ترجمة وتحرير: نون بوست
لضمان حسن سير تطبيق الإصلاحات، اعتمد العاهل المغربي محمد السادس على عدد من الشخصيات والمسؤولين السياسيين الذين يُعرفون بولائهم له وكفاءتهم. (مختارات)
فؤاد عالي الهمة؛ صديق الطفولة
مستشار ملك المغرب، فؤاد عالي الهمة، (يسارا) ووزير الشؤون الخارجية الجزائري (يمينا) يصلان إلى حفل تكريم الفنانة الجزائرية الراحلة وردة الجزائرية، التي تعتبر إحدى أشهر المطربات في العالم العربي، يوم 19 أيار/ مايو 2012، في الجزائر العاصمة.
عرف فؤاد عالي الهمة محمد السادس على مقاعد المدرسة المولوية، ولم يفارقه منذ ذلك الحين. منذ بداية حكم محمد السادس، عُين الهمة كاتبًا لدى وزارة الداخلية ليتعلم الكثير قبل أن يصبح وزيرا منتدبا في هذه الوزارة من سنة 2002 إلى غاية سنة 2007. وإثر الانغماس التام في المحيط السياسي بعد تقلد ولاية برلمانية وإنشاء حزب الأصالة والمعاصرة، عاد فؤاد عالي الهمة إلى الأوساط المقربة من محمد السادس في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2011 بصفته مستشارا ملكيا. واليوم، في سن السادسة والخمسين، بات شبيها بظل الحاكم، ويرافقه في جميع اجتماعات العمل وبعض تنقلاته الخاصة.
إدريس جطو؛ سيد الحسابات الناجحة
لطالما حظي وزير الحسن الثاني السابق (في محفظتي التجارة والمالية)، البالغ من العمر 74 سنة، بثقة محمد السادس. وبعد تكليفه بجرد الميراث الخاص بالعائلة المالكة، أدار جطو شؤون وزارة الداخلية بين سنتي 2001 و2002، مشرفا بذلك على أولى الانتخابات التشريعية للعهد الجديد. وإثر خلافات بين حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية حول مهام رئاسة الوزراء، اختاره الملك لرئاسة الحكومة (التي كانت حكومة وحدة وطنية تقريبًا حينها) بين سنتي 2002 و2007. وبعد ابتعاده طيلة خمس سنوات عن خبايا السلطة، دُعي موظف الدولة رفيع المستوى من قبل الملك لتولي رئاسة المجلس الأعلى للحسابات، وهي مؤسسة تهز صناع القرار في المملكة.
إدريس بن زكري؛ رجل حقوق الإنسان
بفضل هذا المعارض السابق، الذي توفي سنة 2007، تمكن المغرب من طي صفحة الحسن الثاني المتعلقة بسجل حقوق الإنسان. من خلال قبوله في سنة 2003 ترأس هيئة الإنصاف والمصالحة، التي أسّسها محمد السادس، منح الرئيس السابق لمنتدى الحقيقة والعدالة مصداقية لهذا الهيكل المكلف بتسليط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في المملكة منذ ستينيات القرن العشرين.
على الرغم من حدود أو نقائص هذه التجربة غير المسبوقة في العالم العربي، إلا أن هيئة الإنصاف والمصالحة قد حققت في أكثر من 16 ألف ملف لضحايا القمع، ونظمت جلسات استماع علنية بُثت على شاشات التلفزيون، وحاولت توضيح مصير مئات المفقودين وتعويض أكثر من 10 آلاف ضحية وعائلاتهم. في نهاية مهمتها، مع حلول كانون الأول/ ديسمبر 2005، أصدرت هيئة الإنصاف والمصالحة تقريرا لا يزال يمثل مرجعا هاما. إثر ذلك، ترأس إدريس بن زكري المجلس الوطني لحقوق الإنسان حتى وفاته.
عبد اللطيف الحموشي؛ رجل أمن خارق
عبد اللطيف الحموشي، رئيس جهاز المخابرات المغربية (المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني) أثناء زيارة لمؤتمر المناخ الدولي المعروف باسم مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2016، في مراكش في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2016.
ينتمي الحموشي إلى هذا الجيل الذي ازدهر مع انطلاق العهد الجديد في المغرب. كما أن عملية تخليص الجهاز الأمني من ذكرى إدريس البصري، التي أشرف عليها محمد السادس، مكنت هذا المحلل اللامع من الحصول على ترقية سريعة داخل المديرية العامة الأسطورية لمراقبة التراب الوطني، التي أصبح رئيسًا لها في سنة 2005. على مر سنوات، جعل منها إحدى أكثر أجهزة المخابرات شهرة في العالم، وخاصة في مجال الحرب على الإرهاب. وكوفئت نجاعته بحصده مراكمة غير مسبوقة للوظائف في تاريخ المملكة؛ فمنذ سنة 2015، يشرف الحموشي أيضًا على جهاز الشرطة المغربية، الذي غيّره بالكامل. وفي سن 53 سنة، يعتبر عبد اللطيف الحموشي أول حارس لأمن المغاربة والنظام الملكي.
ياسين المنصوري؛ في خدمة سموه
بدأ هذا الزميل السابق لمحمد السادس في المدرسة المولوية مسيرته في وزارة الداخلية في تشرين الثاني/ نوفمبر 1999، قبل توليه رئاسة وكالة المغرب العربي للأنباء. بعد ست سنوات، عُين رئيسًا للمديرية العامة للدراسات والمستندات، ليصبح بذلك أول مدني يدير مصلحة مكافحة التجسس الأجنبي في المملكة. وعلى امتداد 14 سنة، مر بالكثير من المحن، بما في ذلك قضية كريس كولمان، التي تتمحور حول تسريب مراسلات تابعة للمصلحة التي يشرف عليها على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما تعين عليه مواجهات اتهامات صحيفة “الموندو” الإسبانية في شهر حزيران/ يونيو التي تفيد بأن بعض عملاء المديرية العامة للدراسات والمستندات قد يكونوا متورطين في ارتكاب أخطاء فادحة. ولكن هذه الحوادث التي حظيت بتغطية إعلامية تخفي الأداء العام الجيد لهذه المصلحة الرئيسية، ويؤكد هذا الأداء من خلال مواصلة تمتع ياسين المنصوري، البالغ من العمر 57 سنة، بثقة الملك.
نزار بركة؛ حزب الاستقلال يسري في دمه
لطالما كان حفيد علال الفاسي، مؤسس حزب الاستقلال، أحد رموز هذا الحزب، خاصة عندما تولى والد زوجته عباس الفاسي زمام أمور الحزب. وفي الواقع، يعود فضل تولي بركة لمنصبه الوزاري في الشؤون الاقتصادية والعامة (من 2007 إلى 2012)، إلى عباس الفاسي حين كان على رأس الحكومة. كما ورث محفظة وزارة الاقتصاد والمالية (في سنتي 2012 و2013).
حين خرج حزب الاستقلال من الحكومة، خلال عهد حميد شباط، أصبح بركة رئيسًا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (من 2013 إلى 2018). وبعد انتخابه على رأس هذا الحزب في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، سعى نزار بركة إلى إعادة تجديد تأثير حزب الاستقلال في الساحة السياسية، تماما كما كان في الماضي. وحاليا، يضع حزبه نفسه في موضع منافس جاد للانتخابات التشريعية لسنة 2021.
عبد الإله بنكيران؛ صانع سلام إسلامي
عبد الإله بنكيران، رئيس الوزراء وزعيم حزب العدالة والتنمية، في منزله بالرباط، في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر 2016.
على الرغم من جميع انزلاقاته، كان عبد الإله بنكيران، البالغ من العمر 65 سنة، الرجل البارز في المرحلة الانتقالية التي اضطرت المملكة للتفاوض بشأنها في سنة 2011. في الوقت الذي تعددت فيه الأنظمة الإسلامية في أعقاب الربيع العربي، اختار الأمين العام لحزب العدالة والتنمية طريق الإصلاح بدلاً من المزايدة في الشارع. وقد شارك الحزب الإسلامي المغربي في العملية التي بدأها محمد السادس وفاز بأول انتخابات تشريعية أجريت بعد اعتماد القانون الأساسي الجديد.
عُين بنكيران بتاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 رئيسًا للحكومة. منذ ذلك الحين، وعلى الرغم من أنه قد استُبدل بسعد الدين العثماني على رأس الحكومة (في نيسان/ أبريل 2017، بعد سبعة أشهر من التعثر)، وعُوض في منصب رئيس حزب العدالة والتنمية (في كانون الأول/ ديسمبر 2017)، إلا أن هذا التشكيل الإسلامي لازال يواصل إدارة السلطة التنفيذية، التي تتمتع بصلاحيات لم يكن من الممكن تصورها في عهد الحسن الثاني.
عزيز أخنوش؛ وزير “متعدد”
عزيز أخنوش (المغرب)، رجل أعمال (مجموعة أكوا، وإفريقيا غاز، مغرب أوكسجين)، وزير الزراعة (منذ 2007) والأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار منذ سنة 2016، في مدينة الداخلة يوم 24 شباط/ فبراير 2019.
من بداية عهد محمد السادس، اهتم وريث مجموعة أكوا القابضة، المعروف بشبكة محطات الخدمة إفريقيا غاز، بالسياسة. بالتزامن مع نجاحه، انتخب أخنوش في نهاية الانتخابات المحلية في سنة 2003 رئيسا لمجلس جهة سوس ماسة درعة. ثم أعيد انتخابه سنة 2006، قبل أن ينضم في السنة التالية إلى الحكومة باعتباره وزيرا للفلاحة والصيد البحري.
منذ ذلك الحين، عرفت هذه الوزارة الأساسية بالنسبة للاقتصاد المغربي نموا غير مسبوق. وقد مكنت الحصيلة الجيدة أخنوش من الحفاظ على محفظته الوزارية، التي ألحقت بها في نيسان/ أبريل 2017 أقسام التنمية القروية والمياه والغابات. لا يتمتع عزيز أخنوش بثقة الملك فحسب، بل بصداقته أيضًا، فقد كان العضو الوحيد في الحكومة الذي حظي بامتياز استقبال الملك على مائدة الإفطار. وفي الوقت الراهن، يضع هذا الوزير المتعدد البالغ من العمر 58 سنة طموحات جديدة، فهو يعتزم خلال الانتخابات التشريعية المقبلة لسنة 2021 إنجاح التجمع الوطني للأحرار الذي يديره منذ سنة 2016. ويرى العديد من المراقبين فيه صورة رئيس الحكومة المستقبلية.
مصطفى الباكوري؛ حزب الأصالة والمعاصرة والخطة الشمسية
يعتبر مصطفى الباكوري أحد عمال الياقات البيضاء الذين انضموا في آب/ أغسطس 2001 إلى الوظيفة العمومية العليا. ثم عهد إليه الملك بإدارة صندوق الإيداع والتدبير، وهو الذراع المالي للدولة. وعرفت الرباط ديناميكية جديدة تحت قيادته، إلى حين إقالته المفاجئة في سنة 2009. وقد يكون دفع ثمن التزامه السياسي داخل حزب الأصالة والمعاصرة الفتي آنذاك، علما بأنه كان أحد مؤسسيه المشاركين.
سرعان ما انتهت فترة نكبته، ذلك أنه بعد ستة أشهر تسلم مقاليد الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن)، وهي الوكالة المسؤولة عن تطوير الطاقات المتجددة التي تعد أحد أهم مشاريع حكم محمد السادس. كما أدار حزب الأصالة والمعاصرة من سنة 2012 إلى سنة 2016 ويظل إلى حد الآن، في سن 54 سنة، أحد أبرز ممثليه، باعتباره رئيسا لجهة الدار البيضاء سطات، التي انتخب على رأسها في أيلول/ سبتمبر 2015 بدعم من التجمع الوطني للأحرار.
أحمد التوفيق؛ رجل دين الوسط المعتدل
أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي.
عُين هذا الرجل ذو الاختصاص الأدبي البالغ من العمر 76 سنة على رأس وزارة الشؤون الإسلامية خلال الحكومة الأولى التي عينها محمد السادس سنة 2002. ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا المؤيد القوي لأمير المؤمنين أول مروج للإسلام المعتدل. وبما أنه في خدمة الملك، كان التوفيق صانع إصلاح المجال الديني الذي أدى إلى إنشاء العديد من المؤسسات، بما في ذلك معهد محمد السادس لتكوين الأئمة، الذي يستقبل سنويا عددا من الطلاب من البلدان الأفريقية، ومن أوروبا.
المصدر: جون أفريك