أمريكا، عن يسارها السعودية وعن يمينها إسرائيل، وخلفهم تركيا وآخرون في مواجهة فريق سوري بالكامل يحمل على صدره علم النظام السوري، على رقعة شطرنج، في إشارة إلي مواجهة النظام كل أولئك في “مؤامرتهم الكونية” على سوريا.
هكذا يبدأ أحد اعلانات حملة “سوا” التي انطلقت مؤخرًا للترويج للرئيس السوري “بشار الأسد” في حملته الانتخابية منافسًا المرشحين الآخرين “ماهر حجار” و”حسان النوري” في مسابقة الانتخابات السوري المحسومة قبل أن تبدأ.
وتبدأ اللعبة – كما يوضح الاعلان – بين فريق “المؤامرة الدولية” الأسود، والفريق السوري المتعدد الأشكال والألوان، إلا أن الحركات لم تكن على الرقعة فقط وإنما بتحركات دولية، فكل حركة على الرقعة مثّلها الإعلان بأنها حرب على إحدى الدول المجاورة، ففي البداية كان “غزو العراق” عام 2003، ثم “اغتيال الحريري” في 2005، الذي تبعه خروج سوريا من لبنان والذي مثّله الاعلان بإعادة جندي سوري إلى الصفوف الخلفية.
وتستمر المعركة على الرقعة بـ “حرب لبنان” 2006 الذي لقى إشادة سعودية كما بدا في الإعلان، ثم “حرب غزة” عام 2008 ، ثم يتبعها “غزو ليبيا” عام 2010 – حيث أخطأ الإعلان هنا حيث شاركت قوات الناتو الثوار الليبين في حربهم على معمر القذافي في 2011 وليس 2010 – لتأتي أخيرًا “الحرب على سوريا” عام 2011.
وفي لحظة وحركة ما يُظهر الإعلان أن فريق “المؤامرة الدولية” قد أحكم السيطرة وفي طريقه إلى النصر، يضع الفريق السوري يدهم فوق يد وتمتد الكاميرا مظهرة عشرات بل مئات الجنود من الأحجار خلف الرقعة الأصلية، معبرة عن شعار الحملة “سوا” لانتخاب بشار الأسد.
هذه كانت إحدى الدعايات العديدة التي يصور فيها بشار الأسد الراوية المتكررة بـ “المؤامرة الدولية” على سوريا، وبوقوف سوريا في وجه ما اعتادت تسميته المشروع “الصهيوأمريكي”، لذا تواجه هذه الحرب عقابًا على ذلك.
ويظهر بشار الأسد في العديد من الصور في شوارع المناطق المسيطر عليها من النظام مبتسمًا وملوحًا بيده، مرتديًا بدلة رسمية وأحيانًا بدلات عسكرية.
وتنشتر كثير من الصور واليافطات له في المناطق المسيطر عليها من النظام السوري فقط، إذ تجري الانتخابات هناك، حيث استنفر الجيش السوري نفسه قبل الانتخابات لاستعادة العديد من المناطق والسيطرة عليها وإجراء الانتخابات فيها ولو بصورة شكلية فقط.
خارج الحدود في لبنان، انتخب السوريون هناك بأعداد كبيرة مغلقين بعض الشوارع ومتسببين بأزمة خانقة، بعضهم قال إنه صوت أكثر من مرة، الأمر الذي وصفته صحيفة الثورة السورية المؤيدة للنظام: “الانتخابات تحولت إلى عرس وطني”.
العديد من أولئك يبدون مؤيدون حقيقيون للأسد، آخرون بدا عليهم بشكل واضح أنهم دفعوا للتصويت بفعل الإشاعات التي تم نشرها بشكل واسع بمنعهم من العودة إلى سوريا في حال لم يصوتوا، الأمر الذي دفعهم للإشارة لمربع بشار الأسد متجاهلين صور المرشحين الآخرين.
عضو مجلس الشعب السوري النائب الشيوعي “ماهر حجار”، ورجل الأعمال “حسن النوري” اللذان لديهما فرصة “صفر” للفوز في الانتخابات سُمح لهم بالترشح بعد 4 عقود من حكم عائلة الأسد، معطين بذلك شرعية أكبر لفوز الأسد.
وفي مقابلة أجرتها “فورين بوليسي” مع كل من حجار والنوري، دعم كلاهما جهود بشار الأسد في محاربة المعارضة المسلحة التي وصفوها بـ “الجهاديين” و”المتطرفين” الأجانب، في الوقت الذي وجهوا انتقادات صريحة للأسد بقولهم عن سوء إدارة للاقتصاد ومركزية السلطة.
“حسان النوري” نائب برلماني سابق، وشغل منصب وزير دولة لشئون التنمية الإدارية، ويذكر في سيرته الذاتية التي نشرتها العديد من وسائل الإعلام السورية حصوله على درجة الدكتوراة من جامعة “جون إف كندي” في كاليفورنيا الأمريكية، الأمر الذي قالت عنه “فورين بوليسي” إن الجامعة أخبرتها بأنه لا يوجد لديها أي سجل باسم النوري وأنه لم يتقدم لبرنامج الدكتوراة.
صورة أخرى لمدرسة دولية في إدارة الأعمال حيث يظهر النوري يجلس وسط مجلسها الاستشاري ليظهر لاحقًا أنها جامعة “كيندي ويسترن” وهي جامعة غير معترف بها وأُجبرت على الإغلاق عام 2000.
وانتقد النوري شكل الحكم وقال إنه حان لعصر الحاكم الوحيد أن ينتهي، وانتقد ظهور الفقر وانهيار الطبقة الوسطى وانحسار الثورة في يد فئة واحدة في أيام حكم الأسد.
أما “ماهر حجار” مشرح المعارضة “المسموح لها بإطلاق لقب معارضة على نفسها من قبل النظام” انتقل من الحركة اليسارية إلى الشيوعية ثم استقر في مجلس النواب السوري عام 2012.
ويتهم حجار أمريكا بأنها رئة تتنفس على الحرب بالتعاون مع الصهيونية، كما يتهم دول الخليج بالرجعية، ولم يكتف بذلك بل وجه اتهامات إلى الحكومة السورية الحالية بسوء الإدارة والحلول الجزئية دون استراتيجية كاملة.
المصدر : فورين بوليسي + نون بوست