شكّل خبر استعادة القوات المسلحة السودانية، يوم السبت، مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط البلاد المتمردة، حدثًا استثنائيًا فارقًا، مثلما كان خبر سقوطها بيد ميليشيا الدعم السريع المتمردة قبل نحو عام، إثر انسحاب غامض وغير مفهوم للجيش السوداني.
تكمن أهمية ود مدني في أنها مدينة استراتيجية ذات موقع حيوي في قلب السودان، كما تعدّ بمنزلة حلقة وصل بين العاصمة الخرطوم و5 ولايات أخرى، هي النيل الأبيض وسنار والقضارف وكسلا والبحر الأحمر، بجانب كونها ثاني أكبر المدن السودانية، وتضم عددًا من المؤسسات الحيوية مثل رئاسة مشروع الجزيرة أكبر مشروع مروي في أفريقيا، والذي يمتد على مساحة 2.2 مليون فدان، فضلًا عن هيئة البحوث الزراعية إحدى أقدم مؤسسات البحث العلمي في أفريقيا والشرق الأوسط، إلى جانب عشرات المنشآت الصناعية والتجارية.
وفوق ذلك، تحتل ود مدني مكانة خاصة لدى كافة السودانيين بمختلف أعراقهم وانتماءاتهم، فقد كانت عاصمة البلاد الأولى في عهد الاستعمار الإنجليزي، إذ أصبحت مركزًا سياسيًا واقتصاديًا وصناعيًا مهمًّا بعد أن أنشأت الإدارة البريطانية مشروع الجزيرة عام 1925، وكانت المدينة مهد انطلاق فكرة مؤتمر الخريجين الذي جاء بالاستقلال لاحقًا، وبعده حافظت ود مدني وحواضرها على المكانة الاقتصادية والسياسية والصناعية، فضلًا عن مكانتها التاريخية والفنية المرموقة، فهي موطن رموز عديدة في مجالات الفن والإبداع والفكر والثقافة.
أما بعد الحرب وتحديدًا في الأشهر الأولى، احتضنت ود مدني مئات الآلاف من المواطنين الذين أُجبروا على مغادرة الخرطوم، كثير منهم بدأ حياة جديدة وحاول التأقلم عليها، كما انتقلت إليها العديد من الشركات والمؤسسات التعليمية الكبرى، مثل الجامعات التي كانت تتمركز في الخرطوم.
لذلك لم يكن من المستغرب مشاعر الفرح الغامر التي سادت مدن السودان المختلفة، فور الإعلان عن استرداد القوات المسلحة والقوات المساندة لها لمدينة ود مدني، إذ عمّت بلا سابق استعدادات الاحتفالات والمسيرات والمواكب التي انتظمت الساحات والميادين في شتى المدن والبلدات، حيث عبّر فيها الكل عن فرحتهم بالنصر الكبير، فكان الشباب والرجال يتبادلون التهانئ ويباركون لبعضهم البعض، بينما رفدت النساء المشهد بالزغاريد والهتافات المؤيدة للجيش، كما تبادل المواطنون العابرون في الأسواق التحيات مع جنود وضباط الجيش والقوى المساندة له.
ولم تقتصر مظاهر الفرح على داخل السودان فحسب، إذ امتدت إلى الخارج بتكرار المشاهد ذاتها بين الوافدين السودانيين في مصر ودول الخليج وإثيوبيا وتشاد، كما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لسودانيين يحتفلون على متن طائرة تابعة لشركة بدر فور إبلاغهم من قبل قائد الطائرة بتحرير واستعادة ود مدني.
Passengers onboard Sudan’s Badr Airlines celebrated mid-flight after the pilot announced the liberation of Wad Madani.🇸🇩✈️ pic.twitter.com/eBmf1VxWeF
— Yusuf (@TurtleYusuf) January 12, 2025
والفرحة التي انتظمت كذلك منصات التواصل الاجتماعي عكست أيضًا مدى ارتباط السودانيين بوطنهم وكراهيتهم للدعم السريع، بعد أن مارست في حقهم أبشع الانتهاكات ودمّرت البنى التحتية والموارد، كما أن الاحتفالات والتغني بالأهازيج الوطنية عبّرت عن استعادة روح الثقة بين الشعب السوداني وقواته المسلحة والقوات المتحالفة معها، بعد الانتكاسة العسكرية الكبيرة وحالة الإحباط التي تسبّب فيها انسحاب الجيش الفوضوي من ود مدني في ديسمبر/ كانون الأول 2023.
تخطيط دقيق
لا يمكن فصل استعادة ود مدني عن العملية العسكرية واسعة النطاق التي شنّها الجيش السوداني أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي، والتي تسبّبت بشكل كبير في تغير موازين القوة على الأرض لصالح الجيش السوداني، إذ استعاد خلال ساعات من الهجوم الخاطف السيطرة على الجسور الاستراتيجية في العاصمة الخرطوم، ومن ثم انتشر وتوسع في كل من الخرطوم وبحري وأمدرمان.
لاحقًا، تمكن الجيش السوداني من بسط سيطرته على منطقة جبل مويا الاستراتيجية بولاية سنار، كما استعاد بعد أيام قليلة عاصمتها مدينة سنجة ومعظم مناطق ولاية سنار (جنوب شرق)، بينما خاضت القوة المشتركة في دارفور (حلفاء الجيش) معارك كبيرة غربي البلاد محققة انتصارات كبيرة في مناطق الزرق والمالحة، كما غنمت الكثير من الأسلحة والإمدادات التي وصلت الدعم السريع عبر الجسر الجوي الإماراتي.
سيطرة الجيش على منطقة جبل مويا الاستراتيجية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أتاحت له حرية المناورة والحركة بربط قواته الموجودة في ولايات سنار والنيل الأبيض والقضارف مع بعضها البعض، ما مكّنها من تنفيذ عمليات نوعية لاستهداف تجمعات الدعم السريع لإضعافها تدريجيًا.
ومن ذلك التاريخ حاول الجيش استعادة ود مدني عدة مرات، لكن المحاولات الأولى لم تثمر، ما دفع القيادة العليا للقوات المسلحة إلى إجراء تعديلات في قادة المناطق العسكرية، التي وضعت خططًا جديدة قامت على تطويق ود مدني من 3 محاور رئيسية:
- المحور الجنوبي نفذته قوات سنار التي نجحت في استعادة القرى والبلدات الواقعة جنوب ولاية الجزيرة، انتهاءً بالحاج عبد الله التي تمركزت فيها.
- في المحور الغربي التحمت القوات القادمة من ولاية النيل الأبيض مع قوات الجيش والكتائب المساندة لها في مدينة المناقل، حيث شقت القوات طريقًا ترابيًا لتنتزع القرى والبلدات من قبضة الدعم السريع واحدة بعد الأخرى، حتى تمركزت في جسر بيكة على بُعد 7 كيلومترات.
- المحور الشرقي، قادته قوات منطقة الفاو التابعة لولاية القضارف، إذ لعبت دورًا مهمًّا بتحييد دفاعات الدعم السريع في شرق الجزيرة قبل أن تتمركز في ود المهيدي، ومن ثم كانت طلائع المحور الشرقي أول القوات التي دخلت ود مدني السبت بعد عبورها جسر حنتوب.
دلالات كبيرة
استعادة ولاية الجزيرة وعاصمتها ود مدني مثّلت نافذة أمل لمعظم قطاعات الشعب السوداني لحجم المدينة وثقلها الكبير كما أسلفنا، والمدن التي تستعيد القوات المسلحة السيطرة عليها سرعان ما تدبّ فيها روح الحياة، وتتم فيها بشكل عام استعادة الخدمات الأساسية، كما تبدأ في العودة إليها قوافل النازحين داخليًا الذين فرّوا من انتهاكات الدعم السريع وجرائمه، كما حدث من قبل في مدن ولاية سنار وقبلها مدينة أمدرمان التي استعاد الجيش السيطرة عليها بنسبة 90%.
وبعد دخول ود مدني، كثفت القوات المسلحة جهودها لتمشيط المدينة وتعزيز السيطرة عليها، حيث عملت القوات المساندة على إزالة الألغام والمتفجرات التي تركتها الدعم السريع، في حين تباشر الجهات الرسمية والشعبية إعادة صيانة خطوط المياه والكهرباء لإعادة الحياة تدريجيًا إلى المدينة.
أما عسكريًا، فتمثل سيطرة القوات المسلحة على عاصمة ولاية الجزيرة انتكاسة كبيرة لميليشيا الدعم السريع بسبب ثقلها وموقعها الجغرافي، فقد كانت تستميت في الدفاع عن سيطرتها على المدينة، وعبرها ترسل موجات بشرية من قواتها إلى الخرطوم وإلى الولايات الأخرى، لسدّ الثغرات التي تنجم عن هجمات الجيش، وسقوط ود مدني يؤدي حتمًا إلى إضعاف قدرات الميليشيا المتمردة عسكريًا ومعنويًا، وما دفع قائدها محمد حمدان دقلو إلى الخروج في رسالة صوتية مسجّلة، محاولًا الحفاظ على المعنويات المتهاوية لقواته.
وبالنسبة إلى الجيش، فإن لتحريره المدينة تأثيرًا استراتيجيًا، أولًا باستعادة رصيده الشعبي متمثلًا في التفاف المواطنين حوله، كما سيكون للمدينة دور كبير في تأمين خطوط الإمداد للقوات المسلحة شمالًا إلى الخرطوم، ما يسهّل من تحركاته ويعزز قدرته العسكرية على استكمال تحرير العاصمة.
كما أن نجاح القوات المسلحة في استعادة ود مدني يساعد في تأمين الولايات المجاورة مثل النيل الأبيض وسنار والقضارف، كما سيعجّل بعودة النازحين داخليًا وربما اللاجئين إلى ديارهم، فضلًا عن التأثيرات الاقتصادية المتوقعة، بعودة الأنشطة الزراعية والأسواق في المدينة التي تعدّ مركزًا اقتصاديًا لا غنى عنه.
سياسيًا، تعزز استعادة ود مدني من موقف الحكومة في أي مفاوضات مستقبلية، بحثًا عن تسوية سياسية للصراع الدامي، فهزيمة الدعم السريع في ولاية الجزيرة، وحالة الفوضى التي تشهدها قواته ميدانيًا، تشكلان ضغطًا إضافيًا بشكل قد يدفع قيادته إلى إعادة النظر في خططه، بما في ذلك البحث عن حلول سياسية تحفظ له ما تبقى من ماء وجهه.
فمنذ أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي حتى اليوم، فقدَ الدعم السريع معظم ولايتي سنار والجزيرة، إلى جانب أجزاء لا يستهان بها في الخرطوم العاصمة، فضلًا عن فقدانه العديد من المواقع ومئات المقاتلين في إقليم دارفور إثر هجمات القوة المشتركة.
انتكاسات رغم الدعم الإماراتي
يرصد نشطاء سودانيون على صلة بمصادر موثوقة على الأرض، استمرار الجسر الجوي الإماراتي لدعم ميليشيات حميدتي بالأسلحة والذخائر، طيلة الأيام التي سبقت سيطرة الجيش على ود مدني.
🚨الإمداد العسكري متواصل
🟡لليوم السادس على التوالي هبطت طائرة شحن أجنبية في مطار مدينة نيالا قبل قليل https://t.co/CKTd2FWX82
— Yasser (@yasseralfadol) January 3, 2025
ورغم الهجمات التي شنّها سلاح الجو السوداني على مطار نيالا بهدف منع هبوط طائرات الشحن، فإن الإمداد العسكري ظلَّ متواصلًا، حيث يقول المدون ياسر فضل إن طائرات الشحن بإمكانها الهبوط في أي مدرج ترابي، كما أن المساحات الشاسعة لإقليم دارفور تحدّ من قدرة سلاح الجو على استهداف الطائرات الأجنبية.
وردًّا على سؤال لـ”نون بوست” حول عدم قدرة الجيش على رصد الطائرات، قال إن القوات المسلحة تفتقر إلى أنظمة فعّالة لرصد الطائرات المجهولة واستهدافها، مبينًا أن العرض الروسي للاستحواذ على محطة بحرية في بورتسودان العام الماضي كان يتضمن تركيب منظومة دفاع جوي روسية متقدمة.
إلا أنه وبمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، يلاحظ أن العديد من الأسلحة والذخائر التي ترسلها الإمارات يتم الاستيلاء عليها من قبل القوات المسلحة والقوة المشتركة، ففي الفترة الأخيرة بثّت القوة المشتركة فيديوهات قالت إنها لأسلحة متقدمة غنمتها خلال هجومها على قاعدة الزرق التابعة للدعم السريع أواخر الشهر الماضي.
كما عثر عناصر من القوات المسلحة كذلك على كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر الإماراتية في ود مدني قبل يومين، وقد يفسر سهولة استعادة الجيش السيطرة على ود مدني افتقار الدعم السريع للعقيدة القتالية والبنية المتماسكة رغم الأسلحة التي يمتكها.
حيث إنه يعتمد على قائد واحد أو قائدين على الأكثر، فبمجرد غيابهما بات على وشك التفكك والانهيار، وامتلاك السلاح المتقدم لا يعني حسم المعارك والاحتفاظ بالأرض، وإلا لكان الجيش الأفغاني قد صمد في وجه طالبان بامتلاكه الأسلحة الحديثة التي زودته بها الولايات المتحدة بحسب فضل.
A warehouse of Emirati ammunition and missiles was discovered in Wad Madani, in Sudan, after the Sudanese army captured the key RSF-held area on Saturday.
Sources have previously told MEE that the UAE’s military support for the RSF ‘has kept the RSF in the fight’ pic.twitter.com/2TXbtROSFa
— Middle East Eye (@MiddleEastEye) January 12, 2025
قدرة الدعم السريع على الحشد انتهت
في حديث لـ”نون بوست”، يشير المصدر العسكري أ. ص. إلى أن الدعم السريع كان يعتمد على استراتيجية الموجات البشرية (الفزع)، التي تعرف محليًا بـ”عجال لاقن”، أي إرسال كل قواتهم مثل العجول إلى منطقة واحدة.
وكانوا مطمئنين في الفترة الأولى لعدم قدرة الجيش على التعامل معهم، نسبة لعدم وجود قوة مشاة كافية للجيش إضافة إلى ضعف السلاح، ما أدى إلى انفتاح الدعم السريع نحو ولايتي الجزيرة وسنار، وهي استراتيجية خاطئة أدّت إلى هزائمه الأخيرة بعد تحسُّن وضع الجيش، بحسب محدثنا الذي رفض الإفصاح عن اسمه لكونه غير مخوَّل له بالحديث.
ويجزم المصدر بأن قدرة الدعم السريع على حشد المقاتلين على أساس قَبَلي انتهت، موضحًا أن الناس في المجتمعات المحلية يعرفون بعضهم البعض، ويدركون حجم الموت وفقدان آلاف المقاتلين منذ بداية الحرب.
مشيرًا إلى أنه لم يتمَّ الاهتمام بالمصابين والجرحى الذين أصبحوا عالة على أهاليهم، بدلًا من أن يكونوا أناسًا طبيعيين منتجين، وفنّد محدثنا الشعارات التي يرفعها قادة الدعم السريع عن أن لديهم قضية يقاتلون من أجلها، مستدلًّا بإهمالهم للجرحى والمصابين وأُسر الضحايا.
وقال إن العامل الآخر الأقوى في استعادة ود مدني، أن الجيش بات أقوى بكثير في الوقت الحالي من حيث التجهيز العسكري وامتلاكه لأسلحة حديثة، ممثلة في المسيَّرات والمدفعية إلى جانب صيانة المقاتلات الجوية.
لافتًا إلى أن عشرات الآلاف من المستنفرين وعناصر المقاومة الشعبية كانوا على أهبّة الاستعداد من العام الماضي فقط ينقصهم السلاح، كما أشار إلى الدور المحوري الذي تلعبه القوة المشتركة لدارفور وكتائب البراء المحسوبة على الإسلاميين.
وبشأن تأثير استعادة ود مدني على معركة الخرطوم، توقع محدثنا أن يكون الهدف التالي للقوات التي استولت على الطريق القومي الرابط بين الخرطوم وود مدني، هو استعادة المناطق الجنوبية من الخرطوم مثل سوبا وشرق النيل.
كما عبّر عن اعتقاده بأن تحرير منطقة خزان جبل أولياء بات أقرب لقوات ولاية النيل الأبيض، موضحًا أن جسر الخزان يمثل نقطة حاكمة للدعم السريع في نقل إمداداته العسكرية إلى الخرطوم، وأنه لا بدَّ من السيطرة على الجسر بأي شكل لمحاصرة عناصر الميليشيا في الخرطوم وقطع الإمداد عنها، ما سيسرّع من عملية استعادة مدينة الخرطوم بعد اكتمال الربط بين قوات سلاح المدرعات والقيادة العامة، لفكّ الحصار عن الأخيرة وعن سلاح الإشارة في بحري، واستعادة ما تبقى من مناطق العاصمة الأخرى في الخرطوم بحري وأمدرمان.
واختتم المصدر حديثه لـ”نون بوست” بأنه ووفقًا للمعطيات الحالية، فإن نهاية الدعم السريع باتت مسألة وقت فحسب ما لم تحدث مستجدات أخرى، غير أنه استدرك بأن الميليشيا ستعمل في الفترة القادمة على تكثيف الهجمات على المؤسسات المدنية باستخدام المسيَّرات، كما حدث فجر الاثنين لمنشآت سد مروي في الولاية الشمالية، من أجل إثبات وجودها وقدرتها على الإضرار بالمواطنين.
أخيرًا، استعادة الجيش مدينة ود مدني تشكّل أيضًا ضربة قاصمة لمشروع تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع المقترح، الذي تقوده قيادات حركات مسلحة وقيادات أخرى في تنسيقة القوى المدنية (تقدم) بهدف تكرار النموذج الليبي.
فالمقترح يخسر ويتلاشى في كل تقدم للقوات المسلحة المدعومة شعبيًا، حيث من الممكن جدًّا أن يرتفع سقف الجيش التفاوضي إلى رفض أي وجود مستقبلي للدعم السريع سياسيًا أو عسكريًا، وبالتأكيد التقدم الميداني يقوّي من موقف الحكومة التفاوضي فيما يتعلق بالمبادرة التركية التي طرحتها أنقرة للتوسط بين السودان والإمارات.