ترجمة وتحرير: نون بوست
صرّح مسؤول بارز في حركة فتح لموقع “ميدل إيست آي” أن الحملة المستمرة ضد الحركات المسلحة المناهضة للاحتلال في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 16 فلسطينيًا حتى الآن، محكوم عليها بالفشل بغض النظر عن نتائجها.
وتحدث المسؤول الفتحاوي بشرط عدم الكشف عن هويته، قائلا إن السلطة الفلسطينية تعرضت لضغوطات أخلّت بالتوازن بين تلبية طلبات إسرائيل الأمنية والحفاظ على شرعيتها بين أبناء الشعب الفلسطيني.
واعتبر أن الهجوم على جنين جعل السلطة الفلسطينية “تتخلى فعليًا عن حيادها السلبي” فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وتختار الوقوف إلى جانب إسرائيل بهدف البقاء في السلطة.
وأضاف: “إذا نجحت السلطة الفلسطينية في جنين، فإنها ستفقد مبرر وجودها بين الفلسطينيين، وإذا فشلت، فإنها ستفقد مبرر وجودها بالنسبة لإسرائيل، وبالتالي فقد خسرت المعركة على كلا الجبهتين”.
في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2024، شنت السلطة الفلسطينية حملة أمنية واسعة النطاق في جنين، شملت محاصرة المدينة وإطلاق النار على المدنيين العزل والاشتباك مع المقاتلين الموجودين داخلها.
قتلت قوات السلطة الفلسطينية ما لا يقل عن ثمانية فلسطينيين من سكان المدينة منذ بدء العملية، من بينهم أب وابنه الأسبوع الماضي.
كما قُتل ما لا يقل عن ستة من عناصر قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وقد سقط عدد منهم في تبادل لإطلاق النار مع عناصر من الحركات المسلحة.
تقول السلطة الفلسطينية إنها تشن هذه الحملة ضد “الخارجين عن القانون” وتهدف إلى استعادة “القانون والنظام”، بينما يقول المقاتلون المناهضون للاحتلال إن معركتهم ضد إسرائيل مشروعة.
سابقة خطيرة
رغم الإبلاغ عن وقوع اشتباكات متقطعة، إلا أن الحركات المسلحة المناهضة للاحتلال أعلنت مرارًا وتكرارًا أنها تتجنب المعارك المباشرة مع السلطة الفلسطينية.
وقالت بعض حركات المقاومة في المدينة يوم الاثنين إن صبرها “بدأ ينفد”، ومن بينهم مقاتلون من فتح وحماس.
وقالت ناشطة سياسية مقيمة في نابلس لموقع “ميدل إيست آي” إن السلطة الفلسطينية دفعت الناس إلى مربع جديد بعد أن جعلت قتل الفلسطينيين بعضهم البعض أمرًا مقبولًا.
ووصفت الناشطة التي فضلت عدم الكشف عن هويتها خوفًا من انتقام السلطة الفلسطينية، هذا الأمر بأنه “سابقة خطيرة” من السلطة الفلسطينية.
وأوضحت قائلة: “في الماضي، كان لدينا انقسام سياسي، ولكن لم يكن مقبولا على الإطلاق أن يقتل فلسطيني فلسطينيا آخر.. أما الآن، فقد تم إضفاء الشرعية على سفك الدم الفلسطيني، وسيكون لهذا عواقب وخيمة في المستقبل”.
وأضافت أن السلطة الفلسطينية تُظهر للجمهور أنها تتعاون مع الاحتلال بقتلها أبناء الشعب الفلسطيني، وهذا ما يزيد من الإحباط الشعبي من السلطة الفلسطينية التي شهدت تراجعًا في شعبيتها في السنوات الأخيرة.
وحذرت من أن الغضب الشعبي من القمع الوحشي لمنتقدي حملة جنين، سيؤدي بالفلسطينيين في نهاية المطاف إلى نقطة الانهيار، وقالت : “أعتقد أن الناس في الضفة الغربية على وشك الانفجار”.
بداية النهاية
يعتقد جمال جمعة، وهو ناشط مناهض للاستيطان، أن الهدف الرئيسي لحملة السلطة الفلسطينية هو أن تثبت لإسرائيل والولايات المتحدة أنها قادرة على السيطرة على غزة بعد الحرب.
وقد ذكر موقع “أكسيوس” الشهر الماضي أن الهجوم يُنظر إليه على أنه حاسم بالنسبة لمستقبل السلطة الفلسطينية؛ حيث يحرص الرئيس محمود عباس على إرسال رسالة إلى الرئيس الأمريكي القادم دونالد ترامب بأنه قادر على إدارة الشأن الفلسطيني.
وقد رحبت السلطات الإسرائيلية حتى الآن بحملة السلطة الفلسطينية، حيث ذكرت قناة “كان” الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي شجع الهجوم.
ونقلت “كان” عن مسؤول عسكري إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الجيش الإسرائيلي أجرى مشاورات مع كبار المسؤولين الفلسطينيين من أجل تحسين العملية في مخيم اللاجئين.
وقال جمعة لـ”ميدل إيست آي”: “لقد تم كل ذلك بضغط من الولايات المتحدة وإسرائيل”.
وأضاف: “لقد تم حشر السلطة الفلسطينية في الزاوية: إذا كنتم تريدون لعب أي دور في غزة بعد الحرب، نريد أن نرى ما يمكنكم القيام به في الضفة الغربية أولًا”.
ويرى المصدر الفتحاوي أن حسابات السلطة الفلسطينية خاطئة، متوقعا أن تفشل العملية “لسبب بسيط وهو أن الاحتلال سيؤدي دائما إلى المقاومة”.
وأوضح: “قتل الإسرائيليون حوالي 350 شخصًا في جنين خلال العامين الماضيين، ويخرج مقاتلون جدد كل يوم”.
لذلك فإنه لا يعتقد أن الوضع سيستمر على ما هو عليه في جنين؛ مؤكدا أن العملية ستفشل وتُفقد السلطة الفلسطينية شرعيتها.
وخلص إلى أنها “بداية النهاية للسلطة الفلسطينية”.
المصدر: ميدل إيست آي