ترجمة حفصة جودة
في شهر أبريل الماضي اجتمع كبار شيوخ الصوفية الإسلامية من جميع أنحاء العالم في إسطنبول لحضور مؤتمر يضم قادة إسلاميين أتراك وفلسطينيين، للوهلة الأولى قد تبدو المجموعتان متنافرتان، نظرًا لدعم بعض شيوخ الصوفية للأنظمة الاستبدادية التي تقود الثورة المضادة ضد الربيع العربي والإسلامي.
لكن يبدو أن انتهاك الأنظمة العربية لحقوق الإنسان والشرعية الدينية التي منحتها لهم بعض الرموز الدينية، فتحت الطريق نحو خطاب جديد، فمن ناحية زيادة الاغتراب الذي يشعر به شباب الصوفية بسبب الشرعية التي يمنحها مشايخهم للسلطات، ومن ناحية أخرى، إدراك الإسلاميين لأهمية تقوية الروابط مع الصوفية.
في السياق السياسي لما بعد الربيع العربي، كانت الثورة المضادة بقيادة الإمارات العربية المتحدة وعبد الفتاح السيسي في مصر قد تمت برعاية بعض الصوفية، فقد منح خطابهم الديني الشرعية لقمع الإسلاميين.
كان ذلك نتيجة سياسة طويلة المدى لإشراك الصوفية في كبح تأثير الإسلاميين، وهي سياسة تعود لعهد عبد الناصر في مصر، لكنها اكتسبت جاذبيتها في الإمارات بعد أحداث 11 من سبتمبر ورعاية حملة “الحرب على الإرهاب” للإسلام المعتدل.
وبفضل أنشطتها التي تمولها بسخاء لمواجهة الإسلاميين، ازدهرت شبكة صوفية متحالفة مع السلطة من خلال عدة مؤسسات مثل: منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة ومجلس حكماء المسلمين والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم ومؤسسة طابة.
هل ستنجح تلك الجهود لترسيخ التعاون بين الإسلاميين والصوفية لمواجهة الاستبداد؟
عبرت موجة جديدة من العلماء الشباب المتعاطفين مع الصوفية عن موقفهم ضد المشكلات الأخلاقية التي يطرحها صمت بعض الشيوخ في مواجهة الظلم الواضح الذي تقوم به الأنظمة القمعية، وفي مصر طور بعض شباب الإسلاميين والصوفية مراكز معرفية جديدة مستقلة عن مؤسسات الدولة.
قوى الوحدة
كنت قد تحدثت أيضًا مع صوفيين أتراك وغربيين ينتقدون بشدة تحالف زملائهم في الصوفية مع الأنظمة الدموية، حتى إن بعضهم أشار إلى أحد مشايخ الصوفية في العالم العربي الذي أصبح منزعجًا من أحد تلاميذه البارزين، بعد أن خاطر بمصداقية المذهب الصوفي من خلال الاستثمار بشدة في دعم الأنظمة الاستبدادية.
تواصل بعض الإسلاميين مع الصوفيين الذين لا يتحالفون مع النظام وفي الوقت نفسه لا يعادون الإسلاميين بهدف تعزيز التعاون، هذ الخطوة مثيرة للاهتمام لأن الإسلاميين في بعض البلاد العربية يولون اهتمامًا قليلًا للصوفية وينتقدون تصوفهم وهدوءهم الشديد.
تحت شعار منتدى التعاون والتنمية بدأ منير سعيد – من القادة الإسلاميين الفلسطينيين – فكرة إنشاء شبكة صوفية إسلامية، ودعم هذا المفهوم قائد حماس خالد مشغل وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصل إلى اليابان يوم 27 من يونيو
هناك موضوعان أساسيان جمعا بين الصوفية والإسلاميين في المؤتمر الأول للمنتدى، تحدث الموضوع الأول عن تاريخ النشاط السياسي الصوفي المتمثل في مقاومة الاستعمار الذي يمكن ربطه بنشاط الإسلاميين، أما الموضوع الثاني فكان بشأن القدس الذي يعتبره قادة حماس موضوعًا بإمكانه توحيد جميع المسلمين.
إلى الأمام
هل ستنجح تلك الجهود لترسيخ التعاون بين الإسلاميين والصوفية لمواجهة الاستبداد؟ وحده المستقبل يحمل الجواب، لكن هناك بعض الدلائل التي يمكن النظر إليها بعين الاعتبار.
في البداية، هذا الانقسام الصوفي الإسلامي لا ينتشر بشكل كبير في جميع أنحاء العالم الإسلامي وهذا مؤشر إيجابي للتعاون، ففي تركيا على سبيل المثال يتأثر فهم الإسلاميين للدين بالصوفية بشدة، كما يدعمهم العديد من أتباع الصوفية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى معظم المسلمين في العالم أن الربيع العربي حركة أمل للمسلمين لاستعادة حريتهم وكرامتهم التي انتهكتها الأنظمة الاستبدادية غير الشرعية، هذا التصور الإيجابي يعزز من احتمالية توحد المسلمين من تيارات إسلامية مختلفة.
يتفق العديد من الشباب المسلم من الصوفية والإسلاميين وحتى السلفيين على ظلم وعدم شرعية المعكسر المعادي للثورة، وفي النهاية فعدائية الثورة المضادة قد تعطينا نتائج عكسية، فهذا التقارب بين الإسلامي السياسي والصوفية قد يعيد تشكيل المجال العام الإسلامي على المدى البعيد لمناهضة الاستبداد.
المصدر: ميدل إيست آي