سطر محاربو الصحراء ملحمة كروية في كأس الأمم الإفريقية التي تستضيفها مصر حاليًّا حتى 19 من يوليو/تموز الحاليّ، ولم يقدر أي منتخب على إيقاف قطار المنتخب الجزائري بقيادة المدرب جمال بالماضي، لينهى الدور الأول محققًا العلامة الكاملة عقب فوزه على منتخبات كينيا (2-0) والسنغال (1-0) وتنزانيا (3-0)، ضمن منافسات المجموعة الثالثة.
وواصل “الأفناك “رحلة استعادة المجد بدكهم شباك غينيا في الدور الـ16 بثلاثية الإقناع من أقدام يوسف البلايلي ورياض محرز وأدم وناس، ليزيحوا بعدها عقبة كوت ديفوار بعد مباراة قتالية اقتلعوا على إثرها الفوز بركلات الترجيح (4-2)، حملت بصمة العملاق المبولحي.
ويلتقي المنتخب الجزائري مع نظيره النيجيري صاحب الأربعة ألقاب القارية، في موقعة مثيرة يوم الأحد، على ملعب إستاد القاهرة الدولي، ضمن منافسات الدور نصف النهائي من الكان.
الخيبة والصعود
بعد 9 أعوام يعود المنتخب الجزائري من جديد للظهور في نصف نهائي بطولة الأمم الإفريقية، حيث تأهل آخر مرة إلى هذا الدور في بطولة 2010 التي أقيمت بأنجولا، وخرج على يد حامل لقب البطولة آنذاك المنتخب المصري برباعية نظيفة.
في نسخة 2015 التي استضافتها غينيا الاستوائية نجح المنتخب الجزائري في الوصول إلى دور الثمانية، إلا أنه اصطدم بمنتخب كوت ديفوار في الدور قبل النهائي وخسر بنتيجة (3-1)
وفي نسخة 2012 التي أقيمت في دولتي الغابون وغينيا لم ينجح محاربو الصحراء في التأهل لتلك البطولة من الأساس.
وعقب تغيير موعد البطولة الجديد لتقام في السنوات الفردية، جاءت بطولة 2013 التي أقيمت في جنوب إفريقيا، لتشهد وداع “الخضر” من دور المجموعات بعدما احتلوا المركز الأخير في مجموعتهم خلف كوت ديفوار وتونس وتوجو.
وفي نسخة 2015 التي استضافتها غينيا الاستوائية نجح المنتخب الجزائري في الوصول إلى دور الثمانية، إلا أنه اصطدم بمنتخب كوت ديفوار في الدور قبل النهائي وخسر بنتيجة (3-1).
بدورها كانت مشاركة محاربي الصحراء في بطولة 2017 بالغابون، ضعيفة للغاية وفشل في الصعود من دور المجموعات، بعد احتلاله المركز الثالث برصيد نقطتين في المجموعة التي ضمت السنغال وتونس وزيمبابوي.
وتوج محاربو الصحراء باللقب القاري، مرة واحدة في تاريخهم وحدث ذلك سنة 1990 حينما احتضنت الجزائر الدورة، لذلك، يحتفظ الجزائريون بمرارة الإقصاء من الدور الأول في دورتي 2013 و2017، بينما بلغ الربع الثاني في 2015، وتعد أفضل مشاركة في الـ30 سنة الأخيرة، في دورة 2010 عندما بلغ منتخبهم الدور نصف النهائي.
يجمع المراقبون لمسيرة أحفاد الأمير عبد القادر أن بصمة المدرب بلماضي ظهرت جليًا في “كان” مصر، حيث ظهر المنتخب الجزائري بوجه مغاير ومختلف عن السنوات السابقة
ومنذ عام 2014، لم يقدم المنتخب الجزائري ما يرضي جمهوره، خاصة بعد وصوله إلى دور الـ16 في مونديال البرازيل، وخروجه بصعوبة في مواجهة قوية أمام المنتخب الألماني.
بلماضي
بعد المونديال المشرف للخضر، ترك المدرب البوسني الفرنسي وحيد خليلودزيتش الإدارة الفنية، وتناوب على خلافته البلجيكي جورج ليكنز والصربي ميلوفان رايفاتش، ثم الفرنسي كريستيان غوركوف، تلاه الإسباني لوكاس ألكازار ورابح ماجر الاسم الأشهر في تاريخ كرة القدم الجزائرية، لكنهم فشلوا جميعًا في استعادة روح الخضر وإيجاد تركيبة ناجحة لبلد يزخر بالمواهب، حتى جاء جمال بلماضي المنقذ.
خرج المدرب المنحدر من ولاية مستغانم (شمال) من تجربة قطرية، جاءت بعد مسيرة موفقة كلاعب في أندية مثل باريس سان جيرمان ومرسيليا الفرنسيين وساوثمبتون ومانشستر سيتي الإنجليزيين، ليدافع عن ألوان الغرافة ولخويا القطريين، ومع الأخير بدأ مسيرته كمدرب في 2010، وحقق لقبي الدوري المحلي في موسميه الأولين، ووصل إلى المنتخب القطري الأول الذي فاز معه بكأس الخليج 2014، وبعدها إلى الدحيل (النادي الناشئ من دمج لخويا والجيش)، فقاده إلى ثلاثية الدوري المحلي وكأس قطر وكأس الأمير.
الوصفة السحرية
يجمع المراقبون لمسيرة أحفاد الأمير عبد القادر أن بصمة المدرب بلماضي ظهرت جليًا في “كان” مصر، حيث ظهر المنتخب الجزائري بوجه مغاير ومختلف عن السنوات السابقة، من خلال الصلابة الدفاعية والاستحواذ على الكرة في وسط الملعب واستبسال اللاعبين في صد الهجمات المرتدة، إضافة إلى القوة الهجومية والنجاعة.
يفضل اللاعب الجزائري خطة 4-3-3 لكنه يغيرها حسب مجريات اللقاء، ففي العديد من الأحيان استبدلها بـ4-1-4-1، أو إلى 4-2-3-1.
وعلى المستوى الفني، فإن بلماضي ورغم قصر تجربته، فإنه من نوعية المدربين الذي يقرأون الخصم جيدًا في أثناء المباريات، ولديه القدرة على تنويع خططه التكتيكية داخل الملعب، وتغيير طريقة لعب فريقه وفقًا لطبيعة المنافس، ويفضل اللاعب الجزائري خطة 4-3-3 لكنه يغيرها حسب مجريات اللقاء، ففي العديد من الأحيان استبدلها بـ4-1-4-1، أو إلى 4-2-3-1.
من جانبه، قال النجم السابق للكرة الجزائرية لخضر بلومي في تصريحات لقناة “الهداف” بعد تخطي ثمن النهائي: “المشكلة في المنتخب حلها السيد بلماضي، سبقه 5 أو 6 مدربين لم يتمكنوا من حل المشكلة“، مضيفًا “المدرب عرف بطريقته الخاصة أن المشكلة بين اللاعبين، خلافات بشأن الكرة، من ينفذ الركلة الركنية، من ينفذ الركلة الحرة، ركلة الجزاء، حل المشاكل، أبعَد من أبعَده، وضع البعض في مكانهم، أدخل الناس في الصفوف، المشكلة كانت انضباطية بين اللاعبين”.
ونجح ربان السفينة الجزائرية في الاستفادة من قدرته الكبيرة على تحفيز اللاعبين، ودفعهم إلى إخراج أفضل ما في جعبتهم، وزرع روح التعاون والتكامل القوية في نفوسهم دون استثناء، فلا فرق عند بلماضي بين جزائريي أوروبا وبقية اللاعبين بما فيهم محترفي الصف الثاني من إفريقيا وآسيا والجزائر، الذين عرف عنهم مسمى “الغاضبون”.
أبقى بلماضي على ياسين براهيمي نجم بورتو البرتغالي وإسلام سليماني لاعب فنربخشه التركي على دكة الاحتياط، كما استغني عن خدمات هلال سوداني (أولمبياكوس اليوناني)، ونبيل بن طالب ورشيد غزال، واعتمد في مقابل ذلك على لاعبين تم تجاهلهم من كل المدربين السابقين
وهو ما دفع بنجم مانشستر سيتي رياض محرز إلى التنصل من تهمة الريادة قائلًا: “لست النجم الأوحد في منتخب الجزائر كما يردد البعض، نحن مجموعة كاملة جيدة، نمثل المنتخب الوطني“، مضيفًا، “نسعى جاهدين للتتويج بالبطولة من أجل إسعاد الجمهور الجزائري، لكي ندون أسماءنا في تاريخ بطولات الجزائر”.
وأبقى بلماضي على ياسين براهيمي نجم بورتو البرتغالي وإسلام سليماني لاعب فنربخشه التركي على دكة الاحتياط، كما استغني عن خدمات هلال سوداني (أولمبياكوس اليوناني) ونبيل بن طالب ورشيد غزال، واعتمد في مقابل ذلك على لاعبين تم تجاهلهم من كل المدربين السابقين على غرار جمال بلعمري (الشباب السعودي) ويوسف لبلايلي (الترجي التونسي)، إضافة إلى عدلان قديورة (نوثينغهام فوريست الإنجليزي).
بلماضي لا يعترف بالأسماء، من يثبت نفسه يلعب.. #beINAFCON #AFCON2019 pic.twitter.com/VfixbB0IO1
— beIN SPORTS (@beINSPORTS_MENA) July 8, 2019
القمة
تألق محاربو الأفناك، أعاد لأذهان الجزائريين ملحمة 1990، حين تُوجت بلادهم المستضيفة لكأس أمم إفريقيا في نسختها الـ17 لأول مرة، وكان تحت إشراف المدرب عبد الحميد الكرمالي.
ورغم غياب أسطورة كرة القدم الجزائرية لخضر بلومي، فإن رفاق القائد رابح ماجر، جمال مناد وشريف وزاني وفضيل مغاريا وناصر بويش وعبد الحكيم سرار ومحي الدين مفتاح وموسى الصايب، إضافة إلى شريف وجاني صاحب الهدف الخالد في المباراة النهائية أمام نيجيريا التي فازت عليها بنتيجة عريضة في المباراة الافتتاحية (5-1)، صنعوا التاريخ بتحقيقهم أول لقب قاري أزالوا به مرارة وخيبة الإخفاق في مونديال إيطاليا 1990، وخروجهم من التصفيات المؤهلة على يد المنتخب المصري.
تترقب الجماهير العربية، منافسات المربع الذهبي ببطولة الأمم الإفريقية، حيث يلتقي المنتخب التونسي، نظيره السنغالي الأحد، بينما يلعب منتخب الجزائر ضد نيجيريا في نفس اليوم
وصول أعلى الهرم بالنسبة للجزائريين لم يتواصل بعد تلك الفترة الذهبية، حيث أدت الفوضى التي أغرقت البلاد (العشرية السوداء)، بسبب الصراع الذي اندلع في يناير 1992 عقب إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية لعام 1991، التي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزًا مؤكدًا، إلى توقف رصيد الجزائر من الكؤوس عند واحدة فقط.
نهائي “الحلم العربي”
إلى ذلك، تترقب الجماهير العربية، منافسات المربع الذهبي ببطولة الأمم الإفريقية، حيث يلتقي المنتخب التونسي، نظيره السنغالي، الأحد، بينما يلعب منتخب الجزائر ضد نيجيريا في نفس اليوم، ويبقى الطريق ممهدًا لنهائي عربي لبطولة كأس الأمم الإفريقية، للمرة الثالثة في تاريخ البطولة القارية، بعد أولى في 1959 بين منتخبي مصر والسودان في النسخة التي استضافتها مصر وفاز باللقب الفراعنة بعد التغلب بهدفين مقابل هدف.
ليتكرر النهائي العربي مرة أخرى عام 2004 بين منتخبي تونس والمغرب، وفاز أصحاب الأرض “نسور قرطاج” بنتيجة 2-1، وفي حال نجح المنتخبان الجاران في عبور دور النصف النهائي، فإن نهائي كان مصر سيكون بطعم آخر، مثلما عبر عنه رواد شبكات التواصل الاجتماعي، حيث انتشر هاشتاغ خاوه – خاوة على تويتر، وتعني إخوة إخوة.
خاوة خاوة ???????⚽️⚽️⚽️ pic.twitter.com/0wFAH7ZSLK
— Moulay Touareg ?? (@MoulayTouareg) July 13, 2019
تصوروا تونس و الجزائر في الفينال
الجزائري?? : تفضّل يا الخو مركي رانا خاوا ??
التّونسي?? : والله عندك صاحبي مريڤل ? pic.twitter.com/zUgP0gXhYW
— Rim Clubisteya ????1920❤ (@RimClubiSteya12) July 12, 2019