بدأ السوريون المقيمون في خارج سوريا صباح اليوم – الأربعاء – التصويت لانتخاب رئيس للبلاد في أول انتخابات تعددية في تاريخ سوريا، وسط رفض عربي وغربي واسع.
وقالت وكالة الأناضول إنها أحصت 39 دولة فقط سمحت للنظام السوري بإجراء انتخابات الرئاسة فيها، منها 9 عربية، وأعلن دبلوماسيون عرب وآخرون في المعارضة السورية، إضافة إلى خارجية النظام السوري، أن 12 دولة عربية لن تحتضن الانتخابات الرئاسية السورية.
وذكرت وكالة أنباء النظام (سانا)، أن المواطنين السوريين المقيمين في كل من إيران وكوريا الديمقراطية وماليزيا توجهوا في الساعة السابعة 7 صباحًا بحسب التوقيت المحلي لكل دولة إلى السفارات السورية في تلك البلدان للإدلاء بأصواتهم.
ويبدأ التصويت في باقي الدول تباعًا بحسب التوقيت المحلي لكل دولة، حيث تنص التعليمات التنفيذية للانتخابات، على أن يبدأ التصويت في مقر السفارة السورية من الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي لكل دولة وحتى الساعة 19 مساءً ما لم يتم تمديد فترة التصويت.
ويقترع الناخب – حسب التعليمات التنفيذية لقانون الانتخابات – بواسطة جواز سفره السوري الساري الصالحية والممهور بختم الخروج الرسمي من أي منفذ حدودي سوري ولديه إقامة نظامية في الدولة التي يجري الانتخاب فيها.
وأظهرت الصور تدفق آلاف السوريين المتواجدين في لبنان صباح اليوم – الأربعاء – إلى السفارة السورية شمال بيروت، تقل معظمهم عشرات الحافلات رافعة أعلام “حزب الله” ورئيس النظام السوري “بشار الأسد”؛ للمشاركة في انتخابات الرئاسة السورية التي أعلنت غالبية الدول الغربية “عدم شرعيتها”.
وشهدت الطرقات المؤدية إلى السفارة ازدحام سير خانق؛ مما دفع الجيش اللبناني إلى قطع الطرقات التي غصت بالآلاف الذين نقلتهم الحافلات، وبعضهم قصد السفارة مشيًا على الأقدام من منطقة الضاحية الجنوبية، معقل “حزب الله” الرئيسي، والبعيدة كيلومترات قليلة عن مقر السفارة السورية.
واتخذ الجيش والقوى الأمنية اللبنانية إجراءات أمنية مشددة لضبط الأعداد الكبيرة من الناخبين، كما انتشرت عناصر أمنية من حزب الله على الطرقات المؤدية للسفارة في المناطق الخاضعة لنفوذ الحزب.
وقال أحد الناخبين إنه وصل إلى السفارة الساعة السادسة صباحًا – أي قبل ساعة من فتح صناديق الانتخاب – لكنه لم يتمكن بعد مضي أكثر من 4 ساعات من الانتظار في صف طويل من الإدلاء بصوته.
في هذا السياق، أعلن سفير النظام السوري في لبنان “علي عبد الكريم علي” في تصريح له أنه نتيجة “الإقبال الكثيف”؛ ستضطر السفارة إلى “تمديد ساعات إضافية أو تخصيص يوم آخر” ليتمكن الجميع من الانتخاب.
من ناحيته، قال أمين سر رابطة العمال السوريين في لبنان “عبد المجيد شيخ صالح” إن عدد من يحق له الانتخاب من السوريين في لبنان يفوق 600 ألف، لكن المسجلين أقل من ذلك، موضحًا أن من يحق لهم الانتخاب اليوم هم المسجلين في السفارة، أما الباقون فعليهم التوجه إلى مراكز اقتراع حدودية في الثالث من حزيران/ يونيو المقبل بالتزامن مع إجراء الانتخابات داخل سوريا.
وفي حين نفى صالح ممارسة أي ضغوطات من أي نوع على السوريين في لبنان للمشاركة في الانتخابات، كشف العديد من هؤلاء عن تعرضهم لضغوطات مباشرة لانتخاب الأسد.
وقال أحدهم – وهو رجل في الستين من عمره يقيم في بيروت منذ سنوات – لـ “الأناضول” إن موظفين من السفارة السورية في لبنان قصدوا منزله طالبين هويته السورية لتسجيله للانتخابات، ولما تحجج بأنه أضاعها، أخبروه “إذن يمكنك أن تعتبر أنك انتخبت الدكتور بشار الأسد”.
وترفض أطراف دولية وعربية إضافة إلى المعارضة السورية، تنظيم النظام السوري لانتخابات رئاسية في سوريا وتصفها بـ”المهزلة”؛ كونها تنهي “آخر آمال الحل السياسي” الذي تصر المعارضة على أنه يبدأ بتنحي الأسد عن السلطة.
في الوقت الذي يقول النظام إنه ينظم أول انتخابات تعددية في تاريخ سوريا، ويخوضها إلى جانب رئيس النظام السوري “بشار الأسد”، كل من البرلماني “ماهر حجار” والوزير السابق “حسان النوري”، مع تأكيدات مراقبين بفوز بشار الأسد بأغلبية كبيرة.
ولم يصدر عن النظام السوري حتى تاريخ بدء الانتخابات في الخارج أي إحصائية بعدد الذين يحق لهم التصويت داخل سوريا أو خارجها، وعزى معارضون سوريون السبب إلى وجود نحو نصف الشعب السوري خارج ديارهم كنازحين داخل البلاد أو لاجئين خارجها.
وتقول إحصائيات للأمم المتحدة إن نحو 10 ملايين سوري من أصل عدد سكان سوريا البالغ نحو 22.5 مليونًا، نزحوا عن ديارهم داخل وخارج البلاد جراء الصراع المستمر فيها منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وقتل فيه أكثر من 162 ألفًا في إحصائية أصدرها مؤخرًا المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يعرف نفسه على أنه منظمة حقوقية مستقلة ومقرها بريطانيا.
وفي إحدى وسائل رد الشعب السوري على انتخابات الرئاسة وحملة بشار الأسد فيها التي جاءت تحت عنوان “سوا”، دشن النشطاء السوريون حملة “دافنينوا سوا” في محمل ردهم على الحملة.
ويقول القائمون على الحملة إنهم لم يجدوا أفضل من السخرية للرد على ما أسموه “مهزلة الانتخابات”، حيث تعبر هذه السخرية بشكل أساسي عن الرفض وعدم الخوف بالإضافة إلى المقاومة وعودة الحراك المدني ومشاركة شرائح واسعة من السوريين حتى ممن يحسبون على الأغلبية الصامتة في استهلاك هذه السخرية.
وتهدف الحملة إلى إبراز استمرار رفض السوريين للنظام وكل ما ينتج عنه للسوريين أنفسهم وللعالم، وخلق أداة ومساحة لمشاركة السوريين في مقاومة النظام من خلال السخرية، وإعادة تسليط الضوء والتركيز على النظام “مصدر المشكلة الأساسية”.