ترجمة وتحرير: نون بوست
تستخدم مصر وقطر إلى جانب حماس “كل الوسائل المتاحة” لتأمين الإفراج عن مروان البرغوثي كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار بين الحركة وإسرائيل في غزة، وذلك بحسب ما صرحت به ثلاثة مصادر مطلعة لموقع “ميدل إيست آي”.
وقال مصدر مقرب من المفاوضات إن الزعيم السياسي الفلسطيني المسجون منذ فترة طويلة مدرج على قائمة “تضم حوالي مائة سجين فلسطيني كبير” يجري بحثها قبل المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة.
وقال المصدر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بمناقشة التفاصيل، إن “مروان على رأس تلك القائمة إلى جانب عدد قليل من المساجين الآخرين”.
وكشف قادة حماس لمصدر ثانٍ أن إطلاق سراح البرغوثي هو “الهدف الأساسي” للحركة في الصفقة، وأنهم يعتقدون أن لديهم النفوذ للضغط على الإسرائيليين للقيام بذلك، لكن ذلك لن يتقرر إلا في المرحلة الثانية من المفاوضات عندما يكون إطلاق سراح الجنود الإسرائيليين مطروحًا على الطاولة.
وأكدت قيادات حماس أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني واللواء حسن محمود رشاد، مدير جهاز المخابرات العامة المصرية، قد توسطا شخصيًا للضغط من أجل إطلاق سراحه.
وقال المصدر إن “القطريين والمصريين أبدوا رغبتهم – وأصرّوا على ذلك – بإطلاق سراح مروان، وبالتالي فإنهم يصرون على إطلاق سراحه من خلال الصفقة بكل الوسائل المتاحة”.
وقال مصدر ثالث قريب من المفاوضات إنه في حال أفرجت إسرائيل عن أي من الأسرى البارزين سيتم إرسالهم إلى الخارج، إما إلى مصر أو قطر أو تركيا.
ويتابع الشعب الفلسطيني عن كثب ملف الإفراج عن البرغوثي، وتُظهر استطلاعات الرأي أن الفلسطينيين يفضلونه على أي شخصية سياسية أخرى في حال إجراء انتخابات رئاسية.
وقال عوني المشني، وهو مسؤول بارز في حركة فتح وصديق مقرب من البرغوثي، لموقع ميدل إيست آي: “بالنسبة للكثيرين في الشارع الفلسطيني، قد يكون الإفراج عن مروان هو المعيار الذي يحدد نجاح أو فشل هذه الصفقة”.
ويقضي البرغوثي حاليًا خمسة أحكام بالسجن المؤبد، بعد أن أدانته إسرائيل في عام 2004 بعدة تهم بالقتل، وهي التهم التي نفاها بشكل متكرر.
ولم يقدم البرغوثي أي ملف دفاع خلال المحاكمة، رافضًا الاعتراف بالولاية القضائية الإسرائيلية على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
من هو البرغوثي؟
وُلد مروان البرغوثي في قرية كوبر بالضفة الغربية عام 1962، وكان ناشطًا طلابيًا بارزًا بجامعة بيرزيت في أوائل الثمانينيات، وانضم إلى الجناح السياسي في حركة فتح.
وفي عام 1987، أبعدته إسرائيل إلى الأردن، وأصبح من أبرز قيادات حركة فتح في الخارج. لم يعد البرغوثي إلى فلسطين إلا بعد توقيع اتفاقات أوسلو عام 1993.
في العام التالي، أصبح أمينًا عامًا لحركة فتح، وانتُخب عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 1996.
كان البرغوثي حليفًا مهمًا لياسر عرفات، زعيم حركة فتح وأول رئيس للسلطة الفلسطينية حتى وفاته عام 2004.
وعندما نفذت كتائب شهداء الأقصى، الجناح المسلح لحركة فتح، عددًا من الهجمات خلال الانتفاضة الثانية في مارس/ آذار 2002، اعتقلت إسرائيل البرغوثي واتهمته بتنظيم هذه الهجمات.
ورغم انتمائه لحركة فتح، إلا أن البرغوثي لديه علاقة جيدة مع خصمها السياسي حركة حماس، وقد ناضل من أجل الوحدة بين الفصائل الفلسطينية.
بعد هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تعرض البرغوثي، مثل العديد من السجناء السياسيين الآخرين، لإصابات جراء اعتداءات سلطات السجون الإسرائيلية، ولم يتلق العلاج الطبي.
وفي مقابلة أجريت معه العام الماضي، قال نجله عرب البرغوثي لموقع “ميدل إيست آي” إن والده نُقل إلى عدة سجون في محاولة لإذلاله.
لكنه قال إن معنويات والده ظلت مرتفعة وأن العائلة “متفائلة جدًا” بأنه سيطلق سراحه، وقال عرب البرغوثي في ذلك الوقت: “لقد حان الوقت لعودته إلى الشعب الفلسطيني”.
وقالت مصادر لموقع “ميدل إيست آي” في مايو/ أيار الماضي إن مسؤولي السلطة الفلسطينية طلبوا من الوسطاء في مفاوضات غزة استبعاد البرغوثي من أي عملية تبادل للأسرى بسبب مخاوف من أن إطلاق سراحه سيهدد مكانة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في سبتمبر/ أيلول أن البرغوثي البالغ من العمر 64 عامًا تصدر قائمة الشخصيات التي يرغب الفلسطينيون في أن تخلف عباس البالغ من العمر 88 عامًا.
وقال المشني، الذي التقى البرغوثي بعد اتفاقات أوسلو وعمل معه لمدة سبع سنوات داخل حركة فتح، إن البرغوثي تصدر استطلاعات الرأي خلال السنوات العشر الماضية.
وأضاف المشني: “الشخص الوحيد الذي يحظى بإجماع من اليسار إلى حماس إلى الجهاد الإسلامي إلى قطاعات كبيرة جدًا من فتح، إن لم يكن فتح بأكملها، إلى الناس العاديين، هو مروان البرغوثي”.
كما قال أيضًا إنه يعتقد أن البرغوثي سينقذ حركة فتح التي تلاحقها الانتقادات بالفساد والجمود على مستوى القيادة منذ سنوات، رغم اعترافه بوجود فئة صغيرة داخل الحركة تعتبره غير مؤهل لذلك.
وأوضح المشني: “هذه أقلية صغيرة جدًا وقابلة للاحتواء، وأعتقد أن الشعب الفلسطيني قد قال كلمته في هذا الشأن”.
وأضاف: “أعتقد أن الشعب الفلسطيني يستحق قائدًا بحكمة ومرونة وثقافة مروان البرغوثي”.
تشير المصادر أن هناك شخصيات بارزة من مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني على قائمة الأسرى الذين تريد حماس إطلاق سراحهم إلى جانب البرغوثي.
وقد تكهن محللون بأن من بين هؤلاء عبد الله البرغوثي، أحد أقارب مروان، والقائد السابق في الجناح المسلح لحماس، والقيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، والقائد في الجناح العسكري لحماس حسن سلامة.
المصدر: ميدل إيست آي