بطريق الصدفة ربما، اكتشف بعض الناس في مصر ودول عربية وإسلامية أخرى، معادلة من شأنها أن تحقق أحلامهم بالسفر إلى بيت الله الحرام للعمرة والحج، من دون دفع تكاليف باهضة لا يملكونها ثمن تأشيرة أداة الفريضة، ومن غير انتظار أسابيع عديدة لاستخراجها (التأشيرة)، بل بثمن مقبول وخلال يوم واحد، وذلك بالتقدم لنيل تأشيرة فعاليات الترفيه إلى السعودية!
هذه معادلة اكتشفتها واستغلتها أيضًا شركات وكلاء السفر لخديعة الحجاج وبيعهم تأشيرات رفيه بدل تأشيرات الحج والعمرة، كما اكتشفتها -متأخرة قليلًا – السلطات السعودية التي بدأت مواجهتها على الفور.
وأوقفت سلطات مطار القاهرة الدولي سفر الركاب من حاملي تأشيرات الفعالية إلى السعودية والخاصة بدخول المملكة بغرض السياحة وحضور الحفلات التي تنظمها هيئة الترفيه، كما أفادت وسائل إعلام سعودية ومصرية أن المملكة رفضت دخول 300 حاج مصري عادوا إلى القاهرة بعد رفض السعودية دخولهم عبر تأشيرات فعاليات هيئة الترفيه، ومن المقرر أن يخضع جميع العائدين للتحقيق من سلطات المطار وذلك لمعرفة أسماء الشركات التي استخرجت التأشيرات لهم وذلك بعد إبلاغ السلطات السعودية لشركات الطيران بوقف العمل بتأشيرة الفعالية خلال موسم الحج.
تأشيرة الفعالية بـ 24 ساعة
أعلن مجلس الوزراء السعودي بدء العمل بتأشيرة “زيارة الفعالية” في مارس الماضي وذلك للراغبين في حضور الفعاليات المقامة داخل أراضي المملكة، وترجع فكرة تطبيق تأشيرة الفعالية إلى هيئة الترفيه التي يرأسها تركي آل الشيخ مستشار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتهدف نشاطات الهيئة إلى تحديث المملكة ثقافيًا واقتصاديًا ودينيًا تنفيذًا لرؤية 2030 القائمة على استغلال إمكانات المملكة وتنويع مصادر دخلها بعيدًا عن النفط وتعزيز مكانتها على خريطة السياحة العالمية، وعليه لجأت هيئة الترفيه إلى استحداث تأشيرة الفعالية من أجل تذليل العقبات أمام تحول السعودية إلى ساحة مفتوحة أمام الحفلات الفنية والغنائية والثقافية.
تسمح تأشيرة زيارة الفعالية لحاملها بالتجول بشكل حر في مناطق محددة داخل الأراضي السعودية هذا بجانب الدخول والاستمتاع بالفعالية قبلها وبعدها بفترة محددة حسب مدة الحدث نفسه
ويجري الحصول على تأشيرة الفعالية من خلال مركز المعلومات الوطني السعودي بالاتفاق مع وزارة الخارجية وذلك عبر تأسيس رقم تعريفي للتأشيرة وتقوم الجهات الحكومية المرخصة لفعاليات الترفيه بتزويد وزارة الخارجية ورئاسة مركز المعلومات الوطني السعودي بقائمة الفعاليات بشكل دوري وذلك من أجل إضافتها في الأنظمة الآلية للتأشيرات، وعادة ما يجري إصدار تلك التأشيرات في غضون أقل من 24 ساعة من تسلم جواز السفر لطالبها عبر سفارات وقنصليات المملكة في الخارج.
وتسمح تأشيرة زيارة الفعالية لحاملها بالتجول بشكل حر في مناطق محددة داخل الأراضي السعودية هذا بجانب الدخول والاستمتاع بالفعالية قبلها وبعدها بفترة محددة حسب مدة الحدث نفسه، ويتطلب الحصول على التأشيرة شراء تذاكر الفعالية.
تأشيرة الفعالية هربًا من التعقيدات
لجأ الكثير من المسلمين الأجانب إلى التقديم على تأشيرات الحفلات وعوضًا عن حضور تلك الحفلات توجهوا لأداء مناسك العمرة وذلك بسبب سهولة الحصول على تأشيرة الفعالية مقابل تأشيرة العمرة التي تتطلب قرابة الأسبوعين قبل الحصول عليها، ولا يقتصر الأمر على المعتمرين فخلال موسم الحج الحاليّ منعت السعودية دخول جميع الحجاج من حاملي التأشيرة التفاعلية التي حصلوا عليها جراء عمليات نصب من شركات السياحة.
السلطات السعودية أعلنت وقف العمل بتأشيرة الفعالية خلال موسم الحج حيث تم إبلاغ جميع شركات الطيران الخاصة بنقل الحجاج لمنع أي مسافر إلى السعودية بهذه التأشيرة
والحقيقة أن تأخر استخراج تأشيرة الحج والعمرة ليس السبب الأوحد للجوء المسلمين الأجانب إلى التأشيرة التفاعلية ولكن بسبب ارتفاع أسعار تأشيرات الحج والعمرة، فوقفًا لتصريحات وكالة الأنباء السعودية فقد تقرر أن يكون رسم تأشيرة الدخول لأداء مناسك العمرة للمرة الأولى 2000 ريال أي ما يعادل 533.3 دولار أمريكي، وعدل مجلس الوزراء تأشيرة الدخول المتعدد إلى 3000 ريال سعودي ما يعادل 800 دولار أمريكي.
يُذكر أن السلطات السعودية أعلنت وقف العمل بتأشيرة الفعالية خلال موسم الحج، حيث تم إبلاغ جميع شركات الطيران الخاصة بنقل الحجاج لمنع أي مسافر إلى السعودية بهذه التأشيرة ولن يتم العمل بها مرة أخرى حتى يعلن الجانب السعودي عودتها.
مزيد من الصعوبات
في الوقت الذي سمحت فيه السعودية بتنظيم العروض الحية للعزف الموسيقي والحفلات الغنائية التي نُظمت لكبار الفنانين العالميين مثل إنريكي إغلاسيس وياني وماريا كاري فإنها في المقابل فرضت بعض الصعوبات على الحجاج، فبحسب موقع وزارة الحج والعمرة السعودي فقد رفعت المملكة رسوم إصدار التأشيرات كما فرضت الكثير من الضرائب على الوافدين مما صعب عليهم استقبال ذويهم.
ذكر رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن السعودية تتعمد تضليل الرأي العام العالمي عبر إيهامه أنها ترحب بالمعتمرين والحجاج القطريين، ولكن تلك السلطات في الواقع لا تقدم أي مبادرة جادة من شأنها تذليل العراقيل والصعوبات التي وضعتها منذ بداية الحصار في يونيو 2017
وفي سياق متصل بدأت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في قطر بعرض العراقيل التي تضعها المملكة أمام القطريين وحرمانهم من أداء مناسك الحج للعام الثالث على التوالي، وفي مدينة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية شرح وفد من اللجنة التي يترأسها علي بن صميخ المري الانتهاكات التي لا يزال يتعرض لها الشعب القطري خاصة فيما يتعلق بالحج والعمرة، هذا بالإضافة إلى تنامي حدة خطاب الكراهية والتحريض الذي يُمارس ضد القطريين من وسائل الإعلام السعودية.
وذكر رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن السعودية تتعمد تضليل الرأي العام العالمي عبر إيهامه أنها ترحب بالمعتمرين والحجاج القطريين، ولكن تلك السلطات في الواقع لا تقدم أي مبادرة جادة من شأنها تذليل العراقيل والصعوبات التي وضعتها منذ بداية الحصار في يونيو 2017، يُذكر أن هذه ليست الحالة الوحيدة التي يتم فيها إضفاء طابع سياسي على الشعائر الدينية حيث سبق للسعودية عرقلة وصول الحجاج الإيرانيين بسبب الخلافات السياسية.
مقاطعة الحج
ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تدفع عددًا من المسلمين إلى مقاطعة الحج، حيث ذكر الكاتب والمحلل السياسي أحمد طويج في مقاله بالمجلة أن أغلب دول العالم تدعو إلى إجراءات سياسية ودينية واقتصادية ضد السعودية جراء تسببها في أكبر كارثة إنسانية في العالم بحربها في اليمن وهجماتها غير المباشرة على السودان والجزائر وسوريا وليبيا، كما أضاف الكاتب أن بعض العلماء المسلمين دعوا إلى مقاطعة الحج لأن أمواله تصب في الاقتصاد السعودي وتساهم بشكل غير مباشر في تمويل صفقات الأسلحة التي تبرمها المملكة.
جدير بالذكر أن موسم الحج يعد شديد الأهمية بالنسبة للسعودية، إذ يضخ نحو 12 مليار دولار سنويًا ومن المنتظر ارتفاع المورود إلى 150 مليار دولار خلال عام 2022 بسبب استثمار المملكة بالفنادق الضخمة.