تتجه أنظار الجزائريين اليوم بداية من الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي إلى العاصمة المصرية القاهرة حيث ستجرى مباراة نهائي كأس أفريقيا للأمم التي سيشارك بها هذا العام منتخبهم الوطني بعد 29 عاما من الغياب عن هذا الدور والمنتخب السنغالي، في مواجهة أفريقية التكهن بنتيجتها صعب جدا رغم الأمل الكبير الذي يختلج الجزائريين بالنظر إلى تفوقهم على هذا الخصم في الدور الأول من البطولة ذاتها.
وتعيش الجزائر حالة من الهستيريا منذ انطلاق العرس الإفريقي في مصر، بسبب المنتخب الذي قدمه جمال بلماضي بعد 10 أشهر فقط من استلامه العارضة الفنية لمحاربي الصحراء بعد أن حوّل فريقا كان يسعى لضمان التأهل إلى تشكيلة تباري للفوز باللقب، لكن هل يملك الخضر المقومات التي تجعلهم يعودون إلى الجزائر بالتاج الإفريقي الذي غاب عن خزائنهم منذ 1990 حينما جرت الدورة الأفريقية بالجزائر؟.
مدرب واثق
بدا الناخب الوطني جمال بلماضي في الندوة الصحفية التي عقدها عشية مباراة النهائي واثقا كعادته من تقديم كتيبته كل ما في وسعها للفوز بلقاء الجمعة.
وقال اللاعب السابق للمنتخب الجزائري ومرسيليا الفرنسي: “لقد حرصنا على التحضير لهذه المقابلة بالطريقة نفسها التي حضرنا فيها للمقابلات السابقة، فالتركيز لا يزال موجودا، وعناصر المنتخب الوطني لا تزال ملتزمة ومتمسكة بتركيزها العالي الذي لازمها في كل المقابلات التي لعبت لحدّ الآن، ويمكنني القول إن جاهزيتنا بلغت نسبة 200 بالمائة “.
لا يتردد بلماضي الذي يحرص على بث الطاقة الإيجابية في فريقه في الاعتراف بصعوبة المهمة امام السنغال، كونه كان منذ البداية المرشح الأول للفوز باللقب
ولم تعد الروح التفاؤلية لبلماضي تفاجئ الجزائريين والصحافة الرياضة المحلية وحتى الأجنبية، فقبل انطلاق “الكان” حينما كان النقاد لا يضعون الجزائر ضمن المرشحين للفوز باللقب، كان يصر صاحب 43 عاما على القول إنه ذاهب إلى القاهرة من أجل الفوز باللقب.
وأضاف بلماضي ” الحديث الذي أجريه مع اللاعبين يبقى حديثا خاصا بيني وبينهم، ما يمكنني قوله إننا بصدد التحضير لهذه المقابلة من جميع الجوانب، مقابلة دور المجموعات تختلف تماما عن مقابلة النهائي، فالمقابلة السابقة لم تكن مصيرية، وبالمقابل ستكون هذه المقابلة النهائية مصيرية ونحن جاهزون لها من جميع الجوانب “.
ولا يتردد بلماضي الذي يحرص على بث الطاقة الإيجابية في فريقه في الاعتراف بصعوبة المهمة امام السنغال، كونه كان منذ البداية المرشح الأول للفوز باللقب، إضافة إلى تصنيفه المتقدم عن المنتخب الجزائري.
نجم الكامرون السابق صامويل إيتو فيقول إن سر نجاح بلماضي هو معرفته بمشاكل المنتخب الداخلية، وكيف يتعامل مع فريقه، لذلك هو مدرب المرحلة للمنتخب الجزائري
وحسب اللاعب المصري السابق هيثم فاروق، فإن جمال بلماضي مدرب ذو رؤية ثلاثية متمثلة في المحلية الجزائرية والفرنسية والأوروبية، كونه لاعباً سابقاً في المنتخب الجزائري والدوري الفرنسي، وفي دوريات أروبية أخرى فقد لعب على سبيل المثال لمانشيستر سيتي الانجليزي.
أما نجم الكامرون السابق صامويل إيتو فيقول إن سر نجاح بلماضي هو معرفته بمشاكل المنتخب الداخلية، وكيف يتعامل مع فريقه، لذلك هو مدرب المرحلة للمنتخب الجزائري.
ويبدو كلام إيتو قريبا للواقع لأن اللاعبين أنفسهم الذين لم يقدموا مردودا حسنا مع المدربين السابقين للمنتخب الجزائري كالإسباني ألكاراز والبلجيكي جورج ليكانس ورابح ماجر يرسمون اليوم لوحات فنية تمتع كل عاشق للساحرة المستديرة.
وعند النظر لعمل بلماضي، فإنه يتبين أنه مبني على عمل وعلم فالدولي الجزائري السابق استطاع أن يستثمر شهادات التدريب التي حصل عليها من دوراته التكوينية المستمرة في الجزائر ومن ألقابه مع ناديي لخويا والدحيل القطريين ومع المنتخب القطري الأولمبي ومنتخب العنابي الأول في كأس الخليج.
أثبتت المباريات التي خاضها الخضر أن بلماضي يملك تشكيلة متكاملة على جميع الخطوط استطاعت أن تظهر مهارتها الكروية وتغطي النقائض التي قد تظهر في أي تشكيلة ما
وبالنسبة لجمال بلماضي، فإن كل اختيار في كرة القدم محسوب ومحسوم النتائج، فاختياره للاعبين عدلان قديورة وإسلام سليماني ومهدي زفان ضمن تشكيلة المنتخب في الكان رغم عدم لعبهم مع أنديتهم ورغم الانتقادات التي وجهت له على هذا القرار أثبت أنه كان صائبا، كما أن دفعه لتشكيلة الاحتياط للعب في مباراة تنزانيا بين أنها لم تكن مغامرة بعد الفوز بثلاثية كاملة.
تشكيلة متكاملة
أثبتت المباريات التي خاضها الخضر أن بلماضي يملك تشكيلة متكاملة على جميع الخطوط استطاعت أن تظهر مهارتها الكروية وتغطي النقائض التي قد تظهر في أي تشكيلة ما.
ونالت كتيبة بلماضي رضا نقاد الكرة سواء على مستوى خط الدفاع أو وسط الميدان أو ثلاثي الهجوم الذي يؤطره نجم ما نشيستر سيتي رياض محرز الفائز بأحسن لاعب في الدوري الإنجليزي لما كان يلعب لناديه السابق ليستر سيتي.
نجم المنتخب الجزائري رياض محرز بعد أحرازه هدف الفوز في مرمى المنتخب النيجيري
ويبدو أن بلماضي استطاع أن يستثمر في فورمة لاعبيه الذين أدوا مواسم موفقة مع نواديهم، فعيسى ماندي لاعب ريال بتيس الاسباني احتل مراتب متقدمة في قائمة اللاعبين الأكثر تمريرا في الدوري الأسباني رغم انه لا يلعب لريال مدريد أو برشلونة ولا حتى لأتلتيكو مدريد.
وحقق عدة لاعبين جزائريين قبل التحاقهم بالمنتخب ألقابا مع أنديتهم، فالقائد رياض محرز نال لقب الدوري الانجليزي مع مانشيستر سيتي، وسفيان فغولي توج بلقبي الدوري والكأس مع غلطة سراي إضافة إلى لقب أحسن لاعب في الدوري التركي لهذا الموسم.
ساهمت روح الفوز والتوتيج التي قدم بها لاعبون مؤثرون إلى المنتخب في نقل هذه الشحنة إلى صفوف الخضر، خاصة وأن المتوجين مع أنديتهم يتوزعون على خطوط الفريق الثلاثة
كما افتك رامي بن سبعيني كأس فرنسا مع ناديه رين على حساب العملاق باريس سان جارمان، وتوج يوسف بلايلي بلقب البطولة مع الترجي التونسي الذي تنتظره مباراة الإعادة للفوز بلقب دوري أبطال أفريقيا.
وساهمت روح الفوز والتوتيج التي قدم بها لاعبون مؤثرون إلى المنتخب في نقل هذه الشحنة إلى صفوف الخضر، خاصة وأن المتوجين مع أنديتهم يتوزعون على خطوط الفريق الثلاثة.
دعم
يلتقي المنتخب الجزائري نظيره السنغالي هذه الجمعة وهو مؤازر بالآلاف من الجماهير الجزائرية التي ستدخل ملعب القاهرة بحماس سيجعلهم حقا اللاعب رقم 12 في مباراة النهائي.
وبعد التأهل إلى الدور نصف النهائي والنهائي أقرت الحكومة رحلات جوية مباشرة لنقل الأنصار لتشجيع المنتخب بتخصيص 28 طائرة للخطوط الجوية الجزائرية وطيران الطاسيلي الحكوميتين لهذا الغرض.
وقال وزير الشباب والرياضة رؤوف برناوي “قبل انطلاق البطولة وضع الوزير الأول مخططا لنقل الأنصار إلى مصر، ففي الدور الأول من التصفيات نقلنا أزيد من 1200 مناصر، وقمنا بإرسال العدد نفسه في الأدوار الإقصائية، واليوم الدولة الجزائرية وضعت مخططا كبيرا لنقل أزيد من 4800 مناصر، مع تخصيص 9 طائرات للجيش الوطني الشعبي تنطلق من ولايات تمنراست وإيليزي وبسكرة للسماح لسكان الجنوب لتشجيع المنتخب الوطني”.
بالنسبة للاعبي المنتخب الوطني يبقى الدعم الجماهيري أهم دافع لتحقيق الفوز المتتالي، فجميعهم يحرصون في كل مرة على القول إنهم يلعبون من اجل إفراج الشعب الجزائري
وبعد التأهل إلى الدور نصف النهائي، وجه رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح رسالة تهنئة لكتيبة بلماضي عقب الفوز على نيجيريا، قال فيها إنكم كنتم محاربين حقا بما تحمله هذه الكلمة من معان نبيلة.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية أن بن صالح طار الخميس إلى القاهرة لحضور مباراة النهائي دعما لمنتخب بلاده.
لكن بالنسبة للاعبي المنتخب الوطني يبقى الدعم الجماهيري أهم دافع لتحقيق الفوز المتتالي، فجميعهم يحرصون في كل مرة على القول إنهم يلعبون من اجل إفراج الشعب الجزائري.
خصم صعب
رغم التفاؤل المفرط الذي يسكن الجزائريين بالفوز باللقب الإفريقي، إلا أن المدرب جمال بلماضي يحرص على تذكير لاعبيه أن السنغال يظل المرشح الأفضل من قبل المحللين للفوز باللقب رغم تغلبهم عليه في مباراة الدور الأول.
وقال بلماضي “منتخب السنغال يملك الأفضلية باعتباره أحسن منتخب في إفريقيا في ترتيب الفيفا حيث يحتل المركز الـ22، فكل المؤشرات تصب في صالح السنغال والخسارة أمامه تبقى واردة طبعا “.
ولا تختلف شهية أسود التيرانغا عن شغف الخضر بالفوز باللقب الافريقي، فالسنغال لم تفز ولو مرة بكأس أمم أفريقيا رغم أجيال اللاعبين المميزين الذين مروا بها، ومنهم المدرب الحالي أليو سيسي نجم باريس سان جارمان السابق الذي لعب ضد بلماضي في إحياء العاصمة الفرنسية لما كانا طفلين، وحينما كانا لاعبين في مختلف أندية الدوري الفرنسي.
تحقيق المنتخب الجزائر لثاني لقب قاري في تاريخه لن يشكل فوزا رياضيا فقط، إنما سيبعث أمل النجاح في مجالات أخرى في ظل الحراك الشعبي الذي تعرفه البلاد
وقال سيسي “نحن فخورون بخوض المباراة النهائية لأن ذلك ثمرة عمل استمر خمس سنوات مع هذا الجيل، فقد مضى 17 عاما على آخر مباراة نهائية خاضتها السنغال في كأس الأمم الأفريقية في 2002، وخسرتها أمام الكاميرون بركلات الترجيح، ومنذ ذلك الحين بكينا كثيرا وتحسرنا كثيرا لخسارات عديدة ومريرة، لذلك نأمل الفوز هذه المرة”.
ورغم افتقاد السنغال لمدافعه كوليبالي في مباراة اليوم، إلا أن رفقاء نجم ليفربول ساديو ماني يبقون قادرين على قلب الطاولة على المنتخب الجزائري، خاصة وأنهم يدخلون اللقاء بعقلية الفريق الحذر الذي يريد الثار لخسارة مباراة دور المجموعات، في مباراة ستلعب على جزئيات صغيرة، يكون الخطأ فيها ممنوعا على الفريقين.
وسيحاول السنغال الاستثمار في إمكانية وقوع الخضر في فخ الغرور بسبب تغلبهم عليه سابقا، ومنه استصغار الخصم الذي يبقى منتخبا يحسب له ألف حساب، ولا يمكن نسيان قوته وشراسته لخسارته مباراة واحدة.
تحقيق المنتخب الجزائر لثاني لقب قاري في تاريخه لن يشكل فوزا رياضيا فقط، إنما سيبعث أمل النجاح في مجالات أخرى في ظل الحراك الشعبي الذي تعرفه البلاد لأن العودة بالتاج الإفريقي من القاهرة بمدرب وطني يعني أن النجاح الجزائري ممكن إذا ما أعطيت له جميع الامكانات التي تعطى اليوم للأجنبي في جميع المجالات.