كشف موقع “ميديل إيست آي” النقاب عن أن الاتحاد الأوروبي كان قد اتخذ قرارًا “سياسيًا” بإعادة فريق مراقبي الانتخابات إلى مصر، وذلك بالرغم من أن الظروف السائدة هناك كانت أبعد ما تكون عن المعايير الدولية المطلوبة لمراقبة الانتخابات.
وبحسب الموقع الإنجليزي المتابع للأوضاع في الشرق الأوسط فإن الاعتراف بالطابع السياسي لإعادة المراقبين كشف النقاب عنه في محضر اجتماع تسنى للموقع الاطلاع عليه، وهو اجتماع كان قد عقد في بروكسيل في التاسع عشر من مايو، وهو اليوم الذي أعلن فيه “ماريو ديفيد” رئيس بعثة مراقبي الاتحاد الأوروبي، أن البعثة ستمضي قدمًا وتتوجه إلى مصر.
وقال محرر “ميديل إيست آي” ديفيد هيرست: “إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أدانت القرار واعتبرته تلاعبًا حسبما ورد في المحضر الرسمي للاجتماع الذي وصف بأنه شهد جدالاً صعبًا وشديدًا مع ممثلي دائرة العمل الخارجي الأوروبي التابعة لكاثرين آشتون”.
وأضاف هيرست أن “الدول الأعضاء وقفت الواحدة تلو الأخرى تدين القرار، حيث قالت 14 دولة إنه نتيجة للإعلان في القاهرة فإن مصداقية الاتحاد الأوروبي قد تآكلت وتداعى النظام المعمول به للرقابة على الانتخابات”.
وقالت هولندا بأن الاتحاد الأوروبي غدا “دمية في أيدي المصريين”، أما إيرلندا فقالت إن “آشتون انصاعت للمصريين”، وقال مندوب المملكة المتحدة إن “من السذاجة الاعتقاد بأن وزارة الخارجية المصرية غير مرتبطة ببقية الحكومة المصرية” وذلك في إشارة إلى الدور الذي لعبته وزارة الخارجية للسماح بإدخال هواتف الستلايت وضمان الوصول إلى مقدم الخدمة الدولية نزولاً عند طلب مراقبي الاتحاد الأوروبي، فقد كانت الحيلولة دون ذلك هي الحجة الفنية لتعليق البعثة قبل ذلك بثمانية وأربعين ساعة.
وكانت البعثة قد قلصت إلى المستوى الأدنى المسمى “فريق تقييم الانتخابات” بالاستناد إلى الأسباب الفنية آنفة الذكر، إلا أن قرار ترفيع البعثة فيما بعد إلى مستوى بعثة مراقبة انتخابات متكاملة أغضب ممثلي الدول الأعضاء، وخاصة ممثلي المملكة المتحدة، بسبب التدني الكبير في الأحوال في مصر عن المعايير الصارمة التي يلتزم بها الاتحاد الأوروبي.
ويتكون دليل الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات من 224 صفحة، في الصفحات من 101 إلى 102 توجد تفاصيل الجدول الزمني الصارم لنشر فرق المراقبة في أرجاء البلاد، ومما نص عليه أن “المراقبين على المدى البعيد يتوجب نشرهم قبل يوم الانتخاب بخمسة أسابيع”.
إلا أن المراقبين لم يتمكنوا من متابعة الحملات الانتخابية في المحافظات المصرية، وساء مندوب المملكة المتحدة قرار آشتون اعتبار النتيجة النهائية بعثة مراقبة كاملة، يشير المحضر إلى أن ممثل المملكة المتحدة قال: “ما هو بالضبط ذلك الذي نحن بصدده الآن”؟
وأضاف موقع “ميديل إيست آي” أن رئيس البعثة ماريو ديفيد قال في تصريحه الذي أعلنه في القاهرة: إن “المراقبين سينشرون على أوسع نطاق ممكن خارج العاصمة المصرية”، ما أثار غضب الدول الأعضاء هو “استئناف البعثة لعملها والتلاعب الذي مارسته دائرة العمل الخارجي الأوروبي لإضفاء جو من الإيجابية على تراجع الاتحاد الأوروبي عن قراره المسبق”.
وبحسب الموقع، فقد قالت كل من الدنمارك وفرنسا والمملكة المتحدة وإسبانيا ولوكسمبرغ وهولندا إن القرار “المفاجئ” بتغيير وضع المراقبين من فريق تقييم الانتخابات إلى فريق لمراقبة ورصد الانتخابات كان “تعاملاً سيئًا” وبأنه ما كان ينبغي على دائرة العمل الخارجي الأوروبي “الخضوع”.
وفي رد على سؤال “ميديل إيست آي” قال متحدث باسم دائرة العمل الخارجي الأوروبي: “لا نعلق أمام الجمهور على ما يجري من نقاشات داخل اجتماعات الاتحاد الأوروبي”، وقال مصدر داخل الاتحاد الأوروبي إن الاجتماع تجاوزته الأحداث، وادعى بأن بعثة مراقبة الانتخابات في مصر تمكنت من القيام بعملها بشكل فعال.
ويعكس الجدل الدائر في بروكسيل مدى القلق في داخل الاتحاد الأوروبي تجاه الانطباع بأن آشتون وكبار مستشاريها خلال الشهور الأخيرة قد اقتربوا كثيرًا من زعيم الانقلاب العسكري والرئيس المنتخب في مصر “عبد الفتاح السيسي”
لقد رفض الاتحاد الأوروبي تسمية ما حدث في مصر بالانقلاب، ورغم أن التصريح الأول لبعثة مراقبة الانتخابات أفاد بأن “الحريات الأساسية للتجمع والتعبير في مصر هي دون ما تنص عليه المبادئ الواردة في دستور مصر ذاتها”، فثمة قلق من أن بعثة مراقبة الانتخابات قد تخلص إلى أن الانتخابات الرئاسية كانت حرة وكانت بذلك نزيهة.
وأضاف ديفيد هيرست: “يقول نقاد آشتون داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي بأن المفوضة السامية لا هي حافظت على معاييرها الديمقراطية ولا هي أفلحت في ممارسة أي نفوذ على النظام في مصر، والذي يزداد عدائية وتشتد كراهيته للآخرين يومًا بعد يوم”.
ويبدو أن مشاكل الاتحاد الأوروبي المتفاقمة مع النظام الجديد في مصر ذات صلة بالاتحاد الأفريقي، وكان الاتحاد الأفريقي قد طرد مصر من عضويته بعد وقوع الانقلاب العسكري مباشرة، إلا أنه تعرض لضغوط مستمرة من الاتحاد الأوروبي حتى يتراجع عن قراره.
وتأكيدًا لذلك، فقد قال مصدر داخل الاتحاد الأفريقي لـ “عين الشرق الأوسط”: “يمارس الاتحاد الأوروبي علينا ضغوطًا هائلة، وخاصة أن بروكسيل تمنحنا نصف ميزانيتنا”.
وخلال السنوات العشر الماضية دفع الاتحاد الأوروبي للاتحاد الأفريقي ما يقرب من مليار يورو، مع العلم أن الميزانية السنوية للاتحاد الأفريقي هي 260 مليون دولار تقريبًا.
وكانت مفوضية حقوق الإنسان وحقوق الشعوب التابعة للاتحاد الأفريقي قد منحت مصر مهلة أسبوعين لإبطال أحكام الإعدام التي أصدرتها محكمة في المنيا في البداية على 529 متهمًا – خففت الأحكام الصادرة على 492 منهم إلى السجن المؤبد – ثم بعد ذلك في قضية منفصلة حكمت على 683 آخرين بالإعدام بمن فيهم مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع، مر الأسبوعان ولكن لم يصدر عن المفوضية شيء بعد منذ انقضائهما، ولعل في ذلك ما يشير إلى أن الاتحاد الأفريقي يخضع فعلاً لضغوط لحمله على التراجع عن موقفه.
وتابع ديفيد هيرست “في الوقت نفسه، تقوم المملكة العربية السعودية التي تمول نظام السيسي بحملة مستمرة في غرب أفريقيا، كما أن الكويت التي قدمت منحة قدرها مليار دولار في شهر نوفمبر الماضي ثم بعد ذلك قدمت مبلغًا مشابهًا على شكل قروض لمشاريع تنموية في أفريقيا تقوم أيضًا بحملات لكسب تأييد الدول المهمة في القارة الأفريقية، وفي هذا الصدد، التقى وزير خارجية الكويت الشيخ “صباح خالد الحمد الصباح” بنظيره الإثيوبي “تيدروس أدهانوم” وذلك على هامش اجتماع وزاري لحركة عدم الانحياز أنهى أعماله في الجزائر يوم الخميس”.
وبحسب مصدر مطلع فقد “بذل الشيخ صباح جهودًا مضنية في سبيل إعادة تفعيل عضوية مصر في الاتحاد الأفريقي”، مشيرًا إلى أن الكويت تحتفظ بعلاقات “ممتازة” مع الأقطار الأفريقية.
المصدر: ميدل إيست آي
ترجمة عربي 21