أكثر من عام مضى على انتخابات مجلس النواب العراقي في الـ 12 من مايو/أيار 2018، وأكثر من 9 أشهر على تسمية الحكومة العراقية بزعامة “عادل عبد المهدي” ولم يحسم ملف وزارة التربية بعد.
وعلى غير ما جرت العادة في جميع الحكومات حول العالم في أن رئيس الوزراء يقدم كابينته الحكومية دفعة واحدة، إلا أن حكومة عبد المهدي واجهت مطبات كثيرة في تشكيل الكابينة الحكومية وما تزال.
مراحل الكابينة الحكومية
في الـ 25 من أكتوبر/ تشرين الأول 2018، صادق البرلمان العراقي على جزء من الكابينة الحكومية العراقية ليمرر البرلمان 14 وزيرا من مجموع 22 حقيبة وزارية هي مجموع الكابينة الحكومية لعبد المهدي، فيما ظلت 8 وزارات شاغرة تنتظر اتفاق الكتل السياسية لتسلمها، ومن بينها الدفاع والداخلية والعدل والتعليم العالي والهجرة والمهجرين والثقافة والتخطيط والتربية.
وفق التوافقات السياسية التي اعقبت نتائج الانتخابات التشريعية، اتفق ساسة المنطقة الخضراء على أن تكون وزارة التربية من حصة المكون السني، إلا أن الخلافات بين الكتل السنية ذاتها أعاقت حتى الان تسمية وزير للتربية
ثم في الـ 18 من ديسمبر/كانون الثاني الماضي، صادق البرلمان على 3 وزارء لوزارات الثقافة والتخطيط والتعليم العالي، ليأتي الـ 24 من يونيو/ حزيران ويشهد تصديق البرلمان على 3 وزارات أيضًا هي الدفاع والداخلية والعدل، لتظل وزارة التربية شاغرة حتى يومنا هذا، في سابقة تعد الأولى من نوعها في العراق.
وزارة التربية وعقدة الاختيار
وفق التوافقات السياسية التي أعقبت نتائج الانتخابات التشريعية، اتفق ساسة المنطقة الخضراء على أن تكون وزارة التربية من حصة المكوّن السنّي، إلا أن الخلافات بين الكتل السنية ذاتها أعاقت حتى الآن تسمية وزير للتربية رغم مرور 9 أشهر على تشكيل الحكومة.
ووفق توافقات الكتل السنية في بادئ الأمر، فإن حقيبة التربية كانت من نصيب كتلة المشروع العربي التي يتزعمها خميس الخنجر، إلا أن البرلمان وعلى مدى الأشهر الماضية رفض جميع المرشحات وهنّ “سفانة الحمداني” و”شيماء الحيالي” و”زاهدة عبدالله”.
وفي السياق، وصف تحالف المحور بزعامة خميس الخنجر، حقيبة وزارة التربية بأنها دخلت “في نفق مظلم” في العملية السياسية في العراق، إذ يقول النائب عن تحالف المحور “مقداد الجميلي” إن قضية تسمية شخصية لحقيبة وزارة التربية اصبحت في نفق مظلم، إذ ان رفض البرلمان لجميع مرشحي الخنجر لوزارة التربية لا يتعلق بشخص المرشح للوزارة، بل هو استهداف لشخص زعيم المشروع العربي خميس الخنجر، معتقدا أنه من الصعب تمرير أي مرشح لحقيبة التربية، بحسبه.
وصف النائب “هوشيار قرداغ” تأجيل اختيار وزير لحقيبة التربية إلى الفصل التشريعي القادم بـ “الكارثة”، مؤكدا أن ترك الوزارة على هذا الحال يعرقل الكثير من الخطط في وزارة مهمة في البلاد.
ولفت الجميلي قائلًا “إن كان خميس الخنجر شخص غير مرغوب فيه، فكان الأولى بقيادات العملية السياسية، عدم القبول بدخوله العملية من الأساس منذ البداية” بحسب تعبيره.
من جانبه، وصف النائب “هوشيار قرداغ” تأجيل اختيار وزير لحقيبة التربية إلى الفصل التشريعي القادم بـ “الكارثة”، مؤكدًا أن ترك الوزارة على هذا الحال يعرقل الكثير من الخطط في وزارة مهمة في البلاد.
وأضاف قرداغ أن التوافقات السياسية منعت خلال الفترة الماضية من اختيار وزير مناسب للتربية، فضلاً عن الرفض المتكرر لمرشحي كتلة المحور العربي بزعامة خميس الخنجر، وذلك سعيًا من بقية الكتل لانتزاع حصة المشروع العربي وتحويلها الى كتلة أخرى، لافتًا إلى أنه وفي حال فشل البرلمان في حسم ملف وزارة التربية، فإن حسم قضية اختيار وزير للتربية سيؤجل إلى الفصل التشريعي المقبل بالتزامن مع اختيار مرشحي الدرجات الخاصة، بحسبه.
ويشير كثير من المراقبين إلى أن الخلافات داخل الكتلة السنية وعدم توحدها، أفقد هذه الكتل كثيرًا من المناصب التي كانت من نصيبها وفق التوافقات السياسية بعيد الانتخابات، ولعل أكبر الخلافات بين الكتل السنية هو ما كشف النقاب عنه من خلاف كبير بين كتلة المشروع العربي وكتلة القوى العراقية.
اما النائب في البرلمان العراقي “عبدالله الخربيط” فقد أكد في الـ 22 من يوليو/ تموز الجاري أن مجلس النواب غير مسؤول عن تأخير حسم منصب وزير التربية، وأن رئيس الوزراء لم يرسل اي اسماء جديدة بعد رفض مرشحة المشروع العربي.
وصف النائب عن كتلة (بيارق الخير) في البرلمان “محمد الخالدي” مشكلة منصب وزير التربية بـ “الشائكة” بين من وصفهم بـ (كبار القوم) في العملية السياسية
وأضاف الخربيط أن كتلة المشروع العربي التابعة لخميس الخنجر ليست لديها أي تفاهمات داخل مجلس النواب، وهناك مشكلات كبيرة وعديدة بينها وبين الكتل الأخرى، وإن أي مرشح عن كتلة المشروع العربي يتم ارساله الى مجلس النواب سيتم رفضه، بحسبه.
وعن أسباب رفض جميع مرشحي كتلة الخنجر لوزارة التربية، أكد الخربيط أن السيرة الذاتية للمرشح لا تعكس القدرة على الإدارة أو القيادة، وأن الأغلبية البرلمانية مصرة على عدم إعطاء أي منصب حكومي لكتلة المشروع العربي بسبب مواقف الخنجر في المحافظات المستعادة من تنظيم الدولة (داعش)، مبينًا أن من بين مواقف الخنجر هي دعم الاعتصامات والإصرار على الولاء لبعض الدول مثل تركيا وقطر والارتباطات بالخارج، بحسبه.
ووصف النائب عن كتلة (بيارق الخير) في البرلمان “محمد الخالدي” مشكلة منصب وزير التربية بـ “الشائكة” بين من وصفهم بـ (كبار القوم) في العملية السياسية، لافتًا إلى أن حسم منصب وزير التربية لصالح إحدى الكتل المختلفة بات صعبا للغاية، إذ المشكلة شائكة بين الكتل السنية على هذا المنصب.
وأضاف الخالدي أن المشكلة على هذا المنصب مشابهة تمامًا للمشكلة التي حدثت عند اختيار مرشح لوزارة الدفاع، ولا يمكن حل مشكلة وزير التربية من خلال جلسة بين رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، ورؤساء الكتل المختلفة، بل من خلال توافقات بين كبار قوم العملية السياسية، وخاصة الكتل المعرقلة لاختيار المرشح لمنصب وزير التربية، بحسبه.
يعتقد الخبير والمحلل السياسي “رعد هاشم” في حديثه لـ “نون بوست” أن الكتلة السنية في البرلمان لم تعد واحدة، وإن وضع الكتلة السنية لم يعد كما كان عليه الحال في الدورات البرلمانية السابقة، إذ أن الكتل السنية ذابت داخل الكتل الشيعية.
وعن حيثيات المشكلات العميقة بين الكتل السنية في البرلمان حول منصب وزير التربية، يعتقد الخبير والمحلل السياسي رعد هاشم في حديثه لـ “نون بوست” أن الكتلة السنية في البرلمان لم تعد واحدة، وإن وضع الكتلة السنية لم يعد كما كان عليه الحال في الدورات البرلمانية السابقة، إذ أن الكتل السنية ذابت داخل الكتل الشيعية.
وأضاف هاشم أنه قد تم تذويب المكون السني وهضم حقوقه من خلال ترشح الكثير من الشخصيات ضمن الكتل الشيعية، لافتا إلى أن الكتل الشيعية اكتسبت مزيدًا من الزخم السياسي بإضافة كثير من الأصوات لها من خلال نواب الكتل السنية الذين اندمجوا معهم، بحسبه.
وعن مشكلة حقيبة التربية، أكد هاشم أن عدم وجود تفاهمات فضلا عن الصراع بين الكتل السياسية أدى إلى تأخير حسم ملف حقيبة التربية، معتقدا أن الخلافات الشخصية بين نواب الكتل هو السبب الرئيس للمشكلة.
وفي ختام حديثه لـ “نون بوست” أكد هاشم على أن مشكلة وزارة التربية ستظل قائمة ما دامت الخلافات ذاتها موجودة، بحسبه.