ترجمة وتحرير نون بوست
كشفت صحيفة تيليغراف البريطانية عن مخطط للرئيس المصري القادم “عبد الفتاح السيسي” للانقلاب على السلطة في حالة حدوث ثورة ضد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك قبل قرابة عام من الثورة.
ونقلت صحيفة تيليغراف في مقال كتبه “ريتشارد سبينسر” عن مستشارين أمنيين واستخباراتيين رفيعي المستوى أن السيسي الذي فاز في انتخابات مشكوك في نزاهتها، برئاسة البلاد بنسبة قاربت 97٪ من الأصوات، كان قد ظهر في الدوائر العسكرية والاستخباراتية كرجل الجيش القوي القادم، حتى قبل ثورة 25 يناير، في الوقت الذي لم يكن يعرف فيه المصريون عنه الكثير.
في آخر 2010 عندما كان رئيس المخابرات الحربية المصرية، سُئل عبدالفتاح السيسي من قبل مدرائه في الجيش – الذين كانوا قد قرروا أن السيسي يجب أن يكون وزير الدفاع القادم – أن يعد دراسة عن مستقبل البلاد السياسي، السيسي تنبأ حينها أن حسني مبارك سيحاول تمرير قيادة البلاد إلى ابنه جمال، وربما في وقت مبكر من مايو 2011، وأن هذا قد يسبب اضطرابات شعبية، وأوصى في تقريره بأن يكون الجيش على استعداد للتحرك لضمان الاستقرار، والحفاظ على الدور المركزي للجيش في الدولة المصرية.
وكما اتضح لاحقًا، تسارعت الأحداث أكثر مما كان متوقعًا، أثارت الانتفاضة التونسية المصريين في يناير 2011، وفي غضون أسبوع كان الجيش جاهزًا لتنفيذ توصية السيسي والانتشار في الشوارع، معلنًا أنه وقف مع الشعب المصري، في إشارة واضحة إلى أن مبارك وأبناءه كانوا قد استهلكوا تمامًا، في حين أن الجيش لم يكن قد استُخدم في السلطة بعد.
الكشف عن دور الجيش في وقت سقوط مبارك يجعل العديد من الثوار يتساءلون عما إذا كان ما حدث في 25 يناير مجرد إطاحة صورية بالنظام القديم.
وفي تقرير التيليغراف يقول أستاذ العلوم السياسية المصري “حسن نافعة” إنه اطلع شخصيًا على تقرير السيسي، وأنه وصل إلى استنتاج مفاده أن الجيش استفاد من الثورة للتخلص من نظام مبارك، وأن الجيش كان على استعداد للتضحية بمبارك، لا التضحية بالنظام.
السيسي الذي رُقي مشيرًا قبل أن يعلن استقالته من الجيش، تم تعيينه وزيرًا للدفاع في خطوة مفاجئة من الرئيس المنتخب محمد مرسي، كان التفسير الأرجح حينها أن مرسي أراد التخلص من الحرس القديم في الجيش، وعداءاتهم التاريخية للإخوان، رأى البعض أن مرسي اختار السيسي بسبب “تقواه الدينية”، ورغم أن أحدًا من مؤيدي الإخوان لم يكن ليترقى بهذا الشكل في الجيش المصري، إلا أن السيسي كتب أطروحة في 2006 بينما كان في كلية الحرب الأمريكية يقول فيها إن الدولة المثالية كانت هي دولة الخلافة، بدلاً من الدولة الديمقراطية الحديثة على النمط الغربي.
كان المشير “حسين طنطاوي” صديق مبارك ووزير دفاعه لفترة طويلة، يسمي السيسي “ابني”، يقول ضابط عسكري بارز للتلغراف إن “السيسي منذ أن كان عقيدًا، وكان الجميع يعرف أنه سيكون وزير الدفاع المقبل”، لم يكن طنطاوي يمتلك طموحات سياسية، بقدر ما أراد أن يختار خليفته.
وبهذه الخطوة، تجاوز طنطاوي رجل الجيش الثاني “سامي عنان” والذي كان مقربًا من الولايات المتحدة، وكان يُنظر إليه على أنه الشخص المستعد للقيام بصفقات مع الإخوان، وفقًا لحسن نافعة.
وبحسب التيليغراف، فإن الكشف عن تلك المعلومات، لابد أن يؤثر على إدراكنا لطبيعة الربيع العربي ودينامياته، بالإضافة إلى فهم “المكاسب الديمقراطية المفترضة” حسبما تقول الصحيفة.
ومنذ أن صار واضحًا أن السيسي سيرشح نفسه للرئاسة، أعطي للمصريين صورة عنه، تخلط بين نسيج صوفي من التضحية بالنفس، ورؤية مسيحية يهودية عن دوره كمخلص للمصريين.
وتستشهد صحيفة التلغراف بمقولات من السيسي الذي قال فيها للشباب إنه على استعداد للتضحية بجيلين، ونصحه لهم بأن يذهبوا للجامعة سيرًا على الأقدام “عشان مصر”، وخطاباته العسكرية ووعيده بتعذيب المصريين من أجل بلادهم من قبيل “لو خليتك تصحى من النوع الساعة 5 الصبح، هتقدر؟”
السيسي، في السياسة أكثر غموضًا من أي شيء آخر، لا يمتلك الرجل برامج انتخابية ولا يعلم أحد ما الذي ينتويه، يقول إن العمل الجاد والمساهمة الفعالة من الأغنياء هي التي ستحل مشاكل مصر، لكن لا أحد يعلم ماذا يعني ذلك، هل يعني فرض الضرائب على النخبة الاقتصادية؟ لكن هذا قد يأتي بنتائج عكسية، وقد يؤدي إلى عدم تشجيع الاستثمار أكثر مما هو معطل أصلاً، وفي وقت مصر في أمس الحاجة إليه.
وتناولت الصحيفة كذلك أحلام السيسي التي حكاها في حوار صحفي من أن السادات قد قال له بإنه سيصبح رئيسًا، وأحلامه عن السيف الأحمر، والساعة من ماركة أوميجا!
وتختم الصحيفة أن حلم السيسي يبدو أنه قد تحقق أخيرًا، لكن مع شرعية مهددة بإقبال ضعيف في الانتخابات، ومع تحديات دولية كبيرة.
السيسي الآن يتم معارضته، ليس فقط من جماعة الإخوان المسلمين، ولكن أيضًا من القادة العلمانيين، مثل “محمد البرادعي” والذين أيدو الانقلاب العسكري في البداية، ثم تحولوا لاحقًا ضد السيسي واتهموه بخيانة روح الثورة.
هؤلاء الذين يعرفونه يقولون إن لديه الفطنة في إدارة توقعات الناس، وهذا هو ما حدث حتى الآن، لم يتحدث الرجل عن الديمقراطية، ولا عن الاقتصاد ولا عن أي وعود للمستقبل!
حسن نافعة يتساءل عما إذا كان السيسي يدرك أن الثورة أعطت المصريين، لاسيما الشباب، صوتًا لن يتخلوا عنه ببساطة! مؤكدًا أن السيسي سيفشل إذا لم يدرك أن مصر قد تغيرت كما لم يحدث من قبل، وأنها لا يمكن أن تعود مرة أخرى لما كانت عليه.