في شهر أكتوبر الماضي ومع تنامي الفوضى الأمنية في ليبيا، أرسلت الأمم المتحدة وفدًا رسميًا لطرابلس ليقرر إذا ما كان الوضع في ليبيا يسمح لفرق المنظمة الدولية بالعمل بأمان داخل ليبيا أو لا، وخاصةً بعد مقتل السفير الأمريكي في بنغازي واختطاف السفير الأردني وحتى رئيس الوزراء السابق علي زيدان، بالإضافة إلى سيطرة المسلحين المتمردين على عدد من موانئ تصدير النفط.
وكان قرار البعثة بأن العاملين مع المنظمة في ليبيا ليسوا في أمان؛ مما جعل الأمين العام للمنظمة يرسل طلبًا عاجلاً لمجلس الأمن للمساعدة في تشكيل فرقة أمنية جديدة من 235 فردًا لتكليفهم بتأمين البعثات الدولية في ليبيا.
ومع مرور سبعة أشهر، وقبل أن تنتهي الأمم المتحدة من تشكيل قوتها الأمنية الجديدة في ليبيا، ازداد الوضع الأمني في ليبيا تعقيدًا؛ مما جعل وزارة الخارجية الأمريكية تطلب من المواطنين الأمريكيين مغاردة ليبيا وعدم السفر إليها.
وفي شهر شباط/ فبراير، تخلت الأردن – التي كانت القوة الجديدة ستتشكل من أفراد تابعين لها – عن هذا المشروع تحت ذريعة أنها “غير قادرة على ضمان سلامة جنودها المشاركين في هذه القوة”، وذلك بالإضافة إلى قيام البرلمان الليبي بعزل رئيس الوزراء الليبي “علي زيدان” الذي كان يشرف على مفاوضات تشكيل هذه القوة مع مبعوث الأمم المتحدة في ليبيا “طارق المتري”.
وتضاعفت المخاطر الأمنية التي يواجهها أفراد الأمم المتحدة في الأيام القليلة الماضية بعد إعلان الجنرال المتقاعد “خليفة حفتر” عما أسماه “عملية الكرامة” وما وصفته السلطات الليبية بـ “المحاولة الانقلابية”.
وكانت أول مرة لجأت فيها الأمم المتحدة لتشكيل قوة أمنية خاصة لحماية أفرادها في سنة 2003 عندما تعرض مقرها في بغداد لتفجير أدى إلى مقتل المبعوث الأممي للعراق وعشرات العاملين معه، وبعد هذا التفجير قامت الأمم المتحدة بتشكيل قوة أمنية من 400 أمني يحملون الجنسية النيبالية وكذلك الفوجية.
وفي الصومال قامت الأمم المتحدة مؤخرًا بتشكيل فريق أمني من 410 أمني يحمل الجنسية الأوغندية لحماية مبعوثيها هناك، وفي جمهورية أفريقيا الوسطى تم تشكيل قوة من 560 أمني مغربي لنفس الغرض، ولكن المنظمة الدولية اكتشفت أن تكرار هذا الأمر في ليبيا صعب جدًا ومعقد بسبب رفض المجموعات المسلحة هناك لأي تواجد أجنبي خاصة إذا كان مسلح.
وبالفعل عارضت السلطات الليبية متمثلة في البرلمان فكرة إنشاء هذه القوة الأمنية، لأسباب عدة من بينها واقع المجموعات المسلحة التي ترفض التواجد الأجنبي المسلح، وكذلك الانطباع الذي سينتج عن وجود هذه القوة بأن السلطات عاجزة على تأمين المبعوثين الدوليين.
وخلال المفاوضات، وافق “طارق متري” على تخفيض العدد إلى 100، كما اشترطت السلطات الليبية ألا يرتدي الأفراد الأردنيون التابعون لهذه القوة اللباس التقليدي لقوات الأمم المتحدة لحفظ السلام وأن تخلوا أزياؤهم من شعار الأمم المتحدة، وألا يقوموا بمرافقة المبعوثين الدوليين خلال سفرهم داخل التراب الليبي.