ترجمة وتحرير: نون بوست
عندما تفكر في أي خلاف من المحتمل أن تخوضه، ما الذي يتبادر إلى ذهنك؟ هل أنت من الأشخاص الذين يتجنبون الدخول في أي خلاف؟ هل تخشى الخلافات؟ هل تربط مصطلح الخلافات بعبارات مثل ” إيذاء شخص ما” أو خوض قتال؟ بيد أن الأمر الذي يجب أن تكون متيقنا منه أن الدخول في خلاف ما أمر لا محيد عنه في هذه الحياة، حيث ينبغي ألا تسأل نفسك “هل سأواجه نزاعات في حياتي؟” ولكن بدلاً من ذلك، “كيف يمكنني التعامل مع النزاعات عندما تحدث معي؟”
ماهو مفهوم الخلاف؟
بشكل عام، هناك طريقتان تساعدك على حل أي خلاف يمكنك التعامل معه بشكل فردي أو بالتعاون مع الآخرين. وفي هذا السياق، تميل الكتب التي تتمحور حول طرق تسوية النزاعات إلى الاعتقاد بأن التواصل واستراتيجية حل المشكلات والتعاون تمثل وسيلة أساسية لمعالجة الخلافات. وتشمل التكتيكات الفعالة التي تُعتمد من أجل حلّ أي خلاف:
– فصل الشخص المقابل عن صلب المشكلة
– استخدام ضمير المتكلم “أنا” بدلاً من ضمير المخاطب “أنت”
– طرح أسئلة مفتوحة
– استخدام الاستماع الإيجابي
– تقديم مقترحات تحقق المنفعة المتبادلة
تعتبر العواطف السلبية أحد الأسباب التي تكمن وراء نشوب الكثير من الخلافات
ومع ذلك، لا توجد الكثير من الأعمال الأدبية المتعلقة بالإدارة الذاتية للنزاعات. ومن الأمور التي تدعو إلى الاستغراب هي أن الخلاف يتمحور بالأساس حول تصور بعدم التوافق بين بعض الآراء، والذي يبدأ وينتهي في كثير من الأحيان في أذهاننا. وتمنعنا الكثير من الظروف، على غرار اختلال موازين القوى والقلق والتوقيت غير المناسب التي تحدث فيه هذه المشاكل، من معالجة هذه الخلافات. ويمكن القول إن قلة منا يمتلكون الأدوات اللازمة لإدارة الخلاف بصفة ذاتية، لكنه في أغلب الأحيان ينتهي بنا المطاف في سرد قصص تعمق من هوة الخلاف. لذلك، تجنب القيام بذلك، وجرب واحدة من هذه الطرق الثلاثة:
1- ترويض المشاعر وتصنيفها
تعتبر العواطف السلبية أحد الأسباب التي تكمن وراء نشوب الكثير من الخلافات. وفي أغلب الأحيان، يشير بعض الناس إلى أنهم يفقدون أعصابهم أو يشعرون بأنهم يحاولون إظهار أفضل ما لديهم خلال الانخراط في خلاف ما. وتكشف هذه التصرفات مدى قوة الشخص والمشاعر التي يمكن أن تتولد لديه خلال النزاعات.
لعل أبسط الطرق وأكثرها فعالية للسيطرة على عواطفك هي عن طريق تصنيفها. وتظهر الأبحاث أن تصنيف المشاعر يخفف من حدة وطأتها. وبشكل مغاير لقمع هذه الأحاسيس، يسمح لك هذا التصنيف باستعادة رباطة جأشك وإعادة التفكير في طبيعة المشكلة التي تواجهك من جديد، ناهيك عن اتخاذ القرارات المناسبة.
من جانب آخر، أكدت الأبحاث أن الأشخاص الذين بوسعهم تنظيم عواطفهم على أفضل وجه هم أولئك الذين يمكنهم تجاوز المشاكل. فعوضًا عن القول “أشعر بالغضب”، هم يدركون مدى اختلاف مشاعرهم ويصنفونها، على غرار الخيانة وعدم الاحترام وخيبة الأمل والإحباط وما إلى ذلك.
وحيال هذا الشأن، توصي مؤلفة كتاب “الرشاقة العاطفية” الأكثر مبيعًا، سوزان ديفيد، بطرح الأسئلة التالية على نفسك عندما تشعر بأن مشاعرك تسيطر عليك:
– ما الذي أواجهه بالضبط؟
– ما هي العاطفة التي تتخفى خلف الأخرى؟
– ما هي طبيعة العاطفتين اللتين أواجههما؟
2-تحدث عن المشكلة بشكل إيجابي
فضلا عن ذلك، يُعمق الكثير منا الخلافات من خلال إقناع نفسه بقصص إشكالية. لذلك، يجدر بك التوقف للحظة والتفكير في آخر مشكلة مهمة واجهتها وطرح الأسئلة التالية:
– هل هناك بداية للمشكلة ونهاية لها وكيف تصرفت في الأثناء لحلها؟
عندما نواجه خلافا ما، نميل إلى رواية أطواره بشكل مختلف، حيث نقوم بمعالجة هذه القصص من خلال وضع حبكة روائية وغالبًا ما نختزل الشخص الآخر من خلال نعته بأوصاف سيئة
– كيف بدأت المشكلة؟ ما هو الأمر الذي جعلها تندلع؟
– من هي الشخصيات التي شاركت في المشكلة، من هو البطل والشرير والضحية والمساعد؟
– ما هي المواضيع الرئيسية التي يرتكز عليها هذا الخلاف من بين عدة مواضيع أخرى، على غرار العدالة والسلطة والاحترام والخيانة؟
عندما نواجه خلافا ما، نميل إلى رواية أطواره بشكل مختلف، حيث نقوم بمعالجة هذه القصص من خلال وضع حبكة روائية وغالبًا ما نختزل الشخص الآخر من خلال نعته بأوصاف سيئة وقول أمور مثل “جون أحمق ويريد أن يحرجني” أو “أوليفيا تواصل التقليل من قيمة أفكاري ومن الواضح أن جنون العظمة يسيطر عليها”.
في الواقع، لا تكمن أوجه قصور طريقة التفكير السالف ذكرها في كونها غالبًا ما تكون خاطئة فحسب، بل في كونها تسبب لنا ضررًا، حيث أنها تساعد على تجديد الصراع في أذهاننا وتزيد من حدة المشاعر السلبية التي تعترينا. وبحسب موقع لايف لابس، يجب استخدام نموذج العدسات الثلاث في أي مشكلة تواجهها مع شخص آخر، أي طرح الأسئلة التالية على نفسك: “إلى جانب كونه أحمقا، ما هي القوى الأخرى التي تؤثر على سلوك هذا الشخص؟” و”كيف ساهمتُ في نشوب الخلاف؟ و”ماذا أفعل لو كنت في مكانه؟”.
وتبعا لذلك، عندما تطرح على نفسك هذه الأسئلة، فإنك تقر باختلاف موقفيكما، مما يسمح لك بالتخلص من القصص القديمة والمشاعر المرتبطة بها.
3- إحداث تغيير جذري
من جانب آخر، تتسم هذه الخلافات بصفة أخرى مهمة، والتي تتركز حول فكرة أنه من الممكن توقع نشوب الخلاف. ويقوم الشخص “أ” بشيء ما، ويتفاعل معه الشخص “ب”، ومن ثم يتفاعل الشخص “أ”مع “ب” في خلاف ما. في بعض الأحيان، تكون قوة جذب الخلاف شديدة لدرجة أنه على الرغم من أن كلا الطرفين يمكنهما توقع ما سيؤول اليه الوضع، إلا أنهما ما زالا يتصرفان كما لو أنهما يتبعان نصا معينا.
في هذه الحالات، نركز دائمًا على طريقة تغير طباع الشخص أو الأشخاص الآخرين المنخرطين في الخلاف، بيد أنه عادة ما نفشل في إدراك أنه يجب علينا أولا تغيير سلوكنا.
كيف يمكننا الابتعاد عن النموذج السائد للخلاف وحقن جرعة من التجديد في طريقة تفاعلنا؟
في هذا الصدد، توصي الباحثة ميشيل وينر ديفيس بتحديد السلوكيات الإشكالية والقيام بعكس ما نفعله عادة، وذلك وفق هذا المنوال:
– بدلاً من القيام برد الفعل، قم بدعوة الشخص إلى إجراء حوار.
– بدلاً من البدء بتوجيه أصابع الاتهام إليه، أظهر مدى تعاطفك معه.
– بدلا من إعرابك عن استيائك منه، أظهر مدى امتنانك له.
– بدلا من أن تكون حاسما في موقفك معه، كن فضوليا.
– بدلاً من الجدال، اقترح أن تقوم معه بشيء آخر.
تعتبر أحد الأمثلة المفضلة حيال هذا الشأن استخدام عنصر المفاجأة الإيجابي لتحويل الخلاف نحو منحى آخر. فمع نهاية الحرب الأهلية المدمرة، بدأ لنكولن في التحدث بصفة علنية عن الحاجة إلى توحيد البلاد ومعاملة الجنوب بسخاء. وفي إحدى الاحتفالات في البيت الأبيض، اقتربت منه مناضلة أمريكية من الشمال وقد كانت تشعر بالسخط من تصريحات لينكولن وسألته: ” سيدي الرئيس، كيف تجرؤ على أن تتحدث بلطف عن أعدائنا عوضا عن أن تفكر في تدميرهم”. فأجاب لينكولن بسرعة:” سيدتي، ألا أدمر أعدائي عندما أحولهم إلى أصدقاء؟”.
نتيجة لذلك، عندما تجد نفسك في المرة القادمة في خلاف مع شخص ما وتحتاج إلى التوصل إلى حل ذاتي، فكر في اتباع النصائح الثلاث المذكورة أعلاه. ومن المحتمل أنك ستدرك أنه يمكنك السيطرة على الموقف بشكل أفضل مما تعتقد.
المصدر: فاست كومباني