لا يصدق الطفل عبيدة البطش بأن كفّيه الصغيرتين أتقنتا أخيرًا قذف 3 كرات زاهية الألوان في الهواء معًا بشكل متتالٍ دون أن تسقط أيّ منها أرضًا، وأنه وجد مكانًا في مدينته المحاصرة يحتضن رغبته في تعلم الفنون الاستعراضية.
فبعد أن كان يقضي الفتى ذي الأعوام الـ”13″ وقته محدقًا في شاشة التلفاز لساعات، يتابع عروض السيرك متمنّيًا ممارستها، استطاع أن يحقق حلمه بعد التحاقه بأول مركز بغزة للفنون الاستعراضية.
ويقول البطش صاحب القامة القصيرة : “كنت أتابع دائمًا عروض السيرك عبر التلفاز وأتمنى ممارستها أو مشاهدتها أمامي، وأنا سعيد جدًا لافتتاح مركز الرياض والالتحاق به”.
واستدرك: “التحقت بالمركز لأنمّي موهبتي في ألعاب الجمباز وأحقق رغبتي وطموحي في أن أكون لاعب سيرك، وأتمنى أن أشارك في عروض في دول العالم”.
وسيكون المركز مكانًا لقضاء وقت ممتع ومفيد للصغير البطش مع اقتراب إجازته الصيفية، كما يقول.
وتابع البطش بعد أن نفذ عددًا من قفزات الجمباز بلياقة عالية داخل المركز المتواضع:” في ظل غياب مراكز الترفيه والحصار الذي نعاني منه سأتمكن من استغلال وقتي في تعليم ألعاب السيرك التي أحب”.
وبعد أن أدى الفتى طارق عبد الرحمن عرضًا قصيرًا لقذف الحلقات البلاستيكية في الهواء، قال، بأنه سعيد جدا لأن إجازته الصيفية ستكون أجمل، وسيمارس شيئًا جديدًا لم يعتد على ممارسته من قبل.
وتابع عبد الرحمن “12” عامًا: “أتمنى أن يتم فتح معبر رفح والسماح لنا باستيراد الألعاب من الخارج حتى نطور موهبتنا بشكل أفضل”.
وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح البري والمنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة، بشكل شبه كامل، وتفتحه على فترات متباعدة بشكل جزئي أمام الحالات الإنسانية فقط، منذ بداية يوليو/تموز من العام الماضي.
مدرب الفتية الصغار أحمد مشتهى قال في حديثه أن “تدريباتهم تواجه صعوبات عديدة بسبب الحصار الإسرائيلي، وعدم تمكنهم من إدخال الأدوات الخاصة بالتدريب إلى داخل القطاع”.
وأضاف: “قمنا بالاستعاضة عن غياب بعض الأدوات بصناعتها محليًا، ولم نجعل الطلبة يستخدمونها إلا بعد التأكد من سبل الأمان فيها، حتى لا نكرر الإصابات التي لحقت في صفوفهم سابقًا”.
ويتدرب الفتية الصغار بجوار عدد من الشباب وهاوي ممارسة الفنون الاستعراضية داخل المركز لـ “6” ساعات يوميًا.
وقال مشتهى الذي اعتمد على مقاطع فيديو منشورة عبر الشبكة العنكبوتية “الإنترنت” في تطوير مهاراته، إن “رغبته في رسم البسمة على شفاه الأطفال المحاصرين دفعهم لإفتتاح المركز”.
وتابع: “رغم قلة الإمكانيات إلا أننا سنثبت موهبتنا في ألعاب السيرك، وسنحقق حلم العشرات من الشباب في ممارسة هذه الرياضة الغائبة عن القطاع”.
وتعتمد عروض المركز التي يقدمها للجمهور على طلبات يتلقاها من بعض الجهات والمؤسسات التي تنفذ احتفالات ومهرجانات.
وينفذ المركز عروضًا للمهرجين وقذف للكرات والحلقات البلاستيكية، والهيب هوب وفقا للعادات والتقاليد في المجتمع الغزّي، والسير بواسطة القوائم الخشبية الطويلة، والجمباز، وحاليا يتدرب الطلبة على المشي على الحبل.
ويتمنى المدرب مشتهى بأن يحصل مركز على التمويل الكافي حتى يتم إقامة خيمة سيرك خاصة بهم، مجهزة بكل الأدوات والمستلزمات، وستكون الأولى في القطاع.
من جهته، قال المدير التنفيذي للمركز، محمد رياض، إن هدف افتتاح المركز هو “تلبية لرغبات العشرات من الشباب في تعلم الفنون الإستعراضية، وألعاب السيرك، في ظل غيابها عن القطاع”.
وأضاف: “بدأنا في المركز من الصفر، حيث اعتمدنا على أنفسنا في تعلم الالعاب واستطعنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي من التواصل مع جهات خارجية في سويسرا وبريطانيا وعقد ورش عمل للمدربين والطلبة”.
المصدر : الأناضول