ترجمة وتحرير: نون بوست
في 20 تموز/ يوليو 1969، أصبح رائدا الفضاء بز ألدرن ونيل أرمسترونغ، اللذين انطلقا على متن المركبة الفضائية أبولو 11، أوّل شخصان يمشيان على سطح القمر الذي يبعد حوالي 240 ألف ميل عن الأرض، في جزء من الغلاف الجوي لكوكبنا يطلق عليه اسم جيوكورونا.
لقد مرت 50 سنة على تصديقنا وتسليمنا لحقيقة أن بشريا مشى على سطح القمر؛ ذلك الجسم الفلكي الذي كنا نشاهده من نوافذنا في معظم الأمسيات حتى لو لم نتأكد بعد من كيفية نشأته. ولكن لسائل أن يسأل: ماذا سيحدث لكوكبنا وحركة المدّ والجزر، وميلانه، ومناخه إذا ما اختفى القمر يومًا ما؟ ماذا سيحدث لنا؟ لنكتشف ذلك.
سيكون الظلام حالكا أكثر
من الصعب معرفة ترتيب آثار اختفاء القمر، لكن حسب مجلة “بوبيلار ساينس”، تتمثل أولى التغييرات التي قد يلاحظها البشر عند غياب القمر في أن الليالي ستكون أكثر قتامة. فالقمر يعكس أشعة الشمس ويوفر قدرا من الضوء عندما تكون الشمس على الجانب الآخر من الكوكب، خاصة في الليالي التي يكون فيها القمر مكتملا، أي تلك الليالي التي تعبث بمشاعرنا.
القيادة ليلا ستكون أقل أمانا
سيؤثر اختفاء القمر على المجتمع البشري الحديث، ولكن غيابه سيكون مؤثرا على بعض المناطق مقارنة بغيرها. وفي هذا السياق، أوضحت مجلة “بوبيلار ساينس” أنه “دون ضوء الشمس المنعكس بصفة غير مباشرة على القمر سيصبح السفر ليلا للمناطق التي لا يوجد فيها ضوء صناعي، على غرار الطرق الريفية أو مواقع المعسكرات المشجرة، أكثر خطورة”. من ناحية أخرى، أفادت مجلة “فوربس” بأنه “دون القمر، لن يصبح هناك أي مانع من التمتع بمشاهدة النجوم في السماء في الليالي الصافية”.
الحيوانات البرية ستواجه صعوبة في توفير قوتها
كيف ستؤثر هذه الليالي القاتمة على الحيوانات؟ في الواقع، ذلك يعتمد على هوية الحيوان. فحسب مجلة “بوبيلار ساينس”، “تعتمد العديد من الحيوانات المفترسة، مثل البوم والأسود، على الظلام والقليل من ضوء القمر للنجاح في صيد فرائسها، وستواجه صعوبة في العثور على طعامها دون ضوء القمر. ومن جهة أخرى، تميل القوارض إلى الاختباء عندما يكون ضوء القمر قويا نظرا لأنه يصبح من السهل على الحيوانات المفترسة اكتشاف مكانها. ومع عدم وجود قمر، ستنجح في البقاء على قيد الحياة”.
حركة المد والجزر تكون منخفضة
بسبب جاذبية القمر، تنخفض حركة المد والجزر وترتفع. وحسب موقع “لايف ساينس”، في وقت محدد يكون المحيط قريبا من القمر، لذلك تكون جاذبيته أقوى، فتكون حركة مده وجزره مرتفعة نسبيا”. وتجدر الإشارة إلى أن حركة المد والجزر ناتجة عن جاذبية الشمس، ولكن دون وجود القمر، ستنخفض هذه الحركة إلى ثلث حجمها، حسب تقديرات متحف غرينيتش الملكي.
سيحدث انقراض جماعي
تؤثر حركة المد والجزر على النظام البيئي ككل وهذا يعني أن جميع الحيوانات التي تعيش في البحر سيكون مصيرها الانقراض. ووفقا لمتحف غرينيتش الملكي “تتسبب حركة المد والجزر في إنتاج بعض العناصر في المحيطات، مما يتيح للنظم البيئية الساحلية أن تنمو. كما يعتمد سرطان البحر وبلح ونجم البحر والقواقع على حركة المد والجزر للبقاء على قيد الحياة”. وبالتالي، يمكن القول إن البحر يضم شبكة أساسية كاملة من الحياة البحرية. وفي هذا الإطار، أفادت مجلة “بوبيلار ساينس” بأن هذا النظام البيئي يعد بدوره مصدر تغذية للطيور المهاجرة والمحلية وكذلك الثدييات البرية مثل الدببة، والراكون، والغزلان”.
تفاقم ظاهرة تغير المناخ
صدق أو لا تصدق، تساهم حركة المد والجزر في استقرار مناخنا. فعندما تكون حركة المد والجزر منخفضة، سيصبح من الصعب التنبؤ بحالة المناخ. وفي هذا الصدد، أشارت مجلة “بوبيلار ساينس” إلى أن “حركة المد والجزر تساعد على تحريك التيارات البحرية، والتي بدورها تسهم في توجيه أنماط الطقس العالمية، حيث توزع التيارات المياه الدافئة وتؤثر على هطول الأمطار في جميع أنحاء العالم، ناهيك عن أنه دون حركة المد والجزر، ستكون درجات الحرارة الإقليمية أشد وطأة”.
ميلان محوري غير متوازن للأرض
تميل الأرض على محورها عند حوالي 23.4 درجة (على الرغم من أن هذه الدرجة تتغير نسبيا)، ويساعد القمر في الحفاظ على ثبات كوكبنا. وحسب مجلة “فوربس” فإن “الكواكب التي لا توجد بها أقمار كبيرة، مثل المريخ، يتغير ميلها المحوري بمقدار عشرة أضعاف مع مرور الوقت. وفي حال كانت الأرض دون قمر، يُقدر أن تتجاوز درجة الميل الخاص بنا 45 درجة في بعض الأحيان”.
مواسم غريبة
ما هو الأمر المريع حول ميلان الأرض؟ أوضحت مجلة “فوربس” أن هذا يعني أن “الطقس في بولندا لن يكون دائما باردا، ناهيك عن أن طقس في خط الاستواء لن يظل دائما دافئا. فدون وجود قمرنا الذي يحقق لنا الاستقرار، ستضرب العواصف الجليدية بشكل تفضيلي أجزاء مختلفة من عالمنا كل بضعة آلاف من السنين. أو بالأحرى، سيفقد الربيع والصيف والخريف والشتاء معناه”.
ستصبح الأيام أقصر
يعد القمر مسؤولا عن عدد ساعات اليوم، التي يبلغ عددها 24 ساعة. في هذا الإطار، يتكهن شوبهام بهاناركار، وهو مهندس كهرباء هندي في موقع كورا: “ستدور الأرض في الواقع أسرع قليلاً دون القمر نظرا لأن قوة الجاذبية المسؤولة عن التحكم في حركة المد والجزر في المحيطات تسبب ما يعرف باسم “احتكاك المد والجزر”، الذي يخفض بدوره سرعة دوران الأرض وهو السبب الذي يجعل أيامنا تصبح أطول مع مرور الوقت. ومع تقلص حركة المد والجزر، سيصبح دوران الأرض أسرع بقليل، مما يعني أن الأيام ستكون أقصر وأن التقويمات والساعات الحالية سينتهي بها المطاف بأن تكون متزامنة”.
كثرة الزلازل والبراكين
يتصور بهاناركار تأثيرًا آخر لانعدام قوة جاذبية القمر على الحياة على كوكب الأرض. وعلى حد تعبيره، “قد يشعر قلب الكوكب ببعض التحوُّل الغريب. وهذا يمكن أن يُسبب حدوث بعض الظواهر السيئة على غرار الزلازل أو البراكين”.
أكثر عرضة لخطر ارتطام الكويكبات بنا
من المعلوم أن انقراض الديناصورات وحياة أخرى كثيرة على كوكبنا كان بسبب ارتطام كويكب ضخم بالأرض منذ 66 مليون سنة. لكن ما لا نعلمه هو أن القمر يمكن أن يكون في الواقع بمثابة خط الدفاع الأول ضد الأشياء الأخرى التي تضرب الأرض عبر الفضاء. ويتوقع بهاناركار أنه “دون القمر الذي يقوم بإيقاف بعض الكويكبات التي تكون في طريقها إلى الأرض، سنكون في خطر”.
لن نتمكن من القيام بالكثير من الاكتشافات
لنفترض أننا نجونا بأعجوبة من الذي ذُكر آنفا، إلا أننا قد نفقد الكثير من الأشياء المهمة في حياتنا على الأرض في حال اختفاء القمر. وبما أن وكالة ناسا تستعد لمحاولة إطلاق البشر على المريخ، فإن القمر يعد بمثابة نقطة توقف على طول الطريق، لجعل الرحلة التي تبلغ مسافتها 34 مليون ميل أقصر وأنجح. وفي هذا السياق، أفادت مجلة “فوربس” الأمريكية بأنه دون القمر “لن يكون لدينا نقطة انطلاق لرحلاتنا نحو بقية الكون”.
لن يكون بالإمكان إجراء الكثير من البحوث
أشار عالم الأبحاث مات سيغلر، الذي يعمل في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا، خلال حوار أجراه مع مجلة “بوبيلار ساينس”: “سمحت لنا دراسة القمر بفهم الكثير من الأشياء حول كوكبنا ومكاننا في الكون. ونحن محظوظون للغاية لأننا تمكنا من جعل القمر من الوجهات التي من السهل الذهاب إليها. ومن المحتمل أن هناك الكثير من المعلومات التي كنا سنفوّت فرصة معرفتها دون وجود القمر”.
المصدر: ريدرز دايجست