طرابلس السورية آنذاك (اللبنانية الآن)، حيث أُعطيت الأولوية للمسيحيين الذين كانوا يفضلون الانتداب الفرنسي على المسلمين الذين كانوا يرغبون في الحصول على الاستقلال التام
كان رئيس بلدية دمشق والمفتي والقاضي وآخرين يفضلون الحكم الأمريكي لأنه كان يُعنى بالجانب الإنساني، حيث خاضت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى نيابة عن الأمم المضطهدة، فضلا عن كونها كانت “غنية” بالموارد. في لبنان، حيث أثبتت الحركة النسوية قوتها كما كانت في مصر ما بعد الحرب، زار كل من كينغ وكراين مدرسة للتجارة النسائية واستقبلا وفدا من النساء المسلمات تقوده ابتهاج قدورة، التي لم تكن تطالب بالاستقلال فحسب، وإنما بالحق في التنمية الذي من شأنه أن يضمن لسوريا مكانا “بين الدول المسؤولة في العالم”. ولكن بالنسبة لأحد أعضاء الوفد الأمريكي، فإن “الولايات المتحدة قد قدمت وعودا مؤكدة لليهود”، التي سيؤدي تنفيذها إلى مواجهة “صعوبات جمة مع المسلمين وتعقيدات سياسية في الداخل”.
أرسل الفرنسيون، الذين كانوا يعتبرون أشد قسوة من البريطانيين، وفودا إلى الأمريكيين، عندما زاروا مدينة طرابلس السورية آنذاك (اللبنانية الآن)، حيث أُعطيت الأولوية للمسيحيين الذين كانوا يفضلون الانتداب الفرنسي على المسلمين الذين كانوا يرغبون في الحصول على الاستقلال التام. ومع اندلاع “أعمال الشغب”، سجّل كينغ أن وفده قد شهد “قمع رأي كبير”. لكن الأمريكيين تحدثوا على الأقل مع الأشخاص الذين عاشوا في الشرق الأوسط.
خلص الوفد الأمريكي إلى أن “المخاطر قد تنشأ بسهولة من التعاملات غير الحكيمة وغير المخلصة مع هؤلاء الأشخاص”، ولكن “هناك أمل كبير في إرساء السلام والتقدم إذا جرى التعامل معهم بصراحة وإخلاص”. لا ينبغي على المتهكمين الابتسام. ولكن، هذه الآمال كانت واهية بالنسبة للعرب، مما دفع غيرترود بيل للتنديد بلجنة كينغ-كراين واعتبر عملها بمثابة تضليل إجرامي. بعد ذلك، استبعد الجيش الفرنسي الملك فيصل، الذي خاطب الأمريكيين ببلاغة كبيرة، من دمشق وقدّم ونستون تشرشل العراق كتعويض. كان العراق بالفعل تحت الحكم البريطاني المباشر. والجدير بالذكر أن كراين وكينغ لم يزورا ما كان يسمى ببلاد الرافدين.
كان كراين، الداعم للحزب الديمقراطي الذي شنّ فيما بعد حملة من أجل استقلال تشيكوسلوفاكيا، يعارض قيام دولة يهودية، ولكن ظهرت لاحقا شكوك أخلاقية حول مُصنّع مرافق الحمامات الذي كان يعيش في شيكاغو
هل كان كل هذا من أجل لا شيء؟ ورد تحذير من اللجنة مُوجها لويلسون: “ليس بصفتك رئيسا فحسب، ولكن على الشعب الأمريكي ككل أن يدرك أنه إذا قررت الحكومة الأمريكية دعم إقامة دولة يهودية في فلسطين، فإنها بذلك تُلزم الشعب الأمريكي باستخدام القوة في تلك المنطقة، لأنه بالقوة فحسب يمكن إقامة دولة يهودية في فلسطين أو الحفاظ عليها”.
كان كراين، الداعم للحزب الديمقراطي الذي شنّ فيما بعد حملة من أجل استقلال تشيكوسلوفاكيا، يعارض قيام دولة يهودية، ولكن ظهرت لاحقا شكوك أخلاقية حول مُصنّع مرافق الحمامات الذي كان يعيش في شيكاغو. في ثلاثينيات القرن العشرين، أعرب كراين عن إعجابه بالنازيين ويُقال إنه أخبر السفير الأمريكي الجديد في برلين بأنه يجب أن يقاوم الدعوات الاجتماعية لليهود الألمان، ونصحه بترك هتلر يقوم بالأمور على طريقته.
توفي كراين في شباط/ فبراير 1939، مدركًا أن هتلر ذاته قد قضى على الحرية في التشيك، لكنه رحل قبل أن يدرك كل ما يمكن أن تعنيه هذه النصيحة الرهيبة. وقد توفي هنري تشرشل كينغ، الرئيس الأقدم في كلية أوبرلين، قبل ذلك بخمس سنوات. كان كينغ ينتمي إلى الطائفة الأبرشية، وقد تعرض عمله حول أراضي الكتاب المقدس للتجاهل إلى حد كبير.
في تلك الأيام، كانت معرفة الكتاب المقدس تعد طريقة جيّدة لفهم خبايا الشرق الأوسط. واليوم، يفضل رجال الدولة التفكير في أن المعرفة العملية بالقرآن قد تكون أكثر فائدة. وفي الحقيقة، قد يكون التاريخ أكثر ثراء لمعرفة الأشخاص الذين اختاروا تقرير مستقبل المنطقة. لكن سيكون من الصعب التساؤل عما إذا كان خلفاء وودرو ويلسون يجبّذون التبرعات النقدية، و”صفقة القرن”، والحديث عن “القضايا” و”السلبية” في بهو أحد فنادق البحرين.
المصدر: الإندبندنت