ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: إريك شمديت وديكلان والش
بيعت الصواريخ الأمريكية المدمرة إلى فرنسا في وقت سابق، وذلك قبل أن ينتهي بها المطاف بين يدي المقاتلين المتمردين الموالين للمشير خليفة حفتر الذي يسعى بدوره للإطاحة بالحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس. وفي الأسبوع الماضي، استردت القوات الليبية الحكومية أربعة صواريخ إف جي أم جافلن المضادة للدبابات، والتي تتجاوز تكلفة الواحد منها 174 ألف دولار ولا تباع في العادة سوى لحلفاء الولايات المتحدة المقربين فقط. والجدير بالذكر أن استرداد هذه الأسلحة كان خلال غارة على معسكر للمتمردين في بلدة غريان الجبلية جنوب طرابلس.
من جهته، نفى مستشار عسكري فرنسي يوم الثلاثاء نقل الأسلحة إلى المشير حفتر، وهو ما ينتهك اتفاقية شراء الأسلحة من الولايات المتحدة وحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة. ومن شأن ذلك أن يضع واشنطن على خلاف مع فرنسا فيما يتعلق بسياسة ليبيا. وتعتبر فرنسا شريكا قويا لحلف الناتو وحليفا هاما في مناطق صراع أخرى مثل غرب إفريقيا.
أكد مستشار وزير القوات المسلحة الفرنسية أن صواريخ جافلين التي عثر عليها في غريان تعود ملكيتها إلى القوات الفرنسية، لكنها تضررت ولم تعد صالحة للاستخدام
خلال الأيام القليلة الماضية، نظرت وزارة الخارجية الأمريكية في أصل هذه الصواريخ عن طريق التثبت من أرقامها التسلسلية وغيرها من المعلومات المرفقة، وخلصت إلى القول إنها قد بيعت في البداية إلى فرنسا المؤيدة وبشدة لنهج المشير خليفة حفتر. ووفقًا لوكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة للبنتاغون، وافقت فرنسا على شراء 260 صاروخ جافلين من الولايات المتحدة في سنة 2010.
حيال هذا الشأن، قال اثنان من مسؤولي الولايات المتحدة إن وزارة الخارجية أطلعت لجنتي العلاقات الخارجية في مجلسي النواب والشيوخ يوم الاثنين حول استنتاجها بأن الصواريخ بيعت إلى فرنسا في المقام الأول. وتجدر الإشارة إلى أن المسؤولان أدليا بتصريحاتهما وناقشا هذه المعلومات السرية مقابل اشتراط عدم الكشف عن هويتهما، في حين رفض متحدثون باسم لجان الكونغرس ووزارة الخارجية الأمريكية التعليق حيال هذا الشأن.
يوم الثلاثاء الماضي، أكد مستشار وزير القوات المسلحة الفرنسية أن صواريخ جافلين التي عثر عليها في غريان تعود ملكيتها إلى القوات الفرنسية، لكنها تضررت ولم تعد صالحة للاستخدام. وفي رده على أسئلة صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أفاد المصدر ذاته إن الصواريخ خزنت شكل مؤقت في مستودع في انتظار إتلافها ولم تُنقَل إلى القوات المحلية.
ومن المتوقع حديث كوبر عن استخدام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعلان طوارئ لتبرير مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة
وتابع المستشار الفرنسي، الذي تمنعه سياسة حكومته من الكشف عن هويته في حديثه عن هذا الشأن، بالقول إن الأسلحة كانت من بين نظيراتها التي اشترتها الولايات المتحدة من الولايات المتحدة سنة 2010. وكان الغرض من هذه الأسلحة حماية القوات الفرنسية المنتشرة في ليبيا بغرض العمليات الاستخباراتية وعمليات مكافحة الإرهاب. وقال المسؤول الفرنسي إنهم لم ينتهكوا الحظر المفروض على الأسلحة في ليبيا، مفيدًا بأنه من غير الممكن بيع الصواريخ أو نقلها بطريقة أخرى إلى “أي شخص” في ليبيا.
في المقابل، تركت هذه التصريحات العديد من الأسئلة دون إجابات حول كيفية انتهاء الأسلحة بين أيدي المتمردين بالقرب من الخطوط الأمامية للمعركة التي قالت الأمم المتحدة يوم الخميس إنها أدت إلى مقتل أكثر من 1000 شخص منذ شهر نيسان/أبريل المنصرم، من بينهم 106 من المدنيين. ولطالما تمركزت القوات الفرنسية الخاصة في ليبيا إلى حد كبير شرق البلاد وبعيدا عن مركز القتال في طرابلس، بما في ذلك ثلاثة مجندين لقوا حتفهم سنة 2016.
بالإمكان التطرق إلى هذه القضية خلال جلسة استماع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إلى شهادة مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية العسكرية رينيه كلارك كوبر. ومن المتوقع حديث كوبر عن استخدام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إعلان طوارئ لتبرير مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهي خطة دافع عنها الشهر الماضي أمام لجنة تابعة لمجلس النواب.
اعتمد الجنرال حفتر على المساعدة العسكرية من الإمارات العربية المتحدة وفرنسا ومصر في قتاله للاستيلاء على مدينة بنغازي الشرقية التي يعتمدها كمقر حالي له.
اكتُشِفت صواريخ جافلين بعد نجاح القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية المدعومة من الأمم المتحدة في شن هجوم مفاجئ على بلدة غريان التي تمثل معقلا جبليا لقوات حفتر على بعد 64 كيلومتر جنوب طرابلس. وكانت غريان تمثل مقر الحملة العسكرية للمشير حفتر للسيطرة على العاصمة طرابلس. وعقب الاستيلاء على غريان، كشف المقاتلون الموالون للحكومة عن وجود طائرات هجومية صينية الصنع وأربعة صواريخ جافلين أمريكية الصنع في قاعدة مهجورة. وتعرف هذه الأسلحة باسم “أطلق وانسى” في الجيش، حيث أنها مزودة بتكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء لتتبع الأهداف وقادرة على تدمير جميع دبابات القتال الرئيسية الميدانية.
في البداية، تضمنت حاويات شحن صواريخ علامات تشير إلى أنها بيعت في الأساس إلى الإمارات العربية المتحدة سنة 2008، والتي تعتبر شريكا مهما للولايات المتحدة الأمريكية. علاوة على ذلك، حملت الصناديق الأخرى الموجودة في القاعدة التي تم الاستيلاء عليها، والتي تحتوي على قذائف مدفعية عيار 155 ملم، علامات لشعار الجيش الإماراتي. ومن جهتها، أنكرت الإمارات بشدة تزويد قوات المشير حفتر بالصواريخ، على الرغم من كونها أكثر المؤيدين الأجانب له.
خلال المعركة الطاحنة للسيطرة على بنغازي بين سنوات 2014 و2017، قدم الإماراتيون طائرات هليكوبتر هجومية وطائرات حربية وطائرات دون طيار إلى سلاح الجو التابع للمشير حفتر
أكد اكتشاف صواريخ جافلين المخاوف من أن الرعاية الأجنبية لجميع أطراف الصراع في ليبيا ستؤدي إلى تأجيجه وتزيد من حدة القتال. ومن جهته، اعتمد المشير حفتر على المساعدة العسكرية من الإمارات العربية المتحدة وفرنسا ومصر في قتاله للاستيلاء على مدينة بنغازي الشرقية التي يعتمدها كمقره الحالي.
خلال المعركة الطاحنة للسيطرة على بنغازي بين سنوات 2014 و2017، قدم الإماراتيون طائرات هليكوبتر هجومية وطائرات حربية وطائرات دون طيار إلى سلاح الجو التابع للمشير حفتر. وإن لم يكن ذلك كافيا، نفذت مصر ضربات جوية على مدينة درنة الشرقية دعما لقواته. وفي تموز/يوليو 2016، أفاد الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا هولاند أن:” ثلاثة من أفراد القوات الخاصة الفرنسية قتلوا في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في ليبيا أثناء اضطلاعهم بعمليات استخباراتية خطيرة”. وقبل بضعة أيام من هذا التصريح، قالت جماعات مسلحة إسلامية تواجه قوات حفتر إنها أسقطت طائرة هليكوبتر على بعد 72 كيلومتر جنوب بنغازي.
بعد مضي سنة، أخبرت فرنسا لجنة من محققي الأمم المتحدة أن أنشطتها العسكرية في ليبيا تتوائم مع القانون الدولي. وعلى الرغم من ذلك، قال النقاد إن ذلك كان مثالا على استخفاف القوى الشرق أوسطية والأوروبية، التي تسعى للتأثير على نتائج الحرب على نطاق واسع، بحظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة منذ سنة 2011.
عملت كل من تركيا وقطر على تمويل الفصائل الإسلامية منذ سنة 2011. وفي حين يقول المسؤولون الأمريكيون أن قطر قلصت مشاركتها في السنوات الأخيرة، يبدو أن مشاركة تركيا تتخذ نسقا تصاعديا
حيال هذا الشأن، وثق مفتشو الأمم المتحدة العديد من الانتهاكات للحظر الذي فرضته الأمم المتحدة من قبل الإماراتيين، والذين تتمركز طائراتهم الحربية في قاعدة جوية تديرها في شرق ليبيا، أي في الإقليم الخاضع لسيطرة قوات حفتر. ويقول الخبراء إن الإمارات العربية المتحدة صعدت من مساعداتها العسكرية لقوات حفتر أثناء مواصلته هجومه على طرابلس في الآونة الأخيرة. ويشمل هذا الدعم إجراء الهجمات بواسطة الطائرات الصينية دون طيار ونظام صواريخ أرض جو روسي الصنع.
على الجانب الآخر من الحرب، عملت كل من تركيا وقطر على تمويل الفصائل الإسلامية منذ سنة 2011. وفي حين يقول المسؤولون الأمريكيون أن قطر قلصت مشاركتها في السنوات الأخيرة، يبدو أن مشاركة تركيا تتخذ نسقا تصاعديا. ومع اشتداد حدة القتال للسيطرة على طرابلس، أرسل الأتراك طائرات مسلحة وعربات مدرعة إلى حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة وكانت تدافع عن العاصمة ضد هجوم المشير حفتر.
المصدر: نيويورك تايمز