علّق الكاتب البريطاني “ديفيد هيرست”على الانتخابات الرئاسية التي أُقيمت في مصر بمقالة نُشرت في صحيفة “هافينغتون بوست” تحت عنوان “وانفجرت الفقاعة في مصر” قال فيها: “على مدى ثلاثة أيام، ناشدت الدولة المصرية الناخبين، وطالبتهم، وهددتهم، وسعت لإقناعهم، ثم رشتهم سعيًا لحملهم على التوجه إلى صناديق الاقتراع”.
“لقد أُنذر المصريين بأن المشاركة في التصويت لا تقل عن أي واجب وطني، وهُددوا بأن من يتخلف عنهم عن التصويت قد يغرم 500 جنيه، وقيل لهم بأن مصر قد تصبح سوريا أخرى أو ليبيا أخرى إذا لم يصوتوا، وأُعلن اليوم الثاني من الاقتراع عطلة رسمية، وأُعلن عن مجانية التنقل والسفر داخل البلاد تشجيعًا للناخبين ليعودوا إلى دوائرهم الانتخابية، وشهد ذلك اليوم ارتباكًا بين مقدمي البرامج التلفزيونية تحول سريعًا إلى حالة من الهستيريا، وانتهى بالإعلان عن تمديد الاقتراع ليوم ثالث”.
وتحدث هيرست عن حالة الهستيريا التي انتابت الساسة المصريين، مشيرًا إلى تصريح رئيس الوزراء المعين “إبراهيم محلب” عن أن نسبة المشاركة في اليوم الثاني “تجاوزت 30 بالمائة وبأنها ارتفعت إلى 46 بالمائة بنهاية اليوم الثالث، الأمر الذي جعل الكثيرين يتساءلون كيف أمكن تحقيق هذا الارتفاع خلال يوم واحد؟ إن الأرقام المزعومة لنسبة المشاركة إهانة لذكاء الشعب المصري”.
وقال هيرست إن التقديرات الحقيقية لنسبة المشاركة الحقيقية قد تراوحت “ما بين 10 بالمائة، أي ما يقدر بخمسة ملايين ونصف المليون ناخب و15 بالمائة”، مؤكدًا: “أيًا كانت الأرقام التي يُعتقد صحتها، فإن شيئًا واحدًا برز صارخًا وواضحًا من مثل هذه النتيجة، وهو أن الفقاعة انفجرت .. ففكرة أن أغلبية عظمى من المصريين هي التي أطاحت بالرئيس محمد مرسي يوم 30 يونيو وأن عبد الفتاح السيسي إنما تدخل نزولاً عند الرغبة الشعبية التي طالبته باستلام زمام الأمور يوم 3 يوليو لم تعد تمت إلى الحقيقة بصلة”.
“حتى لو افترضنا وجود الأعداد التي زعم خروجها عام 2013، فإن تلك الملايين من المصريين لم تعد موجودة اليوم، وانكمشت الأغلبية العظمى التي تدعم السيسي إلى أقلية صوتية، وأبرز ما في المشهد اليوم هو ذلك الغياب شبه التام لشريحة الشباب”.
ويشير هيرست إلى استطلاع مؤسسة “بيو” الأمريكية المتخصصة في استطلاعات الرأي، والذي أفاد “بأن 54 بالمائة من المصريين فقط قالوا بإنهم أيدوا استيلاء العسكر على السلطة”، مضيفًا أنه “ورغم تراجع شعبية الإخوان المسلمين، إلا أن 38 بالمائة من المصريين مازال لديهم انطباع حسن عن الجماعة، والتي باتت الآن مصنفة على قائمة المنظمات الإرهابية”.
“النقطة المركزية التي تعتمد عليها شرعية السيسي، أي أسطورة الزعيم القومي الذي انتفض كما لو كان أبا الهول من بين أنقاض رئاسة مرسي استجابة لمطلب شعبي، تنهار اليوم تحت قدميه.. فالانتخابات التي كانت تقام أيام مبارك لم يكن يشارك فيها سوى ما بين 10 و20 في المئة؛ وبالتالي لا يمكن القول إن السيسي يقف اليوم على أرض أشد صلابة من تلك التي كان يقف عليها حسني مبارك يومذاك”.
ويختم هيرست مقاله معلنًا: “السيسي اليوم أكثر انكشافًا من أي وقت مضى منذ الثالث من يوليو، وخاصة بعد أن تخلص من عدد من الزعماء الليبراليين والعلمانيين الذين أعانوه على الوصول إلى السلطة”.