بعد الارتباك الذي شهده المشهد السياسي في مصر خلال العملية الانتخابية بسبب قلة عدد المناخبين وقرار اللجنة المنظمة بتمديد فترة التصويت، وتزامنًا مع إعلان السلطات المصرية عن نيتها “فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية المحققة من التعامل فى البورصة”؛ هوت مؤشرات بورصة مصر بنحو حاد، وخسر رأسمالها السوقي ما يزيد على 34 مليار جنيه على مدار الثلاث جلسات الماضية.
ووفقًا لإحصائيات أجراها مراسل الأناضول، خسر المؤشر الرئيسي “EGX30” ما نسبته 9.6% في 3 جلسات فقط ليتراجع عن أعلى مستوياته في 70 شهرًا، مما جعل بورصة مصر تعلق التداولات لمدة نصف ساعة، وتوقف التعامل على 124 سهمًا بسبب تجاوزها نسبة الهبوط البالغة 10%..
وفي المقابل أكد مسئول فى وزارة المالية المصرية، عدم وجود نية لدى الحكومة للتراجع عن فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية، خاصة بعد موافقة مجلس الوزراء عليها، وإحالتها إلى رئيس الجمهورية المؤقت للتصديق عليها، وقال وزير المالية “هاني قدري” مساء السبت، لفضائية مصرية خاصة إنه “من المقرر تحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية فى البورصة، من الأجانب، مع كل عملية تنفذ على أن تم التسوية كل 3 أشهر”.
وقال “محسن عادل” العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار إن “هذه التعديلات ستفقد البورصة تنافسيتها بين الأسواق الأخرى، فكل دول المنطقة، وأغلبية الأسواق الناشئة، تعفي التعاملات التى تتم داخل أسواق المال من أي ضرائب أو رسوم لتشجيعها”، مضيفًا: “مثل هذه التعديلات الضريبية، قد تتسبب فى هروب الاستثمارات من سوق المال، بما يضر جذريًا بحجم الاستثمارات الخارجية والداخلية المستهدفة”.
وتأتي التعديلات الضريبية، التى تعتزم الحكومة فرضها على البورصة، في وقت تعاني فيه السوق المصرية من عدة مشكلات هيكلية، تتمثل فى ضعف الجاذبية الاستثمارية، وعدم الاستقرار، ونقص السيولة، وانخفاض أحجام التعاملات، وضعف الاستثمار المؤسسي، وخروج العديد من الشركات العملاقة من القيد بالبورصة.
وقال العضو المنتدب لشركة بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار “لا شك أن صغار المستثمرين سيكونوا أكثر المتضررين من فرض الضريبة الجديد، خاصة أنهم يعدون القطاع الأكبر في البورصة”، مضيفًا: “إذا افترضنا أن فرض هذه الضريبة على ذوي الدخول المنخفضة يقلل من مقدرتهم على الاستهلاك وكذلك على الإنتاج، فإن ذلك سيؤدي إلى انخفاض مستوى الدخل القومي، ومن ثم انخفاض الإيرادات العامة للدولة”.
كما أكد “محسن عادل” أن قيمة الحصيلة المتوقعة للدولة مع فرض ضرائب على البورصة، لا تتماشى مع حجم خسائر الاستثمار، التي قد يتعرض لها السوق المصري، فضلاً عن أن هذه الضريبة، ستحتم على الدولة زيادة إنفاقها الاستثمارى، للحفاظ على استقرار سوق المال.
ومن جهة أخرى، قال “محمد الأعصر” مدير إدارة البحوث الفنية لدى الوطني كابيتال “تصريحات الحكومات المتعاقبة منذ ثورة يناير وحتى الآن حول فرض ضرائب من عدمه، أضعف ثقة المتعاملين في المسئولين الحكوميين والقائمين على سوق المال المصرية”.
ويذكر أن مصر تراجعت عن فكرة فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية للأسهم والسندات، بعد أن طرحت بعد ثورة 25 يناير وألغاها مجلس الشورى المنتخب بعد الثورة واستبدلها بضريبة “دمغة نسبية” مقدارها واحد في الألف يتحملها المشتري، وواحد في الألف يتحملها البائع، ولا تزال تطبق حتى الآن.
وأضاف الأعصر، في اتصال هاتفي لوكالة الاناضول: “أتوقع ابتعاد المستثمرين عن الاستثمار في البورصة المصرية حال تطبيق هذه الضرائب، مما سيفقدها ميزتها الاستثمارية التنافسية، وقد يلجأ بعض المتعاملين إلى الأسواق الخليجية”، كما قال “إيهاب رشاد” الرئيس التنفيذي لدى مباشر للخدمات المالية، إن “هناك رفضًا تامًا من جانب العاملين في سوق المال لمثل هذه الضريبة لأن أضرارها أكثر من منافعها”.
ووفقًا لدراسة أعدتها الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، تطبق الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا ورومانيا وإندونيسيا وإسرائيل واليابان وأستراليا، ضريبة مماثلة للمقرر تطبيقها في البورصة المصرية، بينما لا تطبق باقي بورصات العالم، والتي يتجاوز عددها مائتي بورصة تلك الآلية، بهدف تشجيع المستثمرين المحليين وجذب الاستثمارات الأجنبية.
كما تقول الجمعية إن غالبية الأسواق الناشئة تعفي المتعاملين في بورصاتها من الضرائب، بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، كما تتجه العديد من الدول لفرض الضرائب على الاستثمارات قصيرة الأجل (أقل من سنة) لتقليل آثار الأموال الساخنة والمضاربات، وليس على الاستثمارات طويلة الأجل كما تنوي الحكومة المصرية فعله.