ترجمة حفصة جودة
قبل عدة أعوام عانيت من الإنهاك الشديد (والاكتئاب المتداخل) عندما كنت طبيبًا مقيمًا في الطوارئ، لذا لم أرغب في الوصول إلى هذه النقطة الصعبة مرة أخرى أبدًا، فقررت أن أتعلم كل شيء عن المرونة والصحة النفسية.
بدأت في العمل كمدرب منذ 10 سنوات وساعدت السيدات المنشغلات والمرهقات على خلق حياة أكثر توازنًا وذات معنى، كان كل عميل يعاني من نوع من الضغوط المرتبطة بالعمل ويحتاج إلى المساعدة بشأنها، وفي السنوات الأخيرة كان أكثرهم على حافة الإنهاك أو في خضم الاستنزاف الشديد بسبب العمل.
يشعر الكثير من عملائي بالملل الشديد حتى إنهم يطلبون مساعدتي في التخلص من عملهم الحاليّ والعثور على آخر، لكنني أنصحهم غالبًا بإجراء بعض التغييرات الصغيرة أولًا، فالمعاناة الشديدة في العمل تستنزفك نفسيًا وعاطفيًا بشكل كبير، مما يجعل من الصعب اتخاذ قرارات مصيرية بشكل صحيح، وإليكم ما أنصح عملائي بتجربته:
حدد المشكلة التي تسبب لك التوتر الأكبر في العمل وابحث لها عن حل
حدد الباحثان ليتر وماسلاش في مجال الإنهاك، 6 مجالات في الحياة العملية تؤدي إلى الإنهاك الشديد: أعباء العمل الشديدة وفقدان السيطرة وعدم كفاية المكافآت ومشكلات مجتمع العمل والممارسات غير العادلة وصراعات التقدير.
أعمل الآن مع عميلة تعاني من جميع علامات الإنهاك حتى إنها تفكر جديًا في ترك العمل رغم أنها تحبه وتحب شركتها، في تلك الحالة أرى أن أفكار التخلي عن العمل مرتبطة بالإنهاك الشديد.
هناك بعض المشكلات المحددة التي تدفعها إلى حافة الإرهاق، لذا بدلاً من إرسال استقالتها طلبت من رؤسائها القيام ببعض التغييرات الجوهرية، ولأنهم يقدرونها للغاية فقد وافقوا على مطالبها، وإذا نفذوا تلك الطلبات بالفعل فسيكون له تأثير إيجابي بارز.
توقف عن القيام بغير عملك
تعد أعباء العمل الزائدة من أكثر أسباب الإنهاك شيوعًا، عندما أسأل عملائي عن المكان الذي يمكنهم الرجوع إليه تكون الإجابة المعتادة “لا مكان”، لذا يكون سؤالي التالي: هل تقومون بأشياء في العمل ليست من مسؤولياتكم؟”.
عادة ما تكون الإجابة نعم، والأشخاص ذوو الضمير اليقظ يكونون أكثر عرضة لخطر الإنهاك وعادة ما يقومون بعمل الآخرين، فهم يرغبون في مساعدة وإنقاذ الآخرين أو أنهم يجدون صعوبة في قول “لا”، وقد يدخل الكمال في الأمر فيعتقدون أن الشخص الآخر لن يؤدي المهمة كما يجب أن تكون رغم أنها ليست مسؤوليتهم، لذا إذا كنت غارقًا في العمل ابحث فيما تفعله، وتخلص من أي عمل ليس من مسؤوليتك.
ضع حدودًا صارمة بين العمل وبقية حياتك
كنت أعمل مع عميلة أخرى تشعر بضغوط شديدة وإرهاق من العمل وعدم وجود وقت كاف لنفسها، فهي تبدأ العمل في الصباح الباكر وتعمل لساعات طويلة وعادة ما تكمل العمل في منزلها بالمساء، في الواقع هي ليست مضطرة للقيام بذلك لكنها تشعر بالضغط باستمرار وينتهي بها الأمر بالعمل ساعات إضافية بشكل تلقائي.
عندما سألتها عمّا يمكنها القيام به حيال ذلك كان ردها فوريًا حيث قالت: “يمكنني أن أترك الحاسب المحمول في العمل وعندها سأضطر أن أفعل شيئًا آخر عندما أعود للمنزل”، فأجبتها: “ممتاز”، كان لدي عميلة أخرى تضع هاتف العمل في درج خاص ممنوع فتحه في عطلات نهاية الأسبوع، لذا ابحثوا عن الطريقة التي تناسبكم لوضع تلك الحدود.
ابدأ في الاعتناء بجسدك
إذا كنت تنام أقل من 7 ساعات ليلًا فبالتأكيد ستشعر بالإرهاق والتعب الشديد، وإذا لم تكن تتناول الإفطار وتستهلك القهوة والوجبات السريعة طوال اليوم لتحصل على الطاقة فبالتأكيد ستشعر بالثقل وسيكون أداؤك أسوأ، أما إذا كنت تجلس على مكتبك طوال اليوم دون أي استراحة ولا تمارس الرياضة، فليس مفاجئًا أن تشعر بالانفعال والضغط كما لو أنك ستفقد عقلك.
بمجرد أن تبدأ في الحصول على قسط كاف من النوم بانتظام وتتناول طعامًا أفضل وتمارس بعض الرياضة، سوف تشعر بتحسن جوهري، حتى إنك ستحب عملك مرة أخرى، فهذه الأمور لها تأثير قوي للغاية.
هذه هي النصائح الأساسية التي تعد نقطة انطلاق جيدة، ويمكنك اكتشاف المزيد مما يمكنك القيام به، لكن إذا كنت تشعر بالضيق معظم الوقت فمن الضروري زيارة الطبيب النفسي، فهذه النصائح لا تغني عن زيارة الطبيب إذا لزم الأمر، وفي بعض الأحيان قد يتداخل الإرهاق مع الاكتئاب، كما أن بعض الخبراء يعتقدون أن الإنهاك والإرهاق شكل من أشكال الاكتئاب المرتبط بالعمل، وهناك أيضًا بعض الحالات الطبية التي تسبب أعراضًا مشابهة.
الحياة أقصر من أن تشعر بالضغط المستمر، لذا جربوا هذه الخطوات لاستعادة حياتكم، وراقبوا مدى تحسنكم وتغير مشاعركم للأفضل.
المصدر: سيكولوجي توداي