فاز “عبد الفتاح السيسي” برئاسة مصر في طول البلاد وعرضها، في انتخابات ذات مشاركة متدنية، ورغم أن حزب النور السلفي كان ولا يزال أحد أهم داعمي الانقلاب، ومروجي خطابه، إلا أن صحيفة واشنطن بوست تقول إن الحزب غاب ولم يستطع أن يحشد في مراكز الاقتراع.
الصحيفة الأمريكية الأوسع انتشارًا تقول إن حزب النور يواجه مرحلة استحقاق مع النظام الجديد لعبد الفتاح السيسي.
وتحدث التقرير عن الدعم الذي قدمه حزب النور السلفي – وهو أكبر الأحزاب السلفية في مصر – منذ بداية الانقلاب، وهو “الحزب القوي الذي كان يتنافس مع الإخوان على التأثير في أوساط الإسلاميين منذ ثورة 2011”.
وتواصل الصحيفة “ولكن وخلال ثلاثة أيام من الاقتراع ما بين 26 – 28 أيار/ مايو، فشل حزب النور قيادةً وأعضاءً بالمشاركة الواسعة في صناديق الاقتراع دعمًا للسيسي، فقد أدى القمع الدموي الذي مارسه الأخير لتهميش الكثيرين في داخل الحزب تحديدًا، وفي أوساط الحركة السلفية بشكل عام، ورغم مصادقة قيادة الحزب على دعم السيسي، لم يذهب إلا عدد قليل من الجنود الراجلين في الحزب للتصويت للمرشح الذي لا يبدو إسلاميًا بشكل واضح حسب قول المحللين”.
وترى الصحيفة أن غياب ناخبي السلفية عن مراكز الاقتراع يشير إلى التحالف الضعيف الذي لم يقم إلا على مصلحة واحدة وهي سحق ومحو جماعة الإخوان المسلمين كقوة رئيسية في الحياة السياسية المصرية، وقالت الصحيفة إنه “في حالة انهيار زواج المصلحة فسيخسر السيسي الحليف الإسلامي الوحيد الذي يريد استخدامه؛ لإظهار العملية السياسية التي يقودها بأنها تشمل كل قوى المجتمع، ويستخدمها في الوقت نفسة كمخرج ليقنع القطاع الواسع من السلفيين الذين قد يعارضونه”، وبالنسبة لحزب النور الذي فاز بربع مقاعد مجلس الشعب في انتخابات عام 2011 فقد يجد نفسه في مرمى هدف النظام”.
ونقلت عن “كمال حبيب” الباحث وعضو في الجماعة الإسلامية التي نبذت العنف عام 2003 قوله “لو دعم حزب النور الدولة وابتعد عن العنف فعندها سيتعامل النظام معه كحليف”، وفي حالة حصلت خلافات بينهما وبدأ أعضاء الحزب بالتظاهر فعندها “سيتم تهميشه” حسب قوله.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحركة السلفية التي ازدهرت كقوة سياسية بعد ثورة 2011 قد مارست العمل الديني ولعقود، وبنت قواعد لها وظلت تبتعد عن السياسة خشية أن يطالها قمع حسني مبارك الذي كان يكره الإسلام السياسي، ويقدر عدد أتباع الحركة السلفية في مصر بحوالي 5 ملايين من بين 85 مليون نسمة.
“وعندما دخل حزب النور المعترك السياسي في عام 2011 تصادم مع الإخوان المسلمين وحزبهم الحرية والعدالة، كقوة سياسية تكيفت مع مرحلة ما بعد مبارك، ولكن في مرحلة لاحقة وبعد اشتعال المعارضة لحكم مرسي، ناور حزب النور للبقاء على سطح الحياة السياسية وخفف من خطابه السياسي المتطرف ورمى ثقله خلف السيسي الذي كان في حينها وزيرًا للدفاع” بحسب واشنطن بوست.
وقال حزب النور إن “السيسي هو الرجل الوحيد القادر على التحكم بمصر وتحقيق استقرار الاقتصاد المصري الذي يقف على حافة الانهيار” بحسب الصحيفة.
وينقل التقرير عن عضو لجنة العمال في حزب النور “حلمي إبراهيم” في مدينة الإسكندرية معقل الحزب “كان قرار دعم السيسي صعبًا”.
وتشير الصحيفة إلى أن مصالح الحزب والجنرال تتداخل في بعض القضايا وتتخالف في الكثير، فرفض السيسي تقديم برنامج انتخابي أدى لتشويش الناخبين، وفي الوقت نفسه دعا حزب النور في مرحلة سابقة إلى منع الخمور وملابس السباحة وهي مطالب قد تعوق خطط الحكومة لإنعاش السياحة.
وتنقل عن “خليل العناني” الباحث في شئون الحركات الإسلامية بجامعة جونز هوبكنز قوله إن دعم النور للسيسي قد يرتد سلبًا عليه، فالحزب لا يقف على أرض صلبة ومعرض للحظر بموجب الدستور الذي يمنع تأسيس الأحزاب بناء على الدين، وفي حالة قيام المحاكم بحل الحزب فلن يجد دعمًا في أوساط الحركة السلفية أو الإسلامية التي عبرت عن غضبها من قراره دعم الحكومة العسكرية.
ونوهت الصحيفة إلى أن حزب النور كان قد عقد تجمعًا انتخابيًا مؤيدًا للسيسي قبل ستة أيام من الانتخابات، لكن الحزب قام بالسيطرة على مؤيديه ومنعهم من التحدث للإعلام واستمع أعضاء الحزب بصمت للخطابات المجهزة سلفًا والتي ألقاها قادة الحزب، وقال أحد أعضاء الحزب إن “الإعلام المؤيد للحكومة معاد للإسلام” قبل أن يقوده أحد مسئولي الحزب بعيدًا عن التجمع.
ولم تتجاوز مشاركة مدينة مرسي مطروح التي تعتبر من معاقل الحزب أكثر من 27% بعد تمديد أيام الانتخابات ليوم ثالث، قالت الحكومة إن “نسبة المشاركة وصلت 47% رغم تقارير تتحدث عن نسبة أقل من هذه”، وفقًا لواشنطن بوست.
ونقلت الصحيفة عن “يسري حماد” وهو عضو سابق في حزب النور، وأحد مؤسسي حزب الوطن قوله: “لم يكن أعضاء الحزب راضين عن السياسات التي تبناها الحزب خاصة موقفه ضد الرئيس الشرعي”، وكان حزب الوطن من بين الأحزاب التي قاطعت الانتخابات وقامت قوات الأمن باعتقال وسجن قادته، وأضاف أن السلفيين لا يقبلون بشرعية رجل جاء للحكم عبر سفك دماء المصريين.
وخلصت الصحيفة إلى اعترافات من قبل أعضاء في حزب النور بأن الشراكة مع العسكر لن تطول.
يُذكر أن حزب النور فقد قطاعات كبيرة من داعميه، بسبب دعمه غير المشروط للعسكر في مصر، بل إن عددًا من الهجمات التي تنتشر في مصر على استحياء قد طالت بعض رموزه.
اليوم، على سبيل المثال، قال حزب النور بمحافظة الدقهلية – شمال القاهرة في بيان له، إن عددًا وصفهم بأعضاء تنظيم الإخوان المسلمين أشعلوا النار في سيارة وكيل حزب النور بمركز ميت غمر وذلك قبل صلاة الفجر بدقائق حيث ألقى شابان يستقلان دراجة نارية البنزين والنار على السيارة.
المصدر: واشنطن بوست