الخطوة غير المسبوقة التي قام بها العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليًا لولي العهد أثارت جدلا كبيرا، بعد أن حصلت على ترحيب من غالبية السعوديين.
هذا ما قاله تقرير أصدرته صحيفة واشنطن بوست -الثلاثاء- متناولة الأسئلة التي بدأت تنهال حول مستقبل قيادة المملكة.
وقالت الصحيفة: “في الأسابيع اللاحقة للإعلان كشفت فورة نادرة عقبت على التغييرات من سلالات غير معترف بها ضمن العائلة المالكة، واستدعت الشكوك حول آلية انتقال الحكم من الملك عبد الله إلى خليفته”.
وتضيف: “يبدو أن شعبية مقرن بن عبدالعزيز (ولي ولي العهد) بين الناس العاديين جيدة، ويقولون إنه ليس فاسدا، وكذلك علاقاته جيدة بين الدبلوماسيين الأجانب ويصفونه بأنه محبوب وذكي.. لكن خلف الأبواب المغلقة يتحدث الناس عن الطريقة التي تم بها تعيين الرجل وكذلك كونه من أم يمنية لم يسبق لها الزواج رسميا بوالده”، كما ورد التقرير.
وتابعت الصحيفة أنه “ليس أميرا حقيقيا”، مشيرة إلى أن أميرا سعوديا طلب عدم الكشف عن اسمه قال لها إن والدة مقرن “أمة”، مضيفا، الأمير “له أخوة من العائلة المالكة أكفأ منه”، وتابع “لا أحد يعتقد أن مقرن يمكن أن يصبح ملكا”.
وقالت الصحيفة إن هذا التهكم على الأمير لوحظ أيضا على صفحات التواصل الاجتماعي، مثل تويتر، إذ قال “مجتهد” الذي يتابعه أكثر من 1.4 مليون شخص، والذي يعتقد أنه من داخل العائلة المالكة لدقة معلوماته إن “مقرن وضع لهذا المنصب لأنه يُستخدم بسهولة”.
وأشارت إلى إن التغريدات على تويتر لا تعكس سوى الحسرة بين الذين استبعدوا في الانتقال القادم للسلطة.
وتابعت الصحيفة :”أصبح من الواضح مع ذلك أن اختيار مقرن لا يحظى بشعبية في بعض الأوساط، وينذر بفتنة يخشى كثيرون أن تندلع بعد وفاة الجيل الأكبر سنا”.
وقالت إن السؤال المهم هو مستقبل الاستقرار في هذا البلد الغني بالنفط، الذي تديره عائلة ليس لديها طريقة واضحة في عملية انتقال السلطة.
ولفتت الصحيفة إلى أن مؤسس الدولة السعودية الملك عبد العزيز بن سعود، أصدر مرسوما يقضي بانتقال السلطة لابنه الأول فقط في وراثة العرش، وعلى مدى ستة عقود لاحقة ينتقل الملك من أخ لأخيه تقريبا في ترتيب بحسب الأكبر سنا، وكان آخر هؤلاء الإخوة هو الملك الحالي عبد الله من بين الإخوة البالغ عددهم 35 على الأقل، ما استلزم نقل السلطة إلى أبناء الإخوة في الجيل الثالث من الأسرة.
وقالت إنه بالنظر إلى العشرات من الأمراء في تلك الفئة، فإن احتمال الفتنة عال. فكل من يرث العرش من المرجح أن يرشح إخوته ورثة له في المستقبل.
وتنقل الصحيفة قلق سايمون هندرسون، من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في ضوء الأهمية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية، باعتبارها أكبر مورد في العالم للنفط والحليف المقرب من الولايات المتحدة، إذ يقول: “هوية وأصالة ملك المستقبل غير معروف، والظروف التي يصبح فيها ملكا من المحتمل أن تكون مثيرة للجدل”، وأضاف “هذا يدخل عدم الاستقرار إلى المملكة العربية السعودية”.
وتابعت الصحيفة :”تزداد المشكلة إلحاحا في ضوء تقدم الملك عبد الله في السن، والذي تجاوز التسعين عاما، والذي تنفس بمساعدة جهاز تنفس صناعي في اجتماع دام ساعتين مع أوباما في شهر مارس”، مشيرة إلى أن عبد الله عولج أكثر من مرة في المستشفيات الأمريكية. والأمر ليس أحسن حالا بالنسبة لولي العهد الأمير سلمان.
وأضافت الصحيفة “من أجل ذلك كان اختيار مقرن، وهو طيار مقاتل تلقى تعليمه في بريطانيا، ولديه علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، يحمل على الأقل بعض المنطق. وخاصة أنه ما زال شابا نسبيا 69 مقارنة بالآخرين”، لافتة إلى إنه يمكن أن يكون ملكا لسنوات، لتأجيل مسألة انتقال السلطة للجيل التالي. وفي ضوء اعتلال صحة ولي العهد سلمان بن عبدالعزيز، الذي يقال إنه يعاني شكلا من أشكال الخرف، فإنه يبدو من المنطقي أن يكون وريثا في الاحتياط.
وتابعت الصحيفة: “ولكن تعيين خلف له هو من اختصاص العاهل الحاكم، ووظيفة نائب لم تكن موجودة من قبل. وعلاوة على ذلك، فإن تسمية مقرن تعني تخطي أكثر من اثنين على الأقل من الإخوة الآخرين، مما يعتبر خرقا للقاعدة المتعارف عليها بأن الخلافة تنتقل وفقا للسن”.
وأشارت إلى أن تأويلات ونظريات حاولت تفسير سبب اتخاذ الملك عبد الله لهذه الخطوة، وهي كلها مثل معظم ما يحدث في السعودية مبهم وسري.
وأفادت الصحيفة أن دبلوماسيين غربيين في الرياض يقولون إن الملك حاول ببساطة تأمين مستقبل النظام الملكي ولكنه بدلا من ذلك كشف نقاط ضعفه.
واختتمت الصحيفة بالقول: “من المحتمل أن يكون مقرن أضعف ملك في التاريخ السعودي”، حسبما أفاد شخص في العائلة المالكة تحدث لها، شريطة عدم الكشف عن هويته نظرًا لحساسية الموضوع.
المصدر: واشنطن بوست / ترجمة عربي 21