بفضل إطلالتها الساحرة على البحر الأبيض المتوسط وشريطها الساحلي الممتد على طول نحو 2300 كيلومتر، والتنوع الثقافي والطبيعي الذي تزخر به، احتلت تونس مكانة هامة في صفوف الدول السياحية المتميّزة التي يقصدها ملايين السياح من كل أنحاء العالم، منذ سنوات طويلة.
وتمتلك تونس مقوّمات كبيرة مكنتها من احتلال مكانة هامّة كواحدة من أبرز الدول السياحية في المنطقة، حيث زارها خلال العام 2018، أكثر من 8 ملايين سائح أجنبي، أكثر من ربعهم من الجزائريين، محققة بذلك عائدات مالية ناهزت 1.2 مليار دولار.
ورغم المردودية الضعيفة لقطاع السياحة الذي لطالما خصصت له الحكومات التونسية المتعاقبة موارد مالية ضخمة في شكل دعم مباشر لأصحاب النزل وشركات استقطاب السياح الأجانب، إلا أن تونس تزخر بمقومات سياحية كبيرى، قد تجعلها وجهة مفضّلة للسياح من كل أنحاء العالم.
15 موقعا سياحيا مهيّئا
وبحسب الموقع الرسمي لوزارة السياحة التونسية، يوجد في تونس 15 موقعا سياحيا مهيّئا لاستقبال السياح الأجانب وهي على التوالي: تونس العاصمة، ضفاف قرطاج، بنزرت، الحمامات- نابل، ياسمين الحمامات، طبرقة – عين دراهم، سوسة – مرسى القنطاوي، المنستير، المهدية، القيروان، سبيطلة – قصرين، جزيرة جربة – جرجيس، صفاقس- جزر قرقنة، الواحات، والجنوب التونسي.
تعتبر مدينة سوسة الملقّبة بـ”جوهرة الساحل”، المقصد الأول للسياح لكونها مدينة نموذجية تجمع بين أصالة الحاضر وتطور المنشئات السياحية وعبق التاريخ وأصالته
ويعدّ المنتوج السياحي في تونس متنوعا، حيث لا يكتفي زائرها بالمكوث في مكان أو مدينة واحدة أثناء تقضية عطلته، حيث يمكنه التمتع بالسياحة الكلاسيكية المرتكزة أساسا على النزل والاستمتاع بالسباحة في البحر في فصل الصيف، إضافة إلى السياحة الثقافية وسياحة المعالجة بمياه البحر ولعب رياضة القولف والسياحة البيئية وغيرها.
وفور نزول السائح في مطار قرطاج بالعاصمة، يمكن له أن يتمتع بالجمال الطبيعي والتاريخ والأصالة والحضارة في أكثر من مكان في العاصمة، حيث يمكن له زيارة مدينة قرطاج المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، والمعروفة بطبيعتها الجميلة وأماكنها الأثرية التي يعود تاريخها لآلاف السنين على غرار المسرح الأثري ومتحف قرطاج والحي البونيقي والفوروم، كما لا يفوت فرصة زيارة مدينتي سيدي بوسعيد والمرسى والمدينة العتيقة وجامع الزيتونة المعمور ومتحف باردو…
سوسة والحمامات الجميلتان
وتعتبر مدينة سوسة الملقّبة بـ”جوهرة الساحل”، المقصد الأول للسياح لكونها مدينة نموذجية تجمع بين أصالة الحاضر وتطور المنشئات السياحية وعبق التاريخ وأصالته، حيث يوجد في سوسة، عشرات المنشئات السياحية الفخمة، والتي توفّر للسائح منتوجا راقيا بأسعار في المتناول، كما يوجد بها مدينة عتيقة عبارة عن متحف مفتوح، بأسوارها ذات الحجارة الصفراء المقابلة للبحر وأسواقها العامرة وأزقتها ذات الطابع المتميز، والتي يقصدها مئات الملايين سنويا للتجوال فيها والتبضّع وشراء الهدايا التذكارية.
تتوزع ملاعب الصولجان 10 التي تم تشييدها بمواصفات عالمية في أرجاء البلاد، في بيئات متنوّعة ومختلفة
وعلى بعد كيلومترات قليلة من وسط المدينة، يقوم مرسى القنطاوي، وهي واحدة من المحطات السياحية الراقية في البلاد، حيث تمّ تشييدها على النمط العربي الأندلسي، وهي عبارة عن مجموعة من الفنادق الفخمة والإقامات والمطاعم الراقية والمساحات الخضراء والمحلات التجارية وأماكن الترفيه وفضاءات التسلية، إضافة إلى ملعب كرة الصولجان “الغولف” وهو واحد من 10 ملاعب كبرى لممارسة رياضة الصولجان في البلاد.
وتتوزع ملاعب الصولجان 10 التي تم تشييدها بمواصفات عالمية في أرجاء البلاد، في بيئات متنوّعة ومختلفة، 6 منها في كل من العاصمة تونس والمنستير والحمامات، وواحد في كل من سوسة وطبرقة وجربة وواحات الجنوب.
وغير بعيد عن العاصمة ومدينة سوسة، تقع مدينة الحمامات، وهي واحدة من الوجهات السياحية الممتازة، حيث تمتاز بفنادقها الفخمة ومنتجعاتها السياحية الراقية والحديثة، إضافة إلى مرسى اليخوت لحجز الرحلات البحرية، ناهيك عن جمال بحر وشاطئ المدينة، الذي يعدّ قبلة لعشرات آلاف السياح والمصطافين يوميا.
السياحة الاستشفائية
وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت تونس من أهمّ الوجهات المفضّلة في مجال الإستشفاء والمعالجة بمياه البحر، من خلال قرابة 40 مركزا موزّعة على كامل البلاد مستقبلة على مدار السنة مئات آلاف السياح الأجانب، وذلك بفضل موقعها الجغرافي ومناخها المتوسطي وجوها المعتدل وطبيعتها الخلابة.
توجد أبرز المنتجعات العلاجية المعتمدة على العيون الحارة بمدينة قربص التابعة لولاية نابل وحمام بورقيبة التابعة لولاية جندوبة وأخرى في مدينة جبل الوسط بولاية زغوان
وتتخصص المنتجعات العلاجية بالمياه المعدنية الحارة والطبيعية في تونس، في التنحيف وعلاج آلام الظهر والمفاصل والأمراض المتعلقة بالعين والأنف والحنجرة، إضافة إلى العلاج بمياه البحر، الذي يشكل في الوقت الحالي حلا فريدا للكثير من المشاكل الصحية مثل مخلفات الحمل والولادة والتوتر النفسي…
هذا وتوجد أبرز المنتجعات العلاجية المعتمدة على العيون الحارة بمدينة قربص التابعة لولاية نابل وحمام بورقيبة التابعة لولاية جندوبة وأخرى في مدينة جبل الوسط بولاية زغوان، فضلا عن المركز الاستشفائي في مدينة جربة التابعة لولاية مدنين، هذا وتستغل المراكز الأربعة 50 مركز علاج بالمياه الطبيعية و30 حماما تقليديا وأكثر من 50 مركزا للمعالجة بمياه البحر و18 نبعا جوفيا حارا، فضلا عما يناهز خمسين مركزا للنقاهة.
وتحتل تونس المرتبة الثانية عالميا بعد فرنسا في مجال السياحة العلاجية، حيث ناهزت عائدات السياحة العلاجية نحو نصف مليار دولار سنويا أي بنسبة 45 % من العائدات الجملية للسياحة، كما تستقطب تونس حوالي 500 ألف سائح في السنة، يقصدون البلاد وأغلبهم من أوروبا التي تعتبر السوق التقليدية للسياحة العلاجية والطبية في تونس.
ارتفاع في عدد السياح
وبحسب وزير السياحة روني الطرابلسي، قد بلغ عدد السياح الذين دخلوا تونس إلى حدود شهر يونيو الماضي 4 ملايين سائح ومن المنتظر أن يصل إلى 9 ملايين سائح نهاية العام.
وأظهرت أرقام رسمية بداية شهر يوليو الجاري، أن إيرادات السياحة في تونس قفزت 42.5 في المائة في النصف الأول من 2019 لتصل إلى 692 مليون دولار، مقارنة مع الفترة المماثلة من العام الماضي، كما زاد عدد السياح 17 بالمائة في النصف الأول من العام إلى 3.8 مليون سائح مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
السياحة في تونس تشكل 14 بالمائة من الدخل العام، فيما يوظف هذا القطاع حوالى 500 ألف شخص بشكل مباشر و1.2 مليون بشكل غير مباشر
ويقول مراقبون، إن السياحة التونسية لم تستطع تطوير خطواتها الأولى وخططها التي بدأت بها النشاط السياحي، من خلال اكتفائها بالاعتماد على الترفيه الشاطئي والفندقة، وهو ما يعتبر خلطا وخطأ فادحا، لأن القطاع تحكمه عديد التفاصيل، بدءا بالنقل والنظافة والفضاءات الترفيهية والبنى التحتيّة وغيرها من النشاطات المرتبطة بالقطاع والتي تمثّل الأرضية الحقيقيّة لنجاح الموسم السياحي.
يشار إلى أن السياحة في تونس تشكل 14 بالمائة من الدخل العام، فيما يوظف هذا القطاع حوالى 500 ألف شخص بشكل مباشر و1.2 مليون بشكل غير مباشر.