ترجمة وتحرير نون بوست
إذا كنت مهتمًا بما ستبدو عليه عندما تكون أكبر سنًا، فمن المحتمل أنك قد قمت بالفعل بتنزيل تطبيق فايس آب، والذي يمكن تنزيلها على نظامي أي أو أس التابع لآبل أو نظام أندرويد. ولعل أبرز مزايا التطبيق التقاط صور لوجهك وإضفاء بعض التأثيرات بواسطة بعض الفلاتر حتى تتبين شكلك عندما تتقدم في العمر.
في الأسابيع القليلة الماضية، اجتاحت الصور التي ينتجها التطبيق مواقع التواصل الاجتماعي، لكن المثير للاهتمام هو أن التطبيق أُطلِق للمرة الأولى سنة 2017. ومع ذلك، أثارت عودة شعبية فايس آب العديد من التساؤلات، كما انتشرت العديد من التقارير الإخبارية حول المخاوف الأمنية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسرعة تضاهي سرعة انتشار صور المستخدمين المسنين التي ينشئها التطبيق.
كان مطور التطبيقات جوشوا نوزي أول من أشار إلى مخاطر استخدام هذا التطبيق، وذلك من خلال القول إنه يقوم بتحميل جميع الصور المتواجدة في هاتف المستخدم على موقع تويتر. وتطرح هذه المزاعم تساؤلات خطيرة حول ما إذا كانت تستند إلى حقائق، أو أن فايس آب ليس أسوأ من أي شركة أخرى أنشأتها شركة تكنولوجية. وفي حين أشار نوزي إلى أن التطبيق يقوم بتحميل صور المستخدم دفعة واحدة، يرى ويل سترافاش، وهو مؤسس تطبيق حماية على نظام أي أو أس، أن فايس آب يحمل فقط الصورة التي يحتاج إليها من أجل وضع معالجتها وإضفاء بعض الفلترات.
من جهته، يدعم باحث في مجال الأمن المعلوماتي، الفرنسي روبرت بابتيست، مقولة سترافاش ويقول إن “التطبيق يحمل الصورة الحالية ويطبق عليها بعض الفلترات فقط. إن التطبيق يقوم أيضا بإرسال طلب تسجيل للجهاز المستخدم لأخذ المعلومات الأساسية للهاتف، لكن استهلاك البيانات يكون معقولًا للغاية”. وعلى الرغم من ذلك، ليس بإمكان بابتيست وغيره من الأخصائيين معرفة ما يحدث للصور الفردية بمجرد تحميلها على خوادم “فايس آب” أو المدة التي تستمر في خزنها. وفي حديثه لموقع “ذي فيرج” سنة 2017، صرح الرئيس التنفيذي للشركة، ياروسلاف غونشاروف، أن الصور تحمل على خوادم التطبيق لحفظها على النطاق الترددي وتحذف بعد فترة قصيرة”.
لا يدل أي شيء آخر على أن التطبيق يستخدم لأغراض ضارة، فهو يستخدم ثلاثة حزم تابعة للطرف الثالث. ويعتمد التطبيق حزمة خدمات فاير بايس التابعة لغوغل، والتي تمكن التطبيق من التبليغ عن الأعطال وتحليل البيانات وإرسال الإشعارات
يمثل خزن الصور على النطاق الترددي مصدر قلق للبعض، والذين يبررون ذلك بقولهم إن شركات التكنولوجيا تجمع قواعد بيانات ضخمة لصور وجوه المستخدمين لتدريب خوارزميات الذكاء الاصطناعي على التعرف على الوجوه. وخلال الشهر الماضي، حذفت مايكروسوفت قاعدة بيانات تضم 10 ملايين صورة لمشاهير جمعتهم لتدريب أنظمة يعتقد أن قوات الشرطة تستخدمها، كما سبق لشركة آي بي إم تدريب خوارزمياتها بواسطة الصور التي تحصلت عليها من موقع “فليكر”.
في واقع الأمر، لا يدل أي شيء آخر على أن التطبيق يستخدم لأغراض ضارة، فهو يستخدم ثلاثة حزم تابعة للطرف الثالث. ويعتمد التطبيق حزمة خدمات فاير بايس التابعة لغوغل، والتي تمكن التطبيق من التبليغ عن الأعطال وتحليل البيانات وإرسال الإشعارات، فضلا عن حزمة أدوات تطوير البرمجيات التابعة لفيسبوك لتحليل البيانات، وأداة “أكونت كيت” التي يستخدمها فيسبوك لإدارة كلمات السر.
في تصريحه الذي أدلى به مؤخرا، قال ياروسلاف غونشاروف إن تطبيق “فايس آب” لا ينقل الصور أبدا، باستثناء الصورة التي يعمل على معالجتها وذلك بين الهاتف وخدمة التخزين السحابي. تتعرض معظم الصور للحذف في فترة لا تتجاوز 48 ساعة من تاريخ تحميلها على خوادمنا”. ومن جهتهم، أثار الخبراء عدة مخاوف بشأن شروط خدمة التطبيق، والتي تتعقب سجل تصفح المستخدمين، وهي خدمة ليست ضرورية لتعديل الصور. ويشعر هؤلاء الخبراء بالقلق من استثار فايس آب بالكثير من الصلاحيات التي لا داعي لها.
يمنح استخدام التطبيق ترخيصا فرعيا ودائما وغير قابل للإلغاء وغير حصري وخال من عوائق حقوق الملكية وغير مدفوع وقابل للتحويل للشركة المطورة للتطبيق. ويسمح هذا الترخيص لها بإعادة إنتاج وتعديل وتكييف ونشر وترجمة وتوزيع المحتوى الخاص بك بشكل علني، فضلا عن نشر اسم المستخدم الخاص بك أو أي معلومات مشابهة بجميع الوسائط المعروفة في الوقت الحالي أو التي سيقع تطويرها في وقت لاحق، وذلك دون منحك أي تعويض. وإن لم يكن ذلك كافيا، أنت تسمح للتطبيق بتتبعك واستخدام محتواك الشخصي لأغراض تجارية وإعلانية.
مواقع التواصل الاجتماعي تتيح لمستخدميها إمكانية إلغاء الاشتراك بالنسبة للبيانات التي أنشأها على التطبيق، وهو ما يمنع شركات مثل انستغرام وفيسبوك من استغلال هذا المحتوى بمجرد حذفك له
حيال هذا الشأن، يقول خبير حماية البيانات والخصوصية بات والش:” معنى ذلك هو أنك تمنح حقوق استخدام المحتوى الذي تنشئه بواسطة أداتهم”. ومع ذلك، تمتلك بعض التطبيقات صلاحيات مماثلة. وفي مقارنته للامتيازات التي يتمتع بها كل من تطبيقي فايس آب وانستغرام، قال الخبير الاستراتيجي في وكالة “ديجيتاس يو كاي” للتسويق، جيمس واتلي، أنه:”إذا ما كنا صادقين بشكل تام، فإن شروط الاستخدام المتعلقة بتطبيق فايس آب لا تختلف عن أي من مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة التي يستخدمها مليارات الأشخاص كل يوم”.
في المقابل، يضيف واتلي أن الفرق الوحيد بين التطبيقين هو أن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح لمستخدميها إمكانية إلغاء الاشتراك بالنسبة للبيانات التي أنشأها على التطبيق، وهو ما يمنع شركات مثل انستغرام وفيسبوك من استغلال هذا المحتوى بمجرد حذفك له. يبدو أن هذا العنصر القائم على اللباقة غير متوفر في شروط خدمة فايس آب، والتي تكون في ظاهرها خدمة لتسلية المستخدمين، لكنها في تخفي باطنها شروطا تقوم على الحصول على تراخيص الاستخدام دون إمكانية إلغاء الوجود الفعلي.
صرح غونشاروف قائلا:”نحن نقبل طلبات المستخدمين لحذف بياناتهم من خوادمنا، كما أن 99 بالمئة من المستخدمين لا يسجلون دخولهم بواسطة حساباتهم الشخصية عند استعمال التطبيق”. ومن جهته، يشعر واتلي بالقلق إزاء عدم احتواء شروط الخدمة في التطبيق على ما يثبت كلام غونشاروف بأن الصور تحذف من الخوادم بعد فترة قصيرة من معالجتها. ويمكن القول إن فكرة أن الحقوق غير القابلة للإلغاء لأي محتوى ينتجه المستخدمون أمر شائع بين هذه الخدمات تدفع بات والش هو الآخر للشعور بالقلق.
في شأن ذي صلة، قال والش:” لقد سألتُ ما إذا كانت المخاوف المتعلقة بهذا التطبيق مختلفة عن أي تطبيق آخر وأكبر منها. ويشير هذا التساؤل إلى تحول رأسمالية المراقبة إلى أمر معتاد، لاسيما وأننا نسأل مثل هذه الأسئلة عوضا عن القول ما إذا كان من الأخلاقي دفن العواقب المهمة لاستخدام التطبيق في ظلال شروط الخدمة وسياسة الخصوصية عوضا عن تضمينها وتسليط الضوء عليها في تجربة المستخدم؟”.
يصدر عن مطوري تطبيق فايس آب خطر آخر، حيث يقع مختبر “وايرلس لاب 000” الذي أشرف على تطوير التطبيق في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، أي في الدولة التي لطالما عرفت بإخلالها بالمبادئ الديمقراطية
تابع والش بالقول:” كيف يمكن للأفراد على هذا الكوكب أن يستوعبوا عواقب الإخلال بخصوصيتهم عندما تُخفَى عنهم مثل هذه الأمور ولا تُشرح لهم على النحو الكافي؟ وعلى سبيل المثال، ماهي طبيعة البيانات التي يشاركها التطبيق مع المُعلِنين تحديدا؟ وماذا يفعلون بها؟”. ولعل أكثر ما يثير القلق بالنسبة لوالش هو عدم التزام التطبيق بالنظام الأوروبي العام لحماية البيانات.
في هذا السياق، قال والش:” بعد تثبيتي للتطبيق وتجربته، لا يمنح المستخدم التطبيق أي موافقة لتتبع الإعلانات وفقا لتوجيه الخصوصية والاتصال الإلكتروني، كما يجب أن تكون هذه الموافقة ملائمة لشروط النظام الأوروبي العام لحماية البيانات”. ويخشى والش أيضا أن فايس آب لا يفي بالمعايير والمتطلبات التي وضعها مكتب مفوض المعلومات في المملكة المتحدة في إرشاداته الأخيرة حول ملفات تعريف الارتباط والتقنيات المشابهة والخصوصية في تطبيقات الهاتف الذكي.
علاوة على ذلك، يصدر عن مطوري تطبيق فايس آب خطر آخر، حيث يقع مختبر “وايرلس لاب 000” الذي أشرف على تطوير التطبيق في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، أي في الدولة التي لطالما عرفت بإخلالها بالمبادئ الديمقراطية. وبالنسبة للكثيرين، تبدو روسيا قريبة إلى حد ما من الصين من الناحية السياسية، حيث تنشأ الصين قواعد بيانات ضخمة من برامج التعرف على الوجه للمساعدة على طرح برنامج “رصيد الائتمان الاجتماعي”، والذي وجد بأن 13.5 مليون شخص غير جديرون بالثقة بالنسبة للحزب الحاكم.
نتيجة للنظام المعتمد في الصين، قوبل 20 مليون مطلب لشراء تذاكر سفر من قبل هؤلاء الأشخاص بالرفض. ومع ذلك، قال غونشاروف إن البيانات لا تنقل إلى السلطات الروسية على الرغم من تواجد الشركة المسؤولة على تطوير التطبيق هناك. ويقول بابتيست إن معظم المخاوف التي يثيرها الناس لا تتجاوز كونها مجرد “شائعات”، وأعرب عن استعداده لاستخدام التطبيق بصدر رحب، مفسرا ذلك بقوله “يريد الناس العثور على مؤامرات في كل مكان، وهذا التطبيق يوفر لك جميع أركان المؤامرة: الصور والروس وتطبيق مشهور”.
المصدر: وايرد