أحدث الإنترنت ثورة ضخمة في شتى مجالات الحياة، وبطبيعة الحال، أصابت هذه الثورة فكرة البنوك والعملات الورقية التي جاءت فترة النهضة الأوروبية واستمرت حتى بداية القرن الحاليّ، وظهرت فكرة البنوك الإلكترونية والحركة المالية التي انتشرت على الإنترنت وفرضت تأثيرها الواضح على الواقع المالي وسيطرت على التعاملات المالية على الإنترنت.
في بداية عام 2009، شهدت البشرية ثورة حقيقية بظهور عملة “البيتكوين” الافتراضية والمشفرة، التي تشبه إلى حد ما العملات المعروفة كالدولار واليورو وغيرها، لكن تعاملاتها فقط على الإنترنت، دون وجود مادي، أطلقها شخص مجهول الهوية عرفه الناس باسم “ساتوشي ناكاموتو”، ولاقت هذه العملة نجاحات وإخفاقات كثيرة، وما زال أمرها خاضع للدراسة والاهتمام.
تبع عملة البيتكوين إصدار عملات مشفرة كبيرة تُباع مقابل أكثر من دولار، كما أن هناك عددًا أكبر منها في سوق الأوراق المالية ذات الأسعار المنخفضة ومن هذه العملات “لايتكوين” و”بيركوين” و”برايمكوين” و”نايمكوين” و”سيكسكوين” و”كراك”، والكثير من العملات غيرها بحسب موقع CoinMarketCap.com.
فيسبوك بطبيعة الحال شركة ربحية، وهذا يتضح في صفقات الاستحواذ التي حدثت عام 2012، عندما استحوذت الشركة على تطبيق “إنستغرام” بصفقة بلغت مليار دولار تقريبًا
الفيسبوك والعملات الرقمية
عند الحديث عن الثورة الرقمية والتكنولوجية الحاصلة في العالم، لا بد أن تقفز كلمة “فيسبوك” إلى الأذهان، كيف لا وهو يعتبر أشهر وسائل التواصل الاجتماعي، والأكثر أهمية من ذلك أن الكثير من المستخدمين يقومون بأعمالهم التجارية عبر الفيسبوك، وفي نهاية المطاف أيًا كان الاستخدام للموقع، فإن فيسبوك يحتوي على واحدة من أضخم قواعد البيانات على مستوى العالم، التي يجمعها بكل بساطة من المستخدمين.
فيسبوك بطبيعة الحال شركة ربحية، وهذا يتضح في صفقات الاستحواذ التي حدثت عام 2012، عندما استحوذت الشركة على تطبيق “إنستغرام” بصفقة بلغت مليار دولار تقريبًا، وعام 2014 بشراء تطبيق واتساب بمبلغ 19 مليار دولار أمريكي.
بعيدًا عن الاستحواذ المعلوماتي للفيسبوك، قررت الشركة دخول مجال العملات الإلكترونية الوهمية، عندما كشفت خطتها لإنشاء عملة رقمية جديدة تشبه “بيتكوين” للاستخدام العالمي، التي يمكن أن تشجع على المزيد من التجارة الإلكترونية على خدماتها وتعزز الإعلانات على منصاتها، من المفترض أن تصبح جاهزة للاستخدام في 2020 مما يسمح للمليارات من مستخدمي المنصة عبر العالم القيام بأي معاملات مالية عبر الإنترنت.
أطلقت على هذه العملة اسم “ليبرا”، ويرجع أصل هذه الكلمة “Libra” إلى الأداة الرومانية المستخدمة للقياس، يستمد الاختصار “lb” للرطل من كلمة “Libra”، أما الرمز “£” فهو يشير أساسًا إلى حرف “L” المزخرف في كلمة “Libra”.
أنشأت فيسبوك شركة جديدة تابعة لها لإدارة خدمات الليبرا، وسيكون اسم الشركة “Calibra”، وستعمل على إنشاء محفظة إلكترونية تكون على شكل تطبيق مستقل لإدارة رصيد المستخدم من العملة والقيام بالعمليات المختلفة من خلالها، وسيتم ربط المحفظة بتطبيقي “واتساب” و”ماسنجر”.
وبحسب فيسبوك، فإن الشركة تهدف من خلال مشروعها هذا، الدخول إلى سوق العملات الرقمية لكن بأسلوب مختلف قليلًا، فالعملة الجديدة صممت لتستهدف بشكل خاص الأشخاص في البلدان الناشئة التي لا تملك بنية بنكية إلى الآن.
يقول الخبراء الاقتصاديون إن العملات الورقية ستشهد انخفاضًا في قيمتها خلال 3-10 سنوات المقبلة، وفي هذه الفترة ليس أمام البنوك المركزية والقوى المالية خيار آخر إلا الانضمام إلى عربة العملات المشفرة
أشياء إيجابية يجب معرفتها عن “ليبرا” ومشروع “كربتو”
أكثر الأمور إثارة للاهتمام عن مشروع فيسبوك، أنه من المحتم انتشار عملة الليبرا في سوق العملات المشفرة، وذلك بالنظر إلى أن مجتمع فيسبوك يضم بالفعل 2.4 مليار مستخدم، فلا شك أن الامتداد العالمي لهذه المبادرة، سيجعل منها منافسًا قويًا للعملات الرقمية الأخرى كبيتكوين ومثيلاتها، ففيسبوك لن تحتاج لإقناع الأشخاص بالتسجيل، فلديها العملاء بالفعل، وسوف تتكامل عملة ليبرا مع التطبيقات التي تعتبر جزءًا فعليًا من حياة المستخدمين اليومية.
فيما يتعلق بمسألة القلق من العملة الرقمية وتفضيل الورقية، يقول الخبراء الاقتصاديون إن العملات الورقية ستشهد انخفاضًا في قيمتها خلال 3-10 سنوات المقبلة، وفي هذه الفترة ليس أمام البنوك المركزية والقوى المالية خيار آخر سوى الانضمام إلى عربة العملات المشفرة، وإلا فإنها ستتقلص بشكل تدريجي.
وبالفعل، في شهر مارس الماضي قال أغوستين كارستنز مدير عام بنك التسويات الدولية، إن البنوك المركزية لم تكن ترى قيمة إنشاء عملة رقمية تابعة للبنك المركزي، والآن، على وشك أن تتغير هذه الرؤية، حيث أصدر بنك التسويات الدولية، في 30 من يونيو الماضي، تقريره السنوي، ويحتوي على فصل كامل، من أصل أربعة فصول، مخصص لتوضيح أثر التقنيات الكبيرة على عالم المال.
كما أضاف كارستنز لجريدة Financial Times أن بنك التسويات الدولية يعمل مع البنوك المركزية التي تطور عملات رقمية، وقال: “تعمل العديد من البنوك المركزية على هذا الأمر، ونعمل على ذلك أيضًا في بنك التسويات الدولية، وندعمها، وقد تظهر هذه الأسواق في وقت أقرب بكثير مما نعتقد، ويجب حينها أن نكون قادرين على توفير العملات الرقمية للبنوك المركزية”.
يعتقد الخبراء أن عملة ليبرا سوف تدخل ساحة “بلوك تشين” blockchain في المقدمة مع Ethereum، التي تعد حاليًّا أكبر مركز تطبيقات سلسلة بلوك تشين – هي قاعدة بيانات موزعة تمتاز بقدرتها على إدارة قائمة متزايدة باستمرار من السجلات المسماة (كتل) (blocks) -، وقد صُممت سلسلة الكتل بحيث يمكنها المحافظة على البيانات المخزنة بها والحيلولة دون تعديلها، أي أنه عندما تخزن معلومة ما في سلسلة الكتلة لا يمكن لاحقًا تعديل هذه المعلومة.
يحاول القائمون على هذه العملة التغلب على مشكلة سرعة التحويلات، فقد صرح ديفيد ماركوس المدير التنفيذي لهذا المشروع أن هذه المشكلة يمكن إدراجها ضمن المشاكل الفنية نظرًا لأن البنوك لم تكن قادرة على نقل الأموال بسرعة كافية دون تقنية البلوكتشين
فيما يقول الخبراء إن فكرة فيسبوك الجديدة هي الفكرة الأكثر صدقًا، وقد تكون الأكثر نجاحًا عن مثيلاتها، وذلك بالنظر إلى النجاحات السابقة التي حققتها في مجال تطوير المصادر المفتوحة وقواعد البيانات، ولكن جو لوبين أحد مؤسسي Ethereum، عبّر عن عدم تفاؤله بشأن مسألة الليبرا، حيث وصف مبادرة الفيسبوك بكونها “ذئبًا مركزيًا في ملابس الخراف اللامركزية”.
فيما علق الرئيس التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرغ على ذلك الأمر قائلاً “إنها عملة لا مركزية، بمعنى أنها تتم إدارتها من العديد من المؤسسات المختلفة بدلاً من مؤسسة واحدة فقط ، مما يجعل النظام أكثر عدلًا، وهذا جزء مهم من رؤيتنا لموقع فيسبوك كمنصة اجتماعية تركز على الخصوصية”.
يحاول القائمون على هذه العملة التغلب على مشكلة سرعة التحويلات، فقد صرح ديفيد ماركوس المدير التنفيذي لهذا المشروع بأن هذه المشكلة يمكن إدراجها ضمن المشاكل الفنية نظرًا لأن البنوك لم تكن قادرة على نقل الأموال بسرعة كافية دون تقنية البلوكتشين.
فيسبوك تحاول جاهدةً فيما يخص مسألة استقرار الليبرا، حيث سيخدم العملة الحاليّة مجموعة من الشركات تسمى “جمعية ليبرا”، ومهمتها فيما يعرف باسم “العملة المستقرة” يرتبط بأصول حاليّة مثل الدولار أو اليورو بهدف أن تصبح أقل عرضة للتقلب الذي تعاني منه العديد من العملات المشفرة.
فيما يصف فيسبوك جمعية ليبرا بأنها منظمة مستقلة غير ربحية في سويسرا، وتخدم وظيفتين رئيسيتين: التأكد من صحة المعاملات على ليبرا بلوكتشين، وإدارة الاحتياطي المرتبط بليبرا وتخصيص الأموال للأسباب الاجتماعية.
أما داخل جمعية ليبرا سيكون هناك هيئة إدارية تسمى مجلس جمعية ليبرا، ويضم ممثلاً عن كل عضو في الجمعية، وسيصوت المجلس على القرارات السياسية والتشغيلية، وتقول فيسبوك إنه رغم تأسيسها لجمعية ليبرا وليبرا بلوكتشين، فبمجرد انطلاق العملة في 2020 سوف تتراجع الشركة عن الدور القيادي وسيكون لجميع أعضاء الجمعية أصوات متساوية في إدارة ليبرا.
ما يمكن أن يُشعر بالأمان، هو الشركات المساهمة في جمعية ليبرا، التي ساهمت بمبلغ 10 ملايين دولار كحد أدنى، لذلك سيتم إدراجها كعضو مؤسس في جمعية ليبرا بما في ذلك الشركات التكنولوجية مثل PayPal وeBay وSpotify وUber وLyft، بالإضافة إلى شركات رؤوس أموال مثل Andreessen Horowitz وThrive Capital وVisa وMastercard.
يعتقد الخبراء إن مجرد دخول فيسبوك بهذا المجال وما يتعبه من إجراءات، من المحتمل أن يعمل على حل القضايا والمشاكل التي جعلت شركة فيسبوك متهمة في مدى مصداقيتها المتعلقة بالتلاعب السياسي
كما من المنتظر أن تقدم عملة “ليبرا” خدمة شبيهة بخدمات “باي بال” لكن على موقع فيسبوك، وسيتعامل المستخدمون مع مجموعة من مزودي الخدمات الفرديين، أولهم شركة كاليبرا للخدمات المالية التابعة لفيسبوك، حيث يمكنهم إيداع عملتهم التقليدية والحصول على رموز عملة ليبرا في المقابل.
الضمان الآخر هو القوة الاقتصادية التي ستستفيد منها فيسبوك، فعلى ما يبدو، سيظهر مارك زوكربيرغ كرئيس لإحدى أكبر المنصات المالية التي سيراها العالم على الإطلاق، ومقرها سويسرا، في حين أن البعض أبدوا تحفظاتهم بشأن هيمنة العملاق التكنولوجي المتزايدة، فيما يعتقد آخرون أن ظهوره كمعالج دفع سوف يصحح التزاماته الواضحة وسيدعم الاقتصد العالمي.
يعتقد الخبراء أن مجرد دخول فيسبوك بهذا المجال وما يتعبه من إجراءات، من المحتمل أن يعمل على حل القضايا والمشاكل التي جعلت شركة فيسبوك متهمة في مدى مصداقيتها المتعلقة بالتلاعب السياسي أو الحسابات المزيفة أو بخصوصية المستخدم، وذلك بسبب موافقة برنامج العملة الجديدة مع برنامج (AML) المكافح لغسيل الأموال، وبرنامج (KYC) لخصوصية العميل.
بغض النظر عن كل التفاصيل المحيطة بمشروع ليبرا، هناك شيء واحد واضح، أكثر من ملياري شخص يمكنهم الوصول بسهولة إلى ليبرا، لذلك يصف الخبراء أن آلية العمل على المشروع من لوائح وقوانين، وحالات الاستخدام، وتأثيرها على سوق التشفير، وكذلك الصناعة المالية، تخضع لتدقيق غير مسبوق.
عيوب مشروع عملة “ليبرا”
نشرت مجلة “فورين بوليسي” مقالًا مفصلًا عن عيوب مشروع العملة الوهمية التي تعمل عليها فيسبوك، كونها عملة مشفرة، واعتبرت أن خطوة الشركة غير منطقية، لسبب بسيط هو أن عملية تحويل الأموال تتطلب شروطًا تنظيمية صارمة، والبتكوين وغيرها من العملات الرقمية تتعارض مع هذه المبادئ، وتمثل “البلوك تشين” البرمجية المشغلة لعملة ليبرا حيث تقع معالجة المعاملات.
أشار التقرير بأن ما يوجد على أرض الواقع نظام مركزي لمقدمي خدمات خاص بمشروع تشرف عليه فيسبوك، ويتطلع القائمون على عملة ليبرا إلى تقديم خدمات مستقبلية مماثلة لدفع الفواتير بمجرد كبسة زر، أو ركوب وسائل النقل العام المحلية دون الحاجة إلى اصطحاب نقود أو بطاقة مترو معك، أو شراء فنجان من القهوة أو التبضع عن طريق مسح رمز.
هناك دافع “السيطرة والتغيير”، حيث إن فيسبوك يخضع لمراقبة متزايدة من الحكومات التي تشكك فيه بشدة بسبب سجله فيما يتعلق بمشاكل الخصوصية والتلاعب بالانتخابات
وبذلك الأمر تطرق التقرير إلى المجتمع الأمريكي الذي سيتأثر بالضرورة بهذه العملة، ووصف أنظمة الدفع الأمريكية بأنها متخلفة عن أوروبا بشكل غريب، إذ لم يقع استخدام بطاقات الائتمان الذكية التي كان معمولًا بها في أوروبا منذ منتصف العقد الأول من القرن الماضي إلا خلال الأعوام الأخيرة بالولايات المتحدة، حيث إن الأمريكيين لا يزالون يستخدمون الشيكات الورقية في تعاملاتهم.
اعتبر التقرير أن الدافع الحقيقي وراء مشروع ليبرا هو “دافع أيديولوجي”، وذلك كون ماركوس كان يعمل في موقع “باي بال”، وهو مطلع جيدًا على مسائل مثل المدفوعات والضوابط، ولكنه كان من مناصري عملة بتكوين منذ عام 2012 وكان يعمل مع بورصة العملات الرقمية المشهورة “كوين بيز” عام 2017.
وهناك دافع “السيطرة والتغيير”، حيث إن فيسبوك يخضع لمراقبة متزايدة من الحكومات التي تشكك فيه بشدة بسبب سجله فيما يتعلق بمشاكل الخصوصية والتلاعب بالانتخابات والمعلومات المضللة، لكن على الرغم من ذلك، يبدو أن فيسبوك وشركاءه المقربين يعتقدون أنهم أقوى بما يكفي للانقلاب على مفهوم سيطرة الحكومة على المال، وتوضح “ليبرا” أن هدفها “إنشاء بيئة تنظيمية” وليس الامتثال للبيئة التنظيمية الحاليّة.
وهناك دافع آخر يندرج تحت مسمى “استغلال الفرص”، وأشار إلى أن “ليبرا” تستهدف بشكل خاص البلدان التي يوجد بها عدد كبير من مستخدمي فيسبوك التي غالبا ما تكون قيمة عملتها غير مستقرة.
على الرغم من تصريحات القائمين على مشروع ليبرا، بأنه سيتم تطبيق سياسة “اعرف عميلك” التي تتبع مصادر الأموال من أجل قطع التمويل عن المجرمين والإرهابيين، وطمأنة الهيئات التنظيمية بالعالم المتقدم، يقول التقرير إنه من المحتمل أن تستخدم هذه العملة في عمليات غسل الأموال، كما سيؤثر هذا على السكان المحليين الذين لا يستطيعون اجتياز اختبارات “اعرف عميلك” للوصول إلى نظام “ليبرا” الذي يبدو من الواضح أنه مخصص فقط للطبقات المتوسطة والأثرياء.
نوه التقرير إلى نقطة مهمة أخرى، وهي أن مشروع ليبرا يمكن أن يقضي على الاقتصاد المحلي، تمامًا كما تتسبب هيمنة الدولار الأمريكي في انخفاض قيمة العملات المحلية، فيمكن أن تتسبب ليبرا في انخفاض قيمة العملات لكن بشكل أسرع.
صرح وزير الشؤون الاقتصادية سوبهاش غارغ، في مقابلة أجريت معه بشأن الموضوع: “لم يتم شرح تصميم عملة فيسبوك بشكل كامل”، ولكن مهما كان الأمر، فستكون عملة مشفرة خاصة وهذا ليس شيئًا نرتاح له”.
قلق دولي بشأن عملة ليبرا
حذر بنك التسويات الدولي من هذه الخطوة، الذي اعتبر أنها من الممكن أن تؤثر في المنافسة وخصوصية البيانات، وتمثل مخاطر على النظام المصرفي الدولي، ويجب أن تثير رد فعل سريع من صنّاع السياسات العالميين، وفقًا للمنظمة الممثلة للبنوك المركزية على مستوى العالم.
وسبق أن صرح المستشار الاقتصادي ورئيس قسم البحوث لدى بنك التسويات الدولية هيون سونغ شين، قائلاً: “ينبغي أن يكون الهدف هو اتخاذ رد على دخول الشركات التقنية الكبرى مجال الخدمات المالية، بما يحقق الاستفادة من المكاسب والحد من المخاطر في الوقت نفسه”.
فيما طلب الكونغرس الأمريكي من شركة فيسبوك إيقاف خطط تطوير عملتها الرقمية المسماة ليبرا على الفور، بالإضافة إلى المحفظة الرقمية كاليبرا، وذلك حتى يتوافر الوقت الكافي للتحقيق في المخاطر المحتملة التي تُشكلها على النظام المالي العالمي.
الحكومات الإفريقية تشك أيضًا بعمق في عملات التشفير، مثل بيتكوين ومثيلاتها، وقامت بحظرها، فقائمة طويلة من البلدان الإفريقية حظرت، بطريقة أو بأخرى، استخدام العملات المشفرة كنيجيريا وكينيا وإثيوبيا، وهي في طريقها إلى أن تصبح مجتمعًا غير نقدي بفضل الاعتماد المتزايد خدمات المال المحمول، وهذا بدوره يطرح تساؤلاً إذا ما سيتم السماح بالتعامل مع ليبرا في هذه البلدان التي تخشى نظام العملات المشفرة أصلًا أم لا؟
أما في الهند، فقد صرح وزير الشؤون الاقتصادية سوبهاش غارغ، في مقابلة أجريت معه بشأن الموضوع: “لم يتم شرح تصميم عملة فيسبوك بشكل كامل”، ولكن مهما كان الأمر، فستكون عملة مشفرة خاصة وهذا ليس شيئًا نرتاح له”.
على أي حال، فإن جميع ما يُقال أو يُكتب عن مشروع فيسبوك بطرح عملة ليبرا، هي دراسات وتوقعات وتخمينات، وتفاؤل وقلق، لن تتضح صورتها بعد من النجاح أو الفشل، أو المنفعة والمضرة، لكن الثابت، حقيقة هيمنة منظومة الفيسبوك على العالم في مجالات عدة، منذ أن ظهر هذا الموقع الثوري عام 2004، واستمر طيلة هذه السنين رغم كل ما عليه من قضايا وشكوك، فقد تكون فيسبوك رائدة مرة أخرى في التغيير، لكن هذه المرة في تغيير نظام العالم المصرفي والمالي.