ترجمة وتحرير: نون بوست
خلال ورشة عمل أشرفت عليها مؤخرا، أعربت إحدى المديرات عن فقدانها للسيطرة في عملها. فقد بدأت تتأخر في أداء مهامها، وترتكب المزيد من الأخطاء، وتعمل ساعات إضافية بشكل متكرّر، الأمر الذي جعلها تشعر بالإنهاك. وكانت تظن أن الضغط على نفسها ينبُع من أخلاقيات العمل القوية التي تمتاز بها.
في هذا السياق، لا تنحصر هذه المشكلة على المدراء فقط، ذلك أن تعلّم كيفية إدارة مهاراتك العاطفية أمر بالغ الصعوبة عندما يسيطر التعب والقلق والاكتئاب والشك على أعضاء الفريق. ونظرا إلى أن معدل المشاركة العالمية للموظف تبلغ نسبة 15 بالمئة، يجدر بالمدراء مساعدة فرقهم على تطوير مهاراتهم العاطفية في حال أرادوا إنجاح شركاتهم.
ن خلال تخصيص من 10 إلى 15 دقيقة في كل يوم عمل لاكتشاف الأخطاء وإصلاحها، يمكنك التخلّص من الإرهاق
من أجل مكافحة هذا الوباء، عَمِلتُ على تطوير عملية إعادة تهيئة من خمس خطوات لتوجيه الناس وتقوية مهاراتهم العاطفية والانتقال من حالة ذهنية منهكة إلى حالة من الهدوء، حيث أَسمَيتُ هذه العملية “سيركا”. ومن خلال تخصيص من 10 إلى 15 دقيقة في كل يوم عمل لاكتشاف الأخطاء وإصلاحها، يمكنك التخلّص من الإرهاق. وفيما يلي بعض النقاط التي ينبغي عليك معرفتها.
1. تقسيم المعلومات
تساعد عمليّة التقسيم الموظفين على التخلّص من الغموض الذي يواجهونه. وتتمثّل هذه العملية في تقسيم المعلومات إلى وحدات أصغر يسهل تحليلها، نظرا لأن توفير عدد كبير من المعلومات المجزّأة والقابلة للتسيير يمكن أن يقلل من الضغط المعرفي. فعلى سبيل المثال، في حال تخلّف زميلك في الفريق عن العمل أو قدّم أعمال منخفضة الجودة، حاول مخاطبته أو مخاطبتها على انفراد لمناقشة ضغوط العمل اليومية. علاوة على ذلك، حاول توعية هذا الشخص على حقيقة أنه يحاول إنجاز العديد من المهام في آن واحد.
ذات مرّة، اقتربت مني واحدة من كبار المسؤولين التنفيذيين واشتكت من حقيقة أنها تشعر بأنها أم سيئة وأنها موظّفة متدنيّة المستوى في الوقت ذاته، لكنها لا تريد التخلي عن أي دور منهما. وأشارت المسؤولة إلى أن العمل قد سبّب لها إجهادا كبيرا، نقلته بدورها إلى عائلتها. ولكن، ما إن تعلمت كيفية تقسيم المهام، قلّ العبء وأصبح دماغها أكثر هدوءا، بدلاً من دق ناقوس الخطر كلما احتاجت لإكمال مشروع ضخم، وذلك لأنها تعي أنها لا تحتاج سوى للتعامل مع جزء فقط من المعلومات ضمن إطار زمني معين.
2. تجاهل الثرثرة الذهنيّة
في الواقع، نحتاج جميعا إلى تعلم كيفيّة تجاهل الثرثرة الذهنيّة وهو ما يتطلب فهم كيفية أن نكون على وعي بما حولنا. وفي هذا الصدد، يساعد الوعي التام الدماغ على السيطرة على الإرهاق العاطفي، فعندما يميل الشخص إلى المبالغة في التفكير، ترتفع درجة حرارة الدماغ، ويساعد الوعي التام في المقابل على تهدئة الدماغ.
ي حال كان أحد أعضاء الفريق يمر بموقف صعب، ينبغي عليك تشجيعه على أن يكون واقعيا من خلال عبارات إيجابية، من قبيل “ستتجاوز هذا الأمر أيضا”
من هذا المنطلق، شجّع زملائك في الفريق على تخصيص ما بين 5 و15 دقيقة كل يوم لإغلاق أعينهم، والإصغاء إلى طريقة تنفّسهم، ومحاولة تركيز انتباههم على كل نفس يستنشقونه خلال كل مرة يشرد فيها عقلهم. وعلى الرغم من أن هذه الطريقة قد تكون بمثابة تحد في البداية، إلا أن التمرين سيضفي الصفاء على حياتك عوضا عن الثرثرة الذهنيّة المفرطة النشاط.
3. كن واقعيا
لنكون على وعي بالواقع يجدر بنا تحليل الوضع من خلال الحديث الذاتي. وعندما نواجه أخبارًا سيئة أو مهلة قصيرة لإنجاز مهمّة ما، فإنه من السهل أن نعاني من الشعور باليأس. لذلك، في حال كان أحد أعضاء الفريق يمر بموقف صعب، ينبغي عليك تشجيعه على أن يكون واقعيا من خلال عبارات إيجابية، من قبيل “ستتجاوز هذا الأمر أيضا”. ويمكن أن يكون هذا الحديث أكثر فعاليّة في حال استخدام الضمير الغائب، وهو أمر قد يبدو سخيفًا في البداية، ولكن التمتّع بوقت مستقطع وإعادة ضبط حياتك سيكون أفضل بكثير من الاستسلام للإجهاد.
4. الإقرار بما يمكنك التحكم فيه
تشبه هذه الخطوة دعاء الطمأنينة، إذ يعتمد على تحديد ما يمكن وما لا يمكن التحكم فيه، مما من شأنه أن يحسّن من عافية الشخص في نهاية المطاف. ولتحقيق ذلك في مكان العمل، يضاهي تعلم قول كلمة “لا” للأشياء المهدِرة للطاقة أهميّة قول “نعم” للمهام الصعبة.
لن تساعد موظفيك على إدارة الأمور بشكل أفضل في حياتهم فقط، بل ستحرّر عقولهم أيضا، وتعزّز مهاراتهم العاطفية القيمة، وبالتالي تحسّن سير عمل شركتك.
وفي هذه الخطوة، حاول تحفيز ذاتك والآخرين على طرح السؤال التالي: “كيف يمكنني التخلي عن الأشياء التي لا أستطيع التحكم فيها أو الأشياء التي تهدر طاقتي؟” ويمكن إيجاد بعض الإجابات من خلال التساؤل حول النصيحة التي قد يقدّمها شخص آخر في مثل هذا الموقف. ومن شأن التحلي بالموضوعية أن يحفّز العقل على التوصّل إلى حلول خارج حدود العقليّة الحالية.
5. تحويل اهتمامك
ما يعنيه الانتباه في هذا الإطار هو أنه ينبغي على الأفراد أن يتعلموا كيفيّة الابتعاد عن المشاكل والبحث عن الحلول بدلا من ذلك. وعندما نكون قلقين، من الطبيعي أن نطيل التفكير في بعض الأشياء، ومع ذلك من الممكن أن نتعلم كيفيّة التخلّص من هذا القلق. وفي الحقيقة، هناك طريقة واحدة للقيام بذلك، وذلك من خلال تحديد أوقات خالية من القلق للتمتّع بها كل يوم، وتشجيع الآخرين على السير على منوالك. وعلى سبيل المثال، يساعد الخروج في نزهة على الأقدام لمدّة 30 دقيقة فقط على أن نكون قادرين على التفكير أكثر في الحلول. وعلاوة على ذلك، تسمح لنا هذه الخطوة بالاسترخاء، وبالتالي تخلّص عقولنا من الأفكار التي تسبّب الشلل التحليلي.
وفي حال كنت في تعمل في منصب مدير، يمكنك اتّباع هذه الخطوات الخمس ومساعدة موظفيك على التغلب على الشعور بالإرهاق. بالإضافة إلى ذلك، لن تساعد موظفيك على إدارة الأمور بشكل أفضل في حياتهم فقط، بل ستحرّر عقولهم أيضا، وتعزّز مهاراتهم العاطفية القيمة، وبالتالي تحسّن سير عمل شركتك.
المصدر: فاست كومباني