ترجمة وتحرير: نون بوست
نحن نعيش اليوم في عالم يُشيد بالإبداع ويُمجّد المُبدعين كنجوم روك صاعدين. لذلك، لن يلومك أحد عند افتراضك عدم وجود وسيلة تُساعدك على النجاح في حياتك المهنية إلا في حال امتلاكك لدرجة عالية جدا من الإبداع. على أي حال، بفضل الإبداع جعل كل من إيلون ماسك وجيف بيزوس العالم مكانا أفضل، أليس كذلك؟
لكن ذلك لا يمثل الحقيقة المطلقة. في الواقع، يلعب الإبداع دورا أقل مما نرغب الإفصاح عنه فيما يتعلق بتحديد نجاح المسار الوظيفي للأشخاص، الأمر الذي يجعلنا نعتبره في كثير من الأحيان مثل حس الفكاهة أو التواضع، وهو أمر نادر الوجود في مجال الأعمال بشكل خاص. علاوة على ذلك، ينبغي عليك التفكير في السلوكيات التي تُكافئ في مكان عملك، وتلك التي تُقابل بعقوبات حتى عندما يقع الترحيب بها على المستوى النظري.
في أحد مقالاتها التي تحظى بأهمية كُبرى في الوقت الراهن، ذكرت أُستاذة بكُلية هارفارد للأعمال تُدعى تيريزا أمابيل، منذ 20 سنة أنه على الرغم من تظاهر الشركات بدعم الإبداع، إلا أن العديد من المُمارسات الإدارية السائدة المتواجدة في عالم الأعمال تعيق الابتكار أو تمنعه فعليا
فيما يتعلق بالمُحادثات التي تتطرق إلى مواضيع “التغاضي عن الإخفاق” و”الفشل السريع” و”التجارب الحيوية” وموضوع “التفكير غير التقليدي” النمطي، يُفضِّل مُعظم رؤساء العمل المُوظّفين الذين لا يجازفون في عملهم ويحققون نتائج مُتوقعة بطريقة يمكن التنبؤ بها دون إزعاج الآخرين أو التشكيك في وضع الشركة الراهن نظرا لأنهم ينظرون إلى الابتكار على أنه خطر.
في أحد مقالاتها التي تحظى بأهمية كُبرى في الوقت الراهن، ذكرت أُستاذة بكُلية هارفارد للأعمال تُدعى تيريزا أمابيل، منذ 20 سنة أنه على الرغم من تظاهر الشركات بدعم الإبداع، إلا أن العديد من المُمارسات الإدارية السائدة المتواجدة في عالم الأعمال تعيق الابتكار أو تمنعه فعليا. ومن بين هذه المُمارسات نجد الفشل في تعيين أشخاص في أدوار هادفة أو محفزة في جوهرها، ونقص الاستثمار في تطوير الخبرات، وعدم القدرة على التعامل مع الأشخاص الذين يقدمون أفكارا غير تقليدية أو غير عادية، على الرغم من أن هذه النقاط تعد بمثابة المُكوّنات الأساسية للإبداع.
إذا هل يمكن أن تكون مُبدعا للغاية من أجل مصلحتك الخاصة؟ تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الصفات الإيجابية على غرار الذكاء العاطفي والتعاطف والطموح، تمتلك جوانب سلبية عندما تزيد عن حدها. ويتوقع المرء أن الكثير من الإبداع يعتبر بمثابة عقبة للوصول إلى طريق النجاح في الحياة المهنية، لا سيما إذا برز أو جرى التعبير عنه في بيئة تتعارض مع ذلك.
على أي حال، قد يكون هذا هو السبب وراء اختيار ليس فقط إيلون ماسك أو جيف بيزوس بل جل رجال الأعمال الناجحين، التوقف عن استخدام طرق العمل التقليدية للشركات. وفي بعض الحالات الأكثر تطرفا، على غرار ستيف جوبز أو أوبرا الذين يريان أنفسهما غير ملائمين كموظفين. وفيما يلي قائمة مرجعية بسيطة تُحدّد ما إذا كنت ستتمكن من النجاح في حال كنت أقل إبداعا، استنادا إلى العديد من النتائج التي توصل إليها العلم.
1- تشعر بالملل بسرعة في العمل ولا يمكنك التعامل بسهولة مع الأعمال المتكررة أو الروتينية
معظم الموظفين يفضلون تجارب عمل يمكن التنبؤ بها
على الرغم من أنك قد تعتقد أن هذا ما يشعر به جميع الموظفين، إلا أن الأشخاص المبدعين للغاية هم من يندرجون ضمن هذه الفئة نظرا لأن معظم الموظفين يُفضّلون خبرات عمل يمكن التنبؤ بها ومألوفة وروتينية. في الواقع، تدل رغبة الأشخاص الذين يبحثون عن الخبرات والمُنفتحين على التجارب الجديدة على امتلاكهم درجة كبيرة من الإبداع. ومن الواضح أن هذه الفئة من الأشخاص ستدخل في مواجهات مع الغالبية العظمى المتواجدة في البيئة المكتبية، التي تتبنى النظام والتكرار كوسيلة للتنبؤ والمراقبة والإدارة.
2. لديك ميل لشرود بأفكارك وتُواجه مشاكل في التركيز على مهمة واحدة لفترة طويلة
في حال انتقلت من فكرة إلى فكرة أخرى، فيدل ذلك على أنك مبدع للغاية
بالنسبة لجميع الفوائد المُحتملة للوعي التام، يميل العقل الإبداعي إلى التصرف بطُرق مختلفة إلى حد ما، أي الانتقال من فكرة إلى أخرى. وفي حال وجدت نفسك في رحلة وهمية مع أفكارك خلال معظم اجتماعات العمل، أو يواجه زملائك الآخرون مشكلة في تتبع أفكارك، نظرا لكونك تنتقل من فكرة إلى أخرى قبل أن تتمكن من التعبير عنها، فمن المحتمل أنك ستستفيد من تفكيرك التقليدي.
3- تحب التفكير ولكن تكره التنفيذ
تعاني الشركات مع الإبداع لأنه من الصعب تحويل الأفكار إلى ابتكارات
في الواقع، يعتبر الابتكار بمثابة التطبيق العملي للإبداع والذي يكون دائما نتاج لعمل جماعي فعالٍ لتحويل الأفكار إلى منتجات وخدمات فعلية. هذا هو السبب في أن الكثير من الأشخاص المبدعين لا ينجحون أبدا في خلق شيء مبتكر. وتتمثل أحد التحديات التي تقف أمامك إذا كنت من الأشخاص الذين يحبون إنتاج الأفكار ولكن لا ينفذونها في العمل في تكوين فريق يتألف من أشخاص يمكن أن يكملوا الجانب الذي ينقص شخصيتك فيما يخص التنفيذ والمتابعة وتقديم النتائج.
ما لم تحظ بمستوى دراسي عالي وتملك شخصية مؤثرة، ولديك فريق يقف خلفك لمساعدتك في تحويل أفكارك إلى ابتكارات فعلية، ينبغي ألا تفترض أن أفكارك تمثل ثروة للمنظمة. في الواقع، لا يعد الافتقار إلى الأفكار الإبداعية هو السبب الرئيسي الكامن وراء صراع العديد من الشركات مع الابتكار، بل عدم القدرة على العمل لتحويل هذه الأفكار إلى ابتكارات فعالة، ناهيك عن أن الأشخاص الذين يمتلكون حسا إبداعيا لا يبذلون الكثير من الجهود لمواجهة هذا التحدي.
4- لديك مشاكل مع الأشخاص الأعلى رتبة منك ولا ترغب في أن يملي عليك أحد ما ينبغي عليك فعله
حتى الأشخاص الناجحين غير الملتزمين يحتاجون في مرحلة ما إلى اتباع القواعد.
على غرار أي سمة أخرى مرغوب بها على الصعيد الاجتماعي، ينسجم الإبداع مع الميول السلوكية التي تعد ذات قيمة أقل. ويتمثل أحد هذه الاتجاهات هو عدم القدرة على الامتثال أو اتباع القواعد. وفي الواقع، نحن ما زلنا نشيد بالأشخاص غير الملتزمين الذين يغيرون العالم ويصبحون مصدر إلهام للكثيرين. لكن بحكم الطبيعة، تطلب أي منظمة أو نظام أو مجتمع توظيف الأشخاص الذين يتأقلمون مع المعايير ويمتثلون للقواعد التي تضعها، ما من شأنه أن يجعل المواهب المتمردة الناجحة نادرة للغاية نظرا لأنهم يمثلون استثناء للقاعدة وينجحون في تحدي الصعاب.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم الناس الذين يتعاملون مع الأشخاص الأعلى رتبة منهم ويغضبون عندما يملي أحد عليهم ما يجب عليهم فعله، يظلون يكافحون من أجل تحقيق النجاح في حياتهم المهنية. لكن من المؤكد، حتى أكثر الأشخاص الناجحين غير الملتزمين مروا بمراحل في حياتهم أُجبروا على الامتثال للقواعد الموضوعة، وحتى أنهم وافقوا على القيام بأشياء لا يريدون فعلها.
5- لديك ميل إلى المبالغة في تقدير مواهبك
يمكن أن تؤدي الثقة المفرطة إلى ارتكاب أخطاء كان بالإمكان تفاديها.
نظرا لأن جميع الأشخاص الذين يمتلكون حسّا إبداعيا يفرطون في الثقة بالنفس أو متكبرين، فلطالما كان هناك دليل على وجود علاقة إيجابية تربط بين الإبداع والميول النرجسية. فإذا ما كنت معجبا بشدّة بالأفكار التي تقدمها، فمن المحتمل أن تبدو لك أفكار الآخرين تافهة أو غبية، ناهيك عن أنك تشعر أنك لا تحصل على المديح والائتمان الذي تستحقه بسبب اقتراحك لمثل هذه الأفكار الرائعة، أو أن زملائك ورئيسك في العمل يرتكبون خطأ فادحا بتجاهلهم اقتراحاتكم.
بالطبع، قد تكون سمة الثقة مفرطة ملائمة بالنسبة لك، حيث أنها تساعدك على إقناع الآخرين أنك أفضل مما أنت عليه بالفعل. كما قلت في كتابي الأخير، هذا هو السبب في أن الكثير من الرجال غير الأكفاء يصبحون قادة لأنه من المفارقات أن عدم إدراكهم لحدود قدراتهم المهنية يمكن أن يجعل تلك الحدود بالذات غير مرئية للآخرين. ومع ذلك، ستدفع الثقة المفرطة الناس إلى الاستهانة بالمخاطر وارتكاب أخطاء كان بالإمكان تفاديها؛ وتجعلهم لا يكترثون للتعليقات ولا يتضايقون بشدة منها. من جانب آخر، عندما يدرك الآخرون أنك لست موظفا جيدا كما كنت تظن نفسك، فسيعتبرونك متعجرفًا وستصبح مكروها.
المصدر: بيزنس إنسايدر